أخبار رئيسيةمقالاتومضات

ليتني أكون مرابطا

أمية سليمان جبارين (أم البراء)

أمنية لا يتمناها إلا من عرف ما تحويه هذه الأمنية من خير وبركة على صاحبها، فالرباط عبادة عظيمة ومغنمة كبيرة وهي من أوجب الواجبات التي على كل مسلم القيام بها، لأن الرباط هو العمل الوحيد الذي يُنمى لصاحبه حتى بعد الموت لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل ميت يختم على عمله إذا مات إلا المرابط فإنه يُنمَّى له عمله ويأمن من الفزع الأكبر).

وقد اختص الله أهل الشام وفلسطين بهذه المهمة العظيمة من خلال إشارة بعض الأحاديث المتظافرة التي توضح لنا ذلك. ومن أوضح هذه الأحاديث حديث (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خذلهم أو من خالفهم حتى يأتي أمر الله. قيل وأين هم يا رسول الله؟ قال: في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس).

فما أعظمها من نعمة أن تجتمع علينا في آن واحد نعمة الإسلام ونعمة الرباط ونعمة عيشنا في بيت المقدس، تلك النعمة التي يغبطنا عليها الكثير من المؤمنين الذين عرفوا قيمة الرباط على هذه الأرض المقدسة المباركة، وقد أشار الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم في أحاديثه إلى الحث على التواجد في هذه الأرض والرباط فيها من خلال مشورته للصحابي الجليل ذي الأصابع حين سأله: (إذا ابتلينا بالبقاء بعدك يا رسول الله أين تأمرنا؟! قال: عليك ببيت المقدس فلعله ينشأ لك ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون).

لذلك نجد أن الصحابة والتابعين والعلماء قد اجتهدوا في الرباط على هذه الأرض المقدسة لمعرفتهم لأهمية الرباط على هذه الأرض، التي تعتبر نهاية التاريخ (أرض المحشر والمنشر) وقد عملوا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه)، وقد يسأل سائل ما المقصود بالرباط ؟! فنقول إن الرباط يعني الإقامة في ثغر من ثغور المسلمين، تقوية لهم، ويُشرع الرباط في الثغور خوفا من اقتحام العدو لبلاد المسلمين، وقد يكون واجبا إذا ُفرِض على أناس بعينهم. لذلك نجد أن السيدة ميمونة مولاة رسول الله قد وعت وفهمت قيمة الرباط والتواجد في بيت المقدس، إلا أنها ولظروف قاهرة لم تستطع التواجد والرباط فيه فقالت يا رسول الله: أفتنا في بيت المقدس فقال: أرض المحشر والمنشر، ائتُوهُ فصلُّوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة، قالت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه، قال فتهدي له زيتا يسرج فيه فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه).

من هنا، يتضح لنا عِظم قيمة المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى، وأرض المحشر والمنشر، وبوابة الأرض إلى السماء ويتضح لنا من خلال هذه الأحاديث كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار لأمته العيش على هذه الارض المقدسة بنية الرباط والرباط فيه، احتسابا للأجر والثواب.

ومن لم يستطع الوصول إليه بنية الرباط واحتساب أجر الصلاة فيه أي المسجد الاقصى لأي ظرف يفرضه الواقع عليه، فعليه إرسال زيتا ليسرج في قناديله، وهذه اشارة الى إعماره، نعم فإن الزيت هنا لفظ مجازي وإشارة رمزية إلى وجوب دعم المسلمين لقضية القدس والمسجد الأقصى والوقوف بوجه مخططات تهويده أو السيطرة عليه، ذلك أن بيت المقدس يمثل البوصلة والقضية المركزية لجميع الأمة الإسلامية، فعلى كل من يستطيع تقديم الدعم والمساندة في استمرارية إضاءة قناديله التي تتمثل بحلقات العلم وتحفيظ القرآن الكريم وكفالة المرابطين ودعمهم معنويا وماديا ذلك لأنهم يقفون على أهم ثغرة من ثغر الرباط نيابة عن جميع أبناء الأمة المسلمة، وأنا على يقين وكما ذكرت آنفا أن هنالك الكثيرين ممن يتمنون الصلاة في المسجد الأقصى والرباط فيه ولو لسويعات قليلة، تصديقا للحديث الشريف: (وليوشكن أن يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا وما فيها).

ومن هنا أهيب بكل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى للرباط فيه ولو جزئيا بمعنى أن ينوي الرباط عند دخوله للمسجد الاقصى مادام فيه، كأن يقول نويت الرباط في المسجد الاقصى ما دمت فيه، وها هو شهر رمضان فتح سوق شرف الزمان ليجتمع على المصلين في الاقصى شرفان، شرف الزمان وشرف المكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى