أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمحلياتمقالات

من يملك الشجاعة على الاعتذار

عبد الإله معلواني
أواصل صراحتي الأخوية القائمة على مبدأ (من القلب إلى القلب) وأقول: بعد أن عشنا كلنا تجربة (القائمة المشتركة) وبعد أن تابعنا أداءها سواء كنا في الداخل الفلسطيني أو في القدس وغزة والضفة الغربية أو في مواقع الشتات الفلسطيني، وبعد أن عشنا تجربة القوائم العربية المختلفة التي خاضت غمار الكنيست عقودا من الزمن قبل أن تقوم (القائمة المشتركة)، بعد كل ذلك رأيت أن أتساءل صراحة: من يجرؤ على الاعتذار لكل الجماهير المسكينة الذين هم إخوتي وأخواتي في الداخل الفلسطيني؟! من يجرؤ على الاعتذار لهم وان يقول لهم صراحة وعلانية وبلا تلعثم وتأتأة: سامحونا لقد خدعناكم يوم أن سوَّقنا لكم الوهم، والشعارات الجوفاء، والبرامج السرابية، حول شهر العسل الموهوم الذي ستعيشونه بعد أن ستخوض (القائمة المشتركة) معركة الكنيست، وبعد أن ستحقق فيها نصرا مؤزرا، وبعد أن ستوقف المشروع الصهيوني وأحزابه وحكوماته بيمينها ويسارها عند حدها!! من يجرؤ على هذا الاعتذار بهذه الصراحة الموافقة للحقيقة وإن كانت مُرّة، وأن يقول لهم مَرّة بعد مَرّة: سامحونا يوم أن دفعناكم للتصفيق الحار لمرشحي القائمة المشتركة قبل نجاحهم في معركة الكنيست وبعدها!! سامحونا يوم أن دفعناكم أن تلصقوا شعارات (القائمة المشتركة) على أبواب بيوتكم وعلى سياراتكم وعلى حقائب أطفالكم المدرسية، وكأن هذه الشعارات باتت (صكوك وطنية) هادرة بقولها وعملها، وكم سيسعد من يتاجر بها!! سامحونا يوم أن دفعناكم أن تجودوا بأموالكم وسياراتكم ووقتكم خدمة مجانية (للقائمة المشتركة)!! سامحونا يوم أن دفعناكم أن تقفوا برجالكم ونسائكم وشبابكم وفتياتكم طوابير عند صناديق انتخابات معركة الكنيست كيما تدلوا بأصواتكم دعما للقائمة المشتركة!! سامحونا يوم أن دفعناكم أن تتحدثوا بغلظة وأن تكتبوا بقساوة عن كل من رفض الانجراف في ركب (القائمة المشتركة) حيث حكمتم عليه بألسنتكم الحادة وأقلامكم المسلولة أنه رجعي أو متخلف أو متهور أو قصير النظر أو عديم الفهم السياسي أو غير واقعي أو مقطوع عن نبض الشارع أو منطو على نفسه أو لا يؤمن بالعمل المشترك أو يقصي الآخر أو طائفي أو استعلائي !! سامحونا يوم أن دفعناكم أن تكيلوا الغمز واللمز لبعض القيادات منا في الداخل الفلسطيني لأنهم حَذَّروا من لعبة الكنيست أصلا وأنتم تعلمون في قرارة أنفسكم أنهم من خير الناس، وأنهم السند الحقيقي لكم ولبيوتكم ولأزواجكم وأبنائكم وبناتكم إذا ألمت بكم أية ضائقة!!.
نعم من يجرؤ على هذا الاعتذار الشجاع لكل جماهيرنا التي اسْتُدْرِجَتْ للهاث خلف سراب الكنيست على مدار سبعة عقود من عمرها، بإسم الحزب الفلاني أو بإسم الحركة الفلانية تارة، وبإسم التحالف الفلاني تارة ثانية، وبإسم قائمة الوحدة الفلانية تارة ثالثة، ثم باسم القائمة المشتركة تارة رابعة؟! من يجرؤ أن يعتذر لها على المكشوف وأن يقول لها: سامحونا يوم أن سكتنا عن مشهد خداعكم ببرامج عمل حزبية ادّعت كل قائمة ستخوض معركة الكنيست أنها ستلتزم بتنفيذها إذا ما حققت فتحا مبينا في معركة الكنيست، ولذلك هي الأجدر بأصوات الأهل في الداخل الفلسطيني، وهي التي تتميز عن غيرها ببرنامج عملها المدهش والتقدمي والمتنور والحداثي والأصلاني والثوري والنضالي والكفاحي والوطني والقومي.
ثم بعد عقود من الزمن عاشتها تلك القوائم في الكنيست تبين لكل عاقل ان كل برامج عملها الحزبية كانت مجرد (صف كلام و(لقلقة لسان) و(صرخة حنجرة) و(حبر قلم) ليس إلا، وأن الكنيست التي كانت على عهد بن غوريون، هي الكنيست التي كانت على عهد رابين وهي الكنيست التي كانت على عهد بيرس وهي الكنيست التي لا تزال على عهد نتنياهو!! وبأن الإدعاء انه كان هناك فرق بين برنامج العمل الحزبي للجبهة، وبين برنامج العمل الحزبي للحركة التقدمية، أو للحزب العربي أو للتجمع أو للحركة العربية للتغيير أو للحركة الاسلامية بقيادة الشيخ حماد أبو دعابس كان مجرد فرق وهمي، لا يتعدى الفرق في الشعارات والقدرة على تنميق الكلام وصياغة الجمل وتدبيج الخطب وصناعة المقالات، حيث ثبت أن من رفعوا شعار (النضال العربي- اليهودي) في الكنيست كانت محصلته صفرا، وهكذا كانت محصلة من رفعوا شعار (دولة لكل مواطنيها) في الكنيست، ومن رفعوا شعار (دولة لكل قومياتها)، ومن رفعوا شعار (فقه الواقع)، ومن رفعوا شعار (تجديد الخطاب الديني) ثم من رفعوا شعار (القائمة المشتركة)، كلها ثبت أنها تساوي صفرا في لعبة الكنيست ومعركتها الوهمية، التي هي أشبه ما يكون بمعركة (دون كيشوت) مع (طواحين الهواء).

أيها السادة في (لجنه الوفاق الوطني) قلتم لجماهيرنا الحبيبة في الداخل الفلسطيني أن (القائمة المشتركة) تمثل الوحدة الوطنية الحقيقية، ومن يخرج عنها، فهو يخرج عن هذه الوحدة الوطنية!! ولكن يا للهول أصبح حال (القائمة المشتركة) كما قال المثل الشعبي: (من أول غزواته كسر عصاته)، فها في (القائمة المشتركة) قد خرجت عن نفسها، فيا أيها السادة في (لجنة الوفاق الوطني) بناء على قولكم إن من يخرج عن (القائمة المشتركة) يخرج عن الوحدة الوطنية الحقيقية، فهل خرجت كل مركبات (القائمة المشتركة) عن الوحدة الوطنية الحقيقية لأنها خرجت عن (القائمة المشتركة)، وسامحونا على هذه الصراحة لأننا نطرح هذا التساؤل وفق الميزان الذي حددتموه أنتم لمعنى الوحدة الوطنية الحقيقية!! فإذا كانت كل مركبات القائمة المشتركة قد خرجت عن الوحدة الوطنية الحقيقية وفق ميزانكم أنتم، فهلّا صارحتم جماهيرنا في الداخل الفلسطيني بذلك؟! وهلّا قلتم لها: لم يعد أي مركب من (القائمة المشتركة) جديرا ولو بصوت واحد من أصواتكم لأنها خرجت عن الوحدة الوطنية الحقيقية وفق ميزانكم أنتم؟! وَهَلَّا قلتم لها: لقد خذلتنا مركبات (القائمة المشتركة) وتمردت على أصول بناء (القائمة المشتركة)، وبذلك هدمت بأيديها بناء (القائمة المشتركة) الذي يبدو أنه لم يقم أصلا، ولم يرتفع فيه حجر على حجر أصلا، وهذا يعني أن مركبات (القائمة المشتركة) قد بنت وهما بناء اسمه (القائمة المشتركة) ثم هدمت هذا الوهم الذي إسمه (القائمة المشتركة)!! وإلا هل يستوي البناء والهدم في حساباتكم أيها السادة في لجنة الوفاق الوطني؟! ولأني على يقين أنكم تحملون الخير في داخلكم، وأنه من المستحيل أن يستوي عندكم البناء والهدم، سيّما وأن فيكم الباحث والكاتب والسياسي والناشط الاجتماعي، فإنني أتمنى عليكم أن تكونوا صريحين اليوم مع جماهيرنا في الداخل الفلسطيني كما كنتم بالأمس صريحين معها، وهذا يلزمكم كما قلتم لها ذات يوم: إن مركبات (القائمة المشتركة) جديرة بأصواتكم لأنها توافقت في إطار (القائمة المشتركة) أن تقولوا لها اليوم أنها اليوم لم تعد جديرة بأصواتكم بعد أن تفرقت تلك المركبات، وجعلت من (القائمة المشتركة) أثرا بعد عين!!، وأسمى من أن تطمع ولو بصوت منها كل أبواق الأحزاب الصهيونية بلا استثناء بيمنيها ويسارها،!! ثم أتمنى عليكم أن تقولوا لهذه الجماهير: لا تترددوا أن تصرخوا في وجه الكنيست وأن تقولوا لها أيتها الطبل الأجوف الذي نسمع له جعجعة ولا نرى له طحنا!! أيتها الاسم المستوحى من كتاب (المشناة) إحدى الكتب الدينية التي تُعتبر مرجعية دينيه لكل الشعب اليهودي!! أيتها البناء الفتان القائم على مائة وعشرين عضوا بهذا الرقم المستوحى من كتاب المشناة كذلك!! أيتها المنبر الذي كان ولا يزال منبرا إحتجاجيا ليس إلا، كما صَرَّحت بذلك لجنة الوفاق الوطني عندما التقت قبل ثلاثة أعوام بالحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا!! أيتها الامتداد الحقيقي للحركة الصهيونية ولمشروعها الذي اختارت له شعار: (نريد أرضا بلا شعب لشعب بلا وطن)!! أيها الإفراز المكشوف لنكبة فلسطين وما شهدت من قتل وهدم وتشريد لشعبنا الفلسطيني وبلداته وارضه ووقفه ومقدساته وحضارته وحاضره وماضيه ومستقبله!! أيها الفخ الخدّاع الذي كان ولا يزال حريصا على استدراج البعض منا للانجراف خلف بريقه كيما يتحول وجود هؤلاء البعض منا في الكنيست من حيث لا يقصدون إلى مكياج يصبغ وجه الظلم الاسرائيلي القبيح بجمال مزيف، وكأن وجود هؤلاء البعض منا في الكنيست يوحي للعالم المنافق أصلا أن المؤسسة الإسرائيلية هي أم الديموقراطية وهي أم حرية التعبير عن الرأي وهي أم حرية النقد والمعارضة!! وهي في الحقيقة ليست كذلك بل هي أم الاضطهاد الديني والتمييز القومي والمطاردة الأمنية والظلم التاريخي ومصادرة الأرض والوقف والمقدسات وهدم البيوت واستباحة الإعدام الميداني والإصرار على احتلال القدس والمسجد الأقصى والضفة الغربية، وفرض الحصار على غزة منذ أكثر من عقد من الزمان، والتنكر لحق العودة وحق قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس!! لكل ذلك قولوا للكنيست: لقد طلقناك ثلاثا، طلاقا لا رجعة فيه!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى