أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

إعدام العلماء… إرهاب العنف… عصابات العسكر وزوال الطواغيت

حامد اغبارية

إعدام العلماء… “لا تحسبوه شرّا لكم..”

يبدو أن التخلص من النواة الصلبة التي تضم خيرة أبناء هذه الأمة من علماء أتقياء ومن قادة شرفاء، هو جزء من شروط ما يسمى صفقة القرن، وفي التالي فإن تردد الأنباء عن نية سلطات حظيرة آل سعود التي تحتل جزيرة العرب، إعدام ثلاثة من شرفاء الأمة ومن خيرة علمائها ومفكريها؛ الدكتور سلمان العودة، والدكتور عوض القرني والدكتور علي العمري، بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، يأتي في هذا السياق، بعد أن وجد ابنُ سلمان وأبوه أن الدماء مستباحة، وأن لا أحد في الحقيقة يهمه أمر ما يجري في بلاد الحرمين من خراب وتخريب، بقدر ما يهمه ما يجري في أرضها من بترول وخيرات لا تحصى، وأن لا قيمة لحقوق الإنسان التي يتبجح بها ما يسمى بالمجتمع الدولي، والذي هو في الحقيقة تقوده عصابة إجرام لا يمكنها العيش والاستمرار دون فساد وسفك دماء ونهب وسلب.

ولقد سبق عصابة حظيرة آل سعود في هذا ربيبهم العميل الصهيوني السيسي في مصر المخطوفة، الذي لم يترك قبيحة من قبائح الاستبداد إلا وارتكبها وأكثرَ منها. وسبقهم في قتل العلماء وإعدام الشرفاء أسلافُهم من طواغيت العرب، أمثال عبد الناصر الذي أعدم كوكبة من العلماء والمفكرين، منهم سيد قطب وعبد القادر عودة والشيخ محمد الفرغلي، وسبقته عصابة الملك فاروق التي اغتالت الإمام البنا، وفي التاريخ الماضي نماذج من هؤلاء أمثال الحجاج بن يوسف، الذي أعدم سعيدا بن جبير. فما الذي حدث؟ ظل هؤلاء الشرفاء الذي أعدمهم هؤلاء الطواغيت شامات في فضاء الأمة، تتردد أسماؤهم في مجالس الخير وصنائع المجد ورفعة الأمة وإحيائها، بينما لا يذكر أولئك الطواغيت إلا إذا ذكر الظلم والقمع وسفك دماء الأبرياء.

وإنه إن صحت الأخبار عن نية سلطات تلك الحظيرة إعدام هذه الثلة من العلماء، فإنها مؤشر من مؤشرات قرب سقوط هذه الطغمة وزوال ملكها. فإنه ما سُجل في التاريخ أن مُلكا دام إلا بعدل، وما زال إلا بظُلم. وإننا رغم الألم والغضب، ورغم القهر وقلة الحيلة، ورغم الشدة والبأساء والضراء التي تعاني منها الأمة في زماننا الأسود هذا، نؤكد أن بعد هذا الظلم نورَ فجر يتسامى، ولذلك نردد ما قاله ربنا عز وجل: {لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم} (النور:12)
وإن كل قطرة دم عالم تسفك بغير حق، ظلما وقهرا وبطشا وإسكاتا لكلمة الحق، ستكون لعنة تطارد هؤلاء الطواغيت حتى يأخذهم الله تعالى أخذا أليما، ويزلزلهم زلزالا شديدا. ولسوف تأتي اللحظة التي تنفجر فيها براكين الغضب العارم، الذي سيزلزل الأرض تحت أقدام أولئك الظلمة، وستنْقَضُّ الشعوب عليهم وتَنْقُضُ كل ما بنوْه، وتهدم الهيكل فوق رؤوسهم ورؤوس من يستقوون بهم على شعوبهم، من أقصى غرب الأرض إلى شرقها، ومن شمالها إلى جنوبها.. {فانتظروا إنا معكم من المنتظرين} (يونس: 102).

العسكر في مواجهة الشعب

وقد كان للأمة فيما مضى من سنوات ما يكفي من الدروس والعبر كي توقن أن طواغيت العسكر الذين يحكمون رقاب الأمة منذ سقوط الخلافة الإسلامية لا يمكن أن يسمحوا – بسهولة- للشعوب أن تحقق حريتها وانعتاقها من حكم أنظمة الحديد والنار. هكذا كان في مصر، وفي تونس وفي ليبيا وفي العراق وفي سوريا، وهكذا الآن في السودان والجزائر. فإن تلك العصابات المتحكمة في مفاصل الحياة في البلاد تجيد لعب ذات الدور الخبيث في تخدير الشعوب وامتصاص غضبها، حتى تأتي اللحظة التي تنقضّ فيها على تلك الشعوب وتسحق إرادتها. ذلك أن تلك العصابات العسكرية هي في الحقيقة أدوات في يد قوى الشر الكبرى التي تسعى إلى هدم الأمة الإسلامية، وقتل رغبة أي شعب من شعوب الأمة في التحرر والانعتاق، والسعي إلى النهوض والتقدم واللحاق بركب الأمم التي تبني الحضارات، مستعيدة بذلك دور الأمة الأصيل في قيادة البشرية وإنقاذها من براثن أنصار إبليس.
لذلك كانت تجربة مصر على سبيل المثال كافية لتعلّم شعبي السودان والجزائر أنه لا يجب أن يثقوا بقيادات العسكر التي تلعب بالنار، لأن هذه القيادات لن تتنازل عن نهب خيرات شعبي السودان والجزائر وثروات البلدين ومقدراتها. وفي نهاية المطاف حان الوقت لنفهم أن جيوش الدول العربية لم يكن دورها حماية الأوطان والشعوب والحدود، كما أوهمونا طوال قرن من الزمن، وإنما حماية أعداء الأمة من بركان غضب الشعوب.

وجه من وجوه الإرهاب!

نحن – في الداخل- نعيش في أجواء من الإرهاب الحقيقي. فالعنف الذي طفّ صاعه وبلغ فيه السيل مداه وأكثر، هو في الحقيقة وجهٌ قبيح من وجود الإرهاب القبيحة. عندما يصاب المجتمع بحالة من الرعب والعجز والاستسلام والخوف من المواجهة فإنه يتعرض لإرهاب حقيقي. وهذا العنف يجب أن يواجَهُ بكل قوة ويعالج بكل وسيلة، ولا بدّ من اجتثاثه من جذوره، تماما كما تقتلع جذور الإرهاب على كل المستويات. فإذا كان الإرهاب فكرة يسعى أصحابها إلى فرضها على الناس بقوة السلاح وبسفك الدماء وبث الرعب والقمع والتنكيل والاغتصاب وهتك الأعراض دون تفريق بين كبير أو صغير، بالغ أو طفل أو شيخ أو امرأة، أو حتى جنين في بطن أمه، فإن العنف هو واحد من أوسخ وأقذر الأفكار التي يسعى أصحابها إلى الترويج لها وفرضها بقوة السلاح؛ ذلك السلاح الذي تسرّب إلى أيدي إرهابيي العنف من أيدي أجهزة معروفة وجهات لها مصلحة في تخريب المجتمع الفلسطيني في الداخل، كي يبقى ضعيفا مفككا تابعا لا حيلة له ولا حولٌ ولا قوة، وكي نبقى أفرادا مشتتين متقاتلين، متنازعين متخاصمين، يضرب بعضنا رقاب بعض، في الوقت الذي تزعم فيه تلك الجهات التي تسهل وصول السلاح إلى أيدي الجبناء، أنها تعمل على وقف النزيف، تماما كما يفعل “المجتمع الدولي” الذي يزعم أنه يحارب الإرهاب، بينما هو صانعه ومغذيه وداعمه ومزوده بالسلاح وبأكثر من السلاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى