دراسة تاريخية تكشف المخططات العسكرية الإسرائيلية لتهجير عرب النقب والاستيلاء على أراضيهم
طه اغبارية
ضمن مساعيهم لإثبات ملكيتهم على الأرض، تقدّم أهالي العراقيب بدعاوى قضائية ضد السلطات الإسرائيلية هذا إلى جانب النضال الشعبي الذي يخوضه أهل العراقيب منذ سنوات بالرغم من الغرامات الباهظة التي تفرضها السلطات فضلا عن هدم مساكن وخيام البلدة للمرة 197 والاعتقالات التي طالت شيخ العراقيب صياح الطوري والعديد من أهالي البلدة.
وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن انتصارها القضائي في ملف العراقيب يعني إغلاق باقي ملفات دعاوى إثبات الملكية التي تقدم بها أهالي النقب على أراضيهم التي هجروا منها قسرا أو التي تخطط المؤسسة الإسرائيلية لتهجيرهم منها.
غير أنّ دعوى أهالي العراقيب لإثبات ملكيتهم على أراضيهم تكتسب أهمية نظرا للإفادة التي تضمنتها والتي يفتح نافذة من الأمل في أن تتعاطى المحكمة مع دعوى أهل العراقيب بشكل من أشكال الإنصاف.
ويدور الحديث عن دراسة أعدّها البروفيسور غادي الغازي من قسم التاريخ في جامعة تل أبيب، وتكشف عن عملية عسكرية قادها قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، موشيه ديّان، هدفها وفقا لوثائق إسرائيلية، انتزاع الأراضي من البدو بالقوة. وكتب ديان في رسالة، عثر عليها إلغازي، أن “نقل البدو إلى مناطق جديدة سيُلغي حقهم كأصحاب الأرض وسيتحولون إلى مستأجرين لأراضي الدولة”.
وتحدثت وثيقة أخرى للحكم العسكري عن رفض البدو الانتقال من أراضيهم، وأنه إذا لم “ينتقلوا طواعية” فإن الجيش “سيضطر إلى نقلهم”، أي نقلهم بالقوة.
وقال د. عواد أبو فريح ابن العراقيب، لـ “موطني 48″، إن الشهادة التي أدلى بها البروفيسور الغازي أمام المحكمة قبل فترة طويلة إلى جانب العديد من المستندات والشهادات الأخرى ساهمت في إحداث تحول نوعي في مجريات دعوى أهل العراقيب ضد السلطات الإسرائيلية لإثبات بطلان قانون “شراء الأراضي” الذي تمت بموجبه مصادرة عشرات آلاف الدونمات من أهالي العراقيب.
ويخوض د. أبو فريح- رئيس قسم “البيوتكنلوجيا” في كلية سفير في النقب- إلى جانب عدد من أهالي العراقيب، منذ سنوات عديدة، معركة قضائية ضد السلطات الإسرائيلية للطعن في قانون “شراء الأراضي” وصولا إلى إثبات ملكيتهم على الأرض.
وأضاف أن ملف الدعوى بالخصوص بانتظار قرار المحكمة المركزية في مدينة بئر السبع منذ أكثر من سنة.
وتزعم المؤسسة الإسرائيلية أن البدو غادروا أراضيهم خلال حرب العام 1948، ولم يعودوا إليها، وصادرتها الدولة. ورسخت الدولة هذه المزاعم بسن “قانون شراء الأراضي”، في العام 1953، الذي ينص على أن هذه الأراضي المصادرة تنتقل إلى ملكية الدولة إذا لم يعود أصحابها البدو، الذين يتواجدون في البلاد، في الفترة بين 15 أيار/مايو العام 1948 والأول من نيسان/أبريل العام 1952. وادعى القانون أنه في تلك الفترة صودرت الأراضي من أجل “احتياجات تطوير حيوية”.
وفقا لدراسة إلغازي والوثائق التي كشفها، فقد قاد موشيه ديان عملية عسكرية عام 1951، لطرد البدو من أراضيهم ونقلهم إلى منطقة أخرى في النقب، وهو ما يفند مزاعم رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها دافيد بن غوريون، بأنه تم تنفيذ نقل منظم للبدو من شمال غرب النقب شرقا، وإلى مناطق مقفرة.
وأكدت الدراسة أن عرب النقب تصدوا لتهجيرهم يومها بالرغم من التهديدات والاعتداءات التي تعرضوا لها من قبل الجيش الإسرائيلي، وعمدت السلطات الإسرائيلية إلى حذف التقارير التي تفضح ممارساتها غير القانونية.



