القيادي في “حماس” أسامة حمدان: هذه قواعد مرحلة “ما بعد عباس”
شدد مسؤول العلاقات الدولية في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أسامة حمدان، على أن خطاب رئيس السلطة محمود عباس الأخير “لا مسؤول، ويعكس الأزمة التي يعيشها بتعاطيه بطريقة ثأرية مع الشأن الوطني الفلسطيني”، واصفًا الخطاب بـ”البائس”.
وقال حمدان في حوار مع صحيفة “فلسطين”: إن خطاب عباس بعيْد المبادرة التي أطلقتها حماس لتحريك عجلة المصالحة “يسيء لصاحبه، ويظهره بمظهر من لا يتحمل المسؤولية، ويتعامل بطريقة ثأرية مع أبناء شعبه، وهذه لا يليق بأي قائد مهما كان موقعه”.
وأضاف: “الخطوة التي لجأ إليها عباس تؤثر سلبًا على المصالحة وعلى العلاقات الوطنية الفلسطينية وتضعها في سياقات سلبية، وتكرس الأزمة، ولا تحلها”، مؤكدًا أن “الذهاب إلى المصالحة تعوزه اليوم إرادة لتنفيذ ما اتُّفق عليه”.
وتابع حمدان: “عندما نسمع شيئًا لا يعبر عن عجز في الإرادة فقط، وإنما انسجام كامل مع الموقف الإسرائيلي، فهذا لا ينبئ بخير على صعيد العلاقات الوطنية”.
وكان عباس قد أكد في كلمة له، أول من أمس، أمام “فعاليات القدس” في رام الله، استمرار وقف تحويل المخصصات المالية إلى قطاع غزة تدريجيًّا “ما لم تلتزم حركة حماس باستحقاقات المصالحة”، على حد تعبيره.
المصالحة وتشكيل الحكومة
وطالب حمدان، بالتنفيذ المباشر لاتفاق المصالحة الذي يمكن أن يبدأ من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الفصائل الفلسطينية كافة، وهذه الحكومة تتولى المسؤولية في كل مناطق السلطة، سواء بالضفة وقطاع غزة.
وأوضح أن هذه الحكومة، وبحكم تشكيلتها السياسية، “تستطيع تنفيذ كل نقاط اتفاق المصالحة، إذا ما رفع عباس الفيتو عن ذلك”.
وذهب إلى القول: “ما زلنا بانتظار المرسوم الرئاسي لانعقاد التشريعي وفق النظام والقانون، وانعقاد لجنة منظمة التحرير، ودعوة عباس للفصائل بكونه رئيسًا للجنة التنفيذية للمنظمة”، منبّهًا إلى أن كل هذه الأمور لا تزال عالقة عنده، لذلك “يحاول التهرب من مسؤولياته من خلال خطاب بائس”.
وحول الحديث عن مبادرة عبد الفتاح السيسي للمصالحة، أوضح حمدان أن هناك جهدًا مصريًّا من أجل الذهاب لاتفاق “إلا أن هذا الجهد لا يزال يصطدم بعقبة رفض عباس”.
وبين أن المصريين يتعاملون مع موضوع المصالحة “بنفس طويل، ويحرصون على أن تؤدي المصالحة لاستقرار وطني، وليس إلى مزيد من الأزمات”، منبّهًا بأن عباس “لم يصل لمرحلة القناعة بالشراكة الوطنية ومبدؤه: ما أريكم إلا ما أرى”.
وشدد على أن هذا المنطق “لا يمكن أن تبنى على أساسه الأوطان، ولا يمكن من خلاله أن تحقق الأهداف الوطنية، ومطلوب من أبو مازن مراجعة منطقه وسلوكه، وهذا المفتاح الحقيقي، لتحقيق إنجاز”.
وأعرب حمدان عن أمله في أن تجد التفاهمات الأخيرة بين حماس ومصر، والتي وصفها بـ”الجيدة”، طريقها إلى النور قريبًا.
قواعد ما بعد عباس
وبشأن الحديث عن مرحلة ما بعد عباس، قال حمدان: “لسنا قلقين من مرحلة ما بعد عباس، وربما تكون هذه المرحلة أفضل من مرحلة عباس نفسه”، مستدركًا: “ولكن هذه المرحلة يجب أن تسير على أربع قواعد واضحة”.
القاعدة الأولى، وفق القيادي في حماس، أن أي ترتيبات للبيت الفلسطيني في تلك المرحلة يجب أن تكون نابعة من البيت الفلسطيني نفسه، بمعنى أن تقوم على أساس وطني فلسطيني، وليس ترتيبات يتحكم بها الاحتلال، أو يفرضها فريق من خارج الواقع الفلسطيني.
وأشار حمدان، إلى أن القاعدة الثانية، أن أي ترتيبات يجب أن تنشأ على أساس الاختيار الشعبي الفلسطيني الحر، وما يقرره الشعب بوسائل ديمقراطية ذات طابع من الحرية والشفافية الكاملين.
وأما القاعدة الثالثة؛ فأي ترتيبات يجب أن تراعي أننا في مرحلة تحرر وطني فلسطيني، وهي مرحلة تقتضي أشكالًا من العمل السياسي والإداري وقيادة للشعب الفلسطيني تختلف عن النمط الذي أدار به أبو مازن الواقع الفلسطيني.
أما القاعدة الرابعة -والكلام لحمدان- أن أي بناء وطني يجب أن يشمل الكل الوطني، ولا يستثني أحدًا، مشددًا على أن على كل الأطراف الفلسطينية أن تتجاوز خلافاتها التي حصلت على مدى عقود لا سيما في السنوات الأخيرة.
وقال: “على القوى أن يكون منطلق بنائها للواقع الوطني الجديد على أساس المصالح الوطنية الفلسطينية، وتحقيق حرية الشعب الفلسطيني، من خلال تحرير أرضه ووطنه وتقرير مصيره”.
وشدد حمدان على أن الشعب الفلسطيني “لن يضيع من بعد عباس أو يذهب للعدم؛ فشعبنا قادر على تحقيق مصالحه وترتيب أوراقه وأوضاعه، وإن ظنّ البعض أن الاحتلال ومن يدعمه، يمكن أن يقرر في شأننا الوطني فلن يكون لهم ذلك، وسيكون الواقع هو الشاهد على ذلك”.
أولويات خارجية
ولدى سؤاله عن أولويات حماس الخارجية خلال المرحلة المقبلة؛ أوضح أن توفير الدعم بجميع أشكاله لدعم صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته على رأس تلك الأولويات.
وقال: “نحن نخوض معركة من أجل تحرير الأرض، وما تزال هذه المعركة قائمة، ولن تنتهي إلا بتحقيق الحرية القادمة.. وكل حراك سياسي هذه قاعدته وتوجهاته”.
وإزاء مستقبل العلاقة مع “إيران”، أكد القيادي في حماس حرص الحركة على “بناء علاقات مع كل الدول من أجل مصلحة القضية الفلسطينية، تكون قاعدتها على أساس مواقف هذه الدول تجاه فلسطين بدعم شعبنا وحقوقه ومقاومته”.
وأشار إلى أن علاقة حماس مع طهران ممتدة وتزيد على 25 عامًا، والدعم الذي قدمته من أجل القضية والشعب والمقاومة “واضح وجليّ”.
وقال: “حماس معنية بأن تتواصل هذه العلاقة وتتطور (…)، ويدنا ممدودة لكل من يريد أن تكون له علاقة حسنة بحماس”.
وإزاء وصف صحيفة الرياض السعودية لحماس بـ”الإرهاب”، ومن ثم تراجعها وحذف النص من موقعها بعد انتقادات عربية واسعة للصحيفة، عدّ القيادي في حماس الحملة الشعبية العفوية التي واجهت الصحيفة في داخل السعودية وخارجها “رسالة قوية أنّ شعوب الأمة ترتبط بفلسطين، وترى أنها قضيتها، وأن المقاومة هي المعبر عنها”.
ووصف حمدان، سياسة الصحيفة السعودية أنها “غير مسؤولة، ولا يمكن أن تؤثر على إرادة الشعوب ومنطقها وموقفها تجاه القضية الفلسطينية”.