أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

هذا ميدان الخير الذي ننافس فيه

عبد الإله وليد معلواني
قلت في المقالة السابقة التي كانت بعنوان: (نوافق على المنافسة في ميدان الخير فقط) إننا كنا ولا نزال نتمسك بالمنافسة في ميدان العمل لا في ميدان القول لأجل القول، وفي ميدان القول الحسن وأدب النقد والنصيحة لا في ميدان القول القبيح والكلام الفاحش والتنابز بالألقاب، وفي ميدان الخلق العظيم والأدب الرفيع والمعاملة الحسنة لا في ميدان الخلق الذميم والسلوك الهابط والانحراف الذميم، وفي ميدان الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين ثم في تبعات كل هذا الولاء لا في ميدان الولاء للشيطان وأتباعه وأجناده من مرتزقة الإنس والجن، وعلى أساس هذه الأصول الواضحة سار أبناء المشروع الإسلامي مجتهدين أن يتحققوا بهذه الخصال:
يوم أن كتب وتحدث أبناء المشروع الإسلامي عن المجتمع العصامي لم يكتبوا ويتحدثوا عنه لأنفسهم، بل سعوا إلى تحويل المجتمع العصامي إلى مشروع عام تلتقي عليه جهود كل مجتمعنا في الداخل الفلسطيني على اختلاف تعدداته السياسية والفكرية.
لذلك نشأت حاضنه شعبية من حول أبناء المشروع الإسلامي ولم تكن جزءاً تنظيميا من مسيرة أبناء المشروع الإسلامي، بل كان لها قرارها المستقل وإدارة شؤونها المستقلة ومسؤوليتها المستقلة إلا أنها آمنت بمشروع المجتمع العصامي وسعت إلى تحقيقه مدركة سلفا أن ثمار هذا المشروع ستعود على كل مجتمعنا في الداخل الفلسطيني في كافة أماكن تواجده.
وعلى هذا الأساس احتضنت هذه الحاضنة الشعبية المجتمع العصامي واحتضنت كل مؤسسة أهلية عامة ومستقلة نهضت متأثرة بمشروع المجتمع العصامي وطامعة أن تؤسس كل منها ركنا هاما في مشروع المجتمع العصامي ثم تؤدي وحدة جهودها وتكاملها إلى تحقيق آفاق المجتمع العصامي على أرض الواقع وليس تنظيرا فقط.
لذلك كثرت تلك المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة وأصبحت بالعشرات، وأصبح لها مكتبها الرئيس القطري، وأصبح لها مكاتبها الفرعية المتشعبة في الجليل والمثلث والنقب المدن الساحلية، وباتت كل منها تتبنى جانبا هاما في مشروع المجتمع العصامي.
بعض هذه المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة أخذت على عاتقها نصرة القدس والمسجد الأقصى المباركين وسائر المقدسات في الداخل الفلسطيني، وبعضها أخذت على عاتقها رسالة التعليم أو مشروع الصحة أو حقوق الإنسان أو التصدي للعنف أو تنشيط المسيرة الإعلامية والأدبية والفنية أو حمل هموم الإغاثة والعون والتكافل والصدقات أو دعم مسيرة الرياضة والشباب أو تشجيع المبادرات الاقتصادية.
كانت تلك الحاضنة الشعبية بمثابة المرضع لكل تلك المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة، فكانت تتحلى بكرم العطاء ودوام الدعم وواصلت مساندة تلك المؤسسات بالمال والأيدي العاملة المتطوعة والخبرات الكثيرة المختلفة والآليات المطلوبة والأجهزة الحديثة، بمعنى أنه كان هناك تلاحم بين تلك الحاضنة الشعبية وتلك المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة في كل ميادين عملها كتلاحم الروح والجسد.
إلى جانت ذلك نجحت تلك المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة وبدعم من أبناء المشروع الإسلامي ببناء شبكة علاقات خارجية تواصلت بالقدر المتاح مع الأمة المسلمة والعالم العربي والجاليات المسلمة والعربية في الكثير من مواقعها، وهكذا امتدت تلك الشبكة من العلاقات في بعض الدول العربية المتاح التواصل معها وفي الهند وتركيا وماليزيا وجنوب أفريقيا، كما وامتدت في مواقع تواجد الجاليات المسلمة والعربية في دول الاتحاد السوفيتي سابقا وفي أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا.
تركزت تلك الشبكة من العلاقات الخارجية على التواصل مع مؤسسات أهلية مستقلة في الدائرة الواسعة للأمة المسلمة والعالم العربي والجاليات المسلمة والعربية، ومع اتحادات طلاب جامعيين فيها، ومع مجالس علم وإفتاء، ومع اتحادات جامعات إسلامية وعربية، ومع هيئات عالميه كالجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي والاتحاد الإسلامي العالمي للمؤسسات الأهلية.
أنجبت هذه الشبكة من العلاقات الخارجية مع شعوب الأمة المسلمة والعالم العربي ومع جماهير الجاليات المسلمة والعربية بالقدر المتاح، أنجبت حاضنة شعبية عالمية إلى جانب الحاضنة الشعبية المحلية في الداخل الفلسطيني وتحولت هذه الحاضنة الشعبية العالمية الى مرضع أخرى لتلك المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة، ولم تتردد بدعم هذه المؤسسات دعما ماليا أو دعما إعلاميا أو دعما معنويا جماهيريا، ولم تتردد هذه الحاضنة الشعبية العالمية بدعوة هذه المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة كضيف شرف للمشاركة في المؤتمرات العالمية المتنوعة التي كانت تعقدها تلك الحاضنة الشعبية العالمية وإلقاء كلمة أو محاضره فيها أو عرض ما تيسر من صور وأفلام وثائقية تحكي عن حال القدس والمسجد الأقصى المباركين وأكنافهما.
لذلك مرت برهة من الزمن قبل بضع سنين لم يكن يمر أسبوع إلا وكانت واحدة أو أكثر من تلك المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة تحل ضيفا على مؤتمر عالمي إسلامي أو عربي وتلقي كلمة فيها أو محاضرة وتعرض ما في جعبتها من ابحاث وكراسات وكتب بحث ميداني وصور وأفلام وثائقية.
ومرت فترة لم يكن يمر يوم إلا وكانت واحدة من تلك المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة تستضاف في برنامج إعلامي في إحدى القنوات أو الإذاعات العربية او الإسلامية.
لكل ذلك فقد قويت امكانيات كل تلك المؤسسات الأهلية وقوي دورها وازداد عطاؤها، ثم باتت تتقدم في مسيرتها وطموحها ومشاريعها ثم برامج عملها كمّاً وكيفاً. ومن باب السرد التاريخي الحيادي سأكتب بالتفصيل في حلقات قادمة عن عطاء تلك المؤسسات.
وسلفا يكفي أن أقول إنها مرت برهة من الزمن قبل بضع سنين كان نصف مليون من جماهيرنا الفلسطينية ينتفعون من عطاء تلك المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة كل عام.
ثم وقع الظلم الصارخ على تلك المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة والتي كانت بالعشرات وتم حظرها إسرائيليا تزامنا مع حظر الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني إسرائيليا، علما أنه لم يكن هناك أي رباط تنظيمي بين تلك المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة وبين الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا.
فلماذا تم حظر تلك المؤسسات الأهلية العامة والمستقلة الى جانب حظر الحركة الإسلامية إسرائيليا بناء على أنظمة الطوارئ سيئة الصيت؟! وهل كانت الجهات التي وقفت من وراء ذاك الحظر الظالم هي إسرائيلية فقط؟! أم كانت هناك جهات أخرى؟! قد تكون جهات محلية غير إسرائيلية؟! وقد تكون أنظمة رجعية تآمرت على هذه المؤسسات المحظورة إسرائيليا وعلى الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا كجزء من تآمر هذه الأنظمة الرجعية على شعوبها؟! لن يبقى الأمر سرا!!
ولكن رغم حظر هذه المؤسسات إسرائيليا، ورغم حظر الحركة الإسلامية إسرائيليا سنبقى أوفياء لمشروعنا الإسلامي، وسنبقى متمسكين بثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية، وسنبقى نؤكد مرددين: نحن نقبل المنافسة في ميدان الخير فقط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى