تقارير ومقابلاتمحلياتمرئيات

الشيخ رائد صلاح في “هذه شهادتي”: التباين في وجهات النظر وطرق العمل بين كبار وصغار السنّ من أبناء الصحوة الإسلامية وصولا إلى محنة “أسرة الجهاد”

الشيخ رائد صلاح في “هذه شهادتي”:

  • التباين في وجهات النظر وطرق العمل بين كبار وصغار السنّ من أبناء الصحوة الإسلامية وصولا إلى محنة “أسرة الجهاد”
  • ضعف العمل التربوي وبدايات تربوية واضحة بعد “أسرة الجهاد”.. منهج تربوي تأصيلي بعد الانشقاق في مسيرة المشروع الإسلامي
  • الإعلام العبري والموقف المعادي من الصحوة.. صحيفة “الاتحاد” وتعثرها في مقاربة الصحوة الإسلامية

 

طه اغبارية، عبد الإله معلواني

 تواصل صحيفة “المدينة” التوثيق المكتوب لشهادة الشيخ رائد صلاح المرئية ضمن برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني، وتبثّ الحلقات على قناة “موطني 48” عبر “يوتيوب”، وصفحة “موطني 48” على “فيسبوك”.

في الحلقة (15) بيّن رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليًا، ورئيس لجان إفشاء السلام في الداخل الفلسطيني، المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، أوجه الخلاف في طرق العمل الإسلامي بين كبار وصغار السن من أبناء الصحوة الإسلامية وصولًا إلى محنة “أسرة الجهاد”.

 

توجهان بين أبناء الصحوة

تمحور حديث الشيخ رائد صلاح في هذه الحلقة، حول التباينات التي وقعت بين أبناء الصحوة الإسلامية من كبار السنّ من الجيل المؤسس والجيل الأصغر. وجاء في تفصيل هذه الجزئية: “في بدايات الصحوة الإسلامية ظهر توجهان، الأول كان عند الكبار وحمل أسلوب الشّدّة في التعامل مع الأهل بشكل عام، ولهذا الأسلوب كانت مظاهر مختلفة، فعلى سبيل المثال، أحد أبناء الصحوة من الكبار (الشيخ فتحي)، مرّ عليه صديق له من عهد الشباب وحياه بقول “مرحبا”، فردّ عليه بشدّة وقاله له: عليك أن تقول “السلام عليكم”. مثال آخر: كان بعض الناس يجاهرون بالإفطار في شهر رمضان، وفي مرة من المرات التقى الشيخ سليمان أبو شقرة “أبو سيف” بأحد الإخوة ممن جاهروا بإفطارهم، فوقع بينهما نزاع بالأيدي، وانتهى على خير بعد الإصلاح بينهما.   فهذا مظهر آخر كان يميز أسلوب الشّدّة. وهكذا كانت حوادث أخرى مثل التي ذكرتها، وهذا أوجد نوعًا من الفرقة ما بين الصحوة وما بين الناس بشكل عام، وهو ما منع عملية نجاحنا في استقطاب كثير من الناس، نظر إلينا البعض باتهام بالتشدد واستخدام العنف، هذا الجو انعكس عليّ وعلى الشباب ممن مثلوا وجهة النظر الثانية وهي أننا يجب أن نتعامل مع الناس بالحسنى والرحمة”.

وأكمل: “بالتالي عانينا نحن أصحاب وجهة النظر الثانية من جيل الكبار بشكل عام، وكان من أبناء هذا الجيل: الشيخ سليمان أبو سيف، والشيخ رشاد، والشيخ علي وغيرهم ممن مثلوا جيلًا متقاربًا، وكانوا أكبر منّا بسنوات. أمّا أبناء الجيل الثاني فكان منهم: أنا والشيخ هاشم عبد الرحمن، والشيخ خالد مهنا، والشيخ محمد عبد أبو شقرة وغيرهم من أبناء جيلنا، والأصغر منّا من أبناء الصحوة في المرحلة الثانوية”.

يتابع الشيخ رائد: “الجيل الأول بدأ الطريق في التأسيس للصحوة ونحن لحقنا بهم. عانينا رغم رفضنا للشّدّة، في مرة من المرات اتُهمت بحرق سيارة ووصل الأمر إلى أحد أعمامي “أبو الوليد” فاستدعاني وسألني عن الأمر فاستغربت وقلت: مستحيل أن أقوم بذلك، فطلب مني حلف اليمين، وبعد استشارة المرحوم الشيخ عبد الله نمر، حلفت اليمين من أجل أن يطمئن كل من ظن أنني قمت بذلك الفعل. هذا الخلاف بيننا كجيل صغير من أبناء الصحوة وبين الجيل الكبير بقي قائمًا، إلى أن قدّر الله ووقعت محنة أسرة الجهاد، ودخل عدد من أبناء الجيل الأول السجون، وبقي في ساحة العمل، أصحاب وجهة النظر الثانية، وبدأوا يؤسسون للدعوة بالموعظة الحسنة واستيعاب كل الناس والاستماع إليهم وإلى همومهم. هذا أعطى مرحلة لتأسيس جديد للصحوة وتغيير منهج العمل إلى الأحسن”.

 

موقف المرحوم الشيخ عبد الله

أمّا بخصوص تموضع المرحوم الشيخ عبد الله نمر درويش، في ظل التباين بوجهات النظر بين الجيل الأول والجيل الثاني، يقول الشيخ رائد صلاح: “حاول المرحوم الشيخ عبد الله أن يوفق بين وجهتي النظر، بمعنى أنّه حاول احتضان الجيل الكبير، وفي نفس الوقت حاول أن يؤكد صواب وجهة النظر الثانية التي يمثلها الجيل الصغير. أذكر لما كانت تدور نقاشات، كان- الشيخ عبد الله- يقول للجيل الكبير- للتخفيف من حدّة أسلوبه- تذكروا قول الله تعالى “… وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا….”. مع ذلك، بقي الجيل الكبير يحاول فرض موقفه في تلك الأيام، فكانت هناك تصرفات فردية وانفعالية دون العودة الى أي مسؤول، وقد عانينا من ذلك كثيرًا. في تلك الفترة لما وقع الخلاف فيما بعد، تبين لي أنَّ الشيخ عبد الله حدث عنده قبول في وجهة نظر محددة للجيل الكبير في موضوع أسرة الجهاد”.

 

الشيخ رائد وأسرة الجهاد

في شهادته، يؤكد الشيخ رائد صلاح أنه لم يكن ضمن ما عُرف لاحقًا بـ “أسرة الجهاد”، وأضاف: “لم أعرف عنها إطلاقًا، فقد كنت أدرس في كلية الشريعة بالخليل مع بقية الإخوة، وتبين لنا، فيما بعد، أنها (أسرة الجهاد) كانت موجودة ولها نواتها في أم الفحم، وباقة، وكفر قاسم، وقلنسوة. حين اعتقلت على خلفية “أسرة الجهاد” قدّر الله أن وقع حدث معين، ولأنني كنت موجودًا في جلسة ما ارتبط الموضوع مع قضيتي وكأنني شاركت في الحدث، وكان الحدث محاولة تفجير عبّارة لتصريف المياه في شارع 60 (وادي عارة) بالقرب من حي العرايش بأم الفحم. في حينه كنت متهمًا بوجود دور لي في هذا الحدث، فاعتقلت ودخلت السجن لمدة 6 أشهر على هذه الخلفية فقط، وسوى ذلك ما كان لي أي دور إطلاقًا”.

وحول الأسباب التي جعلت المرحوم الشيح عبد الله نمر درويش يميل إلى تأييد اتجاه “أسرة الجهاد”، تابع الشيخ رائد: “وفق تحليلي، فإن كثرة الضغوط من الجيل الكبير على الشيخ عبد الله وبالذات- كما فهمنا بعد ذلك- من المرحوم الشيخ فريد أبو مخ “أبو عزام”، حيث كان هو صاحب وجهة النظر السائدة في هذا الاتجاه وكان على علاقة مباشرة مع الشيخ عبد الله. بالتالي، ضغوطه وبعض الإخوة من الجيل الكبير دفعت أن يميل الشيخ عبد الله لهذا الاتجاه. وبتحليلي، كان المرحوم الشيخ عبد الله يعيش صراعًا، بين قناعاته وبين الضغوط التي تعرض لها. أظنّ أنّه لم يكن يميل لهذا الشيء، ولكنه سار بناء على الضغوط”.

 

الضعف التربوي

ويكمل الشيخ رائد قراءته حول الأسباب التي أوصلت الصحوة في بداياتها إلى هذه التباينات في وجهات النظر بين أبناء الصحوة: “قبل محنة “أسرة الجهاد” وإلى حد ما، كان المرحوم الشيخ عبد الله -أمير الصحوة حينها- يطمع بنشر الدعوة واستقطاب أكبر عدد من الناس، ولكن ظلّت نقطة ضعف في تلك الأيام وهي ليست بسيطة، أنّه ما أعطى الحق الكامل للموضوع التربوي، كان نشطًا جدًا في المهرجانات والدروس العامة وخطب الجمعة ودروس العزاء، تواجد في كل نشاط يطلب منه، لكن لم يعط الاهتمام الكافي للمسألة التربوية. وأقصد في هذا الموضوع، أننا كنا نطمع أن نصل إلى مرحلة يكون فيها واضحًا ما معنى الالتزام بالصحوة الإسلامية وما هي مواصفات ابن الصحوة، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه من خلال درس أو خطبة جمعة أو مهرجان فقط. فمن أجل بناء الإنسان من حيث الخطاب والسلوك، لا بد من برنامج تربوي ومجالس تربوية لأبناء الصحوة، يعرفون أنفسهم ويعرفون مفاهيم الصحوة”.

وأضاف: “كان هناك الحد الأدنى العام من العمل التربوي في الصحوة، ولكن عملية بناء هذه الحاضنة، بناءً تربويًا كما يجب، كان ضعيفًا في حينها. كانت هناك بدايات اهتمام تربوي موجودة في باقة وكفر قاسم، وبدايات متعثرة في أم الفحم، ولكن هذه البدايات التربوية المتعثّرة في أم الفحم بدأت تستقر وتأخذ أسسًا راسخة نتيجة دور طيب مبارك قام به الشيخ خالد حمدان- جزاه الله خيرًا- كان يدرس في كلية أصول الدين في القدس، وكان يعود إلى أم الفحم ويجتهد بتقديم إسهاماته في الصحوة، وأهم ما أسهم فيه في حينه أنّه أضفى نوعًا من الثبات والحيوية على العمل التربوي، وكان هذا بعد أسرة الجهاد. كذلك كانت بدايات تربوية ثابتة واضحة بعد أن دخل الشيخ كمال خطيب على العمل من خلال مساهمته الأولى في كفر كنا، حيث بدأت تتبلور أسس لعمل تربوي واضح”.

وأكمل: “كان لكل بلد اجتهادها الخاص من حيث المحتوى التربوي، لم تكن هناك رؤية عامة لمنهج تربوي يجمع الجميع ويؤسس لخصائص عامة قُطرية تنعكس على كل أبناء المشروع الإسلامي. بقي هذا التعثر حتى بعد أسرة الجهاد، إلى أن جاءت فكرة إقامة دور القرآن الكريم في كل البلدات، لتدارك الضعف التربوي. وبصراحة لم يستقر العمل التربوي ولم يتحول إلى مشروع ذي وزن نوعي تأصيلي له رؤية واضحة، إلا بعد أن حدث الانشقاق المؤسف في مسيرة المشروع الإسلامي، كان بعدها التأصيل التربوي الواضح، وبدأ عمل متواصل في هذا الاتجاه”.

 

الإعلام ومقاربته للصحوة

حول مقاربة الإعلام الإسرائيلي والإعلام العربي في تلك الفترة للصحوة الإسلامية، قال الشيخ رائد: “سأتحدث هنا عن موقفين إعلاميين من الصحوة الإسلامية، الموقف الأول مثّله الإعلام العبري، على صعيد الصحف والتلفاز، والموقف الثاني مثَّله الإعلام العربي كصحيفة “الاتحاد” الناطقة بلسان الحزب الشيوعي والجبهة، ثمّ صحف أخرى مثل “الراية” (الناطقة بلسان أبناء البلد) و”الصنارة” وغيرها. أمّا فيما يخص الإعلام العبري، فقد حاول أن يلصق بالصحوة مصطلح “الخمينيين” بسبب التزامن ما بين الصحوة وما بين ثورة الخميني، فادّعى الإعلام العبري أنّ الصحوة الإسلامية سببها ثورة الخميني، وهذا غير صحيح إطلاقًا، لأنّ الصحوة سبقت الثورة في إيران بسنوات كثيرة، فقد بدأنا التعلم في كلية الشريعة بالخليل قبل ثورة الخميني، ووقعت الثورة ونحن على أبواب الانتهاء من الدراسة. الإعلام العبري حاول مخالفة الحقيقة واتهمنا وكأننا ردّ فعل على ما وقع في إيران، وحرَّض علينا طوال الوقت. وكانت صحيفة “علهمشمار” الإسرائيلية والتي مثّلت حزب “المبام” تكتب كثيرًا عن الصحوة، حاولت أن تظهر بصورة عقلانية بادّعاء الاهتمام بالمظاهر الطارئة، فسلطت الضوء على الصحوة الإسلامية، وما ساعدها على ذلك، كان الصحافي المرحوم قاسم زيد الكيلاني من أم الفحم، حيث عمل في الصحيفة المذكورة، وحافظ على المهنية ولم يتجن من طرفه على الصحوة، وكتب مقالات عن الصحوة واجتهد أن يكون متوازنًا في كتاباته بعيدًا عن نغمة التحريض التي كان يتبناها الإعلام العبري عمومًا. كذلك أذكر أنّ التلفاز العبري، أعدّ عدة تقارير عن الصحوة، وفي إحدى من المرات بثوا صلاة الجمعة في أحد مساجد باقة، وتحدثوا عن الصحوة الإسلامية بنغمة التحريض. كذلك كتبت صحف عبرية أخرى عن الصحوة ومنها من نشرت صورًا لعدد من أبناء الصحوة من الجيل الكبير وكتبت كذلك بلغة تحريضية”.

أمّا بالنسبة لمقاربة الإعلام العربي للصحوة الإسلامية، يكمل الشيخ رائد: “موقف صحيفة “الاتحاد” كان متعثرًا جدًا في التعاطي مع الصحوة الإسلامية، لم تحسن الحديث بأسلوب تقريب بين الصحوة والاتجاهات الأخرى. ومثال على هذا التعثر في الطرح والمقاربة: في مرة من المرات بعد أن قمنا بتوديع الحجاج، في ليلة سفرهم وكان ذلك في منطقة الميدان بأم الفحم، تفاجأنا في الغداة وإذ بصحيفة الاتحاد تكتب مقالة بعنوان “كيف قضى الإخوان المسلمون ليلة سفر الحجاج”، كانت مقالة بنغمة سلبية غير مقبولة إطلاقًا. كذلك كان في صحيفة الاتحاد زاوية ثابتة بعنوان “أبو الشمقمق” (على اسم شاعر هجاء وهزل يرجع أصله إلى خراسان، عاش في البصرة ونزل في بغداد في بدايات فترة خلافة هارون الرشيد) وأظنّ أن من كان يكتبها أميل حبيبي، وقد طفحت زاوية “أبو الشمقمق” بالكثير من الغمز واللمز والخروج عن النص والكتابة الساخرة عن المصلين والطعن في القيم الإسلامية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى