أخبار رئيسيةأخبار عاجلةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

خربة إحميّر.. فصل في مسلسل النكبة المستمرة

بين تهجير السكان والمزارعين، وتجريف الأراضي وتسييجها وسلبها، تتعدد فصول العدوان “الإسرائيلي” في خربة إحميّر في الأغوار شمال شرقي الضفة المحتلة، لتجسد حالة النكبة المستمرة.

ومنذ سنوات يتعرض الفلسطينيون سكان الأغوار لاعتداءات منظمة من سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” وقطعان المستوطنين؛ بغية تهجيرهم ودفعهم لترك أراضيهم، انسجامًا مع مخططات الاحتلال لطرد الفلسطينيين من المنطقة والاستيلاء عليها وضمها لما يسمى “السيادة الإسرائيلية”.

ولم يسلم البشر ولا الحجر ولا الحيوان من اعتداءات الاحتلال على كل شبر من الأرض الفلسطينية خلال 74عامًا.

وبعد أكثر من 7 عقود على النكبة، تبدو فصولها حاضرة في خربة إحميّر التابعة لخربة الفارسية في الأغوار الشمالية، فقد باتت الخربة شاهدة على جرائم الاحتلال المتواصلة، وعلى رأسها التهجير القسري، والاستيلاء على الأراضي.

وأقدمت سلطات الاحتلال في 17 أيلول/سبتمبر الجاري على تسييج مساحات واسعة من أراضي خربة إحميّر؛  بهدف الاستيلاء عليها لمصلحة المشاريع الاستيطانية.

هجمة شرسة

مسؤول ملف الأغوار ومقاومة الاستيطان، معتز بشارات، يؤكد، أنه لا يمكن عزل ما يجرى في خربة إحميّر عن ما يحدث في باقي مناطق الأغوار، فهناك هجمة شرسة من سلطات الاحتلال وعصابات المستوطنين من خلال ما يسمى “مجلس المستوطنات” الذي يوفر كل الإمكانيات والدعم اللوجستي والمالي لعصابات المستوطنين، حيث يوفر أكثر من 135 مليون شيكل (الدولار 3.46 شواكل) شهريًّا لهذه العصابات من أجل تنفيذ مشاريع استيطانية في الأغوار.

الهدف من هذه الهجمة الاستيطانية -وفق بشارات- هو الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من أراضي المواطنين الفلسطينيين، التي لم تتمكن سلطات الاحتلال الرسمية من السيطرة عليها عبر ما تسمى “الإدارة المدنية” المنتهية الصلاحية، من خلال إعلانها مناطق عسكرية مغلقة، أو محميات طبيعية، أو أملاك غائبين، أو مناطق أثرية، لاسيما أنها أراضي خاصة للمواطنين الفلسطينيين الذين يملكون أوراق طابو تثبت ملكيتهم لها.

بنية تحتية للمستوطنات

وبالعودة لما يجرى في خربة إحميّر يشير بشارات إلى استيلاء الاحتلال على ما يزيد على 1500 دونم من أراضي الخربة وتسييجها لإقامة مشاريع بنية تحتية للمستوطنات المقامة في المنطقة، بالإضافة لبناء مدرسة لأبناء المستوطنين، ومشاريع استيطانية مختلفة، رغم وجود تجمع سكان فلسطيني في المنطقة قبل قيام كيان الاحتلال، وأصحاب الأراضي يملكون أوراق طابو رسمية تثبت ملكيتهم لأراضيهم.

ويوضح أنه وقبل ما يزيد على سبع سنوات أقدمت قوات الاحتلال على هدم جميع مساكن المواطنين في خربة إحميّر، لكنهم أعادوا بناءها والسكن فيها، ولاحقًا أعلن ما يسمى “قائد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية” المنطقة “منطقة عسكرية مغلقة” يمنع وجود الفلسطينيين فيها.

ويضيف “قبل أربع سنوات أقامت عصابات المستوطنين في المنطقة بؤرة استيطانية أطلق عليها اسم “جفعات سلعيت”، واليوم تحولت هذه البؤرة لمستوطنة معترف بها من حكومة الاحتلال، تسيطر على جميع الأراضي المحيطة بها، وعلى الثروات الطبيعية الموجودة في المنطقة، وعلى رأسها المياه الجوفية”.

التهجير القسري

ما تقترفه سلطات الاحتلال في الأغوار يندرج ضمن سياسة التهجير القسري للفلسطينيين، وفق تأكيد بشيرات، مبينًا أن الاحتلال يسعى لخلق بيئة طاردة للفلسطينيين، من خلال التوسع الاستيطاني، والسيطرة على أراضيهم، والتضييق عليهم ومحاربتهم بمصادر رزقهم، عبر السطو على السيارات والجرارات الزراعية وصهاريج المياه ومعدات حظائر الأغنام، مقابل خلق بيئة جاذبة للمستوطنين، وتقديم المشاريع والمنح المالية الهائلة لهم من أجل الإقامة فيها والسيطرة عليها.

مراحل المعاناة

الخبير في شؤون الاستيطان، عارف دراغمة، يبين أن ثلاثة آلاف فلسطيني كانوا يسكنون في خربة الفارسية قبل عام 1967 حينما أقدم الاحتلال الإسرائيلي على تدميرها تمامًا وتشريد أهلها، في حين يسكنها الآن 100 عائلة فلسطينية، منها 18 تقيم في خربة إحميّر التي تعد الجزء الأساسي من الفارسية، ويعتمد سكانها على تربية المواشي والزراعة.

وكانت المنطقة تضم نبع مياه جففه الاحتلال قبل حوالي 20 عامًا، بفعل الآبار العميقة التي حفرتها شركة “ميكروت” الإسرائيلية، وبالتالي أصبحت الخربة تفتقد لمراعيها ومياهها.

ويوضح الناشط في رصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال في الأغوار، أن الاحتلال سيطر على ما نسبته 70٪ من أراضي الخربة من خلال إقامة مستوطنة “مخولا” عام 1968، وخلال العشر سنوات الأخيرة كثف الاحتلال من هجماته الاستيطانية على خربة إحميّر التي تمثل حلقة الوصل بين الأغوار الفلسطينية، حيث أقام الاحتلال 5 بؤر استيطانية في المنطقة المقابلة لخربة إحميّر.

وخلال السنوات الثلاث الماضية بدأ المستوطنون بالتوسع على حساب ما تبقى من أراضي خربة إحميّر من خلال الاستيطان الرعوي، ليسيطروا على آلاف الدونمات من الجهة الغربية، ومنعوا الرعاة الفلسطينيين من رعي مواشيهم هناك، ومن الجهة الشرقية توسعت مستوطنة “شدموت مخولا” على حساب أراضي الخربة، وفق دراغمة.

وتمتد منطقة الأغوار شماليّ البحر الميت على ما يقارب من 30 % من مساحة الضفة الغربية، ويسكن في المنطقة 65 ألف فلسطيني، في حين استجلب إليها الاحتلال نحو 11 ألف مستوطن على بؤر أقيمت عنوة على الأرض الفلسطينية.

وتشكل هذه المنطقة احتياطي الأرض الأكبر بالنسبة للفلسطينيين؛ إلا أن الاحتلال استولى على الغالبية العظمى من مساحتها، كما يستغلها لمصلحة احتياجاته هي فقط، بهدف ضمّها إليه بحُكم الأمر الواقع.

وباستمرار يسعى الاحتلال لإنهاء الوجود الفلسطيني في الأغوار، ومنع المواطنين من استخدام نحو 85% من مساحتها، ويقيّد وصولهم إلى مصادر المياه، ويحارب بناءهم المنازل.

إضافة إلى ذلك، تعمل سلطات الاحتلال على تهجير أكثر من 50 تجمعًا سكّانيًا منتشرًا في أنحاء منطقة الأغوار عن طريق تحويل حياتهم إلى مستحيلة

 

 

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى