أخبار رئيسيةالقدس والأقصىتقارير ومقابلاتومضات

اقتحام بن غفير ومطالب جماعات الهيكل هل يفجر معركة الأقصى؟

ما بين اقتحام وزير الأمن القومي الصهيوني المتطرف إيتمار بن غفير، وقائمة المطالب الـ 11 لجماعات الهيكل، تبدو آفاق معركة الأقصى مرشحة للانفجار مبكرًا في عام 2023.

خُلسةً جاء اقتحام بن غفير للأقصى، صباح الثلاثاء، واستمر لدقائق معدودة كانت كافية لدق ناقوس الخطر حول توجهات حكومة الاحتلال اليمينية بقيادة نتنياهو، إزاء قبلة المسلمين الأولى.

بن غفير أعلن بعد ساعات من توليه منصبه في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الجديد، عزمه اقتحام المسجد الأقصى، وحقق وعده في رسالة تعكس توجهات أخرى جدية حول خطط المساس بالمسجد.

مطالب جماعات الهيكل

ففي اليوم الأول لتولي بن غفير منصبه وجّه محامي ما يسمى مجلس “السنهدرين الجديد” (المؤسسة الحاخامية المركزية لجماعات الهيكل الاستيطانية المتطرفة) أفيعاد فيسولي، رسالة إلى مفوض الشرطة الإسرائيلية في القدس يطلب فيها توضيح السياسة الرسمية التي سيتبعها بن غفير هنا.

وتضمنت الرسالة 11 مطلبا لجماعات الهيكل المتطرفة التي ترفع لواء السعي لإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى.

والمطالبات المعلنة، تشمل: التقسيم المكاني بتخصيص كنيس داخل الأقصى، والتأسيس المعنوي للهيكل بأداء جميع الطقوس التوراتية فيه، وإدخال جميع “الأدوات المقدسة” التوراتية إليه، وتمديد ساعات اقتحام المتطرفين للمسجد، والسماح للمستوطنين المقتحمين بأداء جميع الصلوات والطقوس التوراتية فيه.

وتشمل أيضا فتح الباب للاقتحامات طوال أيام الأسبوع، وعدم إغلاق المسجد بوجه المتطرفين الجمعة والسبت، وإنهاء مرافقة الشرطة الإسرائيلية للمتطرفين خلال جولاتهم الاقتحامية.

كما تشمل السماح بإدخال ما يسمونها “الأدوات المقدسة” إلى المسجد الأقصى، وتشمل رداء الصلاة والقبعة ولفائف التوراة وتابوت العهد والأبواق والقرابين النباتية والحيوانية، والسماح باقتحام المسجد من جميع الأبواب، وعدم اقتصار ذلك على باب المغاربة الذي تسيطر عليه سلطات الاحتلال منذ احتلال شرقي القدس عام 1967.

وتتضمن عدم إغلاق المسجد الأقصى أمام المقتحمين خلال المناسبات الإسلامية، وإعلان ما يسمى “الحق المتساوي” لجميع الأديان في الأقصى، وإلغاء سياسة الإبعاد عن الأقصى بحق اليهود، وفتح باب الكنيس المقام في المدرسة التنكزية التاريخية المطلّة على ساحات الأقصى، والخاضع حاليا لسيطرة وزارة الأمن الإسرائيلية، أمام جميع اليهود.

 

صاعق تفجير

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا، أن اقتحام بن غفير، وكل مطلب من مطالب جماعات الهيكل المتطرفة يمثل صاعق تفجير، يمكن أن تنفجر في أي لحظة، ولا أحد يعرف إلى أين يمكن أن تمتد.

ورأى القرا، أن الائتلاف الحكومي الصهيوني المشكل من جماعات مفرطة في التطرف والإرهاب يسعى إلى تكريس تهويد القدس وفرض وقائع جديدة في المسجد الأقصى مدفوعًا بمطامح سياسية، محذرًا من أن ذلك يعني الدخول في حقل ألغام لأن موقف المقاومة الفلسطينية معلن وواضح؛ بأن سيف القدس لا يزال مشرعًا.

وذكّر بأن هذا الوزير المتطرف نفذ عدة اقتحامات لأولى القبلتين عام 2022 عضوًا في الكنيست الإسرائيلي، وخلال جولاته الاستفزازية حرّض على الفصائل الفلسطينية وعلى الأوقاف الإسلامية.

وفي حينه قال بن غفير: “لقد حان الوقت لطرد الأوقاف الأردنية من جبل الهيكل”، وفي ثالث أيام عيد المظلة اليهودي (العُرش) قال خلال اقتحامه: “نحن أصحاب هذا المكان، ويجب أن نمتلكه”.

 

معركة وجودية

ويحذر المختص في شؤون القدس زياد ابحيص، في مقال له، من أن معركة المسجد الأقصى معركة وجودية بالنسبة لليمين الصهيوني؛ فالإحلال الديني في الأقصى هو لبّ الصهيونية وجوهرها الذي ينتظر التحقيق وفق تنظيره، والمعركة عليه لن تكون سهلة، وإن كانت مرشحة لأن تكون نصراً إذا ما خضناها بالكامل وحتى نهايتها.

ويقدّر بأن الاحتلال يتجه نحو عدوان واسع من 6 حتى 13 إبريل القادم، الموافق للأسبوع الثالث من رمضان القادم.

 

معادلة الردع

ويرى أن لدينا معادلة ردع من خمسة عناصر: أولها وأهمها الرباط والفعل الشعبي، وثانيها عـمليات المبادرة الفردية، وثالثها التفاعل الشعبي الخارجي، ورابعها فعل المقاومة المنظمة من قطاع غزة، ويدخل اليوم عنصر خامس هو المـقــاومة المنظمة في حواضن محدودة في الضفة أفلتت من قبضة التنسيق الأمني كما في كتـيبة جنين وعـريـن الأسود.

وقال: إن كنا نريد أن نبني على ما تحقق في 5 هبات ناجحة مضت، وعلى معركة ســيـف القدس فلا بد من أن نتمسك بمكونات المعادلة الخمسة، وأن نستثمر في الحالة الشعبية لأنها الهواء الذي تتنفسه بقية عناصر المعادلة، وأن نقوم بواجبنا تجاه مقدسنا بغض النظر عن قرارات الاحتلال وألاعيب إعلامه، وألا نستسهل الانتصارات السريعة والإعلامية، وأن نلتزم الصمت، وأن لا نهدد إلا عندما يكون الفعل حاضراً، بل لعل الواجب أن يسبق الفعلُ التهديد.

ويتفق القرا مع ابحيص، مبينًا أن التصدي لاقتحامات المسجد الأقصى يحتاج لخطوات مهمة: منها مرابطون على مدار الوقت، وهو فعل ميداني مهم، من القدس والضفة و48، وسلطة رسمية تتحرك لفضح ممارسات الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني.

كما أشار إلى الحاجة لعمليات فردية في القدس والأقصى كما كان يحدث بفترات مختلفة، وتصعيد نقاط الاشتباكات في الضفة، وهي مشتعلة وتحتاج لتأجيج، ومقاومة في غزة تراكم القوة، وتتحرك لردع الاحتلال وفق رؤية وطنية محددة بردع الاحتلال.

تقديرٌ خطأ

ويذهب محمد حنون، مدير مؤسسة “أوربيون من أجل القدس”، في تصريح له، إلى أن اقتحام غفير، الذي جاء بعد تمويه وتلاعب إعلامي يدلل على التقدير الخاطئ للحكومة الإسرائيلية لمدى خطورة هذه الخطوة، واستهتارها بمشاعر الفلسطينيين والعرب وعموم المسلمين.

ورأى أن تنفيذ الاقتحام بعد عملية تمويه، وفي وقت ومبكر، ولدقائق معدودة لا يقلل من خطورته وتداعياته، مذكرًا بأن اقتحامًا مماثلا من زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرييل شارون للمسجد الأقصى في 27 سبتمبر 2000، بحماية نحو ألفين من الجنود والقوات الخاصة، تسبب بتفجّر انتفاضة الأقصى التي استمرت سنوات ولا تزال مفاعليها مستمرة لهذا اليوم.

ونبه حنون إلى التوجهات الخطيرة لبن غافير وعموم حكومة الاحتلال، مدللاً على ذلك برسالة جماعات المعبد المتطرفة التي باتت تطالب علنًا بافتتاح كنيس داخل الأقصى والسماح بكامل الطقوس والأدوات والقرابين في المسجد.

تغلي المراجل غضبًا للأقصى، ويتأهب الأحرار للدفاع عنه والمقاومة سيفها لم يغمد، والجميع يترقب تطورات المشهد في الأيام والأسابيع المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى