أخبار رئيسيةالضفة وغزةشؤون إسرائيليةومضات

يبتلع الماء والغذاء بالضفة.. مخاوف فلسطينية من جدار إسرائيلي جديد

في خضم التصعيد الإسرائيلي بالضفة الغربية المحتلة، تتصاعد مخاوف الفلسطينيين من مخطط قال إعلام عبري إن تل أبيب تعتزم تنفيذه، عبر إقامة جدار فصل جديد في الأغوار الشمالية شمال شرقي الضفة، بهدف عزل تجمعات الفلسطينيين عن الأراضي الزراعية.

ويرى الفلسطينيون أن الجدار الإسرائيلي المحتمل سوف يعزلهم عن أراضيهم الزراعية، تحت ذرائع تل أبيب بالحفاظ على أمن البلاد.

وجدار الفصل العنصري القائم حاليا أنشأته تل أبيب تحت ذرائع أمنية للفصل بين الضفة الغربية وإسرائيل، وبدأت تشييده عام 2002، فيما اتخذت محكمة العدل الدولية في 2004 قرارا استشاريا يقضي بإدانته وتجريمه.

وطالب القرار إسرائيل بإزالة الجدار من الأراضي الفلسطينية المحتلة وتعويض المتضررين، كما دعت محكمة العدل الدول الأخرى لعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار.

ووفق صحيفة “هآرتس” العبرية فإن الجيش الإسرائيلي يخطط لإقامة جدار فصل جديد في عمق الأغوار الشمالية، يُعرف باسم “الخيط القرمزي”، بطول نحو 22 كيلومترًا وعرض 50 مترًا، على غرار جدار الفصل في الضفة الغربية، بهدف عزل التجمعات الفلسطينية عن الأراضي الزراعية ومناطق الرعي.

ويتضمن المشروع هدم منشآت تقع على مساره تشمل منازل وحظائر وبيوتًا بلاستيكية ومخازن، إضافة إلى شبكات مياه وآبار وأراضٍ زراعية.

وتشير الصحيفة إلى أن المشروع جزء من خطة أكبر لإقامة جدار يمتد على طول الأغوار لعزل الأهالي، رغم عدم تقديم مخطط كامل للمسار حتى اليوم.

وبحسب وثيقة عسكرية إسرائيلية صادرة في أغسطس/ آب الماضي، سيضم الجدار طريقًا عسكريًا وسواتر ترابية وقنوات، إضافة إلى “منطقة أمان” بعرض 20 مترًا على الجانبين، بزعم حماية المستوطنين ومنع تهريب السلاح، وتصنيف المنشآت الفلسطينية القريبة كـ”نقاط ضعف” يجب إزالتها.

وهذه الوثيقة صدرت عن قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، آفي بلوط، ونشرها إعلام عبري منه صحيفة هآرتس.

الأرض مثل العرض
يقف المزارع الفلسطيني خير الله بني عودة على حافة السهل في قرية عطوف بالأغوار الشمالية، متكئًا على عصاه، يراقب أرضه الممتدة أمامه وسط مخاوف من المخطط الإسرائيلي، ويقول بنبرة قلقة إن “هذا الطريق لن يكون مجرد شارع، بل بداية لجدار سيعزل الأهالي عن أراضيهم”.

ويضيف بني عودة: “أسكن هنا منذ 2017، وهذه أرضي، أملك نحو 80 دونمًا، وعائلتي 27 شخصًا، وكلنا نعيش من خيرات هذه الأرض”.

وعن تبعات المخطط الإسرائيلي يوضح أنه “إذا أقاموا الجدار، فإن نصف السهل سيكون محجوزًا، وأنا سأصبح في خارج الجدار”، متسائلا بحزن عميق: “أين أذهب؟ هل هناك كوكب ثان أذهب إليه؟”.

ومتحدثا عن تعلقه بالأرض، يصفها المزارع الفلسطيني بأنها “مثل العرض، حيث ربانا جدي وأبي على حبها، وإذا أنشأ الاحتلال الإسرائيلي الجدار فهذا يعني إبعادنا عن أرضنا.. هذا ضم صريح”.

وتساءل: “كيف سنصل إلى أهلنا أو إلى مزارعنا؟ هذا ليس مشروعًا أمنيًا، بل توسع، لأنهم يريدون الأرض بلا سكان”.

الأرض امتداد لتاريخنا
وعلى بعد مئات الأمتار، يقف جمال بني عودة يراقب السهل ذاته، ويقول إن ما يجري “ليس طريقًا عسكريًا كما يروّج الجيش الإسرائيلي، بل خط أولي لعملية ضم صامتة تتمدد في الأغوار عبر مسارين: الأوامر العسكرية، والبؤر الاستيطانية الرعوية”.

ويضيف المزارع الفلسطيني: “أمامنا مستوطن لديه أغنام، وقد سيّج أكثر من 10 آلاف دونم من أراضي المنطقة، وكل يوم هناك ممارسات عنصرية إسرائيلية واعتداءات”.

ومعبرا عن تعلقه بالأرض يتابع: “هذه أراضينا، امتداد لحياتنا وتاريخنا، وإذا نجح هذا المخطط ستكون النتائج كارثية تتمثل في خسارة أراضٍ، وبطالة، وتدمير أرزاق مئات العائلات الفلسطينية”.

ويقدّر المزارعون في عطوف وحدها وجود أكثر من 30 ألف دونم مهددة بفعل المشروع الإسرائيلي، بينما يشيرون إلى أن المخطط يشمل نحو 190 ألف دونم في عموم الأغوار الشمالية، وهي مناطق زراعية بالكامل.

موقف رسمي
رسميا، يقول معتز بشارات مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس، إن “الكشف القانوني أوضح أن الطريق ليس عسكريًا كما أعلن الجيش الإسرائيلي، بل مسار لجدار يفصل الأغوار الشمالية عن الضفة الغربية”.

ويوضح بشارات أن الجدار “يمتد من عين شبلي، حيث يقام موقع عسكري جديد سيصبح معبرًا دائمًا، مرورًا بسهل البقيعة وأراضي طمون وطوباس حتى شرق تياسير، بطول 22 كيلومترًا، وبعرض يتجاوز ألف متر”.

كما يحذر من أن “الأخطر يتمثل في الفصل الكامل، حيث يوجد شرق الطريق أكثر من 190 ألف دونم ستصبح معزولة عن محيطها، فضلا عن أن آلاف الدونمات المزروعة بالخضروات وأشجار الزيتون والموز، وخطوط المياه كلها مهددة بالإزالة”.

بشارات يصف ما يجري بأنه “يتجاوز مصادرة الأرض إلى تهديد الوجود نفسه”، موضحًا أن “22 تجمعًا سكانيًا يضم نحو 600 عائلة باتوا في مهب الريح، مع إخطارات طالت منازل فلسطينيين وحظائر أغنام”.

وفيما يتعلق بتبعات المخطط الإسرائيلي، يقول بشارات إنه “يعني إنهاء الوجود الفلسطيني، والقضاء على سلة الغذاء الفلسطينية”.

وعن أهمية الأغوار، يقول المسؤول الفلسطيني إنها “تضم الحوض المائي الشرقي، ثاني أكبر مصادر المياه في الضفة الغربية، وبالتالي فإن الاحتلال بقراره هذا، يستحوذ على المياه بالكامل، إذ لم يتبق شيء للفلسطينيين”.

وعلى الصعيد الشخصي، يمتلك بشارات نحو 200 دونم يزرع بعضها زيتونًا وعنبًا وخضروات، ويقول إن تنفيذ الجدار “سيمنع عائلته من الوصول إليها تمامًا”.

ويتابع: “هذا مشروع استيطاني توسعي لسرقة أخصب منطقة زراعية في فلسطين، والتي تعدّ سلة غذاء الضفة الغربية”.

ويختم حديثه بالقول: “لا يمكن أن تكون هناك دولة فلسطينية بلا الأغوار، واليوم تُترك الدولة الفلسطينية بلا حدود، بلا مياه، بلا سلة غذاء، وما يجري حرب على الوجود الفلسطيني، وصمت العالم غير معقول”.

ويأتي المخطط الإسرائيلي في وقت تشهد فيه الضفة الغربية تصعيدا غير مسبوق في هجمات الجيش والمستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم ومصادر أرزاقهم، خلال عامي الإبادة الجماعية التي بدأتها تل أبيب في غزة في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وأدى التصعيد الإسرائيلي في الضفة إلى استشهاد ما لا يقل عن 1093 فلسطينيا، وإصابة قرابة 11 ألفا، إلى جانب اعتقال ما يفوق 21 ألفا، وفق معطيات رسمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى