أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

الإسلاموفوبيا والعداء للسامية.. عندما يجمعهما قانون أميركي

أقر مجلس النواب الأميركي بالأغلبية قرارا يدين معاداة السامية والتعصب والإسلاموفوبيا والكراهية بكل أشكالها، وأشار القرار -لأول مرة في تاريخ النواب الأميركي-إلى تزايد الجرائم المرتكبة ضد المسلمين.
وصوّت لصالح القرار 407 أعضاء من مجلس النواب، مقابل 23 فقط، وأعدّ من قبل نواب ديمقراطيين، تتقدمهم رئيسة المجلس نانسي بيلوسي، وينص القرار -بجانب إدانة معاداة السامية-على رفض أي شكل من أشكال التمييز ضد المسلمين، إضافة إلى التعصب ضد الأقليات؛ سواء عبر التعبيرات البغيضة أو تلك التي تتناقض مع قيم وتطلعات مواطني الولايات المتحدة.
وتعتبر الولايات المتحدة من أكثر البلدان التي تشهد جرائم كراهية ضد المسلمين، وذكر مكتب التحقيق الفدرالي الأميركي (أف بي آي) في مايو/أيار 2017 أن نسبة تلك الجرائم شهدت ارتفاعا بنسبة 67% عام 2015، مشيرا إلى أن عدد المجموعات المعادية للمسلمين في تزايد.
وخلصت دراسة أجراها مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) إلى أن عدد الاعتداءات على المسلمين في 2016 تجاوز ألفي اعتداء مقابل 1400 اعتداء سنة 2015.
وانتقد أعضاء في الكونغرس عدم إبلاغ ولايات عدة عن الأرقام الحقيقية لجرائم الكراهية التي قد تصل إلى ثلاثين ضعفا للمُبلّغ عنها.
الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية.. ما العلاقة؟
استخدم مصطلح الإسلاموفوبيا لأول مرة في أوائل القرن العشرين، وظهر مجدداً في السبعينيات، وفي كتابهما الذي نشرته جامعة كولومبيا يقول المؤلفان سلمان سيد وعبد الكريم وكيل أن الخوف من الإسلام هو استجابة لظهور هوية عامة متميزة للمسلمين على مستوى العالم، ويرى المؤلفان أن وجود المسلمين في حد ذاته ليس مؤشراً على وجود الإسلاموفوبيا في المجتمع؛ فثمة مجتمعات لا يعيش فيها المسلمون فعليًا وفي الوقت ذاته تشهد العديد من الأشكال المؤسسية للإسلاموفوبيا.
وتزايد الحديث عن مفهوم الإسلاموفوبيا مطلع العقد الأول من الألفية الثالثة، وتحديدا إثر هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، التي وقعت في الولايات المتحدة وتبناها تنظيم القاعدة، وأحدثت تحولا نوعيا في واقع العلاقات الدولية، واحتُل إثرها بلدان إسلاميان هما العراق وأفغانستان.
وأعاد ذلك طرح إشكالية المواجهة بين الإسلام والغرب، التي بشَّر بها عددٌ من المفكرين الغربيين منذ نهاية الحرب الباردة، إذ روجوا لبروز الإسلام باعتباره عدوا جديدا للغرب بدل الشيوعية ممثلة في الاتحاد السوفياتي، وروَّج بعضهم لفكرة انتهاء “الخطر الأحمر” الشيوعي وبروز “الخطر الأخضر” الإسلامي.
وعلى الجانب الآخر، تعطي كلمة “السامية” انطباعاً مزيفاً بكونها تشمل الشعوب السامية ومنها العرب، لكن استخدامها المعاصر في الغرب منذ نهاية القرن 19يرتبط بمشاعر الكراهية لليهود كعرق ودين على وجه خاص، كما ترتبط بمشاعر الكراهية التي انتشرت في العصور الوسطى بأوروبا تجاه المجتمعات اليهودية التي تعيش بينهم.
وتستند معاداة اليهود في السياق الغربي إلى تقاليد ثقافية ودينية أوروبية معادية لليهود، خاصة في زمن النازيين والحرب العالمية، كما يتم استدعاؤها لوصف أحداث تاريخية مثل ملاحقات اليهود وطردهم من شبه الجزيرة الإيبيرية في عصر محاكم التفتيش الإسبانية والمحرقة النازية.
وتقول كورا أليكسا دوينغ الباحثة بالمركز النرويجي لدراسات المحرقة والأقليات الدينية إن هناك أوجه تشابه كبيرة بين خطاب معاداة السامية ومعاداة السامية الأوروبية قبل النازية، ومن بين هذه العوامل المشتركة تزايد التهديدات المتخيلة لنمو الأقليات وهيمنتها، والتهديدات التي تواجه المؤسسات والعادات التقليدية، والتشكك في الاندماج، والتهديدات للعلمانية، والمخاوف من الجرائم الجنسية، والمخاوف من كره النساء، والمخاوف القائمة على الاختلافات الثقافية والتاريخية، والعداء المتصور لما تسمى قيم التنوير الغربية الحديثة.
وعلى نقيض دوينغ، يخلص الأكاديمي المختص في المقارنة بين العداء للسامية والإسلاموفوبيا إلى أن معاداة السامية كانت ظاهرة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا ببناء الدولة الأوروبية، إلا أنه يرى أن الخوف من الإسلام هو مصدر قلق الحضارة الأوروبية الأساسي حالياً.
وسبق لإدوارد سعيد الأستاذ بجامعة كولومبيا -وهو من أصل فلسطيني- أن اعتبر في دراسته الشهيرة “الاستشراق” أن الخوف من الإسلام بمثابة اتجاه جديد في تقاليد غربية عامة معادية للسامية.
وفي معرض الحديث عن المقارنة بين الإسلاموفوبيا والعداء للسامية في الغرب تبرز مفاهيم في الخطاب الإعلامي مثل “الأسلمة” و”التهويد” ونظريات المؤامرة، وتعبيرات مثل “دولة داخل الدولة” في الحديث عن اليهود والمسلمين على حد سواء.
لكن هذه التعريفات النظرية للإسلاموفوبيا والعداء للسامية يجري توظيفها في سياق سياسي؛ إذ تستخدم لافتة العداء للسامية في قمع منتقدي الممارسات الإسرائيلية في بلدان مختلفة، منها الولايات المتحدة، ويجري وصف المنظمات المؤيدة للحقوق الفلسطينية ورفض الاحتلال الإسرائيلي مثل “بي دي أس” (BDS) بأنها “معادية للسامية”.
وكان الاتحاد الأوروبي أقر بداية ديسمبر/كانون الأول 2018 تعريفاً جديداً لمعاداة السامية يستثني مناهضي الاحتلال الإسرائيلي، في خطوة انتقدتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بشدة.
وتعرضت مؤخراً النائبة المسلمة بالكونغرس الأميركي إلهان عمر لوابل من الانتقادات التي تتهمها بمعاداة السامية؛ بعد أن أشارت إلى وقوف مؤسسات ضغط وراء الدعم الأميركي الكبير لإسرائيل، وذكرت منها لجنة الشؤون العامة الأميركية-الإسرائيلية (آيباك).
المصدر: الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى