أخبار رئيسيةشؤون إسرائيليةومضات

هل توتّر واقعة قتل جنود إسرائيليين العلاقة بين القاهرة وتل أبيب؟

أثار حادث قتل شرطي مصري ثلاثة جنود إسرائيليين، أول من أمس السبت، جنوبي أراضي الـ 48 على الحدود المصرية بالقرب من معبر العوجا (المسمى “نتسانا” إسرائيلياً)، جملة من التساؤلات حول تأثيره على العلاقات المصرية – الإسرائيلية التي كانت آخذة في التحسن، حتى وقع العدوان الإسرائيلي على غزة أخيراً، في 9 مايو/أيار الماضي واستمر 5 أيام، ثم هدّد صلابة تلك العلاقات اتجاه القاهرة إلى استعادة العلاقات مع طهران.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن حادثة الحدود الأخيرة “استثنائية ولا تعكر صفو التعاون الأمني والعمل المشترك لإسرائيل ومصر في حفظ الأمن على الحدود”، مؤكداً أن “التحقيق جار بالتعاون الكامل مع الجيش المصري”.

الأمن الاسرائيلي لن يتحقق

واعتبر المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير السابق معصوم مرزوق، في تصريح صحفي، حادث الحدود “رسالة واضحة لتل أبيب بأن مساعيها لفرض ما تسميه السلام، طبقاً لوجهة نظر تل أبيب، لن يُكتب لها النجاح، وأن الرهان على القوة واستمرار الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني وفي القدس والمسجد الأقصى وقطاع غزة، لن يحقق أمن الاحتلال”.

مع ذلك، استبعد مرزوق أن يؤثر هذا الحادث على العلاقات المصرية الإسرائيلية، قائلاً إن “مثل هذا الحادث العارض، تبعاً لوجهة نظر البلدين، يتم احتواؤه في ظلّ حرصهما على استمرار زخم العلاقات الرسمية، وعدم تعريضها لأي مخاطر”. ومضى بالقول: “تل أبيب أكثر حرصاً من القاهرة على احتواء أي تداعيات للحادث، منعاً لأي ردود فعل قوية على المستوى الشعبي، أو جعل الجندي المصري رمزاً بين الشباب، حتى لا يشكل إغراء لأحد بتكرار ما فعله”.

أما الباحث العسكري والضابط السابق في القوات المسلحة المصرية، العميد صفوت الزيات، فقال، في تصريح صحفي: “من الواضح أن الإسرائيليين متشددون، بمعنى أن قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي (إليعازر توليدانو) يتحدث عن أنهم خلال المحادثات لن يتركوا سؤالاً من دون إجابة”. وأضاف “مهما كان هناك حديث عن نوع من التفاهم، لكن هناك بلا شك قدر من التوتر، لأن كل طرف يحاول إلقاء المسؤولية على الطرف الآخر، وننتظر مخرجات الاجتماع أو التحقيق المشترك، فهل سيصدر بيان مشترك برؤية متوافقة بين الطرفين، أم لن يخرج؟”.

وتابع الزيات أنه “إذا استمر الجانب الإسرائيلي في روايته واستمر في الضغط وإنكار الرواية المصرية، فنحن ربما أمام حالة من الخلاف الساكن أو المتواري بين مصر وإسرائيل في هذا الحادث”.

وأكد الزيات أن “الأمر غير مرتبط فقط بمشاعر وطنية، ولكن بسؤال كبير، أعتقد ستتم الإجابة عنه في تحقيقات كل منهما: هل نحن أمام تصرّف فردي من قبل أحد أفراد الأمن المصري، أم وراءه تنظيم؟”، معتبراً أن “هذا سؤال جريء على الجانب المصري”.

وأضاف الباحث العسكري أن “الجانب الإسرائيلي يتحدث عن عملية متدحرجة، بمعنى أنها قد تكون بدأت بإيقاف عملية تهريب للمخدرات، ثم حدث إطلاق نار في موقع المراقبة الإسرائيلية في نيتسانا، ثم بعد ذلك اكتشف الإسرائيليون مقتل الجنود في نقطة المراقبة، ثم تحول الأمر إلى مطاردة وتمشيط داخل إسرائيل. أما الجانب المصري فيتحدث عن رواية واحدة، وهي أن فرد أمن اخترق الحدود الإسرائيلية بدعوى مطاردة المهربين”. وتابع: “لكن هناك سؤال كبير: كيف امتدت المرحلة إلى اشتباك مع قوات التمشيط الإسرائيلية وتبادل النيران؟ يجب أن ننتظر نتيجة التحقيق”.

ولفت الزيات إلى أن “بعض الناس يتحدثون عن أن هذه المنطقة هادئة وساكنة أمنياً، وهناك ثقة كبيرة بين الطرفين، وهو أمر خاطئ، فهذه المنطقة على بعد نحو 40 كيلومتراً أو أقل من المثلث الاستراتيجي الإسرائيلي الضخم الذي يحتوي القوة الضاربة الاستراتيجية الإسرائيلية الجوية، التي من المفترض أن تستخدمها إسرائيل إذا ما قررت ضرب منشآت البرنامج النووي الإيراني، وهذه المنطقة تضم ثلاث قواعد جوية رئيسية، وأكثر من خمسة أسراب مقاتلات بعيدة المدى”.

رغبة متبادلة في تطويق التداعيات

من جهته، قال الباحث المتخصص في الشأن الأمني والعسكري المصري مهند صبري، في تصريح صحفي: “للأسف الشديد، هذا الحادث يعكس حقيقتين مستمرتين، أولا: أن سيناء خارج التغطية، لدرجة أن حدثاً أمنياً عسكرياً يحصل على أهم حدود في البلاد ومنطقة عمليات، ولا نعلم عنه شيئاً لمدة 12 ساعة، وعندما صدر بيان رسمي لم يضف أي شيء جديد أو معلومة مفيدة”. أما الحقيقة الثانية، برأيه، فهي أن هناك حالة من عدم الثقة المتناهية من الشعب تجاه البيانات الرسمية، لدرجة أن بيان المتحدث العسكري لا يرقى إلى أي مستوى من المصداقية”.

وأضاف صبري: “الجانب الإسرائيلي لديه حسابات سياسية وأمنية تحكم تصرفاته، فيجب أن يظهر سيطرته الكاملة على الوضع، وأن الاعتداء على جنوده لا يمر بسهولة، ولا يمكن أن يمر مثل هذا الحادث من دون أن يصدر بيانات توضيحية، على عكس ما يفعله الجانب المصري”.

من جهته، قلّل أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس جمال زهران، من تأثير الحادث سلباً على العلاقات المصرية الإسرائيلية، مشدداً على أنه “في ظلّ ما حققته علاقات البلدين على الصعيد الرسمي من تقدم، يبدو أن هناك رغبة رسمية في عدم التركيز على مثل هذه الحوادث، ومعالجتها بشكل يطوّق تأثيرها”.

ورأى زهران أن تداعيات هذا الحادث “ستقتصر على مضاعفة الترتيبات الأمنية على الحدود، ووضع قيود على تحركات الجنود، لمنع تكرار مثل هذه الاشتباكات، وفتح تحقيقات رسمية وتبادل المعلومات، وتحديد مسؤولية كل طرف عنها، في ظل وجود آليات رسمية بين البلدين لمعالجة مثل هذه الأحداث، التي ينظر إليها الطرفان باعتبارها حادثاً عرضياً، لا ينبغي أن تكون له تأثيرات على علاقتهما الوثيقة”.

أما الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أستاذ الدراسات العبرية بكلية الآداب في جامعة الإسكندرية، أحمد فؤاد أنور، فرأى، أن الحادث “فضح القصور العسكري للجيش الإسرائيلي، وقدّم دليلاً على تآكل سلاح الردع لديه، وكذلك عدم كفاءة التطور التكنولوجي في السياج الحدودي مع مصر، الذي لم يصمد أمام جندي مصري مسلح تسليحاً عاديا”.

ولفت أنور إلى أن هذا الحادث “كشف مافيا تهريب المخدرات على الحدود المصرية”. وأشار إلى أن “التنسيق على الحدود المصرية – الإسرائيلية، يحكمه جهاز الاتصال بين البلدين، الذي تمّ تضمينه في اتفاقيات السلام بينهما، فهو المسؤول عن فتح التحقيق في مثل هذه الحوادث، عبر تحقيق مهني وشفاف، يضمن كشف كل الملابسات الخاصة بهذا الحادث وتحديد مسؤولية كل طرف عنه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى