أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

لعبة الكنيست وفلسفة الهزيمة!!

عبد الإله وليد معلواني
من استقرائنا لكثير من سلوك السياسيين نجد أن السياسي منهم الذي يحترم نفسه ويحترم حزبه وشعبه إذا ما تعرض لخسارة في مسيرته السياسية فأنه لا يكابر، ولا يفلسف الخسارة ويحوّلها إلى ربح، ولا يتحايل على الهزيمة ويحوّلها إلى انتصار، بل يستعجل فورا ويعلن عن خسارته وهزيمته، ثم يخطو خطوة جريئة ويعلن أنه هو من يتحمل مسؤولية هذه الخسارة والهزيمة، ثم يخطو خطوة جريئة أخرى ويقدم استقالته مؤكدا بذلك أنه هو من يتحمل تبعات هذه الخسارة والهزيمة، وليس حزبه ولا شعبه، إلا أن الذي يحدث عندنا هو العكس مع شديد الأسف على صعيد الداخل الفلسطيني، فإن البعض منّا إذا ما خسر في انتخابات السلطات المحلية العربية، فإنه لا يعترف بالهزيمة ولا يتحمل مسؤوليتها ولا يستقيل بل يبحث له عن نجاح في انتخابات لعبة الكنيست من باب عسى ولعل، وإذا ما خسر في انتخابات لعبة الكنيست فأنه لا يعترف بالهزيمة ولا يتحمل مسؤوليتها ولا يستقيل بل يبحث له عن تمثيل في لجنة المتابعة العليا وقد يطالب برئاستها، لأن لجنة المتابعة العليا أصبحت في نظره كأنها نادِ للمسنين المتقاعدين وهكذا!! وهذا يعني أن هؤلاء البعض لا يزالون يعتبرون أن كل ما يمر عليهم هو انتصارات سواء كانت في حقيقة الأمر انتصارات أو هزائم، ولا يزالون يصرون على جماهيرنا المنهكة في الداخل الفلسطيني أن تصفق لهم في كل الأحوال تصفيق الانتصار سواء كانوا في حقيقة الأمر منتصرين أو مهزومين، وقد أكسبتهم الأيام حنكة خداع جماهيرنا المغلوب على أمرها في الداخل الفلسطيني وتصوير الأحداث أنها انتصارات دائمة لهؤلاء البعض، حتى جلبت هذه الأحداث أو بعضها الكوارث على أهلنا الموجوعين في الداخل الفلسطيني!! ولذلك قد يدعو هؤلاء البعض لمظاهرة جبارة، وعندما تفشل هذه المظاهرة ولا يحضرها إلا العشرات يقولون لهذه الجماهير: لا!! نحن لم ندع إلى مظاهرة بل دعونا إلى تظاهرة!! وقد يدعو هؤلاء البعض إلى مهرجان كبير، وعندما يفشل هذا المهرجان ولا يشارك فيه إلا المائة او دونها يقولون لهذه الجماهير: لا!! نحن لم ندع الى مهرجان بل دعونا إلى وقفة احتجاجية!! وقد يدعو هؤلاء البعض إلى مسيرة حاشدة، وعندما تفشل هذه المسيرة ولا يشارك فيها إلا المائتين أو أقل من ذلك يقولون لهذه الجماهير: لا!! نحن لم ندع إلى مسيرة بل دعونا إلى اعتصام رفع شعارات!! وهكذا!!
المهم أن يظل هؤلاء البعض في عيون غيرهم، كأنهم السوبر-مان الذي لا يعرف شيئا اسمه الهزيمة، حتى لو وقع وأوقع حزبه وشعبه في أشنع هزيمة!! ويبدو أن هذه النفسية التي رضيت أن تقتات طوال الوقت على أحلام اليقظة الوهمية السرابية، يبدو أنها باتت تسيطر على الكثير من القوائم العربية “الكنيستية” وعلى مرشحي هذه القوائم!! حيث لاحظت كل جماهيرنا في الداخل الفلسطيني خلال مرحلة الدعاية الانتخابية للعبة الكنيست الأخيرة أن هؤلاء المرشحين كانوا يعدون جماهيرنا أن قائمتهم “الكنيستية” ستحصل على ثمانية مقاعد، لا بل إن البعض قال إنها ستحصل على أكثر من تسعة مقاعد، وأنها ستقلب الطاولة على رأس نتنياهو، وعلى رأس اليمين الإسرائيلي والفاشية الإسرائيلية، ولكن الذي حدث بعد فرز نتائج لعبة الكنيست الأخيرة، أن البعض من هؤلاء البعض حصل على نصف ما وعد به جماهيرنا، لا بل إن البعض من هؤلاء البعض كان يتأرجح خلال ساعات فرز النتائج بين النجاح والسُقوط، وكاد أن يسقط، ومع ذلك خرج هؤلاء البعض على جماهيرنا بعد الإعلان عن نتائج لعبة الكنيست الأخيرة كأنهم هم المنتصرون الذين حققوا المحال ونالوا الخيال!! ونسيَّ الواحد من هؤلاء البعض أنه خسر في لعبة الكنيست الأخيرة لأنه وعد جماهيرنا أنه سيحصل على أكثر من تسعة مقاعد فحصل على أقل من ذلك بكثير، أو لأنه وعد جماهيرنا أنه سيحصل على ثمانية مقاعد فكاد أن يسقط!! ولذلك نسيّ هؤلاء البعض أو تناسى أنه من باب احترامهم لأنفسهم ثم من باب احترامهم لأحزابهم وشعبهم كان من الواجب على أحدهم ألا يكابر من وراء مكبرات الصوت ومن على شاشات الفضائيات وألا يتحايل على الهزيمة التي وقع فيها وأوقع حزبه وشعبه فيها، وأن يملك الجرأة ويقول الحقيقة حتى لو كانت مرة وأن يعترف علانية وصراحة أنه مُنيّ بهزيمة نكراء حتى لو تجاوز نسبة الحسم، لأن تقييم النتيجة يُقاس بناء على ما وعد به جماهيرنا، وليس لأنه تجاوز نسبة الحسم فقط، ثم أن يصرّح بعد ذلك لكل هذه الجماهير بما في ذلك حزبه أنه يتحمل مسؤولية هذه الهزيمة النكراء، ثم أن يقف الموقف الواجب عليه ويعلن أنه يتحمل تبعة هذه الهزيمة النكراء، وبما أنه يتحمل هذه التبعة فأنه يعلن عن استقالته من رئاسة قائمته الكنيستيه ومن رئاسة حزبه على الأقل!! أم أنه سيهرب إلى الأمام وسيحاول صبّ جام غضبه بسبب هزيمته النكراء على جماهيرنا في الداخل الفلسطيني وأن يواصل اتهامها بالمتخاذلين والمتفلسفين!!

لعبة الكنيست والأسئلة الصعبة
أما وقد وضعت لعبة الكنيست أوزارها فمن حق جماهيرنا في الداخل الفلسطيني أن تطرح هذه الأسئلة بلا مواربة ولا تلعثم، ومن واجب المسؤولين المقصودين بهذه الأسئلة أن يجيبوا عليها علانية بلا مواربة ولا تلعثم كذلك، وإن من أهم هذه الأسئلة التي من الخطأ والخطر السكوت عنها هي ما يلي:
ما هو الدافع الحقيقي الذي دفع الطيبي إلى الانشقاق عما كان يُعرف باسم (القائمة المشتركة)، وهل كان صاحب القرار الوحيد في هذا الانشقاق، أم أن بعض الجهويات كان لها حصة الأسد في هذا الانشقاق؟! ومن هي؟! ولماذا؟؟؟!
يقف الطيبي على رأس (الحركة العربية للتغيير)، فهل كان لهذه الحركة مساهمة بهذا الانشقاق؟! أم كانت آخر من يعلم؟! وهل كان المطلوب منها أن تقول: سمعنا وأطعنا للطيبي، ثم أن تتبنى الدعوة إلى الانشقاق؟! وهذا يعني أن حقيقة (الحركة العربية للتغيير) أنها مجرد أداة تنفيذ عند الطيبي فقط؟!
ادّعى الطيبي عندما أعلن الانشقاق أنه يطالب بمبدأ: (خَلِّي الشعب يقرر)، ولما لم تتفق معه سائر مركبات (القائمة المشتركة) على ذلك، فقد وجد نفسه مضطرا أن ينشق!! فاذا كان الأمر كذلك، فلماذا تحالف مع الجبهة بعد ذلك، وتنازل عن مبدأ: (خليِّ الشعب يقرر) الذي دفعه إلى الانشقاق؟!
ادَّعى الطيبي خلال سرده لمسوغات انشقاقه عن (القائمة المشتركة) أن معظم أعضاء (لجنة الوفاق الوطني) التي ساهمت فيما مضى بإقامة (القائمة المشتركة) هم من الجبهة، ولذلك كانوا طوال الوقت منحازين إلى الجبهة وفق ادعاء الطيبي، فاذا كان الأمر كذلك، وهذا ما كان من ضمن الأسباب التي دفعت الطيبي للانشقاق عن (القائمة المشتركة) فلماذا تحالف مع الجبهة إذن؟!
كانت الاستطلاعات تدَّعي طوال الوقت أن الطيبي إذا خاض انتخابات لعبة الكنيست لوحده، فسيحصل على سبعة مقاعد، وقد يحصل على أكثر، ولكن عندما خاض هذه اللعبة مع الجبهة فأنه لم يحصل هو والجبهة إلا على ستة مقاعد!! فماذا كانت حقيقة تلك الاستطلاعات؟ ومن كان يقف وراءها؟ ولماذا روَجت تلك الاستطلاعات للطيبي فقط؟! أم وراء الأكمة ما وراءها؟!
صرَّح منصور عباس بعد انشقاق الطيبي عن القائمة المشتركة أن هناك تدخلات من وراء البحار قد تسببت بهذا الانشقاق عن القائمة المشتركة، فما هو المقصود بهذه التدخلات من وراء البحار؟! وما هي الجهويات التي تقف وراء هذه التدخلات من وراء البحار؟! وما هو هدفها؟! أليس واجبا على منصور عباس أن يكشف عن ذلك صراحة؟!
كان من الواضح أن منصور عباس كان يطعن بتلك التدخلات من وراء البحار، وكان يشكك بدورها، وكان يشكك بدور الطيبي الذي استجاب لتلك التدخلات من وراء البحار، فاذا كان الأمر كذلك في حسابات منصور عباس فلماذا عقد اتفاقية فائض أصوات مع الطيبي؟! وهل فات منصور عباس أن عقد اتفاقية فائض أصوات مع الطيبي كان بمثابة شرعنة لتلك التدخلات من وراء البحار؟!
صرّح منصور عباس بعد انشقاق الطيبي عن القائمة المشتركة أن الجماهير في الداخل الفلسطيني مطالبة أن تحاسب في صناديق انتخابات لعبة الكنيست من تسبب بانشقاق القائمة المشتركة، وهذا يعني أنه طالب هذه الجماهير صراحة أن تحاسب الطيبي، فاذا كان الأمر كذلك، فلماذا عقد اتفاقية فائض أصوات مع الطيبي المنشق عن القائمة المشتركة؟! وهل فات منصور عباس أن عقد اتفاقية فائض أصوات مع الطيبي كان بمثابة شرعنة لذلك الانشقاق؟! وهل فات منصور عباس أن عقد اتفاقية فائض أصوات مع الطيبي بات يعني للجماهير في الداخل الفلسطيني أنها لم تعد مطالبة بمحاسبة الطيبي فقط، بل باتت مطالبة بمحاسبة منصور عباس كذلك؟!
صرّح منصور دهامشة (سكرتير الجبهة) بعد انشقاق الطيبي عن القائمة المشتركة أن نجومية الطيبي لن تنفعه كما أنها لم تنفع عزمي بشارة قبل ذلك!! فاذا كان الأمر كذلك، فلماذا عقدت الجبهة التي لا يزال منصور دهامشة سكرتيرا لها، لماذا عقدت تحالفا مع الطيبي لخوض انتخابات لعبة الكنيست.
هلّا أخبرتنا الجبهة عن عدد الجبهويين الأقحاح الذين كان لهم تاريخهم الطويل في الجبهة، ومع ذلك قاطعوا –عن سبق إصرار – انتخابات لعبة الكنيست الأخيرة بسبب تحالف الجبهة مع الطيبي، حيث كان في مقدمتهم (رمزي حكيم) ثم تبعه الكثير من الجبهويين.
هَلَّا أخبرنا أحد كيف نفهم هذه الأرقام التي تقول إن نسبة التصويت حتى غروب شمس يوم انتخابات لعبة الكنيست الأخيرة كانت 23% في الناصرة، وكانت أقل من ذلك في أم –الفحم، ثم فجأة ارتفعت إلى 50% خلال ساعتين فقط؟! أم أن الألعاب البهلوانية لا يزال لها دورها في رفع نسبة التصويت في الساعة الأخيرة من كل انتخابات لعبة كنيست كان لها دورها في الساعة الأخيرة من هذه الانتخابات كذلك؟!
هَلَّا أخبرنا أحد كيف نفهم الأرقام التي تقول إن قائمة الحركة الجنوبية والتجمع قد حصلت على (2804) صوتا في كفر-قاسم، وأن قائمة الطيبي والجبهة قد حصلت على (2039) صوتا في كقر-قاسم، بينما حركه ميرتس الصهيونية قد حصلت على أكثر من (3000) صوتا في كفر-قاسم في انتخابات لعبة الكنيست الأخيرة؟!
بالإضافة إلى كل الأسئلة السابقة فإنه من الواضح أن جماهيرنا في الداخل الفلسطيني تعتبر أن كلا من الطيبي وأيمن عودة ومنصور عباس ومطانس قد فشلوا في انتخابات لعبة الكنيست الأخيرة، فهل سيبادر كل من هؤلاء الأربعة ويعلن علانية أنه فشل في هذه الانتخابات وأنه يتحمل مسؤولية هذا الفشل وتبعات هذا الفشل، أم أن جماهيرنا في الداخل الفلسطيني مطالبة أن تبقى تردد: إلى الأبد… إلى الأبد… إلى الأبد …؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى