أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

في ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم.. حبيبي أنت

الشيخ كمال خطيب

أيام قليلة تفصل بيننا وبين ذكرى مولد الرسول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم 12/ربيع الأول/1440 هجرية، 20 /11/ 2018 م والأمة الإسلامية على ما هي عليه من خيانة الزعماء وضلالة العلماء وتطاول السفهاء وتكالب الأعداء، فكانت هذه الزفرات والهمسات: سكنت الجوارح

والأعظما

سكنت الشعور

وما زال طيفك لي مُلهما

حبيبي أنت

رضعت مع اللبن المشتهى

حُبك الأكرما

حبيبي أنت عمري أنت

وكيف ينالون منك ولما يزل

وجهك الأكرما

ولمّا تزل أنت

ضو الجمال، رديف الكمال

وكنت خلال الزمان الفتى الأعظما، حبيبي أنت.

حبيبي أنت 

بهذه الكلمات وهذه الأبيات ناداك وناجاك ابن الحجاز استاذ الإعلام أحمد بن راشد بن سعّيد وهو الذي أصبح اليوم بعيدًا عنك، حرموه من زيارتك وحتى السلام عليك فهو اليوم مغضوب عليه ولاجئ في تركيا لأنه قال كلمة حق في وجه ملك ظالم، وولي عهد جائر. ولعلها نفس كلمات المناجاة بل الأمنية أن “إذا أنا متّ فادفنوني في البقيع قريبًا من حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم. لا تدفنوني في أمريكا ولا حتى في اسطنبول، بل أعيدوني إلى البلد الذي ولدت فيه، إلى طيبة الطيبة إلى مدينة الحبيب”. هكذا كانت أمنية جمال خاشقجي ابن مدينتك يا حبيب، الذي بخل عليه الظالمون بقبر ليس في البقيع ولا في الحجاز بل ولا حتى في اسطنبول. لقد قتلوه وقطّعوا جسده وأذابوه بالأحماض الكيماوية وألقوه في شبكات الصرف الصحي.

هكذا فعلوا بمن عملوا بوصيتك يا حبيب وقد قلت: “أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”، فلأنهم أحبوك فهكذا فعل بهم السلطان الجائر حبيبي أنت.

حبيبي أنت، لما تطاول عليك رسام الدنمارك، ولما جعلوا شخصك المبارك مادة للسخرية برسوم الكاريكاتير في صحف فرنسا وتل أبيب، فانتصرنا لك وغضبنا لانتهاك حرمتك والمساس بشخصك، بل كانت ردة فعل أحبابك أن جعلوا أكثر المواليد من أطفال المسلمين يحملون اسمك، ويا نعم الاسم حبًا ووفاء وطمعًا بشفاعتك.

يا أحمد الخير لي جاه بتسميتي     وكيف لا يتسامى بالرسول سَمِي

إن جلّ ذنبي عن الغفران لي أمل    في الله يجعلني في خير معتصم

غضبنا وانتصرنا لك لما تطاول عليك الكفار، فكيف يا حبيبي وقد كان أقذع منهم وأسلط لسانًا عليك بعض أعراب الجزيرة، بل بعض حثالات من يسمون بالليبراليين والعلمانيين في الحجاز هناك قريبًا منك، وقد قال قائلهم وبئس ما قال: “جاء الرسول ليصحح عقيدة إبراهيم الخليل، وجاء الزمان الذي نحتاج فيه لمن يصحح عقيدة محمد بن عبد الله”، بل وليتمادى ويتطاول على مقامك الشريف أحد مارقي الإمارات دولة الخمر والعهر عندما قال أخرس الله لسانه: “إذا كان قدوة الإرهابيين محمد بن عبد الله، فنحن قدوتنا محمد بن زايد”، حبيبي أنت.

حبيبي أنت، كم من الناس من حملوا اسمك ولا يليق بهم ذلك الاسم، لأنهم أساؤوا إليك بأفعالهم وأقوالهم. إنهم الذين جثموا على صدور أهلنا في الحجاز بل وفي مكة حيث مولدك، وفي المدينة حيث مثواك وتظاهروا بأنهم يحكمون على شريعتك وحريصون على سنتك، لكنهم أكثر الخلق عداءً لدينك ولكل من سار على دربك.

لقد أكرم الله من فضله تلك الديار بالخيرات والكنوز إكرامًا لك ولبيت الله الحرام ليكون مثابة للناس وأمنا، وإذا بأولئك المارقين من آل سعود قد استخدموا ذلك المال من أجل نزواتهم وشهواتهم، سرقوا ونهبوا أكثره، ولم ينفقوا على المسلمين إلا فتاته وكأنه مال أبيهم وجدهم.

اشترى محمد بن سلمان الذي سميّ باسمك لوحة الرسام الإيطالي دافينشي ب 450 مليون دولار، وهي تصور أخاك عيسى بن مريم بأنه صلب من أجل خلاص العالم، يكذّبون بهذا ما أنزل عليك يا حبيبي في قرآن ربك {وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبّه لهم} آية 57 سورة النساء.

كان الأجدر بهم لولا خستهم ودناءة أخلاقهم أن يشتروا الأناجيل الحقيقية المخبأة في كنائس ومتاحف أوروبا التي أخفاها الباباوات، والتي فيها ورد ذكرك واسمك يا صاحب أجمل رسم وأحلى اسم على لسان أخيك عيسى ابن مريم مبشرًا بك {وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين} آية 6 سورة الصف. حبيبي أنت.

حبيبي أنت، إنهم الذين تآمروا على إخوتهم المسلمين في تركيا، وإنهم الذين دعموا وموّلوا من انقلب على حافظ قرآنك الذي أنزل عليك، الرجل الصالح محمد مرسي، بل وقتل الأبرياء والعلماء والصالحين في رابعة. إنهم الذين خذلوا ثورة الشعب السوري المسلم ضد الطاغية بشار النصيري. إنهم الذين يحاصرون أشقائهم وأرحامهم في قطر، ويقتلون ويجوّعون جيرانهم وإخوانهم وأبناء عمومتهم في اليمن، وإنهم الذين تآمروا على فلسطين ودعموا حصار غزة، وأيدوا بقاء القدس عاصمة لليهود بناء على طلب ولي أمرهم ترامب. وها هم يتواصلون سرًا وعلنًا لإقامة علاقات مع إسرائيل التي تحتل أرض المسلمين، وتنتهك حرمة مسجدهم الأقصى. ولقد فعلوا أكثر من ذلك يوم تظاهروا بعدم علمهم ولا إذنهم، ولم يستطيعوا حماية مسجدك الشريف من يهودي مارق يدخل إلى مسجدك، وقريبًا قريبًا يا حبيبي من روضتك ومن قبرك الشريف، وهنالك يلهج بالعبرية متحديًا بل مستهزئًا ب 1700 مليون من أمتك. حبيبي أنت.

 حبيبي أنت: ها هي الوزيرة الإسرائيلية ميري ريغيف، وهي من أشد العنصريات وأكثرهن كرهًا لك ولدينك، وصل بها إلى حد أن تصف الأذان الذي أعلى الله به ذكرك بالقول “إنه نباح كلاب محمد” صلى الله عليك يا حبيبي.

ها هي الوزيرة الوقحة تفتح لها أبواب الإمارات، وهناك في أبو ظبي تتجول كأنها في تل أبيب، ليس فقط أنها أقامت صلاة السبت وأنها قامت بإنشاد النشيد الوطني الإسرائيلي، وإنما هي التي راحت تتجول في مسجد زايد واخذت تشرح وتقول إن هذا المسجد يعتبر المسجد الثالث في العالم الإسلامي أهمية وجمالًا، وأنه من منبره لا يدعى إلا إلى السلام والمحبة. لقد أفرح قولها المغفلين من مستقبليها وهم يدورون حولها كما يدور الحمار حول الرحى غير مدركين أن هذه الوقحة قد تجاهلت أن المسجد الثالث قدسية ومكانة في الإسلام هو مسجد القدس، المسجد الأقصى هو مسراك يا حبيبي، لا لشيء إلا لأنها لا تعترف أنه مسجدنا الأقصى وإنما هو بالنسبة لها أنه أقيم مكان هيكلهم المزعوم وأنه سيهدم ويبنى الهيكل الثالث مكانه. وإنها أخرس الله لسانها لما تشيد من منبر مسجد غلمانها وصبيانها وسفهائها في الإمارات مسجد زايد ترسل رسائل المحبة والسلام، فإنها تقصد أن باقي مساجد المسلمين تدعو للعنف والإرهاب والقتل والكراهية. إنهم يستقبلونها في إمارات العهر والخمر والمكر والعمالة، أبناء الإمارات من الخيّرين والصالحين في السجون والمنافي لأنهم يدعون لتحكيم كتاب الله الذي أنزل عليك وسنتك التي أتيت بها يا حبيبي، حبيبي أنت.

حبيبي أنت: وأنت الذي ناجاك ابن الهند المرحوم محمد اقبال لما قال: “إن قلب المسلم عامر بحب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو أصل شرفنا ومصدر فخرنا في هذا العالم. إن هذا السيد الذي داست أمته تاج كسرى كان ينام هو على الحصير، إنه الذي فتح أبواب الدنيا بمفتاح الدين، بأبي هو وأمي لم تلد مثله أمّ ولم تنجب مثله الإنسانية. جاءته بنت حاتم الطائي أسيرة مقيّدة سافرة الوجه، مطرقة رأسها فاستحى النبي صلى الله عليه وسلم وألقى عليها رداءه وقال أكرموها إكرامًا لأبيها.

لماذا لا أحبه ولا أحن إليه وأنا إنسان، وقد بكى لفراقه الجذع وحنّت إليه سارية المسجد. إن تربة المدينة أحبّ إلى من العالم كله، أنعِم بمدينة فيها الحبيب، حبيبي أنت.

حبيبي أنت: وأنت الذي اعتذر إليك ابن الهند اياه محمد إقبال عن ذلّ وهوان زعماء المسلمين منذ سنين، وقد قال لك في إحدى قصائده: “أنا بريء من أولئك الذين يحجّون إلى أوروبا ويشدون إليها الرحال مرة بعد مرة ولا يتصلون بك أبدًا في حياتهم ولا يعرفونك” فكيف يا حبيبي لو عرف محمد إقبال أن زعماء العرب والمسلمين أصبحوا اليوم لا يحجّون إلى أمريكا بل إن قبلتهم أصبحت إسرائيل بنت أمريكا المدلل.

إنه الشاعر الذي تخيل نفسه واقف على باب حجرتك الشريفة، وأنت تسأله عن الهدية التي حملها إليك، فاعتذر الشاعر عن هدايا الدنيا وقال لك: “إنها لا تليق بمقامك الكريم ولكنني جئت إليك بهدية هي زجاجة يتجلى فيها شرف أمتك، إنه دم شهداء طرابلس”. إنها هديته من دم شهداء طرابلس يوم احتلها الطليان، أما إنه لو كان اليوم حيًا لأهدى إليك يا حبيبي زجاجة يتجلى فيها شرف أمتك دم شهداء غزه وشهداء القدس وشهداء اليمن وشهداء سوريا وشهداء مسلمين الروهينغا وشهداء المسلمين الايغور في الصين، يعذبون ويقتلون فقط لأنهم يحبونك يا حبيبي.

حبيبي أنت: إن الناس إذا أحبّوا إنسانًا كتموا عيوبه ونشروا حسناته، فكيف ولماذا نقصّر نحن بل ولماذا لا نباهي الدنيا بفضائلك وشمائلك وخلالك، وأنت ليس لك عيوب يا حبيبي، بل وأنت الذي قلت {أدبني ربي فأحسن تأديبي}، وأنت الذي زكى الله عقلك فقال {ما ضل صاحبكم وما غوى}، وزكى الله لسانك لمّا قال {وما ينطق عن الهوى}، وزكى الله فؤادك فقال {ما كذب الفؤاد ما رأى}، وزكى الله شرعك فقال {إن هو إلا وحي يوحى}، وزكى الله بصرك فقال {ما زاغ البصر وما طغى}، وزكاك الله كلك فقال {وإنك لعلى خلق عظيم} حبيبي أنت.

حبيبي أنت: وأنت الذي ناجاك وتراقص قلمه وهو يكتب شمائلك، إنه المرحوم ابن حمص ابن سوريا مصطفى السباعي لمّا قال: “لئن شقّ موسى بحرًا من الماء فانحسر عن رمل وحصى، فأنت يا حبيبي قد شققت بحورًا من النفوس فانحسرت عن عظماء خالدين. ولئن ردّ الله ليوشع شمسًا غابت بعد لحظات، فقد ردّ الله بك يا حبيبي شمسّا لا تغيب مدى الحياة. ولئن أحيا عيسى الموتى ثم ماتوا، فأنت يا حبيبي قد أحييت أمة ولن تموت أبدًا”، حبيبي أنت.

حبيبي أنت

يا بارئ الكون في عز وتمكين    وكل أمر جرى بين الكاف والنون

يا من لطفت بحالي قبل تكويني    لا تجعل النار يوم الحشر تكويني

يا رب إن ذنوبي في الورى عظمت   وليس لي عمل في الحشر ينجيني

فلقد أتيتك بالتوحيد يصحبه   حب النبي وذاك القدر يكفيني

 في ذكرى مولدك: الصلاة عليك، السلام عليك، البيعة لك، شفيعي أنت، حبيبي أنت.

رحم الله قارئًا دعا لنفسه ولي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى