أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

في ميدان العلم وطلب العلم وطالب العلم

عبد الإله وليد معلواني
أدرك أبناء المشروع الإسلامي منذ بدايات سيرهم أن العلم في ميزان الإسلام فريضة وأن طلبه فريضة، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة)، وفي ذلك يزخر القرآن الكريم بعشرات الآيات التي تحث على العلم وتعلي من منزلة العلماء، وهذا ما دفع أبناء المشروع الإسلامي أن يوجبوا على أنفسهم نصرة رسالة العلم وطلب العلم ولو كان في الصين، إلى جانب رعاية طالب العلم منذ نعومة أظافره حتى المرحلة الجامعية، على اعتبار أن هذا الواجب نابع من فهمهم الراشد للمشروع الإسلامي، وهذا ما دفعهم إلى تحريض الحاضنة الشعبية التي نمت في ظلال مسيرة أبناء المشروع الإسلامي والتي ظلت تتميز باستقلالها الكامل دون أن يربطها أي رابط تنظيمي مع مسيرة أبناء المشروع، هذا ما دفعهم إلى تحريض هذه الحاضنة وحثها على نصرة رسالة العلم وطلب العلم وطالب العلم، فكان أن ولدت عشرات المبادرات في الداخل الفلسطيني للنهوض بهذه الرسالة الرفيعة الرافعة لنهضة الأمم ورقيها، وكان بعض هذه المبادرات محلية على مستوى إحدى البلدات في الداخل الفلسطيني، وكان بعضها قطريا يمتد ما بين الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية، وسلفا أقول: إن الكتابة النزيهة عن تاريخ كل هذه المبادرات تحتاج إلى موسوعة تاريخية تضم عشرات المجلدات، ولذلك سأكتفي بالمرور السريع الموجز على أهم هذه المبادرات، وهي كما يلي:
إقامة الروضات الأهلية التي نجحت بعد مرور بضع سنين على ميلادها أن تحتضن عشرات آلاف الأطفال من مجتمعنا في الدخل الفلسطيني.
أصر البعض ممن أقاموا تلك الروضات الأهلية على تطوير دور تلك الروضات، ونجحوا أن يقفزوا بها من مجرد روضات أهلية إلى مدارس أهلية ابتدائية، ثم إلى مدارس أهلية ثانوية، ونجح أصحاب هذه الهمم العالية التي رعت تلك الروضات الأهلية ثم المدارس الابتدائية الأهلية ثم المدارس الثانوية الأهلية، نجحوا بإقامة أبنية شاهقة وسامقة ذات جودة عالية عصرية كانت ولا تزال تحتضن طلاب العلم في المراحل الثلاث: الروضات والمرحلة الابتدائية والمرحلة الثانوية أو احتضانهم في بعض هذه المراحل، وعلى سبيل المثال نجد مباني الروضات الأهيلة في عشرات البلدات في الداخل الفلسطيني التي يطول ذكرها، ونجد مباني المدارس الابتدائية الأهلية والثانوية الأهلية في كل من: كفر-كنا، المشهد، أم-الفحم ، قلنسوة ، اللد، … إلخ والمسيرة مستمرة نحو مستقبل علمي رفيع وحضاري.
نجح بعض أصحاب الهمم من أبناء تلك الحاضنة الشعبية المستقلة بإقامة كليه الدعوة والعلوم الإسلامية في أم-الفحم منذ أواخر الثمانينات ثم حصلت تلك الكلية على اعتراف من مجلس التعليم العالي الفلسطيني ومن اتحاد الجامعات العربية ومن منظمة الجامعات الإسلامية.
خرّجت تلك الكلية مئات الطلاب والطالبات، وأصر بعضهم على مواصلة طلب العلم، فكان أن توفر في الداخل الفلسطيني ولأول مرة بعد نكبة فلسطين من يحملون ويحملن شهادة الدكتوراه في الكثير من تخصصات العلم الشرعي الإسلامي.
كانت ولا تزال عشرات لجان الزكاة المحلية تقدم آلاف المنح التعليمية لطلاب وطالبات العلم في شتى الجامعات والتخصصات منذ عقود، وهذا يعني أن وجود مئات التخصصات العلمية بين ظهرانينا اليوم في الداخل الفلسطيني يعود بعد فضل الله تعالى علينا إلى مساهمة لجان الزكاة المحلية عبر العقود القريبة الماضية.
دفع ذاك الجو المبارك الذي صنعته لجان الزكاة المحلية إلى قيام بعض المحسنين الكرام بإقامة صناديق لدعم التعليم الجامعي في شتى تخصصاته، وعلى سبيل المثال قامت في أم -الفحم هذه الصناديق:
صندوق التعليم العالي عن روح المرحومين أحمد مصطفى شريم ومريم سليمان.
صندوق جمعية الكتاب التابع لرجل الأعمال فتحي فوزي.
صندوق أبو رشدي عن روح المرحوم عارف رشدي.
صندوق العطاء التابع لرجل الأعمال توفيق حاج عوض.
دفع ذاك الجو المبارك الذي صنعته تلك النفوس الأبية التي أوجبت على نفسها نصرة العلم وطلب العلم وطالب العلم، دفع ذاك الجو إلى قيام هيئة من الطلاب والطالبات في الجامعات، أطلقت على نفسها اسم جمعية اقرأ وقامت بدور رفيع القدر وحضاري المهمة والهمة في رعاية المجتمع الطلابي الجامعي في شتى الجامعات والكليات في الداخل الفلسطيني.
نجحت جمعية اقرأ أن تفوز في انتخابات مجلس الطلاب العرب في بعض الجامعات في الداخل الفلسطيني، ونجحت بتقديم آلاف المنح الجامعية للكثير من الطلاب العرب على اختلاف انتماءاتهم الدينية في الجامعات.
نجحت جمعية اقرأ بإقامة شبكة معاهد علمية امتدت في كل الداخل الفلسطيني لتحضير الطلاب والطالبات بعد المرحلة الثانوية لدخول الجامعة، وكان أشهر تلك المعاهد هو: معهد اقرأ للبسيخومتري، ومعهد اقرأ مور، ومركز التوجيه الدراسي، وصندوق دعم الطلاب الجامعيين، هذا إلى جانب مشروع العمل الطلابي داخل الجامعات، ومشروع التثقيف السياسي القطري، ومشاريع اقرأ المحلية.
نجحت جمعية اقرأ بربط شبكة علاقات علمية مع بعض الجامعات في جنوب أفريقيا وتركيا، وأرسلت بعثات علمية إلى تلك الجامعات، ونجحت بصياغة هوية ملتزمة لكل طالب وطالبة في الجامعات ذات أبعاد إسلامية وعروبية وفلسطينية.
ظلت هذه الحاضنة الشعبية التي نشأت في ظلال مسيرة أبناء المشروع الإسلامي، ظلت تقوم بهذا الدور مصممة على خدمة كل مجتمعنا في الدخل الفلسطيني بغض النظر عن التعددية الدينية والحزبية، ولسان حالها يقول: (… لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى