محمود عباس.. القافز عن القانون وبازار التعيينات حسب القياس “الأمريسرائيلي”

الإعلامي أحمد حازم
ليس نتنياهو فقط صاحب ملفات فساد ويريد البقاء في الحكم بأي ثمن، حتى ولو كان الثمن حياة أبناء جلدته الأسرى لدى حماس. فالمهم عنده هو المنصب.
يوجد نماذج فلسطينية من هذا النوع ومن بينها، حسين الشيخ “المعيّن” حديثًا نائبًا لرئيس سلطة رام الله “يعني بعدو بورقتو”. وهذا يعني انه -وللأسف- الرئيس القادم للسلطة بعد الغياب الأبدي لعباس.
اسمعوا ما يقوله ربحي حلوم، (السفير السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية في عدة دول، وعضو المجلس الثوري لحركة فتح سابقًا، والذي استقال من مناصبه كافة في منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح احتجاجًا على موقف القيادة الفلسطينية من المشاركة في مؤتمر مدريد للسلام): “إن رئيس السلطة محمود عباس يمتلك ما لا يقل عن سبعة ملفات جرمية بحق حسين الشيخ، يستطيع استخدامها ضده في حال خروجه عن التبعية المطلقة له في كل صغيرة وكبيرة”.
ما شاء الله على هذا التاريخ المخزي. تصورا أن “مجرمًا” سيحمل مستقبلًا صفة رئيس.
حتى أنَّ عضوا في المجلس المركزي الفلسطيني أكد لي أن اتفاق شرف تمّ بين عباس والشيخ أن لا يتعرض لأولاده مستقبلًا في ممارساتهم و”يبقى على العهد”. لكنه لم يقل لي عن أي عهد يتحدث عباس؟ هل العهد بالوفاء فلسطينيا أم إسرائيليا؟
على كل، لا حاجة للتفسير لأنّ “المكتوب يقرأ من عنوانه” وعنوان حسين الشيخ السياسي بمنتهى الوضوح، لا سيّما وانه قام في مطلع أكتوبر الماضي، بزيارة لافتة للعاصمة الأميركية واشنطن، بدعوة من إدارة الرئيس السابق جو بايدن، والتقى آنذاك أركان الإدارة الأميركية، وأجرى اجتماعات مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ويليام بيرنز. وهل يوجد بعد أهم من هذا العنوان السياسي؟
“أبو مازن” لم يقدم فقط على رفع مرتبة حسين الشيخ الى الدرجة الأولى في السلطة ليصبح فيما بعد صاحب الكلمة الفصل فيها، بل أقدم أيضا على خطوة أخرى. فقد أوعز الى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير باختيار عزام الأحمد أمينا لسر اللجنة التنفيذية خلفًا لحسين الشيخ.
وتمت مسرحية الاختيار حسب أوامر عباس ليخرج الينا الاعلام الرسمي الفلسطيني بالقول (الكاذب طبعا) إنَّ اللجنة التنفيذية بكافة أعضائها يعني بإجماع تام اختاروا عزام الأحمد. وهنا أتذكر أغنية الفنانة اللبنانية الراحلة صباح والتي تتضمن كلماتها “مرحبتين مرحبتين وين الدبيكة وين.. وين الياس وين حسين” وأنا أجري تعديلًا عليها لتصبح “مرحبتين.. مرحبتين، هون عزام وهون حسين.. هون السحيجة هون”.
ولو نظرنا إلى قرار تعيين الشيخ في منصبه الجديد من ناحية قانونية لوجدناه غير شرعي، لأنّ هذا التعيين ليس من صلاحيات محمود عباس، وإنما المجلس الوطني الفلسطيني فقط (وأركز على كلمة فقط) هو صاحب قرار التعيين، وهو أيضًا يملك قرار التعيينات في كل مناصب منظمة التحرير، ولذلك فإنّ قرار “أبو مازن” غير شرعي ويخالف النظام الداخلي الفلسطيني.
حتى أنَّ بقاء عباس في منصبه هو غير شرعي. يتصرف على مزاجه ويصدر قرارات غير شرعية وبذلك فهو ينتهك القوانين الفلسطينية ويتصرف كدكتاتور.
نقطة مهمة أخرى، وهي أن عباس وبالتنسيق مع حليفه “الأمريسرائيلي” في تسمية حسين الشيخ، قد قطعوا الطريق أمام مروان البرغوثي (القابع في السجون الإسرائيلية) لترشيح نفسه لمنصب الرئاسة، والذي تقول الاستطلاعات انه من المؤكد سيفوز في انتخابات الرئاسة الفلسطينية لو جرت حسب القانون. لكن عباس و(الحليف طبعا) يرفضون الانتخابات.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإن مجلة “فورين بوليسي” نشرت تقريرًا موسّعا عن الشيخ في شهر يوليو (تموز) عام 2023، قالت فيه: “إن حسين الشيخ هو الهامس في أذن عباس وهو نقطة الاتصال في الحالات الحرجة وأن الأمريكيين لطالما لجأوا إلى الشيخ لإقناع عباس بالتراجع عن بعض الخطوات وأن علاقات الشيخ الوثيقة مع عباس، واستعداده لإبداء المرونة (؟!)، لطالما جعلت منه الشخصَ المُفضّل”.
المجلة الأمريكية ذهبت الى أبعد من ذلك في حديثها عن الشيخ، إذ قالت “إن الشيخ يعتبر شريكًا براغماتيًا يتمتع بقدرة خارقة على إيجاد أرضية مشتركة مع الإسرائيليين”. ليس هذا فقط. فقد نقلت المجلة عن مسؤول أمني إسرائيلي كبير متقاعد طلب عدم ذكر اسمه بسبب دوره المستمر في المخابرات الإسرائيلية قوله عن الشيخ “إنه رجلنا في رام الله”. مبروك عليكو.