غير مصنف

جباية الغرامات.. هل يلغي القرار الإسرائيلي دور السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية؟

تمضي السلطات الإسرائيلية بخطى متسارعة نحو تعزيز سيطرتها على الضفة الغربية بمزيد من التشريعات التي من شأنها إزالة الخط الفاصل بين الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وتلك المحتلة عام 1967.

أحدث تلك الخطوات إقرار اللجنة الوزراء لشؤون التشريع في الحكومة الإسرائيلية مشروع قانون يمنحها صلاحية جباية الغرامات المالية التي تفرضها المحاكم العسكرية على الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ومن بين من يستهدفهم القانون الأسرى الفلسطينيون الذين تفرض عليهم غرامات مالية إضافة إلى الأحكام، ومخالفات المرور والبناء وغيرها، فيما لا توجد دوائر إسرائيلية مختصة حاليا في الضفة الغربية لجباية غرامات تفرضها المحاكم العسكرية ضد الفلسطينيين.

ومنذ سنوات تقوم السلطات الإسرائيلية باقتطاع أموال من المقاصة، وهي الضرائب التي تجبيها عن المعابر لصالح السلطة الفلسطينية بدل غرامات أو ديون لشركات إسرائيلية.

ووفق مسؤول فلسطيني ومحللين اثنين، فإن للتشريعات الإسرائيلية وقانون الغرامات مغزى سياسيا يتمثل في السيطرة على شؤون الفلسطينيين مع الحفاظ على صلاحيات محدودة للسلطة الفلسطينية، وهو ما يعني ضم الضفة إلى إسرائيل تدريجيا وفرض القوانين الإسرائيلية عليها.

 

إلغاء الحد الفاصل

بدوره، يقول الخبير القانوني معين عودة إن مشروع القانون الإسرائيلي يهدف إلى “إلغاء الحد الفاصل بين حدود الـ48 وحدود الـ67″، مضيفا أن “القانون هو استمرار لموسوعة قوانين أو تعديلات قوانين تسعى إلى إعطاء جهات حكومية مدنية إسرائيلية صلاحيات داخل المناطق المحتلة”.

ويرى عودة أن قانون الغرامات قد يكون تعديلا على قانون سابق، حيث لم تنشر تفاصيله “خطوة إضافية باتجاه الضم”، مشيرا إلى أن الجيش وجهات مرتبطة به مثل الإدارة المدنية هو من يتولى الجباية حاليا في الضفة الغربية المحتلة.

وتابع “مع التعديل القانوني الجديد ستصبح الضفة تحت السيطرة المدنية المباشرة لهيئات حكومية، وهو ما يعارض بشكل صريح القانون الدولي وقانون الاحتلال (اتفاقية جنيف الرابعة)”.

 

رسالة واضحة

من جهته، يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف إن “قانون الغرامات رسالة واضحة بأن الاحتلال مسيطر على الأرض والإنسان الفلسطيني، ويحاول من خلال ذلك التضييق على أبناء شعبنا الفلسطيني”.

وأضاف أبو يوسف في أن “كل التشريعات التي يصدرها الاحتلال -بما فيها قانون الغرامات- تندرج ضمن الحرب الشاملة على الشعب الفلسطيني”، لافتا إلى أن من شأن المضي في التشريعات -بما في ذلك مشروع قانون تقسيم المسجد الأقصى- “زعزعة الأوضاع وخلط الأوراق”.

وقال إن الحاجة ملحة اليوم وأكثر من أي وقت مضى لتفعيل آليات عملية على المستويين العربي والإسلامي، وأيضا على مستوى المجتمع الدولي لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني، حسب قوله.

وعن الخطوات الفلسطينية مقابل التشريعات الإسرائيلية، قال المسؤول الفلسطيني إن “التحركات تركز على أهمية فرض عقوبات على الاحتلال ومحاكمته على جرائمه المتصاعدة”.

وانتقد أبو يوسف محكمة الجنائية الدولية، وقال إن عليها “أن تخرج من التلكؤ والتسييس في ظل ما تقوم به من محاولات للتهرب من فتح تحقيقات تتعلق بجرائم الاحتلال المتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني”.

 

مأسسة العلاقة مع الفلسطينيين

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأميركية في جنين الدكتور أيمن يوسف أن قوانين الضم الإسرائيلية “محاولة لمأسسة العلاقة مع السكان الفلسطينيين”.

وأضاف يوسف أن الحكومة الإسرائيلية الحالية “تعمل في عدة مسارات لضم الضفة الغربية، مثل إعادة تفعيل الإدارة المدنية بكل مكوناتها كما كانت قبل مجيء السلطة الفلسطينية، على اعتبار أن الفلسطينيين سكان محليون وليسوا مواطنين”.

وتابع أن “الفكر السياسي الإستراتيجي بالنسبة لإسرائيل ينظر للضفة على أنها مكون من إسرائيل، وأنه لا حلول تفاوضية مع الفلسطينيين، ولا شريك في الجانب الفلسطيني، وأن الحكومة الإسرائيلية يجب أن تأخذ قراراتها بنفسها”.

وأضاف الأكاديمي الفلسطيني أن إسرائيل تسعى إلى حسم قضية الضفة الغربية بشكل نهائي “على أن هناك سكانا محليين مقيمون في الضفة، وسلطة فلسطينية خياراتها قليلة”.

ويشير يوسف إلى ضرورة أن “ترتقي الردود الفلسطينية إلى مستوى ما يجري بعيدا عن الجانب الإعلامي وبيانات الإدانة”، داعيا إلى التحرك على مختلف الصعد، سواء في الجانب الاحتجاجي الميداني أو استقبال وفود من الخارج، وتحديدا أوروبا ووضعها في صورة ما يجري.

ورغم ما يحدث لها فإن المحلل الفلسطيني يرى أن السلطة الفلسطينية ستبقى لاعبا، وأنه من مصلحة إسرائيل أن تكون السلطة في هذه المرحلة لاعبا ضعيفا يقوم بإدارة الأمور المحلية والخدمات اليومية، لأن وجودها يخفف عن كاهل الاحتلال مسؤوليات مترتبة عليه بموجب القانون الدولي، على حد قوله.

تسريع الضم

وكانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية قد أدانت “سلسلة القوانين الاستعمارية العنصرية التي يقرها أو يناقشها أو ينوي مناقشتها الكنيست الإسرائيلي ولجانه المختصة”.

وقالت الوزارة في بيان إن تلك القوانين “تنتهك الوضع التاريخي والسياسي والقانوني والديمغرافي لأرض دولة فلسطين، بما فيها عاصمتها القدس الشرقية المحتلة”.

واعتبرت قانون تحصيل الغرامات من المواطنين الفلسطينيين وباقي القوانين “تورطا للبرلمان الإسرائيلي في تعميق الاستعمار ونظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) في فلسطين المحتلة عبر فرض المزيد من القوانين الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية المحتلة بشكل تدريجي وهادئ، وبطريقة تسرع عمليات الضم التدريجي للضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها”.

ووفق الخارجية الفلسطينية، فإن “أبرز محطات سياسة ضم الضفة الغربية بالتدريج هي الصلاحيات التي منحها الائتلاف اليميني الحاكم لعدد من الوزراء والوزارات بدولة الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة”.

المصدر: الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى