أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتشؤون إسرائيليةومضات

محللون: عودة أميركا للاتفاق النووي مع إيران مصلحة إستراتيجية لإسرائيل

تزامنا مع عودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم في إسرائيل، وهو الذي يعدّ عرّاب خيار الضربة العسكرية للمشروع النووي الإيراني، تُجمع التقديرات السياسية على أن واشنطن معنية بالعودة للاتفاق النووي، رغم تصريحات الرئيس جو بايدن بأن الاتفاق قد “مات”، ويرى الإسرائيليون أن هذا المسار مصلحة إستراتيجية لهم.

ووفقا لصحيفة هآرتس العبرية، تحمل التقديرات الأمنية الإسرائيلية بشأن رغبة واشنطن في العودة إلى مسار المفاوضات مع طهران رسائل إلى نتنياهو، الذي يعدّ المحفّز الأساسي لانسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 وإعادة العمل بالعقوبات المفروضة عليها.

وتدعو هذه الرسائل حكومة نتنياهو الجديدة إلى تجنب الصدام مع البيت الأبيض، وضرورة تحديد إستراتيجية واضحة للتعامل مع الملف النووي، وذلك من خلال تحالف دولي وأوروبي، خصوصا في ظل الإجماع على عدم جاهزية إسرائيل لمواجهة عسكرية مباشرة مع إيران، وعدم قدرتها لوحدها على توجيه ضربة عسكرية لمنشآتها النووية.

وفي تقدير موقف لمركز أبحاث “الأمن القومي” التابع لجامعة تل أبيب حيال الصعوبات في المفاوضات لتجديد الاتفاق النووي وتداعيات ذلك على إسرائيل، يرى المركز أن استمرار الوضع القائم له تداعيات خطيرة على إسرائيل. وعليه، فإن مسار المفاوضات والعودة إلى الاتفاق مهما كان سيئا هو مصلحة إستراتيجية لإسرائيل، وذلك لمنع طهران من تكديس ما يكفي من المواد الانشطارية لتخصيب كميات كبيرة من اليورانيوم.

 

تدارك الخطأ

في المقابل، بدت تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي “أمان” وتوصياتها لحكومة نتنياهو الجديدة أكثر وضوحا، إذ يُعتقد أن على إسرائيل الدفع نحو العودة للاتفاق النووي أو التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، يحل محل الصفقة السابقة التي انهارت بسبب انسحاب ترامب، وهو ما أعتُبر “خطأ إستراتيجيا”.

ووفقا لتقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، فإن تل أبيب في قلق متزايد من التقدم في البرنامج النووي الإيراني، خصوصا وأن أجهزة الاستخبارات الغربية تجمع على أن إيران باتت “دولة عتبة نووية”، الأمر الذي يمكّنها من الانتقال لتخصيب اليورانيوم على المستوى العسكري بنسبة 90%، والوصول في غضون أسابيع قليلة إلى كمية كافية من اليورانيوم المخصب لصنع قنبلة نووية.

 

مخاوف وأزمات أعادت المفاوضات

وجاءت التقديرات الإسرائيلية هذه في حين ينشغل المجتمع الدولي والولايات المتحدة بالتوترات مع الصين وحرب روسيا في أوكرانيا، في الوقت الذي تسابق فيه إيران الزمن بخطوات متصاعدة -وفق محللين- نحو تثبيت المشروع النووي، خاصة في ظل تعليق مفاوضات العودة لاتفاق 2015 مع الدول العظمى وواشنطن.

ورجّح يوآف ليمور، المحلل العسكري لصحيفة “يسرائيل هيوم”، أن مخاوف واشنطن من معدل تكديس اليورانيوم عالي التخصيب كانت وراء استئناف إدارة الرئيس جو بادين مسار المفاوضات مع إيران من أجل العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي، وهي الأسباب ذاتها التي تدفع واشنطن إلى طاولة المفاوضات من جديد، وهي أيضا مصلحة لإيران التي تشهد احتجاجات داخلية وأوضاعا اقتصادية مزرية.

وأوضح المحلل العسكري أن مختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية باستثناء جهاز الموساد تتفق على ضرورة عودة واشنطن إلى الاتفاق مع إيران، على اعتبار أن مراقبة طهران دون اتفاق محدودة جدا وتكاد تكون معدومة.

ويعارض الموساد العودة للاتفاق الأصلي، ويشترط اتفاقا جديدا يجعل إيران بالفعل بعيدة عن الأسلحة النووية لمدة طويلة، ويحدّ من نفوذها في الشرق الأوسط وتموضعها العسكري في سوريا.

الاتفاق أو الخيار العسكري

ويعتقد الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي “أمان” اللواء احتياط تمير هايمن أن سيناريوهات المفاوضات بين إيران والدول العظمى لا تزال قائمة، مرجحا أن هذا المسار قد يكون متواصلا من وراء الكواليس، في حين تمضي طهران قدما بالمشروع النووي.

وقال هايمن إن هناك مصلحة إسرائيلية إستراتيجية في احتواء المشروع النووي الإيراني، سواء عبر العودة إلى الاتفاق القديم، وهو ما تقوده أميركا، أو عبر طي صفحة الماضي والتوجه لإبرام اتفاق نووي جديد بحسب المستجدات، إلى جانب بحث مسارات بديلة ومنها الخيار العسكري عبر تحالف إستراتيجي عالمي وإقليمي محوره إسرائيل.

وأشار إلى أن الظروف الإقليمية وكذلك الحرب الروسية الأوكرانية وتعزيز نفوذ الصين في الشرق الأوسط، كلها عوامل تشير إلى أن مصلحة أميركا والغرب في العودة للمفاوضات، والتوصل إلى اتفاق نووي مع طهران، في حين أن الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايتها، وكذلك الجديدة، ليست لديها رؤية إستراتيجية واضحة للتعامل مع المشروع النووي الإيراني.

وألمح إلى أنه من مصلحة أميركا وأوروبا وإسرائيل التوصل إلى صيغة اتفاق مع طهران. وعزا ذلك إلى أن تعثر المفاوضات وغياب أي تفاهمات وانعدام الرقابة الدولية على منشآت الطاقة النووية الإيرانية يقرب إيران لتصبح قوة نووية، مما يعني تعزيز حكم النظام الإيراني الحالي.

ويعتقد الرئيس السابق لـ”أمان” أن الملف النووي الإيراني يضع حكومة نتنياهو الجديدة أمام تحديات كبيرة، خصوصا في ظل التقارب الروسي الإيراني في أوكرانيا وسوريا، وهو ما يلزم الامتناع عن الصدام مع الإدارة الأميركية والتنسيق أكثر مع أوروبا لردع إيران عن تملك سلاح نووي، سواء بخيار المفاوضات والاتفاقية أو حتى بالخيار العسكري، على حد تقديره.

 

مصلحة مشتركة لإيران وأميركا

على الصعيد الدبلوماسي والاصطفاف الإقليمي والدولي، رأى نمرود جورن، رئيس المعهد الإسرائيلي “ميتفيم” المتخصص في السياسات الخارجية لإسرائيل والشرق الأوسط، أن العودة إلى مسار مفاوضات النووي مصلحة مشتركة لإيران -التي تشهد احتجاجات داخلية واقتصادا متأزما- ولأميركا بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا وتصاعد التوتر مع الصين في الكثير من الملفات.

وعزا جورن عودة واشنطن للتفاوض مع إيران إلى التقارب الروسي الإيراني، ودعم طهران لموسكو في الحرب بأوكرانيا وتداعيات ذلك على الحلفاء في أوروبا، وكذلك تعزيز النفوذ الصيني في الشرق الأوسط، وتولي نتنياهو رئاسة الوزراء بإسرائيل و”هو عرّاب الخيار العسكري وتوجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية”.

ويعتقد الخبير الإسرائيلي أن العوامل المذكورة مجتمعة من شأنها أن تسهم في تراجع حضور أميركا كقوة عظمى، وتقوّض قدرتها على التأثير في ملفات حارقة في حال زعزعة تحالفاتها في أوروبا أو حتى مع الدول العربية بالشرق الأوسط، مرجحا أن بايدن خانه التعبير حين صرح بأن الاتفاق النووي قد “مات”، خصوصا وأن البنتاغون يدفع ويؤيد توقيع اتفاق نووي مع إيران.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى