أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

“أنا هنا للدفاع عن ثوابت ومبادئ الدين”

توفيق محمد
“أنا لم آت هنا لأدافع عن نفسي، إنما لأدافع عن القيم والمبادئ الإسلامية التي تسعى النيابة الإسرائيلية لتجريمها” بهذه الكلمات يمكن تلخيص افادة الشيخ رائد صلاح في مرحلة استجواب الدفاع له أمام القاضي، ويمكن القول أن الشيخ رائد صلاح قد صاغ لائحة اتهام شديدة اللهجة، عديدة البنود، ومتينة الأدلة للنيابة الإسرائيلية وللحكومة الإسرائيلية وللدولة الإسرائيلية عموما.
استعرض الشيخ في إفادته كل المصطلحات الإسلامية التي أوردتها النيابة الإسرائيلية كتهم في لائحة الإتهام المقدمة ضده، وفندها واحدة واحدة بشكل سلس مبسط، وبهدوء عاصف لم يقطعه إلا بعض مرات عندما كانت تتدخل ممثلة النيابة في حديثه فكان ينهرها، ويصرخ في وجهها بقوله: ” 18 شهرا وأنا مسجون ظلما وبهتانا وممنوع من الحديث، الآن دوركم أن تستمعوا” ثم يعود لهدوئه يشرح، ويفصل فيما القاضي يستمع بدقة، مدركا أنه أمام قامة فذة تدافع عن قيم وعن مبادئ، وتبدع في الشرح والتوضيح والدفاع وتسجل في كتاب التاريخ، وتسجل في كتاب القضاء الإسرائيلي مواقف وحقائق وأدلة على المسعى الإسرائيلي الذي أراد أن يجرم مصطلحات مثل مصطلح الشهادة أو مثل مصطلح الرباط أو غيرها من المفاهيم الإسلامية التي تريد المؤسسة الإسرائيلية عموما سواء على مستوى الحكومة ومن يقف رأسها أو على مستويات أخرى مختلفة، تريد وتسعى لإخراجها من السياق العام ومن الإيمان التي لا ينتطح عليه مسلمان.
كان بإمكان الشيخ رائد صلاح لو أراد فعلا أن يعطي إجابات مريحة وسريعة ومباشرة وأن يقول أنا أنكر هذه التهم جملة وتفصيلا، أو أنا لم أقصد ذلك، أو أي عبارات أخرى مما يستعملها المحتجزون لدى الأجهزة الإسرائيلية المختلفة حتى لا يدينوا أنفسهم بسنوات سجن، وعادة ما يلجأ المعتقلون إلى التقليل من الكلام ومن الشرح والتفصيل سواء خلال مرحلة التحقيق أو خلال الإستجواب في المحكمة أمام القاضي وهو أسلوب صحيح ينصح به المحامون عادة حتى لا يقع المعتقل في أحابيل المحققين والمستجوبين في المحكمة أيضا، فيوقعون أنفسهم من حيث لا يشعرون بسبب تلك الحيل والألاعيب التحقيقية التي تسعى للإيقاع بهم وإثبات التهم عليهم حتى وان كانوا منها براء، لكننا في حالة الشيخ رائد نقف أمام قائد يعي ويدرك أن هناك مسعى إسرائيليا لتجريم قيم ومبادئ ومصطلحات إسلامية وإخراجها من المشهد العام في البلاد، وجعل من يذكرها، ولو مجرد ذكر، متهما ومدانا ومسجونا، وهو الذي يدرك أن هناك مسعى إسرائيليا لتجريم من يخدم المسجد الأقصى المبارك وهو يدرك كامل الإدراك أنه مسجد إسلامي خالص لا حق لغير المسلمين فيه، ونحن نقف أمام هذا الفهم العميق ارتأى الشيخ رائد أن لا يهرب باتجاه إجابات النفي القصيرة التي تريد النيابة اقتناصها من في الشيخ وتصطاد بذلك عصفورين بحجر واحد، وهي استبعاد القيم والمفاهيم التي تريد استبعادها من الحيز العام في البلاد، واستنساخ إسلام جديد بمقاسات إسرائيلية يستجيب للإرادة الإسرائيلية والسقف الإسرائيلي الذي تسعى إسرائيل لوضع أهل الداخل الفلسطيني دونه، وهذا ما منعه الشيخ منهم بإفادته الكاملة الشاملة المفصلة، وأما العصفور الثاني فهو إبعاد الشيخ رائد صلاح من المشهد السياسي والإعلامي والإجتماعي، لا أقول المحلي فقط، بل الإقليمي والدولي بما له من تأثير كبير في مسالة المسجد الأقصى المبارك وعموم قضايا شعبنا الفلسطيني وهذا العصفور لا يملك الشيخ إزاءه حيلة .
أعتقد أن إفادة الشيخ رائد صلاح ستكون موضع بحث للباحثين الحقوقيين والسياسيين، ولأهل العقيدة والدين في قادم الأيام بما تحمل من ثبات وتأصيل وفهم عميق شامل وكامل.

لماذا نعم الانتخابات؟
في 16.3.2019 يتجه أهالي مدينة يافا لانتخاب الهيئة الإسلامية للدورة الخامسة عشر وهي -أي مدينة- يافا تضرب بذلك مثالا رائعا وعمليا ومفيدا ودرسا لكل أهلنا في الداخل حول كيفية اختيار ممثليهم ومندوبيهم في قيادة الجماهير العربية.
في يافا تؤخذ القرارات هناك بالانتخاب والشورى، ولذلك فهي ناجحة ومفيدة وعملية.
قد يقول قائل إن الهيئة الإسلامية التي تنتخب هناك ليس لديها أدوات تنفيذية أو سلطة على الناس، وعلى تسيير الأمور في المدينة، وهذا قول صحيح إذ أنها ليست دولة تملك كل أسباب إنزال قراراتها إلى الواضع بقوة القانون والشرطة والأجهزة التنفيذية المختلفة ذات الصلاحيات والقوة التنفيذية، ولكن في يافا فإن مجمل النشاط الذي تعلن عنه الهيئة الإسلامية المنتخبة في يافا هو نشاط ناجح ومفيد ورائع وأمثلة ذلك كثيرة جدا منها يوم العمل التطوعي الذي أعلنته الهيئة بالشراكة مع لجنة المتابعة العليا قبل شهر من الآن، وكان يوما عمليا ومفيدا وناجحا بامتياز شارك به جمع غفير من أهالي المدينة، ومثال يوم الأذان الذي أعلنت عنه الهيئة قبل قرابة ثلاث سنين عندما سعى أعضاء كنيست يهود لمنع الاذان فأعلنت الهيئة عن مسابقة الأذان التي شاركت فيها عشرات الأصوات الندية الجميلة واختتمت بمهرجان حاشد وكبير كنت أحد حضوره في يافا للإعلان عن الفائزين حتى ضاقت القاعة بالحضور واضطر كثير منهم الى حضور المهرجان وقوفا وغيرها الكثير من النشاطات التي لا مجال لذكرها هنا، ولماذا ذلك؟ ببساطة متناهية أقول:
1- هي انجاز يريد أهالي يافا الحفاظ عليه وإدامة انتخابه ليمثل قضاياهم ولذلك هم حريصون عليه وعلى الإستجابة لقراراته
2- شعور أهالي يافا بالالتزام تجاه الهيئة التي ينتخبونها هم، وبالتالي هم من يملكون حق تغييرهم فيما لو قصروا بأداء واجباتهم، فيبقى الالتزام تجاه الجسم المُنتخَب قائما، على خلاف انتخابات الكنيست التي لا يشعر أهلنا بالالتزام تجاهها، ولا يملك عرب الكنيست -أعضاء الكنيست العرب- أدوات تنفيذية لتحقيق مطالب ناخبيهم، بل بالعكس هم واقعون تحت نفس الظلم الي يئن تحته ناخبوهم، وبالتالي هم رغم إرادتهم الجامحة لخدمة أهلهم وناخبيهم لكنهم لا يملكون ذلك لكون الكنيست مصممة لخدمة الشعب اليهودي ومصادرة الحقوق الفلسطينية أينما كانت، وتحت أي مسمى كان.
3- شعور أفراد الهيئة الإسلامية المنتخبين بالإلتزام تجاه ناخبيهم وتمثيل قضاياهم بأمانة وإخلاص
ولذلك فإن أهالي المدينة يشعرون أن لهم سقفا مؤتمنا على قضاياهم يعرفها تمام المعرفة، يعرف آمالهم وآلامهم ومطالبهم واحتياجاتهم ويقوم على تنفيذها وخدمة المدينة على الوجه الأفضل.
لذلك فإن من المناسب أن تكون انتخابات يافا مثالا لانتخاب الهيئات التمثيلية لأهل الداخل الفلسطيني كانتخاب لجنة المتابعة العليا التي ستكون ساعتئذ السقف الشرعي المنتخب من كل الجماهير الذي لا يقيده سقف آخر وهو الكنيست المصمم أصلا لهضم كل الحقوق التي يسعى سقف المتابعة لتحصيلها للمجتمع العربي عموما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى