أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

هل تحصد إسرائيل اعترافا أمريكيا بـ”سيادتها” على الجولان

رغم صغر مساحتها نسبيا، إلا أن مرتفعات الجولان السورية المحتلة منذ العام 1967، تحمل أهمية استراتيجية بالنسبة لـ”أمن إسرائيل وحاجة سكانها من المياه”، وفق قادة الأخيرة.
وبالنسبة لموقعها، تطل الجولان على جنوب لبنان وشمال إسرائيل، ومعظم مناطق جنوب سوريا، كما أنها تقع على مسافة 50 كيلومترا فقط إلى الغرب من العاصمة دمشق.
وتتمسك إسرائيل منذ احتلالها للجزء الأكبر من مرتفعات الجولان، بعدم التنازل عنها في أي مفاوضات سلام، واعتبارها جزءا من الأراضي الخاضعة للسيادة “الأبدية” الإسرائيلية.
وتحاول تل أبيب استثمار الأزمة السورية الراهنة، واتخاذها ذريعة لترسيخ مطالبها بالسيادة على الجولان التي تتيح لها الوصول إلى حوض تصريف نهر الأردن وروافده المتعددة إلى الغرب.
كما تضم الجولان، بحيرة “طبريا” ونهر “اليرموك” في الجنوب، وأكثر من 200 ينبوع وعشرات الجداول المائية، إلى جانب عشرات الآبار لاستخراج المياه من الطبقات الجوفية.
وتغطي مياه الجولان ما يزيد عن ثلث الإمدادات المائية لإسرائيل، الدولة التاسعة عشر في العالم الأكثر ضغوطا في حاجتها إلى المياه.
ففي تطور لافت قد يكون مرتبطا باقتراب الانتخابات العامة في 6 أبريل / نيسان، صعّدت حكومة بنيامين نتنياهو، من دعواتها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للاعتراف رسميا بسيادة إسرائيل الكاملة على الأجزاء المحتلة من الجولان، تماشيا مع خطوة ترامب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة واشنطن إليها في تحد للمجتمع الدولي.
وحتى الآن، لا تبدي الإدارة الأمريكية موقفا واضحا من دعوات نتنياهو، إليها بهذا الصدد، لكنها ترسل رسائل متباينة عبر مسؤوليها من حين لآخر.
ففي أكتوبر / تشرين الأول 2018، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، إن إدارة بلاده لم تناقش ما يتعلق بالاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.
لكنّ السفير الأمريكي لدى تل أبيب، ديفيد فريدمان، قال في أيلول / سبتمبر من نفس العام، أنه شخصيا لا يمكن له أن يتخيل ظرفا “لا تكون فيه مرتفعات الجولان جزءًا من إسرائيل إلى الأبد”.
ولا تخلو الدعوات الإسرائيلية من دوافع دعائية مع اقتراب الانتخابات، في ظل وجود استطلاعات تفيد باحتمالات خسارة حزب “الليكود” بقيادة نتنياهو، لأكثرية المقاعد في الكنيست (البرلمان) لصالح تحالف الوسط “أزرق -أبيض” بين حزبي “صمود إسرائيل” و”هناك مستقبل”.
ويتمسك “تحالف الوسط” بأن مرتفعات الجولان “جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل” على حد زعمه، معتبرًا أنها “قضية غير قابلة للتفاوض”.
ولحزب “الليكود” ومنافسه ذات الرؤية فيما يتعلق بـ”حثّ” واشنطن على الاعتراف بسيادة تل أبيب على الجولان، التي أزال تقرير الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم لعام 2018، صفة “الأراضي المحتلة” عنها لأول مرة في تاريخ الوزارة.
وفي تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان حول العالم، أزالت الخارجية الأمريكية -للمرة الأولى – الإشارة إلى مرتفعات الجولان بوصفها مناطق محتلة، وخلا التقرير أيضا من توصيف “الاحتلال” في كل ما يتعلق بالضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي القسم المخصص لأوضاع حقوق الإنسان في إسرائيل، ومنذ التقرير السابق حذفت الخارجية الأمريكية مصطلح “الأراضي المحتلة” والتي كانت تشير إلى أراض فلسطينية احتلتها إسرائيل في يونيو / حزيران 1967.
أما تقرير الوزارة للعام الحالي الصادر في 13 مارس / آذار، والذي يتحدث عن أوضاع حقوق الإنسان لعام 2018، فقد خلا من أي إشارة إلى “الاحتلال” أو “الأراضي المحتلة”.
واستبدل التقرير الأخير، وصفه للمرتفعات بأنها “مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل”، كما في جميع التقارير للأعوام السابقة إلى “مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل”، وكذلك ما يتعلق بالضفة الغربية وقطاع غزة، وهما منطقتان محتلتان منذ حرب يونيو / حزيران 1967، كما هو حال الجولان.
وتحدثت وسائل إعلام عن أن السفير ليبرمان، هو من أشار إلى خارجية بلاده بعدم استخدام وصف “الاحتلال”.
بينما تحدثت تقارير أخرى عن صلة مباشرة بين إزالة مصطلح “الاحتلال” وزيارة العضو البارز في مجلس الشيوخ الأمريكي المعروف بتأييده المطلق لإسرائيل، ليندسي غراهام، إلى مرتفعات الجولان، في 11 مارس / آذار، برفقة سفير بلاده ورئيس وزراء إسرائيل.
وخلال الزيارة قال عضو مجلس الشيوخ: “لا أستطيع أن أتصور أي فكرة الآن، أو في أي وقت في المستقبل بأن تتخلى دولة إسرائيل عن الجولان”.
وتعهد غراهام بالعمل من خلال مجلس الشيوخ مع زميله السيناتور تيد كروز، لبدء حراك يسعى لـ”الاعتراف بسيادة إسرائيل الأبدية على هذه المرتفعات”.
واحتلت إسرائيل الجولان عام 1967، ولاحقًا أعلنت قرار ضمها إليها عام 1981، وأخضعت بموجبه المنطقة لقوانينها، إلا أن قرار الضم لم يحظ باعتراف دولي حتى الآن.
خطوة الخارجية الأمريكية الأخيرة، قوبلت بترحيب الأوساط السياسية الإسرائيلية، إلا أن مسؤولين آخرين يرون أن واشنطن لا يمكن لها أن تتجاوز الموقف الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة باحتلال إسرائيل للأراضي العربية.
وترفض منظمة التحرير الفلسطينية أي متغيرات في حقيقة أن الأرض الفلسطينية ومرتفعات الجولان، هي أراض تحت الاحتلال الإسرائيلي وفق قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي.
وتعطي الولايات المتحدة الأولوية للأمن الإسرائيلي دون أي اعتبار لأكثر من 130 ألف سوري هُجروا قسرا، بداية احتلال الجولان عام 1967، وما يزيد عن 260 ألف لا يزالون خارج مناطقهم الأصلية في الجولان، ومعظمهم من الطائفة الدرزية الذين بحاجة إلى جمع شملهم بعد أن اتبعت إسرائيل معهم سياسة “الفصل الأسري”.
وتجاهل تقرير الخارجية الأمريكية حقائق الشرعية الدولية وإجماع المجتمع الدولي على قرارات الأمم المتحدة التي تطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967، والتي تحظر أيضا احتلال الأراضي بالقوة.
وتتعرض إدارة ترامب لضغوطات كبيرة من جماعات الضغط “القوية” المؤيدة لإسرائيل، مثل منظمة “أيباك”، ومشرعون مثل ليندسي غراهام، وتيد كروز، وغيرهما، للاعتراف بسيادة تل أبيب على الجولان بذريعتي “حاجة إسرائيل إلى الموارد المائية” و”أهمية المنطقة المحتلة للأمن القومي الإسرائيلي”، وهي أولوية بالنسبة لجميع الإدارات الأمريكية.
قبل أيام عرض السيناتوران الجمهوريان تيد كروز، وتوم كوتون، مشروع قانون ينص “على إلزام الإدارة الأمريكية بالاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان”.
إلا أن الإعلام العبري أشار أن جهات أمنية إسرائيلية عاملة في الولايات المتحدة، فضلت عدم تمريره “على الأقل في المرحلة الراهنة” مع التشديد على أن الجولان “يقع بالفعل تحت سيطرة إسرائيل، وأن هذا الأمر ليس محل خلاف، لذا فإنه من غير المنطقي سن تشريع للاعتراف بهذه السيادة، ومن ثم إعطاء زخم لهذا الملف”.
وفي 14 مارس، قال مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، إن الظروف أصبحت “مواتية لبقاء مرتفعات الجولان تحت السيادة الإسرائيلية والاعتراف الدولي بذلك”، وفي تصريحات منفصلة ذات صلة تحدث “دانون” عن أن هناك “توجه إيجابي بموقف الإدارة الأمريكية من هذه المسألة”.
والخلاصة أن الإدارة الأمريكية، تدرك أن اعترافها بسيادة إسرائيل على الجولان لن تكون له شرعية دولية، وأنه سيهدد استقرار المنطقة، ويتسبب بتداعيات بعيدة المدى غير مأمونة العواقب.
ومقابل ذلك، تدرك واشنطن أيضا، أن أية تسوية سياسية تتضمن الانسحاب من مرتفعات الجولان يعني حرمان إسرائيل من الموارد المائية الوفيرة، ومع حاجتها لمثل هذه الموارد وعدم إمكانية توفير بدائل، فإن ذلك قد يدفع الإدارة الأمريكية الحالية أو الإدارات القادمة لاتخاذ قرار الاعتراف بضم الجولان لإسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى