أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

في حب الدين كلنا سواء

توفيق محمد

قد يظن بعض الجهال أن مسألة تكفير المسلم مسألة هينة، يمكن أن يخوض فيها الواحد منا متى شاء وكيفما شاء، وبالسهولة التي يريد. والحقيقة أن هذه المسألة من أخطر الكبائر التي يمكن أن يقدم عليها الفرد دون أن يدري -فيما لو تجرأ عليها -وقد يقع هو نفسه بما رمى به أخاه. فهي (أي مسألة التكفير) تعني الحكم على إنسان معيّن بالنار، وعلى ذلك فإنها تجرّؤ على الله سبحانه تعالى، ولا تجوز إلا على من ثبت كفرُه بالقول والفعل الصريح والفاضح – أي إعلان واعتراف المعني بأنه كافر-لذلك فإن منهجنا في هذا الباب واضح بيّنٌ لا لبس فيه ولا غبار عليه، ولا يمكن تفسيره على أكثر من وجه؛ وهو أننا لا نكفر مسلما أبدا، حتى وإن بلغت ذنوبه ما بلغت. وهذه المسألة محسومة تماما. لذلك دعونا نتفق عليها أولا.

ثم إنني أعتقد أن من يتولى قضية الرد على ما يُنشر يجب عليه بداية أن يقرأ المادة التي يريد الرد عليها قراءة متأنية فاحصة، حتى لا يقع-بعد إذ يكون السهم قد خرج من القوس-بعذر الاعتراف أنه لم يقرأ المقال المعني، ففي هذه المسألة لا تكفي “الثقافات الفيسبوكية” المجتزأة والقصيرة والسطحية.

ثالثا: أعود وأقول إن أية أمة أو أي شعب يستهين بالعلماء الذين بين ظهرانيه، فإنما يطلق على قدميه الرصاص، لأن من فقد الدين في حياته سيفقد العزة والكرامة والنصر وكل شيء. وما واقعنا الذي نحيا إلا بالذي يتكلم بذلك، ولذلك فإن احترام العلماء وأهل العلم عموما مطلوب، فكيف إن كان العلماء من أهل العلم الشرعي الأتقياء الأصفياء الثقات، الذين يشهد لهم المجتمع كله بالاستقامة والإصلاح والتقوى، والذين نأخذ عنهم ديننا الذي هو عصمة أمرنا؟ فإن احترامهم جزء من احترام الدين. وقد جاء في الأثر الكثير من الروايات التي تحث على احترام العلماء منها: أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رَكِبَ يَوْمًا، فَأَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرِكَابِهِ، فَقَالَ: تَنَحَّ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: “هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِعُلَمَائِنَا وَكُبَرَائِنَا، فَقَالَ زيدٌ: “أَرِنِي يَدَكَ ” فَأَخْرَجَ يَدَهُ فَقَبَّلَهَا، فَقَالَ: “هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”. وزيد كان بمنزلة العلماء، وكذلك ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين. عليه فإن احترام علمائنا هو احترام لديننا. وأعود وأؤكد أننا جميعا نحب الدين ونغار عليه وندافع عنه بكل غال وثمين، لا أستثني من ذلك أحدا أيا كان. أما من أراد أن يستثني نفسه فهذا شأنه ولا نملك له من أمره شيئا.

رابعا: أعتقد أن علينا جميعا أن نحذر ممن يحاولون أن يهاجموا أجزاء دون أجزاء من الدين، أو أن يهاجموا المفتين الثقات لينالوا من العلماء ومن الفتاوى، وبالتالي لينالوا من الدين. فهؤلاء إما يفعلون ذلك دون قصد منهم، وظنا أن الأمر مطروح للنقاش وأنه بمجرد الإبحار في مواقع الانترنت وتقليب الفتاوى في القضية ذاتها يمكنهم أن يناقشوا أهل العلم، وليس الأمر كذلك لأن للفتيا أصولا وضوابط لا يعلمها إلا أهلها؛ أهل العلم، أما من يترصد ويتقصد ويهمز ويلمز، فهو إما أن يكون مدفوعا من جهات مشبوهة، وإما أن يكون بذاته مشبوها. وأعتقد أننا جميعا لسنا كذلك إلا من اعتبر نفسه كذلك، فهذا شأنه.

قانون القومية، وهدم البيوت والاعتداء على حناء عروس

يوم الخميس قبل الماضي أقرّ قانون القومية بشكله النهائي. وهو قانون عنصري بامتياز، يُعلي شأن اليهودية واليهود في هذا الوطن وفي هذه البلاد على من هم سواهم، ويُعلي شأن العبرية على العربية، وبنوده ومفرداته العنصرية كثيرة قرأها الجميع ولست أرى داعيا إلى تكرارها.

وفي الفترة الأخيرة شهدنا عمليات هدم مكثفة للبيوت العربية كما حدث في عارة – عرعرة وأم الفحم وقلنسوة واللد وسخنين، وكما يحدث في النقب، حيث أن معدل هدم البيوت في النقب سجّل هدم بيت كل أربع ساعات، والحجة الحاضرة دائما هي البناء غير المرخص، وبتنا نرى هذا التكثيف الذي أصبح مصيبة كبيرة تقع على مجتمعنا كله وعلى أهل البيت المهدوم، خاصة الذين بلحظة واحدة أصبح بيتهم وحلم حياتهم ومستقبلهم وجنى أعمارهم تحت أسنان الجرافات المتوحشة ركاما، ينظر إليه أصحابه ونساؤهم وأطفالهم الذين باتوا يجلسون على ركام وكومة من الحجارة كانت قبل لحظات من الآن هي غرفة نوم هذا الصغير الذي يبحث عن دميته ودفاتره وأقلامه بين هذا الركام، وهي غرفة الضيافة لهؤلاء الناس الذين ينظرون إلى هذه الأكوام، وهي غرفة الطعام وهي وهي وهي الحياة الكاملة والمستقبل كله لعائلة أضحت بلا مأوى وبلا كل ذلك….

وفي الأسبوع الماضي وبشكل غير مسبوق اقتحمت الشرطة الإسرائيلية وقواتها الخاصة في مدينة اللد حفل حناء عروس واعتدت على النساء بالضرب والسحل وغير ذلك، وكل ذلك بإيعاز من بلدية اللد التي ترى أن احتفال هذه العائلة في ساحة بيتها ممنوع يتوجب قمعه.

هذه الأحداث، مضافة إلى العشرات من القوانين العنصرية المفصلة على المقاس الفلسطيني والمنتجة في الكنيست أضحت اعتداءات غير اعتيادية على حياتنا وحاضرنا ومستقبلنا، وأصبحت تهدد وجودنا وحاضرنا ومستقبلنا بشكل مباشر ولصيق، ولذلك يقتضي الأمر منا جميعا قرارات غير اعتيادية مقابلة لتلك القرارات. وأعتقد أن أول تلك القرارات التي يجب اتخاذها هو اٌقدام على خطوة جريئة جدا، عبر إصدار قرار عن هيئات شعبنا المنتخبة والممثلة جميعها؛ سواء على مستوى اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية أو على مستوى أعضاء الكنيست العرب بتقديم استقالات جماعية، والإعلان أن جماهيرنا العربية لن تشارك بالانتخابات القادمة؛ سواء للسلطات المحلية أو للكنيست حتى يرفع شبح الهدم الذي بات يهدم حاضرنا ومستقبلنا وحياتنا جميعها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى