أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةالضفة وغزةومضات

مقام النبي صالح بين مطرقة الاحتلال وسندان انعدام الخدمات

يتربع مقام النبي صالح على تلة مرتفعة إلى الغرب من مدينة الخليل المحتلة في الضفة الغربية وتحديدا في بلدة ترقوميا، ويُحرم الفلسطينيون من ترميمه بعد أن حظرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي ذلك بإخطار رسمي.

كما أن زيارة هذا المقام الذي يعود بناؤه إلى القرن السابع عشر الميلادي تقتصر على سكان المنطقة فقط كونه في منطقة نائية لا تصلها الخدمات الأساسية رغم محاولات السلطات المحلية إنجاز ذلك.

وأوضح الدكتور طالب جبران، مدير آثار محافظة الخليل أن هناك أكثر من مقام في فلسطين يطلق عليه اسم “مقام النبي صالح” سواء في مدينة الرملة في الداخل الفلسطيني أو في قرية النبي صالح في مدينة رام الله أو الواقع في قرية ترقوميا في الخليل.

وأكد على أن مقام النبي صالح في بلدة ترقوميا يقع على سطح تلة مطلة للشرق من بلدة أذنا، وللجنوب من بلدة ترقوميا، وهو ضمن أرض وقف تبلغ مجمل مساحتها حوالي 3 دونمات.

وقال جبران في حديث صحفي: “يعود تاريخ مقام النبي صالح في ترقوميا بحسب نمط البناء الموجود إلى القرن السابع عشر الميلادي في الفترة العثمانية”.

وأضاف: “يخلو المقام الذي بني من حجارة متوسطة الحجم ويقع مدخله في الواجهة الشمالية الغربية وتقدر مساحته بـ 60 متر مربع؛ من أي نقش لتاريخ إنشائه”.

وأوضح انه تم سقف المقام بقبة نصف كروية محمولة على كتف قصير بداخلها نوافذ، مشيرا إلى أن المقام يحتوي على محراب مقابل المدخل الرئيس والوحيد للمقام.

وأكد جبران أن المقام يخلو من أي شواهد وعناصر زخرفية وبالقرب منه يوجد بئر ماء قديم لتجميع مياه الشتاء.

وأوضح أن المقام لغة هو موضع الإقامة وموضع القدمين، وينسب المقام إلى أصحابه ولا يحتوي بالضرورة على رفاتهم أو الضريح بل يكفي أن صاحبه مر أو استراح في المكان أو انه قد تناقل الناس رواية ما وتبناها من تبعهم.

وأكد جبران أنه يوجد في فلسطين الكثير من المقامات دون ضريح كمقام النبي صالح ومقام يوسف والخضر.

وأشار إلى أن بعض المقامات تنسب للأنباء مثل النبي صالح ومقام نوح ومقام النبي موسى، حيث من شأن هذه المقامات أن تضفي صفة دينية تقديسية لهؤلاء الصالحين.

وتنسب المقامات أيضا للمقربين والصالحين مثل مقام الولي ومقام العابد ومقام الشيخ حسن، بحسب جبران.

وقال: “المقامات والأضرحة والتكيات والزوايا تسميات مكانية تتصف مباشرة بالصوفية حيث ارتبط هؤلاء بوجودها لأنهم حيث حلوا أقاموا أو لأنهم أقاموا أينما حلت المقامات”.

وأضاف: “أن الاهتمام بالمقامات بدأ خلال الفترة الصليبية، وذلك نظرا لحالة الصراع الطويلة والمريرة مع الصليبيين، وذلك قد يكون احد عوامل شحذ الهمم للتصدي للغزاة ولتأكيد هوية الأرض ورغبة القادة والمفكرين المسلمين في تجذير ارتباط الناس في المكان عبر صبغ المنطقة بصبغة دينية روحية، وكذلك لإظهار قوة المسلمين من خلال مواسم فصلية أو سنوية تقام في هذه المقامات”.

وأوضح أن ظاهرة المقامات زادت خلال العهد المملوكي من حيث بناء العديد من المقامات والمزارات للأولياء والصالحين في الخليل وكل المدن الفلسطينية.

وأكد جبران أن هذه المقامات كانت تحظى بعناية مستمرة وترميم وتجميل وإصلاح وتقديم النذور والهبات والهدايا من الحكام والسلاطين ومن المجتمع المحلي.

وأوضح أنه في العصر العثماني شجعت السلطات المركزية على بناء هذه المؤسسات الدينية لما تحظى به من قدسية ومكانة في الفكر الإسلامي وشهدت هذه الفترة مواصلة إقامة العديد من المقامات وزيارة الناس لها.

ومن جهته أكد الشيخ جمال أبو عرام، مدير عام أوقاف الخليل على أن مقام النبي صالح هو من المقامات التي تشرف عليها وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، مشيرا إلى أنه يوجد في مدينة الخليل وحدها 40 مقاما.

وقال أبو عرام في تصريحات صحفية: “هذه المقامات وقف لا يجوز المساس بها، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية تقوم بالحفاظ عليها وترميمها باستمرار”.

وأضاف: “يقع مقام النبي صالح في الجهة الغربية من مدينة الخليل وتحديدا في بلدة ترقوميا، وقد تم تشكيل لجنة خاصة لهذا المسجد وهو يأتي على شكل مسجد ويوجد فيه محراب من اجل الترميم وعمل الأسوار المحيطة في المقام والأرض المقامة عليه المقام لرفع تعديات المجاورين عليه بهدف تعزيز الموقع لاستقبال السياح والزوار والرواد للمكان”.

وأكد أن الوزارة تعمل على توفير خط كهرباء ومياه وربطه بشبكة الأذان الموحد في الضفة الغربية وإدراجه على لائحة المقامات المرشحة لان يكون لها زيارات دورية.

وأوضح أبو عرام أن المنطقة التي يقع فيها المقام معزولة شيء ما، مؤكدا أن الشارع الرئيس يبعد عنه مسافة طويلة كذلك الكهرباء وخطوط المياه لا تصل المكان.

وقال: “المشاكل التي تواجه الأوقاف في المكان كثيرة، منها للأسف ما اعتاد عليه منقبي الآثار بنبش الأراضي المحيطة به وهي تتبع أيضا للمقام وهي تقاربـ 2000 متر مربع، هناك أعمال تنقيب من قبل منقبي الآثار أيضا والتعديات على الحدود كنا نواجهها”.

وأضاف: “تم ترميم المقام من الداخل والخارج من متطوعين بمتابعة وزارة الأوقاف ودائرة الآثار ونحن الآن بصدد ترميم جميع الساحات الخاصة بالمقام من خلال عمل السناسل والأسوار وبوابة له ووحدات صحية للزوار من اجل الحفاظ عليه”.

وأوضح أبو عرام أن زيارة المقام فقط الآن مقصورة على السكان المجاورين، وليس هناك زيارات من الخارج لعدم توفر الخدمات وبعد المسافة.

وقال: “نحن بصدد استكمال كل ما يتعلق بترميم المقام خاصة انه يقع على مسافة قريبة من خطوط التماس مع المستوطنات المجاور، وعلينا أن نقوم بهذه الواجبات للحفاظ عليه ليكون بعد استكمال الترميم جاهزا لاستقبال الجميع”.

وأكد أن من بين أهم العوائق لزيارة المقام هو قيام الاحتلال بتركيب بوابة حديدية على الشارع الرئيس الذي يصل للمقام.

وشدد أبو عرام على أن من المعضلات والمشاكل التي تواجههم الآن قيام الاحتلال بإخطارهم رسميا بوقف أعمال ترميم للمقام قبل شهرين، وهذا يعتبر تعدي سافر وسابقة خطيرة من قبل الاحتلال بحق المقدسات والمقامات التي هي مدرجة على لائحة التراث العالمي.

وأضاف: “أما بخصوص الزيارات فنحن ذاهبون إلى إتمام مشروع الترميم من اجل فتح أفاق الزيارات للمكان، وذلك لان دور وزارة الأوقاف أن تعيد للمقامات هيبتها ومكانتها وعودة هذه الزيارات لهذه المقامات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى