أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

عملية خاشقجي: ملامح «انقلاب» أمريكي على محمد بن سلمان؟

بعد تأخر صدور تصريحات من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول قضية اختفاء الصحافي السعودي البارز جمال خاشقجي، أو صدور أقوال لا طعم لها، حصل تطوّر ملحوظ، تمثّل بداية بإعلان البيت الأبيض حصول تواصل هاتفي بين مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنر مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وشارك في الاتصال مستشار ترامب للأمن القومي جون بولتون، وتبع ذلك اتصال من وزير خارجيته مايك بومبيو ببن سلمان.

الاتصال الأول، حسب بعض المصادر، قام به محمد بن سلمان، وهو ما يشير إلى محاولة ولي العهد السعودي الاستعانة بـ«صداقته المميزة» بصهر ترامب في مواجهة الضغوط المتزايدة على الرياض، كما يشير دخول بولتون على خط الاتصال ثم اتصال بومبيو محاولة لإبعاد كوشنر عن هذه العلاقة التي أصبحت «مشبوهة» مع زعيم دولة ارتكب خطيئة كبرى، لا يمكن، بالحسابات الأمريكية، توريط إدارة ترامب فيها، فلدى تلك الإدارة ورئيسها ما يكفيها من ملفّات «سامّة» سياسية ومالية وشخصية، ولا يمكنها إضافة ملفّ خاشقجي عليها.

ربطت تحليلات كثيرة الاجتماعات المكثّفة التي قام بها كوشنر مع بن سلمان و«العلاقة الخاصة» بينهما بما حصل في السعودية من اعتقالات لأمراء كبار ورجال أعمال وناشطين وسياسيين، وكذلك بمحاصرة قطر و«صفقة القرن»، والواضح أن الأمير السعودي الشابّ قد اعتبر تلك العلاقة «الخاصة» بمثابة ترخيص واسع بالتصرّف ليس داخل السعودية فحسب بل خارجها أيضاً فاستغلّها إلى أقصى حدود ممكنة، والأغلب أن عملية خاشقجي تأتي ضمن تصوّر الأمير لتلك «الرخصة الواسعة» التي مُنحها، ولعلّ فكرة حصول العمليّة في تركيا، التي لديها خلافات وازنة مع واشنطن والرياض، قد استهوت السلطات الأمنية السعودية ولعلها اعتبرت أنها تضرب عصفورين بحجر واحد: تتخلّص من صحافيّ ذي تأثير كبير في الرأي العام العالمي والعربي، وتستغل الخصومات السياسية الأمريكية والسعودية مع تركيا لاحتواء رد فعل أنقرة على العملية.

هذه الحسابات الخاطئة جدا دفعت السلطات السعودية، على ما يظهر، إلى ارتكاب ما يشبه جريمة علنيّة كبرى مليئة بالفضائح والفظائع الأمنية والسياسية التي لا يمكن لأي سياسي أو إعلامي عاقل ألا يستهجن وقوعها من دولة يدّعي وليّ عهدها أنه يقود مسيرة للتحديث والإصلاح في بلاده.

يضاف إلى ذلك، ونتيجة الوزن الإعلامي والسياسي الكبير لخاشقجي، داخل السعودية وخارجها، فقد كان ردّ الفعل العالمي كبيرا جداً بشكل يمنع تماماً أيّ إمكانيّة لتغطية ثنائي ترامب ـ كوشنر لعملية بهذا الحجم، رغم أن الرئيس الأمريكي وبعض مسؤوليه ما زالوا يتحدثون عن ضرورة استمرار تزويد الرياض بالسلاح لمجابهة إيران في اليمن.

وضع الرئيس الأمريكي تصريحاً فاصلاً في موضوع خاشقجي قال فيه إن الصحافي الشهير «لم يخرج من القنصلية السعودية»، وهو أمر يحمّل الرياض مسؤولية اختفائه ويطالبها، من دون لبس، بتقديم تفسير للأمر.

أثناء ذلك تعمل الآلة السياسية الأمريكية، ممثلة بغرفتي الكونغرس، على زيادة الضغط على الإدارة الأمريكية، وبالتالي على السعودية ووليّ عهدها، وكان لافتاً في هذا الاتجاه تصريح حادّ للسيناتور الجمهوري، والمرشح الرئاسي السابق، ماركو روبيو، والذي يقول إن ثبوت عملية الخطف والتصفية سيؤدي إلى «تمرّد» على «الحلفاء السعوديين» يتجاوز العقوبات، كما وجّه مشرّعون أمريكيون من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ رسالة لترامب يطالبونه بفتح تحقيق في اختفاء خاشقجي بموجب «قانون ماغنيتسكي» يسمح بفرض عقوبات على أي مسؤول أجنبيّ يعتبر مسؤولا عن انتهاكات حقوقية خطيرة.

لم تعد «العلاقة الخاصة» لكوشنر (وترامب بالتالي) مع بن سلمان باتجاهين: تغطية قمع داخليّ مقابل صفقات سلاح وضغط على الفلسطينيين لتمرير «صفقة القرن» وفتح حنفيات النفط لتعويض عقوبات إيران الخ…، فقد اشتطّ رجال بن سلمان اشتطاطا غير قابل للتغطية بالمقاييس السياسية والإعلامية الأمريكية وارتكبوا خطيئة كبرى.

السؤال الآن: بماذا يفكّر بن سلمان للخروج من هذه الورطة الكبرى التي أوقع بلاده فيها؟

(القدس العربي)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى