“أنا لبلدي”… قرية مصمص تتألق في “يوم الأعمال التطوعية” بمشاركة فعالياتها الشعبية والسياسية والجمعيات الفاعلة
طه اغبارية
في يوم حافل بالأعمال والفعاليات المختلفة، قدّمت قرية “مصمص” في المثلث الشمالي، أمس السبت، نموذجا رائدا في التطوع والانتماء، من خلال “يوم الأعمال التطوعية” بعنوان “أنا لبلدي” والذي بادرت إليه جمعية “رم” التطوعية الثقافية، وشاركت فيه كافة القوى والفعاليات الشعبية والسياسية في البلدة إلى جانب الجمعيات الأهلية الفاعلة.
وتحولت مصمص، السبت، إلى ورشة عمل ضخمة، في حاراتها الشرقية والغربية، وسبق هذا اليوم جلسات تحضيرية لكافة القوى والفعاليات دعت إليها جمعية “رم”، تم خلالها تحديد محطات العمل والمشاريع التي ستنفذ وتوزيع المتطوعين عليها.
وشمل “يوم الأعمال التطوعية”: أعمال تنظيف وصيانة وتشجير في مقبرة البلدة، وأعمال تنظيف وطلاء في محيط وداخل النفق الذي يربط شرقي مصمص بغربيها، وزراعة ورود وتشجير في مناطق متفرقة من البلدة، وتنظيف الملعب والشارع وزارعة ورود في منطقة الحارة الشرقية، وبدء العمل في بناء “براد مياه” من الشايش في الملعب بالحارة الشرقية، ورسومات على العديد من الجدران في البلدة، ورش وتبييض حيطان في مناطق مختلفة، وترميم وسد الحفر في شوارع البلدة، وتنظيف مساجد البلدة الأربعة، وتجميع ملابس مستعملة وتغليفها وترتبيها، والتبرع بالدم، وتوزيع عشرات الوجبات على المرضى الفلسطينيين في مستشفى “هداسا عين كارم” في القدس المحتلة.
وشارك في هذا اليوم الحافل المئات من الأهالي، من مختلف المكونات العائلية والسياسية وطلاب المدارس.
بركة يزور البلدة ويحيّي المشاركين
وبهذه المناسبة قام رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، السيد محمد بركة، وعضو الكنيست د. يوسف جبارين ومدير جمعية “مساواة” السيد جعفر فرح بزيارة قرية مصمص والمشاركة في جانب من هذا اليوم، وثمنّوا هذه المبادرات التطوعية المباركة، مؤكدين على ضرورة وأهمية تعميم هذا المشروع الخلاق الى مختلف بلداتنا في الوسط العربي.
وقال محمد بركة معقبا على هذا النشاط: ما اروع ان تبدأ يومك هكذا، قرية مصمص تعطي نموذجا رائعا في الالفة والتعاون وتعميم الثقافة والتطوع لتنفيذ مشاريع تجميل وترميم وبناء وتعبيد مرافق القرية، ترى هنا في هذا الصباح رجالا ونساءً وأطفالا، ترى هنا اشخاصا من انتماءات سياسية واجتماعية متعددة يجتمعون مع جمعية “رم” على قلب واحد لخدمة القرية وإعلاء شأنها، نموذج مصمص جدير بالاقتداء وجدير بالتعميم، كل الاحترام وكل المحبة وكل الاعتزاز”.
وقال النائب يوسف جبارين معقبا: “تحية التقدير لأهلنا في مصمص، كان لي شرف المشاركة في هذا اليوم، تميّز المشروع بكونه جماعيًا وجامعًا، وشمل الهيئات السياسية ( كل الاحزاب في البلدة)، والاجتماعية (اللجنة الشعبية وناشطون اجتماعيون)، والثقافية (الجمعيات الأهلية)، والتربوية (المدارس ولجان اولياء الامور)، والدينية (ائمة الجوامع)، بهذا المفهوم، فان مبادرة اهالينا في مصمص تشكل نموذجًا رائعًا للمبادرات الأهلية الخلّاقة، التي تعزّز روح الانتماء والتكافل الاجتماعي، وتدفع ببلداتنا الى الامام رغم سياسات التمييز القومي، تحية لأهالينا بمصمص، وتحية لكل المبادرين والعاملين على المشروع، نشدّ على اياديهم”.
الروح الجماعية وتعزيز الانتماء
وتقدمت اللجنة المبادرة لليوم التطوعي، بشكرها وتقديرها لجميع المشاركين والمتطوعين، رجالاً ونساءً، ولكل المتبرعين لهذا المشروع الخلاّق الذي تتجلى من خلاله روح العطاء والانتماء، والتلاحم الاجتماعيّ ومنظومة التطوع بكافة اشكاله.
يشار الى أن لجنة المبادرة لـ ” يوم مصمص ” للأعمال التطوعيّة تلتئم للعام الثاني على التوالي بدعوة من جمعية “رم” التطوعية الثقافية، وتضّم مختلف الاطر السياسية والجمعيات الاهلية والمؤسسات التعليمية وائمة المساجد وشخصيات اجتماعية في البلدة .
وقال المربي عمرو يوسف اغبارية، مركز الأعمال في هذا اليوم، لـ “موطني 48”: “نصبو من خلال هذا المشروع العملي والخلاق الى تعزيز ثقافة الامل والعمل في مواجهة ثقافة الاحباط والكسل، هذا ما ورثناه عن آبائنا وأجدادنا في مصمص، وهذا ما نريد توريثه لأبنائنا من خلال استحداث يوم مصمص للأعمال التطوعية – انا لبلدي كتقليد سنوي جامع لأهل البلدة بجميع اطيافها بأذن الله، فإحدى مقومات المشروع تستند الى كونه جماعيا وجامعا بحيث تنضوي تحت راية الهيئة المبادرة لكافة المحطات المتنوعة في هذا اليوم، جميع الهيئات والمؤسسات الفاعلة في البلدة: السياسية، والدينية، والاجتماعية ( اللجنة الشعبية وناشطين اجتماعيين)، والثقافية ( الجمعيات في البلدة)، والتربوية ( المدارس ولجان اولياء الامور)، والرياضية ( هبوعيل أبناء مصمص)”.
وختم اغبارية: “تحية فخر واعتزاز نوجهها لجميع أبناء قريتنا الذين سطروا، مرة اخرى ، بتكاتفهم حول هذا المشروع وبدعمهم المادي والمعنوي اسمى معاني الاخاء، التعاون، والوفاء والانتماء لمصمص الصغيرة الكبيرة باهلها وابنائها”.
وفي حديث لـ “موطني 48” مع الشيخ ابراهيم مفيد، قال إن “أهمية مثل هذا النشاط تكمن في التعاضد بين أهالي البلدة من أجل خدمة القرية والتعبير عن حقيقة الانتماء إليها عبر خدمتها، إلى جانب تذويت حب العطاء والتطوع لدى الناشئة”.
وقال السيد مجدي حلمي، أحد المتطوعين في هذا اليوم لـ “موطني 48”: “لا شك أن رؤية الأهالي بكل مكوناتهم يعملون على قلب رجل واحد، أمر يثلج القلب ويعزز التضامن المحلي ومن خلال هذه نحقق الكثير من الأهداف، في مقدمتها بث روح التسامح والأخوة بين الناس وفي هذا قيمة تربوية مهمة لمحاربة آفة العنف في مجتمعنا العربي”.
وأكد السيد توفيق أحمد محاجنة، لـ “موطني 48″، أن تواجد المئات من أبناء البلدة في عدة محطات عمل في يوم واحد، هو إنجاز كبير يرجع الفضل فيه بعد الله إلى روح المحبة التي تميز قرية مصمص والتي عرفت دائما وعلى مدار عقود، بنشاطات تطوعية نهضت في البلدة في كافة المجالات.
وأعرب السيد مشير ناجي عن سعادته بما شاهده من في هذا اليوم الحافل، وقال لـ “موطني 48”: “كان يوما مشهودا ومباركا، تضافرت فيه كافة الجهود من أجل التعبير عن حب البلد والأرض، بارك الله بكافة المشاركين وإلى الأمام”.
ويرى السيد محمد جلال أن التشبيك بين كافة الاجيال والمكونات داخل البلدة في يوم عمل، فيه الكثير من المعاني الكبيرة، ويجب أن يشكل نموذجا لكافة البلدات العربية.
وقال الفنان فؤاد محمد اغبارية، وأشرف على مجموعات الرسم خلال اليوم التطوعي: “كان مجمل النشاط التطوعي في هذا اليوم، هو اللوحة الفنية الخالدة، التي رسمتها الجهود المباركة التي تضافرت خلال الأعمال، كل الشكر لأهل بلدي على انجاح هذه الفعالية الرائدة، ونسأل الله ان تتواصل مثل هذه النشاطات، لما فيها من خير وتعاضد وألفة واجواء رائعة”.
وشكر السيد نبيل محمد شرقاوي، القائمين على هذا اليوم، وأكد أن مصمص كانت دائما سباقة في المبادرات الخيرية، ولفت إلى ضرورة اعتماد هذا النموذج في العمل والتعاضد في المجتمع العربي.
وقال السيد ابراهيم فريد اغبارية: “هذه هي مصمص الخير، دائما تتطلع إلى الأفضل لأهلها ومجتمعها، وتطلق المبادرات الرائدة في كافة المجالات، بارك الله بالقائمين على هذا اليوم وجعله في ميزان حسناتهم”.
وقال السيد جاد الله اغبارية لـ “موطني 48”: “شكّلت بلدنا مصمص في هذا اليوم نموذجا طيبا حيث التقى الرجال والأطفال والنساء والفنانين والفنانات، وعملوا معا على انجاح هذا النشاط، اشتغلنا وتحدثنا وضحكنا وارتشفنا القهوة، وخدمنا بلدنا لنردد قول شاعرنا راشد حسين: قرية صلبت على صدر المثلث دورها…. لا يستحي ان ينتمي لحقولها عصفورها”.
وقالت السيدة ريما علي، وقد عملت إلى جانب عشرات النساء والفتيات في تنظيف مساجد البلدة: “كل واحد منا ينشغل في حياته الخاصة وفي غمرة ذلك لا يعطي جهده للأمور العامة، ولقاء الجميع في مثل هذا اليوم شيء رائع لما فيه من ألفة ومحبة وعطاء”.
واعتبرت السيدة أحلام اغبارية، عضو جمعية “رم”، ما شهدته البلدة من تكاتف وأعمال تطوعية في هذا اليوم، دليل على قيمة الانجاز الجماعي المخطط جيدا، وشكرت بدورها كافة الاجسام المتفاعلة والمتشابكة في هذا اليوم.
إلى ذلك أعرب العديد من المشاركين في “يوم الأعمال التطوعية” في قرية مصمص، عن سعادتهم لمثل هذه المبادرة التي ترسم، كما قالوا، لوحة خالدة من العمل الوحدوي وتؤكد أن الخير موجود في مجتمعنا العربي رغم ما يعانيه من آفة العنف، كما أكدوا أن رسالة العمل في هذا اليوم تؤدي دورها كذلك في مواجهة مخططات تفتيت المجتمع العربي من قبل المؤسسة الإسرائيلية.