معركة الثوابت (23)…. الثوابت في بعدها الانتمائي
الشيخ رائد صلاح
انتصارا لثوابتنا الاسلامية العروبية الفلسطينية، ومتابعة لما كتبته في الحلقات السابقة ، وبعد أن إستوفيت الكتابة عن كل أبعاد الثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية ما عدا( البعد الإنتمائي) ، فها أنذا في هذه المقالة أكتب عن ( البعد الإنتمائي) وأقول: عندما يتمسك كل حر عاقل منا بكل الثوابت التي تحدثت عنها في المقالات السابقة التي جاءت كلها تحت عنوان (معركة الثوابت) فإن هذا الحر العاقل يجد نفسه ينتمي إلى هذه المركبات الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية، ويجد أن هذه المركبات الثلاثة تحدد له ماهية إنتمائه في الماضي والحاضر والمستقبل، وتحدد له أبعاد هويته الثلاثة على صعيد الأمة وعلى الصعيد القومي والوطني، وتحدد له ماهية التاريخ الذي ينتمي إليه وتحدد له ماهية الحضارة التي ينتمي إليها ، وتحدد له ماهية الرسالة التي يحملها في داخله والتي من شأنها أن تنقذ البشرية من نكد العيش الذي تغرق فيه الآن ، وأن تنقلها من الظلمات الى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا الى سعة الدنيا والآخرة ،ومما هي عليه الآن من ظلم وجور الى القسط العالمي والعدل العالمي المنشود، وهكذا يمكن لكل حر عاقل فينا أن يعرف نفسه كما يجب أن يعرفها في وضع متكامل لا ثغرات فيه، فهو صاحب الإنتماء الى هذه المركبات الثلاثة الإسلامية العروبية الفلسطينية التي تحدد له الإطار القومي الذي ينتمي إليه، ألا وهو الإطار العروبي، وتحدد له الإطار الوطني الذي ينتمي اليه ، ألا وهو الإطار الفلسطيني ، وتحدد له محتوى هذا الإطار القومي الوطني، ألا وهو المحتوى الإسلامي ، وهكذا يجد نفسه هذا الحر العاقل أنه ينتمي الى مركبات ثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية ، ويجد أن هذه المركبات الثلاثة تتكامل فيما بينها ولا تتصادم سواء كان مسلما غير عربي أو عربيا مسلما، أو عربيا غير مسلم، وسواء كان فلسطينيا مسلما، أو فلسطينيا غير مسلم، لماذا ؟! لأن انتماء المسلم الى هذه المركبات الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية هو انتماء الى عقيدة وعبادة وشريعة ونظام حياة وتاريخ وحضارة إسلامية عروبية ، وهو انتماء إلى قومية عروبية وهو انتماء إلى وطنية فلسطينية، أما انتماء العربي غير المسلم الى هذه المركبات الثلاثة فهو انتماء الى نظام حياة إسلامي جاء لتنظيم حياة كل الناس في كل الأرض سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وهو انتماء إلى تاريخ وحضارة إسلامية عروبية استوعبت في مسيرتها كل من انتمى إليها وبذل جهدا لبنائها سواء كان مسلما غير عربي أو مسلما عربيا ، أو عربيا غير مسلم، وهو انتماء الى قومية عروبية، وهو انتماء الى وطنية فلسطينية، وأما انتماء الفلسطيني غير المسلم الى هذه المركبات الثلاثة فهو انتماء الى نظام حياة إسلامي عالمي كما هو عليه حال العربي غير المسلم ،وهو انتماء الى تاريخ وحضارة إسلامية عروبية كما هو عليه حال العربي غير المسلم، وهو انتماء الى قومية عروبية كما هو عليه حال العربي غير المسلم ، وهو انتماء الى وطنية فلسطينية، مع التأكيد مرة بعد مرة أن هذه المركبات الثلاثة : الإسلامية العروبية الفلسطينية تتكامل مع بعضها ولا تصادم بعضها، فالمسلم غير العربي عندما ينتمي الى الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة ونظام حياة يجد نفسه ينتمي تلقائيا الى المركب العربي على اعتبار أن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين ،وعلى اعتبار أن العرب مادة الإسلام الأولى إذا فقهوا وصلحوا ، وإذا فقهوا وصلحوا عزوا بالإسلام وعز الإسلام بهم، ثم إن هذا المسلم غير العربي عندما ينتمي الى الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة ونظام حياة يجد نفسه ينتمي الى المركب الفلسطيني علي اعتبار ان القضية الفلسطينية بعامة وقضية القدس والمسجد الأقصى المباركين بخاصة هي قضية إسلامية في ميزان كل مسلم غير عربي في كل العالم ، لأنها قضية قرآنية بامتياز ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة الإسراء وغيرها، ولأنها كذلك فهي تتقدم على القضايا القومية أو الوطنية لدى كل مسلم غير عربي ، لأن قضاياه القومية أو الوطنية ليست قضية قرآنية ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة الإسراء وغيرها كما هو عليه الحال مع القضية الفلسطينية بعامة ، ومع قضية القدس والمسجد الأقصى المباركين بخاصة، ولذلك فإن هذا المسلم غير العربي يجد نفسه في حالة انسجام وتكامل مع هذه المركبات الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية، أما المسلم العربي، فعندما ينتمي إلى الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة ونظام حياة ، وعندما ينتمي الى العروبة قومية ، وعندما ينتمي الى الفلسطينية وطنية ، يجد نفسه كما هو واضح في حالة انسجام مع هذه المركبات الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية، فهو مسلم عربي فلسطيني على اعتبار أن القضية الفلسطينية بعامة، وقضية القدس والمسجد الأقصى المباركين بخاصة هي قضية إسلامية عروبية في ميزان كل مسلم عربي في كل العالم ، وأما العربي غير المسلم، فعندما ينتمي الى هذه المركبات الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية ، فهو ينتمي إلى نظام حياة إسلامي عالمي، على اعتبار أنه نظام حياة عالمي للمسلم غير العربي والمسلم العربي والعربي غير المسلم ولسائر أهل الأرض، وهو ينتمي إليها قومية عروبية ذات امتداد فلسطيني، وهو بذلك يجد نفسه في حالة انسجام كما هو واضح مع هذه المركبات الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية سيما وإن انتماءه الى هذه المركبات الثلاثة لم يفرض عليه على مدار التاريخ والحضارة الإسلامية العروبية أن يتنازل عن عقيدته الدينية الخاصة به، ولا عن عبادته الدينية الخاصة به، ولم يفرض عليه في يوم من الأيام أن يتنازل عن نظام حياة خاص به، لأنه لا يوجد في دينه -أصلا- هذا النظام حتى يتنازل عنه ، وعلى سبيل المثال فان العربي المسيحي يقوم انتماؤه الديني الخاص به فقط على عقيدة دينية خاصة به، وعلى عبادة دينية خاصة به وعلى أحوال شخصية خاصة به ، ولذلك يوم أن ينتمي هذا العربي المسيحي الى هذه المركبات الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية فهو ينتمي الى نظام حياة إسلامي، غير مجبر فيه على التنازل عن عقيدته الدينية الخاصة به ، ولا عن عبادته الدينية الخاصة به، ولا عن أحواله الشخصية الخاصة به، ولا عن نظام حياة خاص به، لأنه لا يوجد أصلا في المسيحية هذا النظام حتى يتنازل عنه، وهذا يعني أنه لن يشعر في حالة صدام عندما ينتمي الى هذه المركبات الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية، وبطبيعة الحال لن يشعر في حالة صدام عندما ينتمي الى هذه المركبات الثلاثة : الإسلامية العروبية الفلسطينية حضارة وتاريخا وقومية ووطنية وعلى هذا الأساس فسيبقى في حالة انسجام لا تصادم مع هذه المركبات الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية ،وما يقال عن العربي غير المسلم يقال عن الفلسطيني غير المسلم، وعلى هذا الأساس فعندما ينتمي الفلسطيني غير المسلم، الى هذه المركبات الثلاثة : الإسلامية العروبية الفلسطينية، فسيبقى في حالة انسجام لا تصادم معها، وإن الذين حاولوا من بني جلدتنا تفكيك هذه المركبات الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية لانتمائنا الراشد الكامل فقد جلبوا الويلات على أنفسهم وعلينا ، لأنهم حاولوا أن يقولوا – خادعين أنفسهم وغيرهم-: نحن نكتفي بالمركب العروبي الفلسطيني فقط أو بالمركب الفلسطيني فقط !! فيوم أن قالوا ذلك، وجدوا أنفسهم ينتمون إلى إطار قومي وطني (عروبي فلسطيني) ولا محتوى لهذا الإطار أو وجدوا أنفسهم ينتمون الى إطار وطني ” فلسطيني”، ولا محتوى لهذا الإطار، لماذا؟ لأن القومية والوطنية لم تكن بحد ذاتها نظام حياة ، ولذلك وجدوا أنفسهم بعد أن تنازلوا عن مركب ” الإسلامية” كمركب أساس من ضمن هذه المركبات الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية وجدوا أنفسهم في إطار قومي وطني فارغ او في إطار وطني فارغ يفتقر الى نظام حياة، ووجدوا أنفسهم مضطرين ان يبحثوا عن بديل عن مركب “الإسلامية” يوفر لهم نظام حياة قابل أن يكون بديلا عن النظام الإسلامي العالمي الذي جاء لكل أهل الأرض ، فوجدوا أنفسهم أنهم قد أصبحوا ينتمون الى مركب” عروبي فلسطيني أو مركب فلسطيني” رأسمالي او إشتراكي ، ومن ثم وجدوا أنفسهم يقدمون الولاء للبديل الذي اتخذوه بديلا عن المركب الإسلامي ، فمن اتخذ الرأسمالية بديلا عن المركب الإسلامي وجد نفسه يقدم الولاء لأمريكا وأوروبا الغربية ومن يدور في فلكهم من أتباع نظام الحياة الرأسمالية ومن اتخذ الإشتراكية بديلا عن المركب الإسلامي وجد نفسه يقدم الولاء للإتحاد السوفيتي -سابقا- ولأوروبا الشرقية – سابقا- ومن يدور في فلكهم من أتباع نظام الحياة الإشتراكية ،وهكذا وقع من حاول ان يبحث عن بديل عن المركب الإسلامي ، بما وقع به الغراب الذي حاول أن يقلد في مشيته الحجل ، حيث فشل في تقليد مشية الحجل ، وفشل ان يعود الى مشيته الأولى، فظل يعرج طوال حياته حتى الآن !!! وهذا ما حدث لمن تنازلوا عن المركب الإسلامي كمركب أساس من ضمن مركبات انتمائنا الثلاثة: الإسلامية العروبية الفلسطينية ، حيث أضاعوا البلاد والعباد بعامة، وأضاعوا فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المباركين بخاصة ، ومزقوا الشعوب المسلمة والعربية، ومزقوا الشعب الفلسطيني ولا يزالون يمعنون في تمزيق هذه الشعوب المنكوبة !! ولذلك لا حل إلا أن نعود مرة ثانية إلى انتمائنا الكامل لثوابتنا في مركباته الثلاثة: الإسلامي العروبي الفلسطيني، بعد أن حصدنا من الغرور ما فيه الكفاية..