أخبار وتقاريرمقالاتومضات

حول حظر لجنة إفشاء السلام

توفيق محمد

في أعقاب مقتل الطبيب عبد الله قاسم عوض، ابن قرية المزرعة، كتب الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ يوم الإثنين الماضي، على مواقع التواصل الاجتماعي ما يلي: “مقتل الدكتور عبد الله قاسم عوض، طبيب في أحد صناديق المرضى، مساء اليوم، أمر صادم للغاية، ويجب أن يشعل ضوءا أحمر ساطعا على خطورة قضية الجريمة التي يعاني منها المجتمع العربي. هذا أمر طارئ وإنذار آخر للحكومة ولجميع سلطات تطبيق القانون والمجتمع المدني – للتحرك بكل الأدوات بحزم وإصرار دون خوف ضد هذا الوباء الذي أدى الى مقتل عشرة (!) مواطنين إسرائيليين في اليوم الأخير فقط. هذا ليس قدرا. هذه يد بشرية يجب أن تقطع. يجب إعادة الأمن الأمان الشخصي ومنع انتشار هذا الوباء الأليم في جميع أنحاء البلاد”. إلى هنا الاقتباس.

قبل ذلك بستة أيام فقط، كانت قوات غفيرة من الشرطة وحرس الحدود والمخابرات، وممثلون لمؤسسات حكومية مختلفة كمسجل الجمعيات والضريبة وغير ذلك، قد اقتحمت مدينة أم الفحم بقوة عددها 1500 شرطي تقريبا، ومن ضمن ما اقتحمت هذه القوات كان مكتب لجنة افشاء السلام، مصحوبة بأمر من وزير الأمن بحظر هذه اللجنة وحظر مؤسسة السلم الاجتماعي للإصلاح والتحكيم التي يوجد بينها وبين لجنة إفشاء السلام المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا اتفاق عمل مشترك، وتعاون في الأهداف المشتركة بحجة أنها ذراع للحركة الإسلامية المحظورة، واقتادت الشيخ رائد صلاح رئيس اللجنة حتى ما قبل حظرها إلى مركز الشرطة في عارة، واستدعت كاتب هذه السطور، سكرتير اللجنة حتى ما قبل حظرها، والعشرات من النشطاء والأعضاء فيها حتى ما قبل حظرها الى مراكز الشرطة المختلفة في العديد من البلدان للتحقيق معهم وإعلامهم، أن هذه اللجنة باتت لجنة محظورة وأنها في عداد التنظيمات الإرهابية.

1. لست أدري إن كان الرئيس هرستوغ عندما كتب: “هذا أمر طارئ وإنذار آخر للحكومة ولجميع سلطات تطبيق القانون والمجتمع المدني – للتحرك بكل الأدوات بحزم وإصرار دون خوف ضد هذا الوباء الذي أدى الى مقتل عشرة (!) مواطنين إسرائيليين في اليوم الأخير فقط”، مطلعا على نشاط لجنة إفشاء السلام التي وتحت رعايتها ورعاية لجان الصلح قد عالجت في العام الماضي فقط 1610 قضية في 22 بلدة فقط، وهذا يعني أنها عالجت هذا العدد من المشاكل التي كانت مرشحة أن تطور إلى اتجاهات مؤلمة، فجاء وزير الأمن وبجرة قلم وضع حدا لعمل لجان إفشاء السلام بحجة مكذوبة وغير صحيحة بتاتا.

2. لست أدري إن كان الرئيس هرستوغ عندما كتب “والمجتمع المدني” يعلم أن لجنة إفشاء السلام هي لجنة تابعة للجنة المتابعة العليا ولا علاقة لها بأي جسم سياسي كان، وأنها عملت في الساحة بجد ومثابرة منذ ثلاث سنوات أي قبل ان يقول: “هذا أمر طارئ وإنذار آخر للحكومة ولجميع سلطات تطبيق القانون والمجتمع المدني – للتحرك بكل الأدوات بحزم وإصرار دون خوف ضد هذا الوباء الذي أدى الى مقتل عشرة (!) مواطنين إسرائيليين في اليوم الأخير فقط”.

3. هل يعلم أنها تضم بين صفوفها وفي لجنتها الإدارية أعضاء من الأهل المسيحيين والدروز وأن بعض رؤساء اللجان المحلية هم من الأهل المسيحيين والدروز، فهل يمكن أن يكون الأهل المسيحيون والدروز أعضاء في الحركة الإسلامية!!! كما يدعي وزير الأمن.

4. هل يعلم أن عمل هذه اللجنة منحصر فقط في مكافحة العنف والجريمة وفض النزاعات والخلافات وإحياء قيم التسامح والمحبة والحوار والأخلاق الحميدة بين الناس من أجل إنقاذ مجتمعنا من آفة العنف، بينما الحركة الإسلامية المحظورة التي يدّعي وزير الأمن وأذرعه المختلفة انتماء اللجنة لها كانت تعمل في عشرات المشاريع والمحاور والأنشطة والمجالات التي هي خارج اهتمامات لجنة إفشاء السلام أصلا، فكيف اذا ستكون بديلا عنها، خاصة وان في صلب عمل الحركة الإسلامية هو دعوة الناس الى ما تؤمن به الحركة الإسلامية من مبادئ دينية معتمدة أصلا على الشريعة الإسلامية، وما يتفرع عنها من فهم للسياسة والحياة، بينما يقتصر عمل لجنة إفشاء على مكافحة العنف والجريمة، وفض الخلافات بين الناس وإفشاء السلام بينهم، ولذلك تتكون لجانها من كافة مكونات المجتمع السياسية والدينية، وبالتالي قد يكون في إداراتها المحلية والقطرية من هم من ذوي الانتماءات السياسية المختلفة وقد كان، وقد يكون في إداراتها المحلية والقطرية من ذوي الانتماءات الدينية المختلفة وقد كان.

5. هل يعلم الرئيس هرتسوغ أن اللجنة كانت هي الأنشط في كل بلداننا، وقد أصبحت العنوان والملاذ لكل أبناء شعبنا لحل مشاكلهم، وكانت تستطيع فعلا أن تفعل الكثير لعظيم الثقة التي أعطاها إياها أبناء شعبنا على مختلف تياراتهم وانتماءاتهم الدينية والسياسية والمجتمعية، وأن رئيسها هو الشخصية الوحيدة التي تحظى بالإجماع تقريبا بين كل أبناء المجتمع، وأنه كرس كل وقته وهو على رأس هذه اللجنة لهدف واحد ووحيد، وهو الإصلاح بين الناس وإفشاء السلام بينهم، وأنه لا يملك وقتا لأي نشاط خارج هذه الدائرة، فهو منشغل صباح مساء في الإصلاح بين الناس فقط.

منذ يوم الثلاثاء الماضي يوم حظر لجنة إفشاء السلام شاركت في العديد من المناسبات الاجتماعية كبيوت العزاء وغير ذلك، وتلقيت كثيرا من الاتصالات الهاتفية، وكان حديث الناس خلال كل ذلك واحدا ووحيدا ملخصه: هل
وصل الجنون الى هذا الحد؟ وهل تسعى الحكومة الإسرائيلية الى إغراق مجتمعنا في بحر من المشاكل والدماء، ولذلك قامت بحظر لجنة إفشاء السلام التي يعتبرها أهلنا الدرع الوحيد صاحب الجدية والمهنية والعمل الميداني في مكافحة العنف والجريمة، وأنها الجهة الوحيدة التي كان بإمكانها أن تصل إلى هدنة مجتمعية تحقن دماء العشرات من أبناء شعبنا لولا هذا الحظر الظالم.

وحول ردود فعل أبناء مجتمعنا عموما أنقل ما كتبته الناشطة نيفين أبو رحمون واعتبره يعبر عن مواقف كل شعبنا إزاء هذه الحظر الظالم فقد كتبت ما يلي:

في سياق الحديث عن حظر “لجان إفشاء السّلام”:

1. تأتي هذه الخطوة تباعًا لحظر الحركة الإسلاميّة الشّماليّة وحينها بدأ فصل جديد من الملاحقة السّياسيّة للمؤسّسات والتنظيمات السّياسيّة.

2. يبدو هذا القرار سياسيّ وفيه مساع للنّيل من الشّيخ رائد صلاح وما أنتجه بفعل تشكيل هذه اللّجان التي سعت إلى الإصلاح الاجتماعي بالأساس.

3. هذه اللّجنة منبثقة من لجنة المتابعة وفي هذا أيضًا مسٌّ صارخ في لجنة المتابعة مؤسّسة وقيادة.

4. حظر نشاط لجان إفشاء السّلام تحت ذريعة أمن الدولة يعتبر بمثابة ملاحقة، ولكن في سياقها يمكن قراءه هذا القرار أنّه شرعنة مطلقة لتفاقم الجريمة المنظّمة بمعنى أنّ هذا القرار فعليًّا يخدم أجندة الفعل الاجرامي.

5. هذا الحظر في سياق الملاحقة جزء من سياسة الملاحقة الفعلية التي اتّبعتها اسرائيل بعد السّابع من اكتوبر ضمن معادلة تكميم الأفواه.

6. يبدو أنّ القادم من الأيّام على مستوى الدّاخل الفلسطيني سيكون صعبًا في مسار تجريم الفعل والنّشاط السّياسي.

7. تسعى إسرائيل فعليًّا إلى ترسيم ملامح المجتمع الفلسطيني في الداخل عبر هندسة الوعي والاهتمام الفعلي والارتباط الدائم مع مؤسّسات الدّولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى