أخبار عاجلةعرب ودولي

مصادرة كتاب يرد على تصريح السيسي: “إحنا فقرا قوي”

ربما كان الطبيعي أن يحظى كتاب يحمل عنوان “هل مصر بلد فقير حقا؟” باهتمام المصريين شعبا وسلطة، خاصة أن البلاد تمر بظروف سياسية واقتصادية دقيقة، لكن ما حدث أن السلطات المصرية قامت بمصادرة الكتاب، بدل الاحتفاء به.

زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي هو من أثار الجدل حول فقْر مصر، عندما قال في خطاب شهير بداية العام الماضي إن مصر دولة فقيرة، وإن المصريين “فقرا قوي”، ويجب مصارحتهم بذلك. وهو ما بدا صادما للمصريين الذين اعتادوا على التغني بأن بلادهم أم الدنيا وصاحبة الثروات المتعددة.

وبين حيرة المصريين بين اعتقاد بعضهم بأن بلادهم من أغنى البلاد بثرواتها وسكانها، وبين اعتقاد آخرين بأن مصر باتت فقيرة حقا؛ كانت الحاجة ماسة فعلا لإجابة من خبير اقتصادي متمرس.

ويبدو أن الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الخالق فاروق مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية قرر تولي الأمر؛ فكتب مؤلفه “هل مصر بلد فقير حقاً؟” ودفع به إلى المطبعة ليرى النور، لكن المفاجأة أن الأمن صادر الكتاب، بل واعتقل إبراهيم الخطيب صاحب مطبعة دار السلام التي تتولى الطبع.

يقول الدكتور عبد الخالق فاروق إنه رغم حصوله على ترخيص للكتاب، وتسجيله بدار الكتب، وحصوله على رقم إيداع من دار الكتب، ووجود تعاون مثمر لخروج الكتاب للنور من قبل المسؤولين بالدار؛ فإنه حدث ما لم يكن بالحسبان، حيث هاجمت قوة أمنية المطبعة، لافتاً إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها مصادرة أحد كتبه.

وأوضح فاروق أن كتابه يتضمن العديد من المقترحات والحلول التي تقدم وصفة لإصلاح الاقتصاد المصري، عبر استغلال الموارد غير المستغلة والمهدورة أيضاً، مبدياً انزعاجه من تضييق الحريات في مصر بصورة تجعل كتابه لا يرى النور بعد الوقت والجهد الذي بذله في كتابته، مؤكدا أنه سيلجأ إلى طباعة الكتاب في بيروت حال تعذر طباعته في مصر بأي طريقة.

ويتضمن الكتاب 28 فصلاً، من أبرزها :”من يمول العاصمة الإدارية الجديدة؟”، و”هكذا كانت تدار ثرواتنا البترولية والغازية”، و”كم خسرنا من تعاقدات الغاز مع إسرائيل والأردن؟”، و”منجم السكرى ونموذج حالة للفساد ونهب الثروة الوطنية”، و”أجور وحوافز الوزير.. نموذج حالة لوزير”.

ويبدو الكتاب نوعا من التعليق والرد من المؤلف على تصريحات أدلى بها السيسي في أحد مؤتمرات الشباب العام الماضي، وقال فيها إن مصر دولة فقيرة ومواردها شحيحة.

والمثير أن قرار منع الكتاب يأتي بعد أيام قليلة من تصريح لرئيس اتحاد الناشرين العرب محمد رشاد، قال فيه لبرنامج “90 دقيقة” الأربعاء الماضي إنه “لا توجد رقابة مسبقة على طباعة الكتب في مصر”.

وحسب القانون المصري، فإن قرار منع نشر أي كتاب يصدر عن جهاز الرقابة على المطبوعات أو من مجلس الوزراء، الذي يمارس سلطته في المنع والحجب، وفق قانون المطبوعات الصادر منذ عام 1936.

ويرى أحمد عزت الخبير القانوني بمنظمة العفو الدولية ومدير الوحدة القانونية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير سابقاً؛ أن القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير سمة سائدة في المجتمع المصري لجأ لها المشرّع لتكريس التبعية، ومن أجل إحكام سيطرته على الآراء وحرية التعبير.

ولفت إلى أن ما يمنع نشر كتاب من الناحية القانونية هو مساسه بحقوق الأشخاص وسمعتهم، أو تناول ما يضر الأمن القومي والصحة العامة والآداب العامة، مضيفا أنه إذا تمت إجازة المطبوعة من قبل لجنة الإيداع القانوني، واستوفت شروط التسجيل والطباعة، فهذا يشير إلى أن الكتاب لا توجد به مشاكل ويمكن طباعته.

ويستدرك عزت قائلا “لكن تبقى إشكالية قانون الطوارئ المفروض بالمادة الثامنة في الإعلان الدستوري لعام 2013، والذي ينص على: “فرض الرقابة على المطبوعات والصحف ووسائل الإعلام لأغراض الأمن القومي”. موضحاً أن “كلمة الأمن القومي في القانون غير محددة بشكل دقيق، مما يفتح الباب أمام حجج رقابية تمس حرية تداول المعلومات”.

وشدد الخبير القانوني على ضرورة التزام الحكومة المصرية بالتزاماتها الدولية بشأن حرية التعبير والحرية، خاصة المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وإلغاء قانون المطبوعات رقم 20 لعام 1936 الذي يعطي مجلس الوزراء صلاحية الحق في منع تداول المطبوعات في الداخل والخارج بمادتيه التاسعة والعاشرة؛ مما يتداخل مع دور هيئة الرقابة على المطبوعات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى