أخبار رئيسيةأخبار عاجلةتقارير ومقابلاتمحلياتومضات

الحلقة الخامسة ” هذه شهادتي ” مع فضيلة الشيخ رائد صلاح والإعلامي عبدالاله معلواني

الشيخ رائد صلاح في “هذه شهادتي”:

 

  • انتقلنا في السنة الثانية إلى حارة “القواسمي” وتركنا وراءنا ذكريات مؤثرة جدا في حارة “أبو سنينة”

 

  • بعد خروجي من السجن في أعقاب محنة “أسرة الجهاد”، زرت الكلية، وهناك تعرفت على الشيخ كمال خطيب وطلاب الداخل الذين درسوا في الكلية بعد تخرجنا

 

  • في سكننا بالخليل وُلد الشريط الأول لفرقة النور للنشيد الإسلامي

 

  • الدعاة والعلماء الذين جَمَعنا الله بهم، أكدوا دائما، قوله تعالى: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..”. لذلك نحن بحاجة إلى جهد متواصل لإحياء مفاهيمنا الإسلامية وإعداد قاعدة للتغيير حتى يتحقق التغيير

 

طه اغبارية، عبد الإله معلواني

 

تواصل صحيفة “المدينة” التوثيق المكتوب لشهادة الشيخ رائد صلاح المرئية ضمن برنامج “هذه شهادتي” مع الإعلامي عبد الإله معلواني، والذي يبثّ على قناة “موطني 48” عبر “يوتيوب” وصفحة موقع “موطني 48” على “فيسبوك”.

في الحلقة الخامسة من “هذه شهادتي”، استأنف رئيس الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليا في العام 2015 ورئيس لجان إفشاء السلام في الداخل الفلسطيني والمنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، الحديث عن ذكرياته وزملائه أيام الدراسة في كلية الشريعة بالخليل، متوقفا عند محطات ومشاهد وجدانية أثَّرت في شخصيته.

 

في حارة “القواسمي”

في السنة الثانية من دراسته في كلية الشريعة انتقل الشيخ رائد وزملاؤه إلى سكن جديد في حارة “القواسمي” في مدينة الخليل، بعد أن قضوا السنة الأولى في حارة “أبو سنينة”. يفصّل المشهد يومها: “انتقلنا إلى حارة “القواسمي”، محزونين، لأنَّنا تركنا وراءنا في حارة “أبو سنينة” ذكريات مؤثرة جدا- لا تنسى-، فكيف لنا أن ننسى ذاك الرجل المثقف الذي يُدعى “أبو حمدية”، وأستطيع أن اسميه “عاشق كتاب معالم في الطريق” للشهيد سيد قطب، حيث كان يحفظ غيبا بعض فقرات الكتاب. عندما زرناه مرة في بيته، سأله أهله عن عدد الضيوف لتقديم واجب الضيافة. فأجابهم “أبو حمدية” (مداعبا): “أربعة وخامسهم كلبهم” (قاصدا نفسه). كذلك لا ننسى مشهد جارنا قارئ القرآن وكان أمّيًا- لا يقرأ ولا يكتب- ومع ذلك حفظ القرآن غيبا- سماعا-، وثبَّته وانضم إلى اتحاد حفاظ القرآن الكريم في مدينة الخليل. ولا ننسى مسجد حارة أبو سنينة، ولقاءاتنا فيه مع الأهل الطيبين الأصفياء الاتقياء في تلك الحارة. ولكن، كان لا بد من الانتقال، فانتقلنا إلى حارة القواسمي منذ السنة الثانية فصاعدا حتى انهينا الدراسة. جئنا إلى جو جديد، سكنَّا في بيت يقع على تلّة تطل- على مدّ البصر-، على بساتين كروم العنب وتشكل منظرا رائعا، كان يشدّني يوميا، خاصة عند غروب الشمس. جعلني ذلك المنظر اعود إلى هواية الرسم لأعبِّر عن هذه المناظر الخلابة”.

يتابع: “في حارة “القواسمي” تعرفنا على أهلها الكرام، وكانوا أهل صلاح وعلم. صاحب سكننا يدعى “أبو ياسر”، كان لطيفا ومتواضعا وغير طماع، فإيجار البيت كان مقبولا جدا في تلك الأيام. تميز أهل الحارة بالكرم والإخلاص والتدين، وبعضهم أهل تصوف سابق، ومنهم أصحاب قدرة على الخطابة والتدريس في المسجد. إمام مسجد حارة “القواسمي” كان الشيخ شفيق القواسمي- جزاه الله خيرا- على دعمه لنا في كل شيء. في ذلك المسجد، بدأ الشيخ صالح الشريف- أحد اساتذتنا في الكلية- يعطي الدروس، وفيه بدأت تقام حلقة علمية قيمة جدا يقف على رأسها الأستاذ صالح. ما ميز الجو الجديد أن منبر المسجد كان متاحا لمن يرغب ويملك القدرة على الخطابة والتدريس. هذه الأجواء- بحمد الله- جعلتنا نكمل الأجواء الرائعة التي عشناها في حارة أبو سنينة”.

 

“سكننا تحوّل عنوانا للضيوف”

وأكمل الشيخ رائد عن الأجواء في حارة القواسمي: “كان سكننا قريبا من مبنى كلية الشريعة- بعكس السنة الأولى-، فبتنا نتنقل براحتنا، ونعدّ فطورنا لوجود متسع من الوقت قبل أن نخرج إلى الكلية. هذه الظروف المريحة ساعدتنا في أن نكمل مسيرتنا التعليمية، كما زاد علمنا على يد العلماء في تلك الحارة (القواسمي) ما زادنا فهما وتمسكا بثوابتنا الإسلامية العروبية الفلسطينية”.

وتحوّل السكن في “القواسمي” إلى محطة التقاء لكثير من طلاب الشريعة، سواء من الداخل الفلسطيني أو من أهل الخليل أو بلدات الضفة، وكان كذلك محطة التقاء لكثير من أساتذتنا في الكلية. وفق الشيخ رائد.

وأردف: “زارنا في سكننا الكثير من الطلاب والأساتذة، منهم الأستاذ إسماعيل عمرو- رحمه الله- وكان محاضرا في الكلية، وكان ينتمي لحزب التحرير، وكان صاحب فهم ووعي وفكر، فزادنا ثقافة إسلامية وتفاؤلا بمستقبل الإسلام. كما زارنا كثيرا الأستاذ حافظ الجعبري. أيضا، بدأنا نحظى بزيارة عدد كبير جدا من شباب الحارة. وأيضا بدأنا نستقبل ضيوفا من غير الطلاب، من: أم الفحم، وباقة، وبير السكة، وجت، والطيرة، وغيرها. للتعرف على وضعنا والتواصل معنا”.

 

طلاب جدد من الداخل

في السنة الثانية لدراستنا- يتابع-، التحقت بالكلية وعلى مراحل، مجموعات أخرى من طلاب الداخل، حيث التحق الأخ محمود العمري من صندلة، والأخ عبد الرحمن ذياب من عرعرة، ثمَّ التحق بنا أيضا الشيخ خالد حمدان مع الأخ مازن درويش، تعلما معنا لفترة وبعدها انتقل الشيخ خالد إلى كلية أصول الدين في القدس، فيما توجّه الأخ مازن لدراسة “فنّي أسنان”. بعد أن أنهينا دراستنا التحق في الكلية الشيخ كمال خطيب، والشيخ منير أبو الهيجاء، والأخ عبد الباسط من بير المكسور. وبدأت أعداد الطلاب من الداخل تزداد كثيرا في فترات لاحقة.

وأكمل الشيخ رائد: “اجتهدنا بالقدر المستطاع أن نتعاون مع الطلاب الذين التحقوا بالدراسة بعدنا، وبقينا على تواصل معهم حتى بعد أن انهينا الدراسة، فبعد خروجي من السجن في أعقاب محنة أيام “أسرة الجهاد”، قررت زيارة الكلية، وهناك تعرفت على الشيخ كمال وبقية الأخوة الذين قدموا إلى الكلية بعد انهائنا، واذكر تماما في تلك الزيارة، كانت هناك فترة منافسة انتخابية بين الكتل الطلابية في كلية الشريعة، الكتلة الإسلامية وكتلة الشبيبة. وحينها كانت الكتلة الإسلامية تستعد لتنظيم احتفال كبير بمناسبة الانتخابات وطلبوا منّي أن أكون عريف الاحتفال. بعد الاحتفال أكرم الله الكتلة الإسلامية بالفوز بكل مقاعد مجلس طلبة الكلية. تجدر الإشارة إلى أن الكتلة الإسلامية كانت تضم كل أصحاب التوجهات الإسلامية بمختلف مدارسهم. وكان نائب رئيس الكتلة الشيخ كمال خطيب. واجزم أن الشيخ كمال في هذه التجربة عاد إلينا وهو بحمد الله غني بالمعرفة والعمل القيادي، خاصة بعد أن تعرض خلال دراسته لمحنة شديدة عندما اقتحمت قطعان من المستوطنين وقوات الاحتلال كلية الشريعة، وأسفر الاقتحام عن استشهاد وإصابة العديد من الطلبة، وحفظ الله الشيخ كمال من تلك المحنة رغم الخطر الذي وقع عليه يومها. بالتالي فإن هذه الموقف بآمالها وآلامها هي أداة انضاج للطالب الجامعي كصاحب دور مؤثر. كذلك أتذكر أن الشيخ هاشم عبد الرحمن شغل مهام رئيس مجلس الطلبة في الكلية أيام دراستنا مع الإشارة إلى أن الكلية في فترتنا كانت في بداية نموها، لكن الشيخ هاشم قام بدوره وكان ناشطا في العمل والمبادرات الداعمة للطلاب”.

 

فرقة النور والألبوم الأول للنشيد الإسلامي

ووقف الشيخ رائد صلاح مطولا، عند بدايات عمل فرقة النور للنشيد الإسلامي والتي انطلقت من أم الفحم، ويقول إنه “في أحد الأيام زارنا في بيتنا بالخليل، أعضاء فرقة النور الإسلامية وكانت في بداياتها، وهذه الفرقة لطيفة من لطائف ربنا، وقد مرًّت بمراحل عديدة، وبرز فيها العديد من أصحاب الموهبة والصوت الجميل، منهم: الأخ علي الصالح، والاخ غالب والأخ نهاد- رحمه الله تعالى- وغيرهم. وفي بيتنا في الخليل وُلد الشريط الأول لفرقة النور، وكان من حيث الأناشيد يمثل تقليدا لأناشيد منشدين اشتهروا في تلك الفترة مثل المنشد أبو راتب وغيره من المنشدين خاصة من سوريا، ولكن صوت الأخ علي الصالح الذي أدَّى أناشيد الشريط الأول كان رائعا لدرجة أن الشريط انتشر في أنحاء الداخل والضفة وغزة وحتى في العالم العربي فقد أخبرني أحد الأخوة من القدس وكان يدرس في الجامعة الأردنية، أن الطلبة كانوا يقبلون بشكل كبير على الاستماع لشريط الفرقة (النور). لذلك وبسبب انتشار الشريط وازدياد الطلب عليه، قمنا بطباعته عدة مرات بعد نفاذ كل النسخ من السوق”.

وتابع: “فرقة النور بدأت وانطلقت بدون تخطيط، حيث جمعت حولها المواهب، وأحيت الأعراس الإسلامية التي انتشرت في تلك الأيام بشكل كبير جدا في مختلف البلدات العربية في الداخل وفي الضفة وحتى في غزة، كما أحيت المهرجانات الإسلامية، فتردد صدى فرقة النور والمنشد علي الصالح في كل مكان”.

وأكد الشيخ رائد أن “ظاهرة فرق النشيد الإسلامي، مثل: النور والاعتصام والصراط وغيرها بحاجة إلى بحث عميق، في كيفية وصول رسالتها الى كل الدنيا وتأثيرها في مجال الفن الإسلامي والصحوة الإسلامية عموما”.

 

مواجهة مع ضابط إسرائيلي

خاض الشيخ رائد في السنة الثانية لدراسته الجامعية، أول مواجهة مع ضابط من قوات الاحتلال الإسرائيلي في الخليل، حين زارهم في الكلية ممثلا عن “الدائرة المدنية” للاحتلال، وكان هذا الضابط يتحدث العربية- يقول الشيخ- وزعم أنه يريد مساعد الكلية، وكانت تصريحاته هذه أمام الطلبة بحضور الشيخ رائد، الذي ردّ عليه بالقول: “هل يمكن أن تفسر لي كيف تريد مساعدة كلية الشريعة وأنتم في نفس الوقت تتعرضون بالأذى للمقدسات والمسجد الأقصى المبارك”.

يتابع الشيخ عن الواقعة: “حين استفزه سؤالي، صرخ: “اجلس”. كما استدعيت حينها إلى مجلس أمناء الكلية وجرى لفت نظري مع قولهم إنهم يتفهمون حُرقتي وحماسي”.

 

الفهم الوسطي للإسلام

أمّا عن الدعاة والعلماء الذين تركوا أثرا على الشيخ رائد، خلال دراسته، فيقول: “جزى الله خيرا كل أولئك الدعاة، أتذكر الشيخ ماهر بدر والشيخ ماهر القدسي بالخصوص، ولا أنسى أثر العديد من ائمة المساجد وخطباء الجمعة في الخليل. أهم أثر- لله والتاريخ- تركوه علينا- أنهم حافظوا علينا في دائرة المدرسة الوسطية، كنَّا حديثي عهد مع مصطلح المشروع الإسلامي أو الصحوة الإسلامية. ولما كنَّا كذلك، كان هناك خطر أن ننزلق بحسن نية في تيارات تقود في نهاية الأمر إلى أزمة التكفير. في حينه حفظنا هؤلاء الدعاء وبدأوا يشرحون لنا الفهم الوسطي السليم للإسلام ورؤية المشروع الإسلامي، وبدأوا يوجهوننا إلى الكتب المناسبة لقراءتها والتي تصب في الرؤية الوسطية الإسلامية. مما لا شك فيه اننا كنا نحتفظ بداخلنا بأسئلة كثيرة كطلاب جدد، من قبيل: ما هو المطلوب الآن، هل يجب أن ننتظر حتى تقوم الخلافة وهي كفيلة أن تقوم بكل الواجبات المطلوبة لتطبيق الإسلام؟!، أم علينا أن نغير ما بالأنفس ونتواصل مع الناس من خلال كل ما هو متاح فندعو الناس الى التوبة وترك المنكرات والتمسك بالثوابت والولاء الصافي لله وعملية تكثير سواد المسلمين. كان هذا السؤال محل جدل طويل في المساجد خلال الدروس والحلقات العلمية. أذكر أنه في إحدى المرات، زارنا المرحوم الشيخ عبد الله نمر درويش في مسجد الأتقياء- على ما أذكر- وطلبنا منه أن يلقي درسا، فسألنا ماذا يشغل بال المصلين، فأجبناه “سؤالنا هو: هل ننتظر الخلافة أم علينا البدء بالتغيير”. فكان درسه عن هذا الموضوع. كانت هذه الأجواء العلمية النافعة دائمة خلال دراستنا في الخليل. لذلك فإن الدعاة والعلماء الذين جمعنا الله بهم، كان عندهم الفهم السليم العميق للإسلام والذي يوحي بالسكينة، إذ اكدوا دائما، قوله تعالى: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم..”. لذلك أؤكد أننا بحاجة إلى جهد متواصل لإحياء مفاهيمنا الإسلامية وإعداد قاعدة للتغيير حتى يتحقق التغيير، لأن التغيير لن ينزل علينا مرة واحدة، وهذا ما تبنيانه والحمد الله رب العالمين، وأسال الله القبول”.

شاهد الحلقة هنا:

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى