أخبار رئيسيةالضفة وغزةومضات

18 عاما على اندحار الاحتلال الإسرائيلي عن غزة

يوافق اليوم (12 أيلول/سبتمبر) الذكرى الـ 18 لاندحار قوات الاحتلال الإسرائيلي عن قطاع غزة، بعد مقاومة فلسطينية نوعية وفي طليعتها كتائب القسام.

ويعد الانسحاب من غزة الواقعة الأولى التي يجبر فيها الاحتلال الإسرائيلي على إخلاء أرض استولى عليها منذ احتلال فلسطين عام 1948م.

وبفعل تصاعد المقاومة الفلسطينية على المستوطنات والمواقع العسكرية منذ اندلاع انتفاضة الأقصى 2000 أُجبرت الحكومة الاسرائيلية على إخلاء 21 مستوطنة بالقطاع احتلتها القوات الإسرائيلية بعد هزيمة 1967م.

ففي 15 آب/ أغسطس من العام 2005، بدأت قوات الاحتلال إخلاء 21 مستوطنة كانت تحتل 35,910 دونمًا من مساحة قطاع غزة، الذي لا تتعدى مساحته نحو 360 كيلومترًا مربعًا، وكان يقيم فيها نحو ثمانية آلاف مستوطن.

واحتلت القوات الإسرائيلية قطاع غزة عام 1967، وبقي تحت مسؤوليتها حتى مجيء السلطة الفلسطينية عام 1994، لتبقى قوات الاحتلال في مواقع ومستوطنات مركزية داخل القطاع، فيها آلاف المستوطنين.

وأقيمت أول مستوطنة في القطاع باسم “نیتسر حازاني” عام 1976، في حين أقيمت آخر ثلاث مستوطنات صغيرة عام 2001 بعد اندلاع انتفاضة الأقصى.

وجاء الاندحار الإسرائيلي بعد الضغط الذي مارسته المقاومة الفلسطينية على قوات الاحتلال، خصوصًا مع بدء انتفاضة الأقصى عام 2000، وما عُرف بحرب الأنفاق التي استهدفت خلال السنتين اللتين سبقتا الاندحار، مواقع حصينة للجيش في القطاع.

معادلة جديدة
وأكد إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أن رفع العلم الفلسطيني عام 2005 على المستوطنات المحررة في غزة، دشن معادلة جديدة في الصراع مع الاحتلال عنوانها الانتصار الفلسطيني وبدء مرحلة التحرير الشامل.

وقال هنية -في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء: “شكَّل الثاني عشر من أيلول 2005، فجرا جديدا لشعبنا الفلسطيني في حدث تاريخي غير مسبوق بعد أن رفع العلم الفلسطيني على أنقاض 21 مستوطنة كانت تحتل نحو 40% من مساحة قطاع غزة، لتبدأ معادلة جديدة في الصراع مع الاحتلال عنوانها الانتصار الفلسطيني وبدء مرحلة التحرير الشامل”.

وأكد قائد حماس أن “الانسحاب الصهيوني لم يكن حدثا عابرا، وإنما نتيجة حتمية لتصاعد المقاومة وضرباتها الموجعة وإدخالها أنماطا جديدة من المواجهة سواء عبر قذائف الهاون وصواريخ القسام أو سلاح الأنفاق بما ضرب نظرية الأمن الصهيونية، وشكل تهديدا استراتيجيا لوجود الاحتلال في القطاع”.

فشل إستراتيجي

ووفق مراقبين؛ يشكل الانسحاب فشلًا استراتيجيًّا لنظرية الاحتلال في الهيمنة على الأرض المحتلة كاملة قبل فرض هيمنة وحصار على حدود ومعابر وأجواء غزة بدأت عام 2006م حتى الآن.

وعززت المقاومة بعد الانسحاب من قدراتها على رقعة غزة المحررة جزئيًّا وراكمت القوة وبناء قدراتها إضافة إلى عودة الحياة للمساحات الزراعية والحياة المدنية فوق أكثر من ثلث مساحة القطاع.

صحيح أن احتلال قطاع غزة الذي استمر 38 عاماً أصبح مكلفاً ومزعجاً للحكومة وجيش الاحتلال والمستوطنين مع تنامي قوة الفصائل الفلسطينية العسكرية لكن هناك أسباب أخرى للانسحاب.

قبيل الانسحاب كان الاقتصاد الإسرائيلي يعاني أزمات مثل البطالة والتضخم؛ حيث قال أرئيل شارون -رئيس وزراء الاحتلال آنذاك- عشية الانسحاب: “فك الارتباط سيتيح لإسرائيل أن تنظر إلى الأمام وبأن الأجندة الإسرائيلية ستتغير من الآن فصاعداً لكي تركز على الاقتصاد والرفاه الاجتماعي والتعليم والأمن”.

ويعد الانسحاب من غزة هزيمة استراتيجية صهيونية لفكرة السيطرة على كامل الأرض وفق شعار الاحتلال “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، وقد فشل الاحتلال في الاحتفاظ بجزء صغير من فلسطين التاريخية وفشلت سياسة الترانسفير التي خططت قديماً لتهجير الفلسطينيين وتوطينهم في سيناء أو الأردن.

ولم يشفع الانسحاب من غزة لعملية التسوية كي تمضي قدماً في بناء دولة فلسطينية مستقلة؛ فبدأ الحصار بعد فوز حماس في انتخابات 2006م وتكرر العدوان على غزة حتى الآن.

نقلة للمقاومة

وشكل انسحاب الاحتلال من غزة عام 2005م نقلة نوعية لعمل المقاومة الفلسطينية التي طورت من قدراتها كثيرًا.

ولا يزال قطاع غزة المحاصر يعاني من أزمات متراكمة في الكهرباء والمياه والفقر والبطالة في حين يفرض الاحتلال هيمنته على مفاصل الحياة دون تماس مباشر مع أكثر من مليوني فلسطيني بغزة

واقع غزة ومستقبلها

وجرى الانسحاب من جانب الاحتلال وحده دون توقيع أي اتفاق وهو ما يعد كسراً لسياسة الاحتلال التاريخية في فلسطين كلها وغزة خاصةً.

وبعد الانسحاب عزز الاحتلال قضية فصلها عن الضفة وأقام الجدر الحدودية الفاصلة؛ للتغلب على كابوس الديمغرافيا ما شكل تحدياً لتطور الحياة بغزة.

وتتواطأ قوى إقليمية مع الاحتلال في بقاء غزة معزولة ومحاصرة وتعد لجنة العمل الحكومي بغزة مسؤولة عن واقع الناس وهذا تحدٍّ صعب في إدارة غزة مع الهيمنة الإسرائيلية على مفاصل الحياة.

وشددت حركة حماس على أن “الحصار الجائر المفروض على قطاع غزّة، منذ أكثر من 16 عاماً، سيبقى وصمة عار على جبين كلّ منْ يتقاعس في إدانته وإنهائه، أو يُساهم في استمرار معاناة أكثر من مليوني مواطن فلسطيني، فاقم الحصار وإغلاق المعابر من أزماتهم الإنسانية”.

وقالت: “آن الأوان لينتهي هذا الحصار بلا رجعة، وليحاسب قادة الاحتلال على جرائمهم أمام المحاكم الدولية”.

وقد أعاد الانسحاب الحياة للزراعة والعمل اليومي في أرض كان محظورًا على الفلسطيني قديماً مجرد الاقتراب منها بأي شكل.

وحقق استثمار الأراضي المحررة في مجال زراعية اكتفاءً ذاتيا لبعض المحاصيل والمنتجات الزراعية لكن إعاقة التصدير والاستيراد والهيمنة على المعابر يعطّل نمو هذا المجال.

والاحتلال الإسرائيلي لا يملك حلاً شافيا لغزة المحاصرة التي باتت مقاومتها وحراكها الشعبي والوطني يتناغم مع تطورات مشهد الضفة والقدس المحتلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى