أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

وافرحتاه.. يا ويلتاه

الشيخ كمال خطيب

إنه كل واحد منا فبين أن يرى آثار توبته وعظيم فضل الله عليه بها فلسان حالهم يقول: يا لفرحتي وافرحتاه، أو أنه يقصّر في توبته ويظلّ يسوّف حتى يوافيه الأجل ولسان حاله يوم القيامة يقول: يا ليتني أو يقول يا ويلتاه.

إنها الفرحة بالتوبة شبهها النبي ﷺ لمّا قال: “لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ المُؤْمِنِ، مِن رَجُلٍ في أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ معهُ رَاحِلَتُهُ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حتَّى أَدْرَكَهُ العَطَشُ، ثُمَّ قالَ: أَرْجِعُ إلى مَكَانِيَ الذي كُنْتُ فِيهِ، فأنَامُ حتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ علَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ العَبْدِ المُؤْمِنِ مِن هذا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ”. وفي زيادة وفي رواية أخرى: “فقال اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ”

فليس أنه الفرح فقط من العبد وإنما هو الترحاب من الرب سبحانه، وكيف لعاقل أن ينال هذا الترحاب الرباني الذي لا يتطلب سوى توبة صادقة بغسل القلب بدموع العين وزفير وأنفاس الإنابة.

إن العبد إن لم يقل يا لفرحتي بالتوبة، وهذا لا يكون إلا في الدنيا فإنه حتمًا سيقول في الآخرة يا ليتني، ولكنها الأمنيات التي لا ينفع معها حسرة ولا ندم. وكم ورد في القرآن من امثلة في ذلك، قوله سبحانه: {كلاَّ إِذَا دُكَّتِ الارض دَكًّا دَكًّا*وَجَآءَ رَبُّكَ والملك صَفًّا صَفًّا*وجىء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإنسان وأنى لَهُ الذكرى*يَقُولُ ياليتنى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى} آية 21-24 سورة الفجر. وقوله سبحانه: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ*وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ*يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ*مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ} آية 24-28 سورة الحاقة. وقوله سبحانه: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا*يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا*لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} آية 27-29 سورة الفرقان.

فيا أيها المسوّف المتكاسل، يا من ألهتك الأمنيات عجّل بالتوبة ما دامت روحك في جسدك حتى تقول يا لفرحتي وإلا فلن ينفعك يوم القيامة أن تقول ألف ألف مرة يا ليتني، فما أطيبها وما أزكاها أنفاس التائبين، وما أعذبها دموع الصادقين، وما أجملها ثياب المتذللين المنكسرين، وما أروعها كلمات رب العالمين ينادي بها العصاة المذنبين {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} آية 53 سورة الزمر.

 

الوقت بدل الضائع، لا تضيعوه

كثيرًا مع نسمع على ألسن عشاق الرياضة مصطلح “الوقت بدل الضائع” في إشارة إلى فترة قصيرة فيها يتم تمديد لعبة كرة القدم جراء ضيّاع بعض وقتها بسبب إصابة أحد اللاعبين أو غير ذلك. هذه الدقائق القليلة يمكن أن يكون فيها حسم نتيجة المباراة لصالح هذا الفريق أو ذاك فيسعى كل لاعب لتسجيل الهدف الحاسم لصالح فريقه فلا يضيّع فيها ثانية لأنها فرصة مصيرية.

ما أكثرها الأوقات الضائعة في حياتنا ومن أعمارنا مع علمنا اليقيني أننا سنسأل عنها كما قال ﷺ: “لا تَزُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ”.

هذا الوقت الذي نضيّعه الآن في اللهو واللعب وفي غير فائدة ستأتي اللحظة التي سنتمنى بها أن نعود إلى الدنيا ولو قليلًا لنستخدمه في عمل صالح {مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ} آية 10 سورة المنافقون.

كثيرة هي المجالس والمناسبات والظروف التي نقضي فيها الأوقات من غير فائدة ولا منفعة لا بل إنها التي سنسأل عنها يوم القيامة لأننا ارتكبنا فيها إثمًا كما قال ﷺ: “كُلّ مَجْلِسٍ لَمْ يُذْكرُ الله تَعَالَى فِيهِ سَيَكُوْنُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَىْ صَاْحِبِهَ تِرةً وحَسْرَةً”.

ولكن الصالحين أصحاب الموازين الإيمانية فإنهم دائمًا كانوا يزِنون ويقيسون كل شيء بموازينهم الإيمانية والأخروية، وإنهم كانوا دائمًا حريصين على الوقت فلا يضيع من غير فائدة، فها هو صديق يسأل صديقه: كم يستغرق الطريق من بيتك إلى مكان عملك؟ فقال: في وقت الازدحام يستغرق 800 تسبيحة بينما في الوقت السهل بلا ازدحام فإنه يستغرق 400 تسبيحة، وهكذ كان جوابه الرائع لاستغلال الوقت بما ينفع.

ما أجمل أن تصبح موازيننا إيمانية في كل شيء، وما أجمل أن نستغل مشوارنا ووقت انتظارنا لحين يأتي دورنا عند الطبيب أو أي موظف فيكون بذكر الله والاستغفار والصلاة على رسول الله ﷺ، رغم أن بعض الناس من إذا جاء إلى المسجد قبل الأذان بدقائق أو حتى بين الأذان والإقامة، وبدل أن يقضي تلك الدقائق القصيرة بالذكر والاستغفار فإنه يتهامس مع جاره بأحوال الدنيا أو خبر سمعه أو قرأ عنه قبل دخوله المسجد.

 

كلب وشوك وليل أسود

إن من الناس من يعتبر أن أعظم يوم في حياته وعمره هو يوم تخرّجه من الجامعة وحصوله على شهادة رخصة العمل، ومن الناس من يعتبر أن أفضل يوم في حياته هو يوم زفافه، ومنهم من يرى أن أفضل يوم هو اليوم الذي يرزقه الله بذرية، ومن الناس من يعتبر أن أفضل يوم في حياته هو يوم حفظ كتاب الله كاملًا، ومنهنّ من تعتبر أن أفضل يوم في حياتها هو يوم لبس حجابها وأنه أفضل من يوم زفافها، وهكذا تتفاوت مقاييس وموازين الناس في اليوم الأفضل بالنسبة لكل واحد منهم.

وكان الحسن البصري قد سئل عن أي يوم هو عيد بالنسبة له فقال: هو اليوم الذي لا أعصي فيه الله رب العالمين”.

مع أن الهدي النبوي الشريف يعلمنا أن من الناس وإن كانوا لا يعلمون ولا يعرفون بحقيقة أفضل يوم في حياتهم حيث كان هو اليوم الذي صنعوا فيه خيرًا وإن كان صغيرًا في أعينهم لكنه كان في عين الله عظيم.

فها هو النبي ﷺ يعلمنا أن خير يوم كان لأحد الناس هو اليوم الذي غفر الله له كل ذنوبه بسبب إماطته شوكًا من طريق الناس، فقد قال ﷺ: “بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ، وجد غصنَ شوكٍ على الطريق فأخَّره، فشكَرَ الله له، فغفر له”، وفي حديث آخر قال ﷺ: “لَقدْ رَأيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ في الجَنَّةِ في شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَرِيقِ كَانَتْ تُؤذِي النّاسَ”.

وها هو النبي ﷺ يعلمنا كيف أن امرأة احترفت الزنا وفعلت الفاحشة ولم تكن تعلم أن يومًا ما سيكون هو الأعظم في حياتها رغم كل ما فعلته وهو اليوم الذي فيه سقت كلبًا عطشانَ ماء فشكر الله لها صنيعها وغفر لها ذنوبها، قالﷺ:” بيْنَما كَلْبٌ يُطِيفُ برَكِيَّةٍ -حافة بئر-، كادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، إذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِن بَغايا بَنِي إسْرائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَها -حذائها- فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لها بهِ”.

ولم يكن يعلم ذلك الرجل الذي كان له ستة أبناء ذكور وكان يكره البنات، فلما كان الحمل السابع لزوجته رزق بنتًا فسمع وهو يتأفف ويقول: “يا سواد ليلك يا فلان- يعني نفسه”. دارت الأيام وكبر أبناؤه وتزوجوا وكذلك البنت، وانشغل كل واحد منهم بزوجته وأبنائه ونسوا ذاك الأب القابع لوحده في المنزل بين أربعة حيطان بعد أن ماتت زوجته، فكانوا لا يتفقدونه إلا على فترات متباعدة إلا البنت التي كانت تزوره كل يوم. وذات يوم طرقت عليه الباب وقد جاءت لزيارته وقد اشتد عليه المرض واشتدت عليه الوحدة فنادى من الباب؟ فقالت له: أنا ليلك الأسود يا أبي، فلمّا دخلت عليه وقبّلت يده ورأسه مبتسمة قال لها: يا ليت كل الليالي كانت سوداء، أي ليت كل أبنائه الذكور كانوا بناتًا لما وجد من عناية ابنته له، بينما تقصير أبنائه بحقه فكان خير أيامه يوم رزق ببنت.

 

البريستيج العالي “الفاضي”

كثيرون منا هم الذين أصبحوا عبيدًا تحكمهم المظاهر الفارغة، وتسيطر على سلوكياتهم مفاهيم دخيلة زائفة جعلت من هؤلاء مثل الدمى المتحركة بلا قلوب ولا مشاعر ولا أحاسيس يؤدون أدوارًا يحددها لهم من يجلس خلف ستار المسرح.

يقول الدكتور حسان شمسي باشا في كتابه الجميل -هناك يحلو اللقاء-: سألت امرأة البائع العجوز عن سعر البيض في بقالته المتواضعة، فقال: البيضة الواحدة بجنيه يا سيدتي، فقالت تعطيني ست بيضات بخمسة جنيهات أو أشتري من مكان آخر؟ فأجابها البائع العجوز: تعالي خذيها كما أردت عسى الله أن يجعلها استفتاح خير فأخذتها وهي تشعر بالانتصار في هذه الجولة ثم تخرج وتركب سيارتها الفارهة ثمنها مئات الآلاف بل الملايين من الجنيهات.

إنها نفس المرأة تذهب مع صديقتها أو مع زوجها إلى المطعم وتطلب من أصناف الطعام الكثير فتأكلان ويبقى الكثير الكثير من الطعام، فهذا جزء مما تقتضيه قواعد البريستيج، ثم يأتي النادل بفاتورة الحساب وكانت قيمتها 230 جنيهًا فأعطته 250 جنيهًا قائلة: الباقي لك، وهذا أيضًا تقتضيه قواعد البريستيج. استقواء على المساكين وتلطف وكرم وعطاء على من لا يستحقون أو ليسوا بحاجة، وقد سئل أحد الصالحين أي أنواع الموسيقى حرام؟ فقال صوت الملاعق في صحون الأغنياء عندما ترن في آذان الفقراء.

كم نراهم ونسمعهم من يدخلون على بائع الخضار فيساومونه على سعر كيلو البندورة وهي رخيصة فيريدون الأرخص، وكم نراهم من يساومون الشاب الفقير الذي يحمل البضاعة من الملابس والجرابات على كتفيه طوال النهار يريدون تحصيل العدد الأكبر منها بأقل ثمن، بينما هو نفسه أو ابنه للحذاء أو البنطال الممزق والمرقع فإنه يدفع أبهظ الأثمان من أشهر الماركات لأن البريستيج كذلك يقتضي أن يظهر وعليه اسم الماركة ورمزها الذي يدل عليها.

فما أقبحها هذه المعركة بين البريستيج وبين المعاني الإنسانية فيها ينتصر البريستيج ليس فقط بتسجيل النقاط وإنما بضربات قاضية فيها يقضي على ما تبقى فينا من أخلاق وإنسانية ودين.

 

حذار حذار

لقد تحدثنا في فترة سابقة عن تلك المرأة التي دخلت الجنة وغفر الله لها لما سقت كلبًا عطشان ماء، وعن رجل دخل الجنة بشوك أزاله من طريق الناس وأماط أذاه عنهم. إنه العمل الصغير لمّا يكون لوجه الله تعالى بلا رياء ولا شهرة فإنه يكون ثقيلًا في ميزان الله، وعلى العكس فإنها أعمال يمكن أن تكون عظيمة لكننا نجعلها هباء لمّا نجعلها في سوق المزاد العلني ونشر الصور والفيديوهات والأخبار وهي في الأصل كان يمكن أن تظلّ سرًا بينك وبين الله تعالى. يكتب الدكتور حسان شمسي باشا جملة أمثلة عن هؤلاء:

. يقول أحدهم من جوار الكعبة المشرفة دعوت لأحبتي بكذا وكذا.

. ويبعث آخر قبيل الفجر رسالة يقول فيها: في هذه الساعة المباركة ثم يصف فضلها وحاله ثم دعواته التي خصّ بها أحد الناس.

. ويبعث آخر بصورة له وهو منهمك في توزيع الماء على عمال النظافة في حرّ القيظ.

. ورابع يضع صورته واقفًا في الروضة الشريفة بالمسجد النبوي أو بين الحجر والمقام في بيت الله الحرام رافعًا كفيه مبتهلًا.

. وخامس ينشر صورة بئر الماء الذي تكفّل بقيمة حفره كوقف خيري عن والده في أحد البلدان الفقيرة مصحوبة بعباره “يا رب تقبل مني”.

. وسادس يكتب “يا الله ركعتان أديتهما قبل قليل تساويان الدنيا وما فيها”.

. وسابعة تصور مكان المصلى الذي أعدته للصلاة والقيام في رمضان وتبعثه للزميلات.

. ومثلهم من ينشر صورته بلباس الاحرام ويكتب أنها عمرة أديتها عن فلان اللهم تقبل، وغير ذلك من الأمثلة.

ربما فعل هؤلاء كل ذلك من أجل تشجيع الآخرين فالله وحده يعلم بالنيات والسرائر، لكن حذار حذار من داء خطير يجري في خفاء شديد في عباده المتقين لا يعلم به إلا الله ألا وهو الرياء ذاك الذي تعاظم بشكل مخيف عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقد صوّر النبي ﷺ تسلله إلى قلوب الناس ببراعة متناهية، فقال: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ! اتَّقُوا هَذَا الشِّرْكَ! فَإِنَّهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ. فَقَالَ لَهُ مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ: وَكَيْفَ نَتَّقِيهِ وَهُوَ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ؛ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُشْرِكَ بِكَ شَيْئًا نَعْلَمُهُ، وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا لاَ نَعْلَمُه”.

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة

والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى