أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

السيسي الأكثر تعاونا مع اسرائيل والأكثر قمعا للشرفاء

توفيق محمد
في مقابلته الأولى والأخيرة لبرنامج 60 دقيقة اعترف عبد الفتاح السيسي ان التنسيق الأمني مع إسرائيل في عهده هو الأفضل والأكثر من أي وقت سابق وأن هناك تعاونا أمنيا وثيقا بين الدولتين (مصر وإسرائيل).
ومن نافلة القول أن ما بدأه العسكر المصري من الملاحقات السياسية لجماعة الإخوان المسلمين التي بدأت بمجزرة رابعة العدوية وما تزال مستمرة عبر الزج بعشرات آلاف المعتقلين في السجون المصرية لم يقف عند جماعة الإخوان المسلمين، بل إن الإعتقالات السياسية تجاوزت جماعة الإخوان، وتجاوزت كل الإسلاميين ووصلت الى الذخيرة التي كانت وقود الإنقلاب الدموي في الثالث من تموز (7) 2013 وهم علمانيو مصر على مختلف مشاربهم السياسية.
الانقلاب السيسي الدموي يظن أنه أجهز على جماعة الإخوان المسلمين في مصر ولذلك بات لا يستحيي ان يعلن زواجه الدنس مع إسرائيل ضد المصالح الفلسطينية والعربية، معتقدا ان أحرار مصر قد اندثروا الى الأبد وأنه بإمكانه ان يخرج مؤامرات الخفاء الى العلن الآن ناسيا ان من سبقه في قمع هذه الجماعة استعمل ذات الأساليب ولكنه لم يتمكن من القضاء على دين الله.
مصطلح “بلحة” كما يحلو للبعض أن يطلقه على عبد الفتاح السيسي في إشارة منهم الى جهله وعفويته وتسوله (مقولته :”معاهم فلوس زي الرز” عن أمراء وملوك الخليج) واندفاعه، مصطلح “بلحة” هذا لا أعتقد أنه يناسبه من حيث أنه لا يعلم ما يفعل، بل هو أدرى الناس بما يفعل، وهو يتعمد الفعل والهبل والعفوية والجهل علما أنها ليست من صفاته، فكيف لقائد جهاز المخابرات في دولة كمصر أن يكون كذلك، وكيف لوزير دفاع قاد انقلابا دمويا من أسوأ ما عرفت البشرية ثم ما يزال يقف على رأسه منذ نحو سبع سنين ان يكون كذلك، إنه في الحقيقة ليس كذلك، ولكنه يتعمد عن سبق إصرار وترصد تمييع منصب الرئيس وإلاستهانة به في أعين الشعب المصري، إنه يسعى الى قتل القدوات في ذهن المواطن البسيط وفي أذهان عموم الشعب المصري فبالإضافة الى الخيانة الجلية التي لم تكن خافية على أولي الألباب منذ ساعة الإنقلاب الأولى ثم تتويجها في لقائه مع برنامج 60 دقيقة يسعى السيسي الى إفراغ مؤسسة الرئاسة المصرية من كل الأخلاقيات والمثل والقيم والنخوة والحكمة والعقلانية عبر ظهوره المتكرر كـ “أهبل” ينتظر ان يصافح أوباما او لا يعرف ماذا عليه ان يعمل وفق البروتوكولات العالمية المعمول بها في اللقاءات الرسمية .
وأنا ألاحظ تصرفات “بلحة” تذكرت لقاء جمعني (محاضرة) مع أحد مستشاري الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي ضمن وفد إعلامي زار مصر في نيسان من العام 2012 قال خلاله المستشار إن النظام السابق أي نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك تعمد أن تكون الرشوة في المجتمع المصري أمرا طبيعيا يتعاطى بها كل المجتمع سواء كان المواطن العادي او الطبقة الوسطى من الأطباء والمهندسين والمعلمين والموظفين او حتى الطبقة الأولى وكان الهدف من ذلك أن يكون المجتمع كله متساويا في هذه المسألة وأن تصبح الرشوة الكبيرة التي يحصل عليها الرئيس والوزير والموظف الكبير عادية فـ “كلنا دافننو سوا” ولا اعتراض لأحد على أحد في هذه المسألة، فالعامل يرشي ويرتشي، والمعلم والطبيب والمهندس كذلك ، بل إنه قال أنه لا يمكن لمعاملة ان تنتهي دون أن تأخذ كل طبقة حظها من الرشوة.
هكذا يتم اغتيال القيم الوطنية والدينية والمجتمعية في دولة كمصر تعتبر كبرى الدول العربية وقائدة للأمة الإسلامية والعربية، ترتفع معها وتنخفض معها.
إن أعجب العجب هو من أولئك أبناء شعبنا الفلسطيني الذين يبدعون أيما إبداع في انتشال المصطلحات الوطنية من ذاكرة الوطن، ويُنَظِّرون علينا بالوطن والوطنية، لكنهم في ذات الوقت من أشد الداعمين للإنقلابيين، وعلى رأسهم السيسي في وطننا العربي الكبير، كيف بهم يوفقون بين دعمهم لمن يعترف جهارا بأنه من أكثر المنسقين والمتعاونين مع إسرائيل، وبين وطنيتهم وحرصهم على قضايانا الوطنية، وهؤلاء سوف يشبعونا الآن وطنية وحبا للوطن وتنظيرا على أبواب انتخابات الكنيست (ربما وفق أعراف البعض منهم أصبح الوطن والوطنية يتربع هناك على كرسي من كراسيها) ، أم ان العداء لجماعة الإخوان المسلمين يجعل أولئك يقبلون باي كان ولو كان خائنا مُعْلَنا ومُعْلِنا، ويبررون له أفعاله مهما كانت .
أيها السادة الوطن لا يقبل القسمة أليس كذلك، والوطن لا يقبل الخون أليس كذلك، فلذلك ليس مقبولا منكم أبدا دعم خائن تحت أي مبرر، ثم فإن ما يجب أن يفرقكم عن السيسي هو بالضرورة ما يجمعكم مع من قمعهم، فهم من ناصروا القضية الفلسطينية في وقت تخلى فيه عنها الجميع وهم من وقفوا مع شعب غزة يوم قصفتها آلة الحرب الإسرائيلية في العام 2012 فيما شارك السيسي بحصارها وتسهيل الحرب عليها في تموز / آب من العام 2014.
أيها السادة لئن كان مبرركم في موقفكم من دعم الانقلاب كراهيتكم لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ليس مبررا، فإن نظراءكم وأمثالكم ممن كانوا وقود هذا الانقلاب أصبحوا الآن من نزلاء السجون، فلتعلموا أن ما يجمعكم مع من قمعهم السيسي وانقلب عليهم هو الدين والعقيدة، فإن لم يعجبكم، فالعروبة والقومية، فإن لم يعجبكم فالوطن والوطنية، فإن لم يعجبكم فالإنسانية، وكل ذلك ليس لدى السيسي منه شيء، فان لم يعجبكم كل ذلك فلا أنتم يهمكم الوطن، ولا أنتم من الوطنيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى