أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

إضاءات على زيارة مدينة خليل الرحمن

ساهر غزاوي

حفاوة الاستقبال، الرسمي والشعبي، التي حظي بها الشيخ رائد صلاح؛ رئيس لجنة إفشاء السلام القطرية المنبثقة عن لجنة المتابعة، والشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات المنبثقة أيضًا عن لجنة المتابعة والوفد الكبير المرافق لهما خلال زيارة مدينة الخليل الأربعاء، في إطار جهود لرأب الصدع بين عائلتي الجعبري والعويوي أبو عيشة، لم تأتِ حفاوة هذا الاستقبال الكبير من فراغ، وإن كان الانتظار الحار لأهالي مدينة الخليل الذين خرجوا إلى الشوارع والطرقات ليعبروا عن مشاعر الحب والتقدير للشيخ رائد ووفده المرافق بشكل عفوي، وليس بدعوة من أحد وترتيب وتنسيق مسبق، لأن الجماهير محفورة فيها الفطرة السوية تحركها مشاعرها الصادقة تجاه من تحب وتقدر له أعماله وتعبر كذلك عن امتنانها الكبير لمجهوده في نصرة القضايا والثوابت بأبعادها الإسلامية العروبية الفلسطينية. هكذا كانت الجماهير في الماضي والحاضر وهكذا ستكون في المستقبل ولم ولن تنتظر الإذن من أحد عندما تريد أن تقول كلمتها وتعلن عن موقفها.

إذا أردنا أن نتحدث عن مدينة خليل الرحمن على وجه الخصوص، فهي حقيقة لها خصوصية لا سيّما وأن من يترأس الوفد الكبير هما الشيخان رائد صلاح وكمال خطيب ولهما مكانة خاصة في قلوب أهالي الخليل، فهما وغيرهما ممن تعلموا وتخرجوا من كلية الشريعة الإسلامية في جامعة الخليل، ترعرعوا في مرحلة الشباب في الخليل، وعودة الشيخين مع وفد مرافق للمدينة، بعد أكثر من أربعين عامًا ضمن مساع للإصلاح بين عائلتين نزغ الشيطان بينهما، كان لهذه العودة ظلالها المباركة وإضاءاتها التي تجلت في حرارة الاستقبال والاحتفاء. وقد كتب أحد الأهالي من الخليل في مواقع التواصل الاجتماعي معلقا على زيارة وفد الداخل: (والذي خلق السماء بلا عمد إننا في الخليل نحب الشيخ رائد صلاح والشيخ كمال خطيب محبة لو وزعت على أهل الأرض لوسعتهم).

في قراءة سريعة لزيارة وفد الداخل إلى خليل الرحمن، أسجّل الملاحظات التالية:

1- حملت هذه الزيارة معان مباركة لمشهد الترابط والتلاحم الشعوري بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد الذي حاول الاحتلال الإسرائيلي ومن سار على دربه وعمل على تنفيذ مشاريعه، إحداث شرخ كبير بين أبناء الشعب الفلسطيني وتفتيت وحدته وتفريق أجزائه لمنع التحامه من أجل نصرة قضيته الواحدة ومصيره الواحد ومستقبله الواعد.

2- هذه الزيارة المباركة، سبقها زخم اعلامي كبير غير مسبوق في مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي على الصعيد المحلي والفلسطيني والعربي، ومن هذا الزخم الإعلامي الكبير تبين أن غالبية مجتمعنا في الداخل الفلسطيني وغالبية أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده وغالبية عالمنا العربي والإسلامي، تواقون للخير والسلم الأهلي وقد استبشروا خيرًا فور تناقل خبر إعلان الشيخ رائد صلاح التوجه إلى مدينة خليل الرحمن لبذل الجهود لرأب الصدع بين العائلتين المتخاصمتين.

3- عطفا على الملاحظة الثانية، فقد لاقت زيارة وفد الداخل الفلسطيني لمدينة خليل الرحمن الترحاب الواسع وأخذت الزخم الإعلامي الكبير والاهتمام الفلسطيني والعربي والإسلامي الكبير وهذا يؤكد على الموقف الواضح من النزاع الجاري بين عائلتين ومن إشعال فتيل نار فتنة الاقتتال الداخلي الذي تحركه أصابع خبيثة لا تريد الخير لحاضر ومستقبل مدينة الخليل، بل تضمر لها الشر لإشغالها عن دورها الحقيقي والتاريخي في دعم ونصرة القضايا والثوابت بأبعادها الإسلامية العروبية الفلسطينية.

4- الإصلاح بين الناس من أقدس الأعمال الصالحة وعبادة عظيمة يُتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى وعمل يحبه أهل السماء والأرض، لذلك فإن هذه المهمة حتى تنجح وتؤتي ثمارها لا بدّ من أن تتولاها عناوين تكون عند حسن الظن الناس بها وأعمالها تسبق أقوالها ومصدرًا للثقة وعنوانًا للحفاظ على القِيّم والثوابت الإسلامية العروبية الفلسطينية، وعناوين لا تُحركها بشكل أساسي دوافع المصلحة الشخصية والحزبية والفئوية ولو على حساب القيم والأخلاق، بل عناوين تضحي بالمصلحة الشخصية وتتخلق بأخلاق التفاني والإخلاص والتضحية وحمل هموم الآخرين.

5- مع كل ما ذكرت من ملاحظات سابقة، فإن الصلح بين الناس ورأب الصدع بين من نزغ الشيطان بينهم ليس بالأمر الهين ولا السهل ويحتاج إلى المزيد من بذل الجهود في مساعي الخير ونزع فتيل الفتنة على الأمد البعيد وليس الأمد القريب فقط، لذلك نستطيع أن نقول إن مهمة الوفد الذي ترأسه الشيخ رائد صلاح في زيارة الخليل لم تكن بالأمر الهين والسهل ونسأل الله أن تؤتي ثمارها، وإن لم تنجح اليوم بشكل كبير فإن رسائل الشيخ رائد صلاح التي وجّهها في ديوان آل الجعبري وديوان آل العويوي أبو عيشة قد صنعت الأجواء الإيجابية للصلح والسلم الأهلي والهدوء والاستقرار في مدينة خليل الرحمن، ويجب أن تستثمر هذا الأجواء وتتابع كما يجب من جاهات الصلح العشائري في الخليل خاصة ومن كافة بلدات فلسطين على الأمد القريب.

6- لا يختلف أحد أن الشيخ رائد صلاح الذي استبشر الكثير بزيارته لمدينة خليل الرحمن، والذي لا يختلف أحد عليه أنه محل إجماع ويملك الإرادة والعزيمة القوية ويملك إيمانًا راسخًا بعقيدته ودينه وقضيته لاستنهاض الهمم وإحياء الأمل في نفوس الناس، وكلامه ومواقفه يتركان الأثر الإيجابي الكبير على غيره، لكنه لا يملك المعجزات ولا الخوارق لحل المشاكل وحمل الهموم والتخفيف من أعباء المعاناة التي أثقلت كاهل مجتمعنا وشعبنا الفلسطيني وأكثر ما يحتاجه الشيخ رائد صلاح هو الدعم والإسناد والتعاون من قبل الجميع من أجل حمل هذه المهام العظيمة والمسؤوليات الكبيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى