أخبار رئيسيةأخبار عاجلةشؤون إسرائيليةومضات

سفير إسرائيلي يحدد خطوات لتحقيق نتائج زيارة هرتسوغ لتركيا

بعد مرور أسبوعين على زيارة الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ إلى أنقرة للمرة الأولى منذ عام 2008، تعتبر الأوساط السياسية في تل أبيب أنها محاولة لفتح صفحة جديدة في علاقات الجانبين، حيث شهدت علاقاتهما صعودًا وهبوطًا على مر السنين.

في الوقت ذاته، أسفرت زيارة هرتسوغ عن الإعلان عن زيارة متوقعة لوزير الخارجية التركي إلى تل أبيب الشهر المقبل، وربما أيضًا وزير الطاقة التركي، مما يدفع الإسرائيليين لطرح السؤال عن كيفية استعادة الحوار السياسي مع الأتراك، وفي أي مجالات بالضبط، رغم أنهما يعلمان أنهما وصلا إلى مفترق طرق حقيقي، وسط ارتباطهما بعلاقات متفاوتة مع مختلف الدول الفاعلة في المنطقة، مع التركيز على مصر ودول الخليج، خاصة الإمارات والسعودية.

مايكل هراري الدبلوماسي والسفير السابق، والباحث في القضايا الإقليمية، ذكر في مقاله بموقع “زمن إسرائيل”، أن “الاندفاعة التركية باتجاه إسرائيل تعود في أسبابها إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي تشهده، وما طرأ على وضعها الإقليمي مؤخرا، في ظل تعاونها الناشئ في السنوات الأخيرة، لكنه لم يكتمل بعد، مع دول المنطقة الواردة أعلاه، رغم أن الأتراك يسابقون الزمن لترميم علاقاتهم الإقليمية قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل”.
وأضاف أن “محاولة استشراف علاقة أنقرة وتل أبيب عقب زيارة هرتسوغ تأخذ بعين الاعتبار ما تشكل حرب أوكرانيا من فرصة لتقريب مواقفهما منها، رغم أنهما، كل على طريقته الخاصة، يرى في الحرب معضلات معقدة بالنسبة له، وفي الغالب، هناك أوجه تشابه كبيرة في طريقة مواجهتهما ومناقشتهما لحيثياتها، وفي هذه الحالة فإن المطلوب منهما تحديد مصالحهما المشتركة من مآلات تطورات الحرب، مما قد يساعد ببناء الثقة بينهما”.

يبدي الإسرائيليون أن أولى ثمار زيارة هرتسوغ إلى أنقرة قد تتمثل في إجراء الحوار المتجدد بهدوء وعقلانية مع الأتراك، تفاديا للأزمات المبكرة التي قد تنشأ بينهما، من خلال إعادة السفراء للعاصمتين، باعتبارها خطوة أولى ضرورية، وبدون تكلفة باهظة، فضلا عن التحرك السريع في مجال الطاقة، وبشكل ملموس، من خلال صادرات الغاز الإسرائيلية إلى تركيا، فضلا عن المراكمة على التطورات الإقليمية التي تم بناؤها في السنوات الأخيرة في شرق البحر المتوسط، وأمام دول الخليج من خلال اتفاقيات التطبيع، وهي تطورات قد تضع العلاقات الإسرائيلية التركية في موقع سياسي استراتيجي مهم للغاية.

بجانب ذلك، تسعى المحافل الإسرائيلية لمحاولة توظيف اتفاقيات تصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر والأردن، وإنشاء منتدى الغاز الإقليمي (EMGF)، لإظهار تركيا بوصفها لاعبًا إقليميًا مهمًا للغاية، والنظر لتحسين العلاقات معها على أنه يخدم المصلحة الإسرائيلية، إضافة للمصلحة الإقليمية، رغم أنهما جاءتا إلى التقاطع الحالي من اتجاهين مختلفين، ومجموعة متباينة من التوقعات، خاصة في ظل ما شهدته السنوات الأخيرة من تغيير كبير في علاقاتهما.

من أجل ذلك، تعتبر الأوساط السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية أن زيارة هرتسوغ الأخيرة إلى أنقرة، ينبغي أن تشكل فرصة لاستئناف الحوار السياسي على المستويات العليا بين أنقرة وتل أبيب، تحقيقا لجملة أغراض وأهداف محددة، أهمها بناء الثقة بين الحكومتين، وإعادة بناء لقاءات المصالح الثنائية، رغم أنها عملية معقدة، لكنها ممكنة، وتتطلب عملاً شاقًا في المدى القريب، بزعم أن الساحات ذات الصلة والمهمة مثل سوريا وإيران، قد تشكل الأساس المتجدد للتعاون الإسرائيلي التركي.

صحيح أنه يصعب الحديث عن نشوء مصالح متطابقة بين أنقرة وتل أبيب عقب زيارة هرتسوغ، لكن الإسرائيليين لا يستثنون وجود ما يعتبرونها “زوايا” يمكن لهما من خلالها تحديد المصالح المشتركة، بزعم أنهما تسعيان لكبح نفوذ إيران في المنطقة بشكل عام، بما في ذلك في سوريا، كل لمصالحه الخاصة، بعد أن تآكلت مصالحهما المشتركة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ولعل زيارة هرتسوغ تسفر عن إعادة تحديدها.

رغم التباين الحاصل في بعض الملفات بين أنقرة وتل أبيب، ولم تنجح زيارة هرتسوغ في جسر الهوة بينهما فيها، لكن من الواضح لكلا الطرفين أن التعاون في مجال الطاقة يتطلب اتفاقيات على المستوى الاقتصادي يحدد سعر الغاز وتكاليف أخرى، رغم أن الأهم هو الخاص بالمستوى السياسي الاستراتيجي، صحيح أن الحديث يدور عن منتج اقتصادي، لكن أساسه سياسي للغاية، لأنه لا يمكن إنكار أنه في ظل ظروف شرق البحر المتوسط، وبالنظر للخلافات العميقة بين تركيا واليونان وقبرص ومصر، فإن مسألة الغاز تصبح قضية سيادية تؤثر على اللاعبين الرئيسيين في المنطقة، وهي مسألة لا يمكن لإسرائيل تجاهلها.

الخلاصة الإسرائيلية أن التعاون الذي قد يبدأ مع الأتراك في مجال الطاقة عقب زيارة هرتسوغ يتطلب حوارا سياسيا معهم، يناقش مسائل جادة ومتعمقة حول البنية الإقليمية في حوض البحر المتوسط الشرقي، بجانب تعاونهما في مجال تصدير الغاز، لأنه يؤثر بشكل مباشر على المصالح الحيوية لهذه الدول، وعلى المثلث الإسرائيلي اليوناني القبرصي، فضلا عن مكانة الزاوية الخاصة بمصر، لأنها ذات أهمية حيوية للغاية بالنسبة لإسرائيل، لكن الأمر يستدعي إدراج تركيا في هذا الهيكل الإقليمي، لأنها مهمة للغاية، ولاعباً محورياً يصعب تجاهله، وفق الرؤية الإسرائيلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى