أخبار رئيسيةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

قرية النبي صموئيل.. صمود أسطوري رغم مخططات الاحتلال التهويدية

في المنطقة الجبلية الواقعة بين مدينة رام الله في الضفة الغربية ومدينة القدس، تقع قرية النبي صموئيل، دون حدود لها، فالقرية التي بنى مسجدها الظاهر بيبرس، يغيب وجودها في حضرة المخططات التهويدية الإسرائيلية الماضية بلا توقف.

ولا تزال مخالب الاحتلال تنهش وتقضم أراضي ومعالم القرية الدينية والأثرية، لتحول كل ما تمتلكه إلى التراث اليهودي، من أجل تغييب الحدود وطمس الهوية، ويبقى أهلها الأصليون في مصافي المتشردين والمهجرين.

حالة النبي صموئيل فريدة من نوعها، كونها أول قرية في الضفة الغربية تطرد السلطات الإسرائيلية سكانها وتدمر منازلهم بهدف تحويلها إلى موقع أثري.

وتقع قرية النبي صموئيل إلى الشمال من القدس وخارج نطاقها البلدي؛ فعلى بعد كيلومتر واحد إلى الشمال من حي راموت، تقع هذه القرية بجوار موقع أثري يحمل نفس الاسم، وترتفع 890 مترًا فوق سطح البحر.

في الشمال الشرقي لهذا الموقع، تقع القرية الفلسطينية، الجيب، وفي الشمال الغربي منه توجد مستوطنتا جفعات زئيف وجيفعون، وفي الغرب تقع بلدة بيت إكسا؛ حيث بنيت قرية النبي صموئيل على قمة التلة، حول المسجد والقبر الذي يُنسب إلى النبي صموئيل.

مخطط قديم

“لا بد من إزالة الآثار غير اليهودية كافة وهدمها وحرقها، إن تمكن اليهود من السيطرة على القدس”، تلك هي المعادلة التي أقرها “ثيودور هرتزل” مؤسس الحركة الصهيونية للسيطرة على الأرض، ويلخص هذه العبارة ما يحصل من تهجير قسري وتطهير عرقي ضد كل ما هو فلسطيني في القدس خصوصًا وما حولها.

وتُذكِّر تضاريس القرية واهتمام الاحتلال بالسيطرة عليها، بقول رئيس وزراء الاحتلال السابق أرائيل شارون: “يجب علينا التحرك بسرعة لانتزاع أكبر قدر ممكن من قمم التلال (الفلسطينية) من أجل توسيع المستعمرات (اليهودية)، فكل ما سنأخذه اليوم سيبقى لنا، وكل ما لن ننجح في انتزاعه سيذهب لهم”.

وبحسب المصادر التاريخية، يقول البعض إن القرية تقوم على موقع بلدة “مصفاة، أي برج النواطير” الكنعانية، وفي العهد الروماني كانت تسمى “Maspaha”.

ووجه مستوطنون صهاينة دعوات لاقتحام قرية النبي صموئيل ومسجدها غدًا الجمعة، والحشد بأعداد كبيرة تصل إلى 10 آلاف مستوطن.

القرية المنسية

وتعاني القرية الإهمال والتهميش من بلدية الاحتلال والسلطة الفلسطينية، ومن انعدام أبسط مقومات الحياة الإنسانية فيها، حتى أصبح سكانها يُطلقون عليها “القرية المنسية السجينة”.

ويؤكد مدير دائرة الخرائط ونظم المعلومات الجغرافية في جمعية الدراسات العربية، خليل تفكجي، أن قرية النبي صموئيل تعد في منطقة C، ويعد الجانب الإسرائيلي أن النبي صموئيل موجود بها.

وأوضح تفكجي، أن ما يُشاهد الآن من أبنية هي ما تبقى من بقايا القرية التي هدمت عام 1972؛ حيث أُعلن عنها عام 1995 محمية طبيعية على حوالي 3500 دونم.

ويشير إلى أن سكان القرية يُمنعون منعًا باتًّا من إقامة أي بيت أو ترميمه أو تطوير المنطقة، لافتًا إلى أن القرية قريبة من الخط الأخضر.

وقال: “حاولنا قدر الإمكان أن نضع في هذه المنطقة مدرسة عن طريق الأردن بما يعرف بـ “الأردن مدرستي” عبر الملكة رانيا؛ حيث أُدخل كرفان إلى القرية عن طريق القوة”.

وأضاف: “قرية النبي صموئيل معزولة بالكامل، فالدخول والخروج منها يجب أن يكون عبر الارتباط”، مؤكدًا أن الجانب الإسرائيلي يضغط بالكامل من أجل إخراج السكان الفلسطينيين من هذه المنطقة.

مخططات تهويد

وبحسب تفكجي فإن عدد السكان قبيل الاحتلال كان ما يقارب ألف نسمة، واليوم تراجع تراجعا كبيرا جدًّا؛ حيث لم يعد يتجاوز الـ 300 نسمة.

ويوضح أن منطقة مسجد النبي صموئيل تعدُّ من المعالم الإسلامية التي تقع ضحية التهويد، بعد تحويل الطابق الأول إلى كنيس يهودي، إلى جانب تزوير الاحتلال هوية المسجد تدريجيًّا، واستغلال الحفريات الأثرية التي لا تتوقف في القرية الفلسطينية.

ولفت إلى أن القرية كانت في الفترات التاريخية السابقة منطقة “كاشفة”، لأنها في الفترة الصليبية كانت منطقة كاشفة لمنطقة الساحل، مشيرًا إلى أن المنطقة استراتيجية أيضًا في الفترة الأردنية؛ حيث كان الجانب الإسرائيلي يتخوف من أن يُقطع الشارع الرئيسي بين القدس و”تل أبيب”.

الناشطة نوال بركات، رئيسة جمعية نسوية النبي صموئيل، وأحد سكان القرية، تؤكد أن القرية تعاني من أوضاع معيشية صعبة جدًّا؛ حيث يعمل الاحتلال على الضغط على السكان من أجل الخروج من القرية.

وأوضحت بركات، أن زوجها ونجلها وثمانية من شبان القرية اعتقلوا قبل يومين، ومُدد لهم بسبب مناكفات مع المستوطنين الذين يحاولون التنغيص على حياتهم والاعتداء عليهم.

وتقول، إن القرية تمتد جذورها لمئات السنين، وفي زمن الصليبيين كانت قلعة صليبية، وعندما جاء صلاح الدين حوّل القلعة لمعلم إسلامي.

وتشير إلى أن عدد السكان قبيل الاحتلال كان ما يقارب ألف نسمة، واليوم تراجع كثيرا؛ حيث لم يعد يتجاوز الـ300 نسمة.

وقالت: ” عام 1968 سيطر الاحتلال على المسجد تحت ذريعة وجود قبر للنبي صموئيل “أحد أنبياء بني إسرائيل”. حيث تستمر الاقتحامات للمسجد والقيام بصلوات تلمودية إلى يومنا هذا.

وأكدت على أنه يُمنع على أهالي القرية البناء أو التوسع بدعوى عدم الترخيص، مشيرة إلى أن من يبني اليوم يعدُّ مخالفا للسياسات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن الدخول والخروج للقرية يتم عبر حاجز الجيب، ومن خلال التنسيق مع المجلس القروي، مؤكدة أن الاحتلال يمنع أي شخص من دخول القرية في حال لم يكن له قرابة مباشرة مع شخص فيها.

رقابة وحصار

وتعاني القرية بحسب بركات، من رقابة شديدة على كل البضائع التي تدخل إليها، مشيرة إلى أنها تحتاج في بعض الأحيان إلى تنسيق للخبز وأطباق البيض الزائدة عن طبقين وصناديق الكولا والأعلاف وغيرها، مؤكدة أن إدخال البضائع والمنتجات للقرية في عداد المستحيل.

وعلى الرغم من كل هذه القيود، إلا أن أهالي القرية لا يزالون متمسكين بهويتهم، ويرفضون الخضوع لسياسات الاحتلال وفق بركات، مشددة على ضرورة أن يكون هناك إسناد من أهالي القدس للقرية عبر تقديم الخدمات لها وزيارتها، وصد قطعان المستوطنين عنها.

وأكدت أن القرية تعاني من التهجير البطيء، حيث إن الكثير من سكان القرية باتوا يقطنون خارج القرية بسبب عدم السماح لهم بالبناء أو ترميم المنازل أو أي مقومات حياة.

كما أفادت أن السلطة الفلسطينية لا توفّر طاقم بلدية يعمل على تنظيف حاويات القمامة إلا مرة في الشهر، مما يؤدي إلى تراكم النفايات في الشوارع.

دعوة للتصدي

من جهته، قال الناطق باسم حركة حماس عن مدينة القدس محمد حمادة، إن مخطط اقتحام قرية النبي صموئيل ومسجدها جريمة تستدعي حمايتها والتصدي لإرهاب المستوطنين.

وبين حمادة، أن المخطط الإرهابي لاقتحام آلاف المستوطنين قرية النبي صموئيل غربي القدس المحتلة، الجمعة القادمة، جريمة جديدة ضمن مسلسل التهويد وتهجير المقدسيين.

وأكد أن الأمر يستدعي استنفار أهل القرية الصامدين، وكل من يستطيع الوصول إليها، لحمايتها والتصدي لقطعان المستوطنين بكل قوة.

وأضاف: “إنّ هذا المخطط، الذي يأتي بالتزامن مع استعدادات صهيونية للمصادقة على مخطط جديد لبناء 700 وحدة استيطانية الأسبوع المقبل، في مستوطنة “جفعات شكيد” بالقرب من بلدة بيت صفافا جنوب القدس المحتلة، يكشف حجم الهجمة الاستيطانية الشرسة التي تتعرض لها القدس، للسيطرة على ما تبقى من المدينة وتحقيق التفوق الديمغرافي، في ظل صمت دولي مريب”.

ودعا حمادة أهل الضفة الغربية والقدس، إلى تفعيل كل أدوات الدفاع عن المدينة ومسجدها المبارك، وتصعيد المقاومة في وجه هذا التغول الاستيطاني والإرهاب الصهيوني المتواصل، والوقوف في وجه المخططات الإسرائيلية بحق قرية النبي صموئيل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى