أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

دور المرأة في العمل السياسي

أمية سليمان جبارين (أم البراء)

لطالما أثارت قضايا المرأة وحقوقها الجدل والنقاش، في أوساط المجتمع، سواء على المستوى الشعبي أو على المستوى الحقوقي والحكومي، بين مؤيد ومعارض لهذه القضايا مع العلم أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي كفل للمرأة كافة حقوقها. وسأتحدث من خلال هذه المقالة عن حق للمرأة المسلمة ودور فاعل لها كفله لها الإسلام لكن بعض المسلمين من الجهلة أو المتطرفين يريدون أن يحرموا المرأة هذا الحق ونسوا أو تناسوا قول الله تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله). من خلال هذه الآية الكريمة يحمل الله تعالى الرجال والنساء مسؤولية تقويم المجتمع وإصلاحه على حد سواء، لذلك نجد أن المرأة المسلمة ومنذ العهد النبوي قد شاركت الرجال في مختلف مجالات الحياة وكانت لها المساهمة الفاعلة والريادية في إقامة دولة الإسلام، فقد كانت حاضرة في بيعة العقبة الأولى والثانية، وقد استشار النبي عليه أفضل الصلوات وأتمّ التسليم زوجاته في العديد من الأمور كاستشارته لأم سلمة في صلح الحديبية وأخذه برأيها. كذلك فإننا نذكر السيدة عائشة التي نقلت لنا جزءا لا يستهان به من أحاديث النبي والسنة النبوية، وكان لها الموقف السياسي الواضح في معركة الجمل (بغض النظر عن تفاصيلها) وهنالك الشفاء بنت عبدالله التي عيّنها الفاروق عمر كوزيرة للتجارة في الدولة الإسلامية، وهنالك شجرة الدر، وزبيدة زوجة هارون الرشيد. ونحن إن نسينا فلن ننسى بلقيس ملكة سبأ التي قادت قومها بحنكتها السياسية إلى خيري الدنيا والآخرة. إذن هذه نماذج حصرتها في هذه الشخصيات مع أن حضارتنا الإسلامية لديها المزيد والمزيد من هذه النماذج النسائية لا يتسع المقام لذكرها. ومن هنا أود أن أشير بأن الإسلام لم يشكل أي عائق أو مشكل في وجه المرأة المسلمة وأخذها دورها السياسي والإصلاحي في المجتمع المحيط بها، كيف ذلك وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) والمرأة من المسلمين وعليها أخذ دورها والاهتمام بأمور المسلمين ومشاكلهم وأخذ دورها في حل تلك المشاكل، لكن وللأسف الشديد، هنالك من يرفض هذه المشاركة على المرأة بحجة أنها لا تتناسب مع مرجعيتنا الدينية والفكرية والثقافية، وهنالك من يرى بضرورة مشاركة المرأة في العملية السياسية بالمطلق، وهنالك فريق ثالث وسطي يرى أنه لا بد من مشاركة المرأة المسلمة في العملية السياسية وفق الضوابط الشرعية، وهذا برأيي هو الرأي السديد لأن مشاركة المرأة في العمل السياسي موجودة منذ عهد بلقيس إلى العهد النبوي امتدادا لفترات الخلافة الإسلامية الذهبية، مما يوضح لنا أن مشاركة المرأة السياسية تعلو وتتطور مع تطور وعلو الحضارة، لذلك فقد اختفت هذه المشاركة مع سقوط الخلافة، وتغييب الحكم بشريعة الإسلام ونتيجة لذلك حصلت انتكاسة في المفاهيم والوعي وضياع الحقوق بين فكَّيْ الإفراط والتفريط.

لكن أثناء ثورات الربيع العربي وبعدها، بدأت المرأة من جديد أخذ دورها والمشاركة بالعمل السياسي وأظهرت المرأة المسلمة أنها لا يمكن أن تكون على هامش الأحداث، بل في قلبها. كيف لا وجميعنا يعلم الدور الكبير المنوط بالمرأة في بناء وتنمية المجتمع، والتنمية التي نقصدها تشمل جميع جوانب الحياة منها الجانب السياسي. وحتى نضع الأمور في نصابها الصحيح علينا أن نعرِّف مفهوم المشاركة السياسية: إنّه ليس ذلك المفهوم الضيق المنحصر في عملية الترشيح والانتخابات بل يتعداها إلى محاولة التأثير على الرأي العام وصناعة السياسات العمومية، لذلك لا يمكن أن نعزل المرأة عن هذه المشاركة في إحداث هذا التغيير، وعلى الأحزاب والحركات والجمعيات أن تفعِّل دور المرأة السياسي ولا تجعل منه دورا تجميليا لسياسة الحزب، حتى يقال إن هذا الحزب أنصف المرأة وخصص لها مقعدا أو مقاعد للترشح، وبذلك يجعل من المرأة وسيلة للفوز الحزبي. لذلك أود أن أنوه إلى أن المرأة إذا ما وجدت الدعم الكافي والمساندة من الزوج خاصة، ومن العائلة والمجتمع تفوقت وأظهرت قدراتها الفذة في التغيير والإصلاح المجتمعي.

لذلك علينا إعداد نساء يكن أهلا لهذه المشاركة يقمن بإيصال رسالتهن من خلال هذه المشاركة وإثبات أن المرأة المسلمة يمكنها الوصول لكل موقع والقيام بواجبها الديني والوطني على أكمل وجه إذا أتيحت لها الفرصة لذلك. ونستطيع القول أن هناك مثلا شاخصا امام أعين الكل والذي يتمثل في دور المرابطات في المسجد الأقصى- وهو خير مثال- حيث استطعن إيصال قضية المسجد الأقصى وما يحاك له من مؤامرات إلى العالم من خلال الندوات والمحاضرات عبر وسائل الإعلام ومن خلال الثبات على الرباط، ولنا كذلك في نساء النقب الصامد إثبات قاطع على جدوى المشاركة السياسية للمرأة والتصدي لكل صور الظلم والطغيان، ونحن إن نسينا فلن ننسى جميع النساء الفلسطينيات اللاتي يقفن ماجدات في قلب الحدث جنبا إلى جنب مع الرجل في محاولة لفضح سياسة الظلم والعنجهية الإسرائيلية. وأخير وليس آخرا، أود أن أؤكد أن النساء شقائق الرجال وأن الله عز وجل كلّف الرجل والمرأة على حد سواء في عمارة الأرض وبناء المجتمع الحضاري المؤمن وتنفيذ شرع الله، فلا يعقل أن تبقى المرأة المسلمة بمعزل عن السياسة في حين أن العالم يتجه باتجاه المناصفة لمشاركة المرأة السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى