أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتشؤون إسرائيليةعرب ودوليومضات

بوابة الأردن.. تحالف انتخابي ضد نتنياهو أم تطبيع اقتصادي يربط إسرائيل بالخليج؟

أثار قرار رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية يائير لبيد الإسراع في تنفيذ مشروع “بوابة الأردن”، المتعلق بإنشاء منطقة صناعية مشركة بين الأردن وإسرائيل، حالة من الجدل في الأوساط السياسية والاقتصادية الأردنية، خاصة أنه جاء بعد لقائه الملك الأردني عبد الله الثاني في عمّان الأسبوع الماضي.

ولم يأتِ الحديث عن بوابة الأردن منفصلا عما يجري في الساحة، فقد سبقه الحديث عن مشاريع إستراتيجية مثل خط سكة حديد السلام الذي سيربط إسرائيل -من خلال الأردن- بالسعودية والإمارات، وفتح الموانئ الإسرائيلية أمام الصادرات العربية لأوروبا وأميركا، بالإضافة إلى فتح السعودية مجالها الجوي أمام الطيران الإسرائيلي، وتدويل جزيرتي تيران وصنافير.

ويربط محللون أردنيون بين توقيت إعلان لبيد عن الإسراع في تنفيذ المشروع، وبين اقتراب موعد انتخابات الكنيست في أكتوبر/تشرين الأول القادم، والتي تشهد منافسة ساخنة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، ورغبة الأردن بعدم عودة نتنياهو للحكم، لتوتر العلاقات بين البلدين خلال فترة رئاسته للوزراء.

أراض أردنية

ويعتبر “بوابة الأردن” مشروعا مشتركا أردنيا إسرائيليا، يقوم على فكرة إنشاء منطقة صناعية مشتركة، على أن تقام تلك المنطقة على أراضي الجانب الأردني بمساحة 700 دونم (الدونم ألف متر مربع)، فيما يشكل الجانب الإسرائيلي جبهة داخلية لوجستية وقاعدة لنقل البضائع إلى الموانئ الإسرائيلية، وتم إنشاء جسر بين الجانبين لتسهيل حركة مرور المشاة ونقل البضائع.

رسميا، أوضح مصدر مسؤول في وزارة الاستثمار الأردنية، أن مشروع “بوابة الأردن” عبارة عن منطقة حُرة خاصة، تقع بالقرب من بلدة المشارع بمنطقة الأغوار الأردنية في محافظة إربد شمال غرب المملكة، وتعود فكرة إنشائها للعام 1998، والمشروع يديره القطاع الخاص، ويوجد فيه حاليا مصنعان عاملان يعودان للقطاع الخاص.

وأكد المصدر -في بيان صحفي أول أمس الاثنين- أن المشروع لم يُستكمل، وشهد تعثرا في استكماله لدى الجانب الإسرائيلي منذ ذلك الحين.

وأضاف أن ما تناقلته وسائل الإعلام حول إعلانات تخص هذا المشروع من قبل مسؤولين إسرائيليين مؤخرا، قد تكون خطوة أولية نحو استكمال المشروع الذي ننتظر لمعرفة المزيد من التفاصيل بشأنه عبر القنوات الرسمية.

مشاريع إماراتية

ويهدف إنشاء المنطقة الصناعية -بحسب وزارة التعاون الإقليمي الإسرائيلية- لتعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الأردن وإسرائيل، وتوسيع نطاق إمكانيات العمل بالنسبة لسكان الدولتين.

وستدخل المنطقة الصناعية بمميزات التجارة الحرة بين الدول والولايات المتحدة، حيث سيتم في إطارها منح إعفاء من الجمارك للمنتجات التي يتم إنتاجها فيها وتصدّر للولايات المتحدة.

ووفق تصريحات صحفية لوزير التعاون الإقليمي في إسرائيل عيساوي فريج، فإن الإمارات ستبني مراكز ومخازن لها على الأراضي الأردنية وبالقرب من الحدود، وستعمل على نقل تلك البضائع إلى مناطق متعددة حول العالم.

وأشار فريج إلى أن الإمارات ستقوم أيضا باستئجار مناطق من أجل تخزين بضائعها بعد نقلها من ميناء حيفا، مما سيحول ميناء حيفا إلى ميناء رئيسي في المنطقة، وبوابة لنقل البضائع إلى دول عربية وخليجية.

تطبيع اقتصادي

ويرجع سبب حديث لبيد في هذا التوقيت -بحسب محللين- إلى “دواع انتخابية”، وسعيا منه لتحقيق إنجازات على أرض الواقع، خاصة أن الجانب الإسرائيلي قادر على جذب استثمارات صناعية للمنطقة بدعم أميركي.

ولا يبدي محمد الحلايقة نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق تفاؤله بقدوم مستثمرين أردنيين للاستثمار في تلك المنطقة، عازيا السبب في ذلك إلى “شبهة التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وعدم موائمة طبيعة المنطقة الزراعية للصناعات الثقيلة”.

لكنه أشار إلى أن المشروع سيمهّد -في حال نجاحه- لحزمة من المشاريع الإستراتيجية التي من شأنها دمج اقتصاد الكيان الإسرائيلي بالمنطقة العربية، ومنها مشروع سكة الحديد الذي سيربط بين الاحتلال الإسرائيلي ودول الخليج العربي مستقبلا، وفتح موانئ الاحتلال للصادرات العربية، وتعزيز فرص السلام الاقتصادي.

وبخصوص مشروع سكة الحديد، قال الحلايقة إن الجانب الإسرائيلي يسير بشكل متسارع لتنفيذ المشروع، واعتقد أنه وصل لمسافات قريبة من المناطق الحدودية مع الأردن، لكن الأردن لديه عدة تحفظات على المشروع، خاصة ما يتعلق بخط سيره وبدء التنفيذ.

مواجهة نتنياهو

سياسيا، يظهر الأردن -بحسب محللين- حرصه على منع عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو للحكم، ويعمل على دعم التحالف الحكومي القائم حاليا، ومنحه فرصة جديدة لإثبات قدرته وتعزيز فرص نجاحه وعودتها للحكم في انتخابات الكنيست القادمة في أكتوبر/تشرين الأول القادم.

وأكد وزير الإعلام الأسبق سميح المعايطة -للجزيرة نت- أن هناك حالة من التوافق بين الأردن والإدارة الأميركية بقيادة الرئيس جو بايدن على عدم عودة نتنياهو للحكم، لما سيكون في ذلك من تعطيل لعملية السلام، ومزيد من الاستفزازات للأردن في ملفات الرعاية الهاشمية على القدس، والتوسع في الاستيطان.

وأردف قائلا “الأردن يحاول من خلال علاقاته بالقوى السياسية والعربية والتحالف الحاكم، تعزيز فرص نجاحه، لكنه ليس اللاعب الوحيد في انتخابات الكنيست، فهناك الناخب الإسرائيلي وهو مصدر الحسم بالانتخابات”.

تطبيع جبري

شعبيا، يرى منسق حملة “غاز العدو احتلال” هشام البستاني أن السياسيات الرسمية للسلطات الأردنية مصممة على ربط المواطن الأردني بالمشاريع الإستراتيجية الإسرائيلية بالمنطقة عنوة، وبشكل إجباري دون إيجاد أي خيار للمواطن، والمثال على ذلك واضح بمشاريع استيراد الغاز الطبيعي من الكيان الصهيوني وتوليد الكهرباء للأردنيين ومشروع شراء المياه المحلاة من الكيان الصهيوني.

لكن في المقابل، يضيف البستاني أن الرفض الشعبي للتطبيع مع الكيان الصهيوني سيبقى قائما بما هو متاح له، سواء في مقاطعة المنتجات الصهيونية من خضار وفواكه وبضائع مختلفة، أو رفض الشراكة بمشاريع صناعية مع مستثمرين إسرائيليين، فـ”عار التطبيع مع الكيان الصهيوني ما زال يشكل هاجسا للأردنيين”.

وتابع البستاني أن الأخطر من ذلك أن “يصبح الأردن ممرا للبضائع والسلع الصهيونية”، عبر بوابة لمشاريع إستراتيجية اقتصادية من شأنها دمج الكيان الصهيوني بمنطقة الخليج ودول الجوار، مشددا على أن ما يسمى بـ”السلام الاقتصادي” هو في الحقيقة احتلال صهيوني للمنطقة، ونهب لمقدراتها وخياراتها بمساعدة من صُنّاع القرار.

وتزامن حديث رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد عن مشروع بوابة الأردن مع انسحاب لاعبي المنتخب الأردني للتايكوندو للناشئين: ميسر الدهامشة (13 عاما) وعبد الله شاهين (12 عاما)، من مواجهة لاعبين إسرائيليين في بطولة العالم بمدينة صوفيا البلغارية، رفضا للتطبيع مع إسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى