أخبار رئيسيةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

تقير: حلقات طرد الفلسطينيين من أراضيهم لا تتوقف منذ 75 عامًا

“أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض”، مقولةٌ كاذبةٌ روّجتها عصابات الحركة الصهيونية لتبرر لنفسها ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين الآمنين في مساكنهم وقراهم، فكانت النكبة الفلسطينية التي وقعت أحداثها عام 1948، ولا تزال تبعاتها حاضرة حتى اليوم.

ومنذ ذلك التاريخ دأبت حكومات الاحتلال المتعاقبة على تهجير الفلسطينيين من أراضيهم بالقوّة، مُستخدمةً سياسات الهدم والتضييق والتنكيل، بهدف تقديمها قربانًا للمستوطنين وإقامة المستوطنات عليها، وصولًا لإقامة ما تُسمى “إسرائيل الكبرى”.

ومع تولي حكومة المستوطنين بقيادة بنيامين نتنياهو الأكثر تطرفًا ارتفعت وتيرة قضم أراضي الفلسطينيين، وتهجير سكانها الأصليين في مختلف مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلتين والأراضي المحتلة عام 1948.

 

العراقيب نموذجًا

واستكمالًا لمسلسل التهجير الذي بدأ منذ أكثر من 70 عامًا، لا تزال هناك قرى فلسطينية تجابه سياسة تهجير سكانها، مثل قرية العراقيب في النقب جنوبي فلسطين المحتلة، التي هدمها الاحتلال 215 مرّة منذ 13 عامًا، حسبما أفاد الناشط في القرية عزيز الطوري.

ويقول الطوري: إنه منذ تأسيس كيان الاحتلال، والإسرائيليون يحاولون بجميع الوسائل تهجير وتهويد الأرض العربية الفلسطينية في النقب بكل الطرق المتاحة لديه.

وأوضح الطوري أن الاحتلال استخدم سياسة الخداع وهدم البيوت بهدف تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، ويسعى لسلب أكبر مساحة من الأراضي وتجميع الفلسطينيين على قطعة صغيرة من الأراضي.

وبيّن أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي سخّرت قوانينها العنصرية واستخدمت الحجج الواهية، مثل البناء بدون ترخيص أو تحريش الأشجار، “وهذا ما حصل في العراقيب”، مستدركًا “لكن الأهالي صامدون ومستمرون في نضالهم بأبسط مقومات الحياة لديهم”.

واستذكر الطوري حدثًا أليمًا عايشته العراقيب في السابع والعشرين من تموز/ يوليو عام 2010، حينما اقتحمت قوات الاحتلال القرية وهدمت 57 منزلًا، واقتلعت أكثر من 4500 شجرة زيتون و700 شجرة مثمرة.

وأكد أن الاحتلال لم يكتفِ بذلك، إذ لا يزال يواصل هذه السياسة حتى اليوم، للنيل من عزيمة السكان وصمودهم ودفعهم لترك أراضيهم، وإحلال المستوطنين بدلًا منهم، منبهًا إلى أن الاحتلال أقام مستوطنة “جيعفوت بار” في العراقيب عام 2005 وما زالت تتوسع أكثر.

وتقع قرية العراقيب في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة، وتبلغ مساحتها أكثر من 200 ألف متر مربع، وتعد العراقيب واحدة من 45 قرية عربية في النقب لا تعترف سلطات الاحتلال بها، وهي ممنوعة من المياه والكهرباء والمواصلات، وغيرها من الخدمات.

ويعيش في القرية البدوية 22 عائلة بواقع 800 شخص، وتشكل الأغنام والمواشي مصدر رزقهم الوحيد.

ويحيي فلسطينيو الداخل الذكرى الـ 47 ليوم الأرض الخالد بمسيرة مركزية في مدينة سخنين بالجليل يوم الخميس الثلاثين من مارس/آذار، ومسيرة أخرى في قرية أم رتام مسلوبة الاعتراف بالنقب، وذلك في الأول من إبريل/نيسان المقبل.

وتعود أحداث يوم الأرض إلى عام 1976، حين ارتقى ستة شهداء في سخنين وعرابة ودير حنا وكفركنا والطيبة، إثر قيام حكومة الاحتلال الإسرائيلي بمصادرة عشرات آلاف الدونمات من الأراضي العربية في أراضي الداخل.

ولم يختلف المشهد في قرية الخان الأحمر التي يجابه سكانها شبح التهجير والاقتلاع من الأرض على مدار سنوات طويلة، على مختلف الأصعدة السياسية والقانونية وغيرها.

 

مضايقات وإغلاقات

وتقع “الخان الأحمر” البدوية على مسافة 15 كيلومترًا إلى الشرق من مدينة القدس، وتبلغ مساحتها 40 دونمًا، ويعيش فيها 200 شخص يتوزعون على 45 عائلة.

ويؤكد رئيس مجلس قروي الخان الأحمر عيد جهالين، أن ممارسات الاحتلال في هذه المنطقة ليست وليدة اليوم، إنما بدأت منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، ضمن محاولاتها لتفريغها، مشيرًا إلى أن قوات الاحتلال قتلت الثروة الحيوانية وهدمت البيوت ومنعت البناء بحجج واهية.

وتعرضت القرية وفق ما تحدث جهالين لصحيفة “فلسطين” منذ عام 1967 ولغاية الثمانينات لسلسلة من المضايقات والإغلاقات وهدم البيوت وقتل الثروة الحيوانية.

وأوضح أنه بعد هذه الأعوام اتجهت سلطات الاحتلال لبناء المستوطنات في القرية، فأقامت “معاليه أدوميم” و”كفار أدوميم” وغيرها، عدا عن هجمات المستوطنين ضدها.

أما في عام 2005 فقد انتقل الصراع إلى ما يُسمى مرحلة التوجه للمحاكم الإسرائيلية -والكلام لجهالين- إذ توجهت سلطات الاحتلال للقضاء لاستصدار قرار بإزالة القرية.

وأفاد أن ما تُسمى “المحكمة العليا” (أعلى سلطة قضائية في كيان الاحتلال) أصدرت في عام 2018 قرارًا بإزالة القرية نهائيًّا، مستدركًا: “لكن ثبات السكان وعدم مغادرتهم للقرية والتضامن الفلسطيني والدولي شكّل حماية لها وأجّل هدمها”.

ويتوزع عرب الجهالين في القدس على 23 تجمعًا في أربع مناطق أساسية هي: عناتا، ووادي أبو هندي، والجبل، والخان الأحمر، ويقدر عددهم بنحو 7 آلاف نسمة، وأصلهم من النقب من منطقة عراد الواقعة على بعد 37 كم إلى الشرق من مدينة بئر السبع.

 

البؤر الرعوية

لم تقتصر سياسات التهجير التي ينتهجها الاحتلال على تلك المنطقتين فحسب، فهناك مناطق يتركز فيها التهجير وهي المصنفة (ج) وخصوصًا في السفوح الشرقية لجبال الضفة، وهي مناطق ذات مساحات واسعة وكثافة سكانية قليلة، وفق عضو هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبدالله أبو رحمة.

وذكر أبو رحمة لـ”فلسطين” أن التهجير يتركز أيضًا في الأغوار الشمالية الممتدة من كردلة وبردلة وصولًا للأغوار الوسطى وأيضا السفوح الشرقية لجبال نابلس ورام الله والقدس وبيت لحم وصولًا لمسافر يطا.

وأوضح أن هذه المناطق يوجد بها حوالي 250 تجمعًا فلسطينيًا، ولكن أعداد الفلسطينيين فيها قليل، كاشفًا عن وجود سياسة إسرائيلية جديدة في السنوات الأخيرة تُعرف بنشر “البؤر الرعوية”.

وذكر أنه يوجد في هذه البؤر الاستيطانية قرابة 10-15 مستوطنًا يملكون قطيعًا من الأبقار أو الأغنام ويتحركون بمسافة عشرات الكيلو مترات، عدا عن ممارساتهم العنصرية ضد المزارعين الفلسطينيين وإطلاق النار عليهم وتخويفهم وترويعهم.

وبحسب أبو رحمة بلغ تعداد البؤر الرعوية حوالي 65 بؤرة منتشرة في معظم المناطق، والتي أصبحت مهددةً بالسيطرة الكاملة من الاحتلال والحدّ من الانتشار والتواجد الفلسطيني فيها.

وأوضح أن سلطات الاحتلال تمارس عمليات الهدم المتكرر للمنازل في هذه التجمعات، في مختلف المناطق مثل القدس والخليل وجنوب نابلس وشمال رام الله، وسلفيت.

وشدد على أن “المطلوب من أجل إفشال مخططات الاحتلال هو التمسك بالأرض والتواجد عليها وتصعيد المقاومة بجميع أشكالها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى