أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

على هامش ما يسمى يوم المرأة العالمي رفقًا يا قوارير

الشيخ كمال خطيب

نقطة واحدة تفصل بين أن نوصي الرجال بالنساء خيرًا أو نوصي النساء بالرجال خيرًا. ففي حديث النبي صلى الله عليه وسلم يوصي الرجال بالنساء فيقول: “رفقًا بالقوارير”. وفي حديث آخر يقول فيه لصحابي اسمه أنجشه: “ويحك يا أنجشه رويدك بالقوارير” والقارورة هي الإناء الزجاجي الرقيق سهل الخدش والانكسار حيث يتعامل معه بلطف ورِقّة. فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أوصى الرجال بالنساء بقوله رفقًا بالقوارير، فهل دفعت النساء غرامة ثقيلة أم أن الرجال هم من دفعوا هذه الضريبة حتى أصبحنا ننادي بالياء وليس بالباء، نطلب من النساء أن يرفقن بالرجال نقول لهن “رفقًا يا قوارير” بعد أن كنا نقول رفقًا بالقوارير.
لقد كذبوا عليها وصدّقتهم، خدعوها ووقعت في شباكهم، دسّوا لها السم في العسل وأغروها بشعارات وبريق خادع وصدق في هذا قول أحمد شوقي رحمه الله:
خدعوها بقولهم حسناء والغواني يُغرهنّ الثناء
ليس معنى ذلك أنه لم يقع الظلم على المرأة وقد وقع، ولكن الظلم الأكبر أن ينسب ذلك الظلم إلى الدين وأن يستمر الخداع واستمرار رفع الشعارات ذات البريق حتى يتم خلق جيل بل صنف ثالث بين الذكورة والأنوثة، ليس في التركيبة الفسيولوجية وإنما في خصائص كثيرة تم إضاعتها في رحلة مسيرة الخداع للوصول إلى المساواة بين الرجل والمرأة ليحصل للبعض ما حصل للغراب الذي لم يرضَ بمشيته وإنما أراد أن يمشي مثل الحجلة فضاعت مشيته ونسيها، فلا هو مشى مثل الحجلة ولا هو عاد لمشيته الأصلية التي خلقه الله عليها.
إنها وزارة الخارجية الأمريكية التي تخصص البرامج والميزانيات وتعقد المؤتمرات التي تجذب إليها نساء ناشطات ومميزات من الدول العربية والإسلامية تحت عناوين برّاقة بهدف إحداث تغيير حقيقي عبر مواقع سيشغلنها هؤلاء النسوة في بلادهن، وعبر أموال كثيرة تضخ في أرصدة وحسابات بنكية لجمعيات ومؤسسات ظاهرها تطوير المجتمع والارتقاء بالمرأة بينما حقيقتها تنفيذ أجندة ومشاريع أمريكية وغربية تسعى لضرب المجتمعات العربية والإسلامية.
ليس هذا فحسب بل أمريكا أصبحت الملاذ الآمن والملجأ الدافئ لكل مسلمة تريد أن تتطاول على الإسلام، فتعطى الجنسية والإقامة والحماية، كما حصل مع السورية وفاء سلطان التي ألّفت كتاب “الاله الذي يُكره”. وكما حصل مع دوتي درويش المصرية التي ارتدت عن الإسلام وصاحبة كتاب “يسمونني كافرة”. وكما حصل مع هرسي علي الصومالية التي ألفت كتاب “الكافرة”. وكما حصل مع إرشاد مانجي الباكستانية التي تحدثت عن الإسلام، الدين الصحراوي كما وصفته.
الغريب أن في أمريكا هذه التي تحرّض المسلمات على الإسلام وكأنها هي المنارة والإشعاع والنموذج الأفضل للمرأة التي نالت حقوقها، وتشجع المرأة على أن تصل إلى مواقع قيادية في بلادها، وإذ بنا نجد أن أمريكا وطوال تاريخها فإن امرأة واحدة لم تصل لمنصب رئيسة للولايات المتحدة، حتى هيلاري كلينتون المرشحة التي نافست ترامب فإنها فشلت بينما فاز ترامب صاحب الشهرة الفائقة بأنه زير نساء، وكان أكثر المصوتين له من النساء، فأي تناقض هذا؟ وأمريكا هذه صاحبة الشعارات الرنانة والبرّاقة في الدفاع عن حقوق النساء فإن إحصاءات رسمية أفادت أنه 59٪ من النساء اللاتي يُستقبلن في المستشفيات في أقسام الطوارئ فإن ذلك كان بسبب العنف الجسدي والجنسي، لا بل إن أمريكا ووفق إحصاءات رسمية لمحاكم الأسرة فإنها تحتل المرتبة الثانية بعد مصر في نسبة الرجال الذين يتعرضون للعنف من نسائهم، حيث النسبة في مصر 28٪، وفي أمريكا 23٪ ، وفي بريطانيا 17٪ ومثل ذلك فإنه الفارق والتفاوت في الأجور بين الرجال والنساء الذين يعملون في نفس العمل ويحملون نفس الشهادة. فالاتحاد الأوروبي الذي يفاخر بأنه منارة المساواة بين الجنسين إلا أن نسبة المرأة العاملة، أدنى بنسبة 17٪ من الرجل، وفي فرنسا تصل النسبة إلى 25٪، والمرأة الاسرائيلية لا يزيد أجرها عن 68٪ من أجرة الرجل.

# إلى البيت أعود
إنها الظاهرة الآخذة بالازدياد، وهي ما تسمى الحركات النسائية المضادة، أي المضادة للحركات النسائية التي تدعو للتحرر وترفع شعارات المساواة التامة بين الرجل والمرأة وفي كل شيء هذه الحركات المضادة والتي تطالب بالعودة للبيت كردة فعل لما حصل للمرأة الغربية من استعباد واستباحة على حساب كرامتها وتربية أطفالها، إنها حركة “كل نساء العالم” والتي أسستها الأمريكية “مورابيل مورجان” ومعها إحدى المديرات التنفيذيات في شركة فيسبوك، ومثلهن فعلت الفرنسية “كريستان كولانج” صاحبة كتاب “إلى بيتي أعود”. وفي استفتاء أجرته مجلة غربية بعنوان “هل نقول وداعًا عصر الحرية، أهلًا عصر الحريم” فإن نساء كثيرات قُلن أنهن مللن الاستيقاظ مبكرًا لركوب المترو، وقُلن أيضًا أن الأمومة هي أشرف شيء للمرأة وأنّ سعادتها أنْ تكون أمًا.
أما” بوكانين” مؤلف كتاب “موت الغرب” فقد قال: “إنه لا يمكن منع موت الغرب إلا بالعودة الضخمة من النساء الغربيات إلى فكرة يبدو أنهن تخليّن عنها، وهي أن الحياة الجيدة تكمن في حمل الأطفال وتربيتهن وإرسالهن للعالم ليتابعوا استمرارية الأسرة. وأما الكاتبة البريطانية صاحبة كتاب “قلوب فارغة بيوت فارغة” فقد قالت: “إن حركة المساواة النسوية حليف دارويني أعمى، وإن الأمم التي تتبع سياسات الحركة النسوية للمساواة تعرض نفسها للخطر”. وعلق بوكانين على هذه العبارة بالقول: “وباختصار فإن صعود الحركة النسوية للتسوية ينذر بموت الأمة وبالنهاية للغرب”. وليس بعيدًا عن ذلك ما قاله الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا: “إن هؤلاء النسوة اللاتي يطالبن بالمساواة مع الرجل يردن أن يصبحن رجالًا، ناسيات أن تربية النشئ هي أعظم عمل يقمن به”.
يقول الدكتور سفر الحوالي: “وقد فضّل الله الرجال في جوانب، وفضّل النساء في جوانب وجعل بينهما تكاملًا تتم به الحياة الإنسانية، وقد قال سبحانه {والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى} آية 1-3 سورة الليل. فلكل وظيفته وعمله الخاص. أما المساواة بين الليل والنهار فهو عين المنافاة لحكمة الله، والله تعالى اقتضت حكمته أن تكون الثنائية في الكون والتكامل بين طرفيها هي القاعدة، أما جعلهما متماثلين وليس متكاملين فهو تعسّف ومنافاة للفطرة فوق منافاته لهذه القاعدة الحكيمة، وإن ادعى المفسدون أن ذلك مساواة، وهو سبحانه لم يجعل خلقه قائمًا على مبدأ المساواة بل على مبدأ التكامل”.

# أيهما أكرم للمرأة
أن تحمل الحمل الطبيعي للجنين وتلد طفلها، أم أن تنقل المرأة بويضتها الملقحة من حلال أو حرام وتعطيها لامرأة فقيرة تحمل عنها وتلد عنها؟ . وهي ما تسمى الأم المستأجرة أو الأم الفندقية، بل أن يتم استئجار امرأة لكي ترعى الطفل وتناغيه وهي المسماة “الجدة المستأجرة” لتعوض الطفل عن حنان الأم والجدة الحقيقية المفقود. بل أيهما أكرم للمرأة أن ينفق عليها زوجها أم أن تصبح كما حالها في أمريكا، أي إنها إذا كانت المرأة صاحبة مال فإن المحكمة تأمرها بالإنفاق على الرجل بعد طلاقها منه.
وأيهما أكرم للمرأة وأكثر احترامًا لها، أن تنسلخ من نسبها وعائلتها وتنسب إلى زوجها كما هو حال نساء أهل الغرب وأذنابهم من العرب، فيقال هيلاري كلينتون وصفيه زغلول وسوزان مبارك وأسماء الأسد وإيلانا ترامب.
أم أن كرامتها واحترامها في أن تظل كما هو الإسلام، على نسبها ونسب عائلتها فيقال خديجة بنت خويلد وعائشة بنت أبي بكر، مع أن زوج خديجة وعائشة هو محمد صلى الله عليه وسلم سيد الخلق ونسبه أشرف نسب، فلم يكن زانيًا حاشاه مثل كلينتون، ولا مجرمًا دمويًا مثل بشار ولم يكن لصًا مثل مبارك. فالإسلام أعطى للمرأة أن تحتفظ بنسبها حتى بعد الزواج، وليس من الإسلام أن تغير اسم عائلتها إلى عائلة زوجها وهذا من الاحترام لشخصها ومكانتها واحترام نسبها.

# العيب عند أهل العيب ليس عيبًا
لم يتوقف السعار الجنسي واستغلال المرأة أبشع استغلال عند رأس الهرم السياسي في الغرب متمثلًا بترامب وفضائحه، بل وصل الأمر إلى حد أن يكون الشخص الثالث في الترتيب الهرمي في رأس الكنيسة الكاثوليكية يفعل أبشع مما فعله ترامب، بل وصل إلى أن يعقد الفاتيكان جلسة خاصة في شباط الأخير للبحث في كيفية مواجهة الاعتداءات الجنسية التي يقوم بها رهبان في الكنائس على راهبات وعلى مرتادات الكنيسة وعلى أطفال، كما أوردت ذلك قناة “سي إن إن” الإخبارية.
إن من أكثر السهام التي توجه للإسلام من دعاة تحرير المرأة أن الإسلام يبيح تعدد زواج النساء حتى أربع، ويعتبرون ذلك نوعًا من الحيوانية والشهوانية المقززة والسعار الجنسي وغير ذلك من مصطلحات. لكنهم لا يتحدثون عن سعار الجنس الذي يجتاح الغرب حيث للرجل الواحد عشرات العشيقات وقد وصلت نسبة خيانة الرجال لنسائهن إلى أكثر من 70٪، بينما وصلت نسبة النساء اللائي يخنّ أزواجهن إلى 50٪. إنهم يجرّمون تعدد الزوجات ويبيحون تعدد العشيقات. إذا كان الزواج بامرأتين أو ثلاث أو أربع لظروف يبيحها الشرع يعتبر مرفوضًا، فماذا يقولون لزعماء وقادة ورؤساء اشتهرت عليهم الفضائح والعلاقات المشوهة، بل ماذا يقولون عن لاعب كرة السلة الذي اعتدى جنسيًا على 146 طفلة وقاصره ومعاقة، وماذا يقولون عن طبيب المنتخب الأمريكي للجمباز والذي اعتدى على 160 امرأة شهدت عليه منهن 117 امرأة في جلسة واحدة.
فإذا كانت الكنيسة تعيب وتجرم وتحرم تعدد الزوجات وتعدد أضراره، فماذا نقول إذاً عن تعدد العشيقات بل عن ضحايا الانتهاكات الجنسية عند أدعياء الرهبانية وفي عقر دارهم وفي الكنائس والأديرة حيث يعتدون على من يلجأ إليهم من النساء لزيادة الإيمان أو للتوبة والاعتراف، ولكن على ما يبدو وكما قال المثل “العيب من أهل العيب مش عيب”. إنهم ولعنصريتهم الحاقدة باتوا ينظرون إلى الإسلام أنه مصدر شرور الكون، أما هم فإنهم ملائكة هذه الأرض. إنهم يرون القشة في عين الإسلام ولا يرون الخشبة في أعينهم وأعين كبرائهم الدينيين والسياسيين.

# أبو الفضائح يقدم النصائح
كما كان مثيرًا خبر تلك المرأة الهندية التي ذكرت وكالات الأنباء أنها قد اقتحمت أحد المعابد الهندوسية عنوة وأدت فيه طقوسًا دينية. فالإثارة في الخبر وهو معلوم لأصحاب المعرفة أن الهندوس لا يسمحون ويحرّمون على النساء أن تدخل المعابد حيث هي حكر على الرجال، فأين هو حق المرأة الهندية في العبادة بغض النظر عن حقيقة هذه العبادة بالنسبة لفهمنا نحن المسلمين، وهل يختلف حال اليهود عن حال الهنود حيث الاختلاف الكبير بين طوائف اليهود في السماح للمرأة بالصلاة قرب حائط البراق المغتصب والذي يسمونه حائط المبكى وقد أقيمت مؤسسات وحركات نسوية للمطالبة بحق المرأة بالصلاة هناك، لا بل إن المرأة اليهودية عند بعض طوائفهم إذا جاءها الحيض فإنها تصبح نجسه. أين هذا من عظمة الإسلام ومكانة المرأة المسلمة ليس في المسجد الأقصى المبارك ورباطها فيه بل في الطواف حول الكعبة المشرفة والبيت الحرام أول بيت وضع للناس للذي ببكة، حتى أن كلنتون الرئيس الأمريكي السابق قد خاطب زعماء إسرائيل وقال لهم : “اسمحوا للنساء أن يزرن حائط المبكى معكم، فإن المسلمين يسمحون لها أن تطوف بالكعبة كالرجال”. لكأن كلنتون يقول لليهود أنتم المتحضرون لماذا لا تسمحون للمرأة كما يفعل المتخلفون الرجعيون.
يا كلينتون قبل أن تقدم النصائح فعليك بنصيحة نفسك وأنت بطل الفضائح مع مونيكا لوينسكي. يا كلينتون عليك أن تنصح الأمريكيين ألا يطردوا البنت من البيت إذا بلغت السن القانونية، وألا يرغموا المرأة على العمل لتنفق على نفسها وألا يرموا بها في ملجأ العجزة إذا تقدم بها السن، وألا يعطوها أجرًا أقل من أجرة الرجل مع أنها تعمل نفس العمل.
نعم لقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم الرجال بالإحسان إلى النساء قائلًا “رفقًا بالقوارير”. وإننا نطالب أدعياء حقوق المرأة أيًا كانوا أن يرفقوا بالنساء والتوقف عن استعمالهن واستغلالهن، والتوقف عن إثارة المرأة وشحنها حتى أنها وصلت إلى حد لا هي أصبحت مثل الرجل ولا هي بقيت امرأة.

إنني لا أوصى النساء بالرجال بالقول لهن “رفقًا يا قوارير” وإن كان هناك محل لهذا النصح ولكنني أوصي النساء بأنفسهن والرفق بحالهن والتوقف عن اللهث خلف كل ناعق والجري خلف كل بريق زائف، لأنه ليس كل ما يلمع ذهبًا كما يقال، فلا أعظم ولا أجمل ولا أعدل من قانون الله وفطرة الله التي فطر عليها الرجل والمرأة وجعلهما متكاملين وجعل بينهما مودة ورحمة {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيّم ولكن أكثر الناس لا يعلمون}. فرفقًا بالقوارير ورفقًا يا قوارير.

رحم الله قارئًا دعا لنفسه ولي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى