“غياب التربية للقيم والهوية الوطنية سبّب العنف في المدارس”
أكد رئيس لجنة متابعة التعليم العربي، المربي شرف حسان، أن ظاهرة العنف في المدارس تتفاقم بشكل مقلق، على الرغم من عدم وجود معطيات تشير إلى ارتفاعها.
وقال حسان، في حديث معه، إن “العنف عامة والجريمة المنظمة في المجتمع العربي، في ارتفاع مستمر من عام إلى آخر، ومعها بالطبع يرتفع العنف في المؤسسات التعليمية، وتزداد شرعيتها (أعمال العنف)”، مؤكدا على أن العديد من حوادث العنف في المدارس لا تصل إلى الإعلام، ويتم احتواؤها في الأطر المحلية.
وحول إمكانية الحد من العنف ولو بشكل جزئي بواسطة منع الطلاب من حيازة السكاكين والأدوات الحادة وعبوات الغاز المسيل للدموع داخل المدارس؟ قال حسان: “الحلول يجب أن تكون على عدد من المستويات وهي لا تمارس بشكل صحيح، فالجريمة المنظمة هي من مسؤولية الشرطة وفقط الشرطة تستطيع مكافحتها، وكلنا يعرف أن الشرطة لا تقوم بدورها. الأمر الثاني هو الحاجة للتجند المجتمعي، فلا يعقل أن نقف عاجزين ونجلس ننتظر الحل من الشرطة ونحن على ثقة بأن الشرطة لن تنقذنا من هذا الوضع”.
وحول سبل التحرك في ظل عجز الشرطة وتقاعسها عن محاربة الجريمة، أضاف حسان: “صحيح، لا ينبغي أن نقف عاجزين وننتظر الجريمة القادمة، علينا أن نأخذ زمام المبادرة، وأن تتنظم لجان أولياء أمور الطلاب وتأخذ دورها في المدارس، وتتواجد يوميا بشكل منظم وفق برنامج عمل واضح، ما دامت سلطات حفظ الأمن والأمان لا تقوم بدورها”.
وتابع قائلا: “الرسالة بهذا القرار هي رسالة كبيرة جدا، ومفادها بأننا كمجتمع متضرر نأخذ زمام المبادرة ونقوم بما لا تقوم به الشرطة والدولة، وهذا أمر يجب أن نتبناه على مستوى البلدات العربية. يجن أن ننتظم في لجان شعبية ولجان لمنع العنف والتواجد في المدارس وأمام المدارس، ونعزز من التوعية لدى الطلاب لمنع مثل هذه الظواهر، مثل إدخال أسلحة وأدوات حادة إلى المدارس”.
وقال: “هنالك عدة لجان تعمل على بلورة موقف حول ماذا يجب أن نفعل، مثلا هنالك لجنة تحاول أن تبلور إستراتيجية للحد من العنف في المجتمع، وهذه اللجنة تلتئم من حين لآخر، وتعمل على بلورة إستراتيجية شاملة لمنع العنف، وتضم اللجنة عددا من الأخصائيين والباحثين والمهنيين والناشطين على مستويات أكاديمية، أضف إلى ذلك أننا في لجنة متابعة التعليم، بلورنا في الفترة الأخيرة، مشروعًا كاملًا لمحاربة العنف، ولكن نحن نسعى لتجنيد الأموال لهذا المشروع، والهدف منه هو تزويد طواقم التعليم بأدوات حول ماذا يجب أن نفعل للتقليل من العنف والتثقيف بشكل أكثر نجاعة لمواجهة العنف واستنهاض القدرات داخل مجتمعنا”.
وعن حجم دور الأهل من هذا التدهور الحاصل، من خلال عدم مراقبة سلوك الأبناء في الانكشاف على ألعاب العنف وأفلام ومسلسلات تلفزيونية تغذي سلوك العنف؟ قال رئيس لجنة متابعة التعليم العربي: “نعم، كما قلت، العنف في المدارس هو امتداد للعنف في المجتمع، وهذا العنف موجود داخل العائلة وفي الإعلام وفي الألعاب، كلها تعلم الطالب العنف وتدفعه إلى ممارستها. وهنالك نقطة يجب التركيز عليها، وهي أن الطالب يتعلم العنف من السياسيين أيضا، شاهد الحملات الانتخابية في السلطات المحلية وكم التحريض الهائل الموجود في هذه الحملات وما تحمله من عنف فكري وجسدي ينعكس على الشارع وكم هي الأمثلة كثيرة. التعصب العائلي والتعصب للمرشحين كل ذلك يولد عنفا لدى الطلاب. لذلك أنا أدعو إلى مراقبة ومراجعة ذاتية صعبة وقاسية، لأننا جميعا نتحمل هذه المسؤولية. العنف لا يأتي من فراغ بل هنالك الكثير من مسببات العنف تحيط بمجتمعنا ومن الواضح أن الظروف الاقتصادية أيضا تلعب دورا والضغوط السياسية وسياسات التمييز التي تنعكس على التخطيط والبناء والضغط الذي يرزح تحته مجتمعنا العربي، هذا عامل يجب ألا نتناساه. لكن من جهة أخرى، العنف للأسف موجود في كل المستويات، ما يمثل للأولاد ‘شرعية‘ لأعمالهم العنيفة”.
وأضاف: “أما بالنسبة للعنف كسلوك فردي أو جماعي، اعتقد أن مواجهته يجب أن تكون في التربية على القيم، الانتماء والهوية الوطنية وحالة الاغتراب الموجودة في المدارس التي تشجع على حالات العنف. لا يمكن أن تقوم المدرسة بمواجهة العنف للطلاب دون أن تعزز قيم الانتماء والهوية الوطنية في المجتمع، للأسف الشديد فإن مناهج التعليم تتجاهل هويتنا، وتتجاهل حاجتنا في التربية على القيم، وبالتالي هي تعمق ظاهرة الاغتراب بين المدرسة والمجتمع، وتضعف دور المدرسة في التربية التي يمكن أن تساهم في لجم العنف”.