أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

في ذكرى ثورة 25 يناير قريبًا سَيُحَصْحِصُ الحق في مصر

الشيخ كمال خطيب
في مثل هذا اليوم 25/يناير من العام 2011 كانت مصر على موعد هو حصاد لثورة الشعب المصري الباسلة، والتي انطلقت مطلع شهر كانون الثاني حيث لم ينته الشهر إلا بخلع حسني مبارك طاغية مصر الذي جثم على صدرها ثلاثين سنة بالتمام والكمال. وفي العام 2012 في انتخابات شارك فيها المصريون، فاز الرئيس محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين، وبعد عام أي في 2013 قامت قوى الشر العالمية والإقليمية بدعم الانقلاب الذي قام به عبد الفتاح السيسي واغتصب الحكم وقد زجّ بالرئيس الشرعي محمد مرسي في السجن، وما يزال هو وأغلب قيادات جماعة الإخوان المسلمين وناشطون وأطباء ومحامون وأكاديميون بلغ تعدادهم قريبًا من ستين ألف معتقل وفق مؤسسات حقوق الإنسان العالمية المعنية.
ليس فقط أنها قوى الشر أمريكا وإسرائيل وأوروبا، وإنما هي القوى الإقليمية السعودية والإمارات التي موّلت الانقلاب، وإنما هي القوى المحلية ممثلة بشيخ الأزهر وبابا الأقباط والأحزاب القومية الناصرية والعلمانية اليسارية التي دعمت السيسي نكاية بالمشروع الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين.
مضت ست سنوات عجاف على مصر منذ انقلاب 2013، زاد فيها القهر والظلم والفقر والقمع بل يوشك فيها السيسي أن يعلن نفسه فرعونًا جديدًا ولسان حاله يقول للمصريين كما قال فرعون الأول {أنا ربكم الأعلى} آية 24 سورة النازعات.{أوليس لي ملك مصر}. ومع انفضاض كثير من شركاء الانقلاب عن السيسي بعد إذ طالتهم يد القمع كما فعل بالصحفيين وبحزب النور، وكما يلاحق الآن شيخ الأزهر والتضييق عليه، وبعد إذ اعترف السيسي بلسانه أن الجيش الإسرائيلي يدخل إلى سيناء ويشارك وبإذن الجيش المصري بملاحقة من سماهم السيسي إرهابيي داعش، مع أن الحقيقة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتواجد في سيناء ليس لمحاربة داعش وإنما لقطع الطريق على تهريب السلاح عبر سيناء إلى غزة وحركة حماس.
مع أن أحدًا لم يتوقع اندلاع شرارة ثورات الربيع العربي والتي بدأت في تونس ثم في مصر، ولم يتوقع أحد السرعة التي خلع وأطيح فيها حسني مبارك، إلا أن ذلك حصل وكان، واليوم ومع ما وصلت إليه مصر من تردٍ في كافة نواحي الحياة، فإن هناك اجماعًا على أن مصر في طريقها إلى الثورة والانفجار من جديد، فليس السؤال هل سيكون هذا أم لا ولكن السؤال كيف ومتى؟!
إنها حتمية أن ينتصر الشعب المصري لثورة 25/يناير وحتمية أن يعيد الحق لنفسه باختيار رئيسه وحكومته، وحتمية محاسبة ومحاكمة من ظلموه وقهروه وجوّعوه وباعوا مصر بحفنة من الدولارات الدنسة دفعتها الإمارات وآل سعود.
نعم قريبًا بإذن الله سيحصحص الحق كما قالت امرأة فرعون مصر في الزمن الغابر وقد افترت على يوسف وتآمرت عليه، وأخذت على نفسها العهد أن تسجنه {قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا إلا أن يسجن أو عذاب أليم} آية 25 سورة يوسف. {ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين} آية 32 سورة يوسف. لكن جاء اليوم الذي اعترفت فيه بجرمها وعظيم ذنبها، وأن يوسف ما كان ينبغي له أن يسجن وأنه بريء من محاولة مراودتها عن نفسها {قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين} آية 51 سورة يوسف.
قريبًا سيحصحص الحق ويعترف ويقرّ ضباط وقادة الجيش المصري وشيخ الأزهر وجموع إعلاميي البلاط وبابا الأقباط والأحزاب القومية واليسارية أنهم كانوا شركاء في جريمة الانقلاب، وأنه ما كان لمرسي أن يسجن، وأنه لم يكن خائنًا ولا متواطئًا، ولم تكن جماعة الإخوان المسلمين إلا من أخيار وشرفاء مصر وأنها كانت عمود الثورة وركنها الأساس.
نعم قريبًا وبإذن الله سيحصحص الحق. وكما اعترف أخوة يوسف بظلمه والتآمر عليه وكيف أنهم باعوه بثمن بخس دراهم معدودة. فعندما يعود الشعب المصري لثورته وكنس السيسي وكل حثالاته، ويعود الإخوان المسلمين في مقدمة موكب أهل مصر، سيقول إخوانهم الذين تآمروا عليهم خاصة من مشايخ الأزهر ومن الاحزاب الدينية والقومية ممن كانوا شركاء الثورة، سيقولون ما قال أخوة يوسف ليوسف {تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين} آية 91 سورة يوسف. وسيقولون للرئيس محمد مرسي ما قاله أخوة يوسف لأبيهم يعقوب {قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين} آية 97 سورة يوسف.
قريبًا سيحصحص الحق ويعود الشرفاء والصادقون لقيادة مصر بإرادة أهلها كل أهل مصر. وسيقول العلماء والدعاة وكرام الناس من قادة الإخوان المسلمين وغيرهم من شرفاء مصر المسجونين والمطاردين والمهجّرين، سيقولون لإخوانهم وأبناء دعوتهم بل سيقولون لكل الناس كيف أنهم كانوا صادقين وواثقين لمّا كانوا يقولون لهم أن السيسي سيرحل وأن الظلم سيرفع وأن الفرج قريب، وأن مصر ستعود للأيادي المتوضأة بعد إذ دنسها اللصوص. نعم سيقولون ما قال يعقوب لأبنائه وقد عفا عنهم { ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون} آية 96 سورة يوسف. وما كان ليقول لأبنائه ألم أقل لكم {فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعًا} آية 83 سورة يوسف.
لقد قضى يوسف قريبًا من أربعين سنة بين عتمة الجب وعتمة وفتنة السجن، وابتلاء وفتنة امرأة العزيز، وابتلاء وفتنة الملك والجاه، ولكنه عاد بعدها واجتمع شمله مع أبيه واخوته وهو يقول {وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين أخوتي} آية 100 سورة يوسف.
نعم سيعود مرسي إن لم يكن بشخصه فإنه بشخص شريف وصادق وأصيل من شرفاء مصر، يقود مصر إلى برّ الأمان وشاطئ السلامة ويجلس على عرش مصر كما جلس يعقوب {ورفع أبويه على العرش} آية 100 سورة يوسف. بينما لن يكون السيسي وكل الأشرار والذين ساندوه إلا على أعواد المشانق وفي عتمة السجن جزاء وفاقًا لما اقترفت أيديهم بعد إذ يكون في مصر قد حصحص الحق.
## بين قميص يوسف وقميص عثمان وقميص مرسي
إنه قميص يوسف عليه السلام، قميص الطهر والنقاء والشرف والمروءة، القميص الذي تمزق وقُدّ من دبر رافضًا صاحبه أن يخون وأن يغدر ويطعن في عرض من أحسن مثواه {قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي، إنه لا يفلح الظالمون} آية 23 سورة يوسف. إنه القميص الذي واجه الإغراء وواجه التهديد، ورفض صاحبه أن يفك أزراره ويقع في الفاحشة مع من دعته إليها، فهرب يريد السلامة لدينه وشرفه {واستبقا الباب وقدّت قميصه من دبر} آية 24 سورة يوسف.
إنه نفس صاحب القميص الذي تآمر عليه إخوته حسدًا وكيدًا وقد ألقوه في غيابت الجبّ ثم رجعوا إلى أبيهم ومعهم قميصه ملطخًا بالدم بادعاء أن الذئب أكله { قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين وجاؤوا على قميصه بدم كذب} آية 17-18 سورة يوسف.
بل إنه نفس صاحب القميص الذي قال لإخوته بعد أن عرفهم وعرفوه {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يرتد بصيرًا وائتوني بأهلكم أجمعين} آية 93 سورة يوسف. نعم لقد شمّ يعقوب رائحة يوسف في قميصه حتى قبل أن يصل إليه أبناؤه ومعهم القميص الذي ما أن ألقاه على وجهه حتى ارتد بصيرًا.
فهكذا يفعل قميص المظلوم وقميص الطاهر العفيف وقميص الورع التقى، إنه القميص الذي أعاد كتابة التاريخ من جديد.
ومثل قميص يوسف فإنه قميص عثمان بن عفان رضي الله عنه، قميص عثمان المظلوم الذي قتل في بيته صابرًا محتسبًا بل وصائمًا ويقرأ القرآن. لقد سال الدم على قميصه وثوبه، سال دم الطهر والتقوى على القميص. فَضّل عثمان أن يكون مقتولًا على ألّا يكون قاتلًا، وفضّل عثمان بل أصرّ على عدم الرضوخ للغوغاء والانقلابيين من الذين حاصروا بيته وجوّعوه وعطّشوه قبل أن يقتلوه دون أن يستجيب لهم وهو يقول “لا أنزع قميصًا ألبسنيه الله” يقصد بذلك الخلافة والحكم.
إنه قميص عثمان الذي طالما أصبح مثلًا للدعوة لإحقاق الحق ومقارعة الباطل أيًا كانوا ممن يرفعون راية الباطل.
ومثل قميص يوسف قميص الطهر والعفة، ومثل قميص عثمان قميص الحق والاستقامة، فإنه قميص مرسي الرئيس المصري المنتخب الذي أفرزته ثورة 25/يناير/2011، وأطاح به انقلاب 13/7 /2013. إنه قميص محمد مرسي الذي وقف أمام الجماهير في ميدان التحرير يوم أقسم اليمين بعد فوزه وكشف عن قميصه بأنه لم يكن تحته درعًا واقيًا للرصاص لأنه كان واثقًا بأنه ابن الشعب وابن الثورة.
وإنه محمد مرسي الذي رفض وطلب من مؤيديه الانفضاض من حول القصر الجمهوري ليلة الانقلاب تمامًا مثلما طلب عثمان من أنصاره الانفضاض وعدم القتال، لكنه مرسي الذي رغم السجن والقهر والمرض منذ ست سنوات إلا أنه مازال ثابتًا شامخًا يرفض أن يقرّ بالشرعية للمنقلب السفاح عبد الفتاح السيسي بل ويصرّ على أنه هو الرئيس المصري الشرعي ويقول كما قال عثمان “لا أنزع قميصًا ألبسنيه الشعب”.
ها نحن في ذكرى ثورة 25/يناير وما تزال مصر يحكمها انقلابيون ما زادوها إلا ذلًا وهوانًا وفقرًا وظلمًا لأهلها، لكنها مصر الصابرة، مصر الشرفاء والأبطال، مصر التي تحدت التتار، مصر التي أسرت لويس التاسع في معركه المنصورة، مصر التي تمردت على حكم العبيديين الفاطميين في مصر. مصر التي أخرجت الظاهر بيبرس، مصر التي أخرجت حسن البنا وغيره من القادة الدينيين والوطنيين. مصر هذه ما كان لها أن تصمت طويلًا على الضيّم ولا بد لمصر أن تقول كلمتها ولا بد لمصر أن تنفض عنها خبثها.
قريبًا سيحصحص الحق، وقريبًا سيتجرع الإسرائيليون مرّ العلقم وهم يفتقدون صبيهم وخادمهم، السيسي الذي فعل لهم ما لم يفعله من قبل أحد، حتى أنهم اعتبروه هدية السماء لبني إسرائيل. نعم سيفتقدونه يوم ينهض الشعب المصري البطل وينفض عنه الغبار ويخلع قميص الذلّ والعار الذي أراد السيسي أن يلبسه إياه وليلبس قميص العزّ والمجد الذي يليق به.
وهذا ما قاله البروفيسور أفرايم عنبار رئيس مركز القدس للدراسات الاستراتيجية والأمنية وهو من أشهر مراكز الدراسات الإسرائيلية، حيث قدم البروفسور عنبار ورقة لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد الجنرال أفيف كوخافي يشرح فيها التحديات التي ستواجهه مثل إيران وحزب الله وحماس، لكن التهديد الأخطر وفق ورقته هو الوضع غير المستقر في مصر وإمكانية أن تتغير سياسة مصر نحو اسرائيل بسقوط السيسي وعودة الإخوان المسلمين للحكم.
وإذا كان الله سبحانه قد ختم سورة يوسف بقوله {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم كذبوا جاءهم نصرنا} آية 110 سورة يوسف. إنها ليست حالة اليأس إنما فوق اليأس بدرجات “استيأس”. إن اختتام سورة يوسف وأحداثها في مصر بالإشارة إلى أن بعد اليأس نصر وفرج وفتح مبين ونجاة من الظالمين، فإنها الطمأنينة لمصر اليوم وأهلها أن حال الظلم لن يدوم.
نعم إن هذا سيكون ولكنه سيتأخر إذا جعل الشاب المصري لقميصه عشرين زرًا يطول فتحها ويتأخر على قول لبيك عندما تناديه مصر وتناديه الثورة القادمة ويناديه الواجب. إنني على يقين أن أبطال مصر قد جعل الواحد منهم لقميصه زرًا واحدًا ليكون أسرع من البرق للانضمام إلى الجموع التي ستزحف وتطيح بالسيسي كما أطاحت بحسني مبارك، وإذا كان مبارك قد أودع السجن فإن السيسي سيكون مصيره السحل تحت الأقدام بإذن الله تعالى، ولسان حال المصريين يهتفون بصوت واحد {الآن حصحص الحق} آية 51 سورة يوسف. يسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبًا.
رحم الله قارئًا دعا لنفسه ولي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى