أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

يا أهلي في مدينتي

الشيخ رائد صلاح

يا أهلي في مدينتي أم الفحم – رجالا ونساء وكبارا وصغارا – بداية أؤكد لكم أنني أحبكم جميعا، في كل الأحياء والحارات والشوارع والبيوت التي تسكنون فيها، وفي كل الحمائل والأحزاب والحركات والمؤسسات التي تنتسبون إليها، وكنت ولا زلت مجتهدا أنا أكون لكم خادما أمينا، لا يريد جزاء ولا شكورا، وأسأل الله تعالى أن أحيا على ذلك وأن أموت على ذلك.

يا أهلي في مدينتي، من البديهي أن أقول لكم إنني لست معصوما وقد أذنبت، ولعل ذنوبي كثيرة، ولعلها أكثر من حسناتي وأسأل الله تعالى أن يغفر لي وأن يتوب علي، كما وأنني أخطأت كثيرا، ولعلي أخطأت مع بعضكم وسلفا أطلب من كل من أخطأت معه (أن يسامحني) فهو كريم والمسامح كريم، ومدينتي أم-الفحم هي مدينة الكرم والسماحة والتسامح، وليس من فراغ أن تتحدث عنها الركبان في كل مكان لما قالوا: (صلحة فحماوية) لما كانوا يحضون بعضهم بهذا القول على التحلي عند خلافاتهم بالمحبة والصفح والعفو والتسامح والتغافر.

يا أهلي في مدينتي، عشت في السجن معزولا لوحدي، وكان هذا الإجراء القبيح يهدف الى قهري وإذلالي و إيذائي، والانتقام مني، ولكن الذي خفّف من وطأة هذا الإجراء القبيح عليّ أني كنت أسمع بعض الأسرى المعزولين في غرف عزلهم يمدحون مدينتي أم- الفحم ويتغنون باسمها، فهذا أحدهم قال لي ما أجمل مدينتكم أم-الفحم وما أجمل مآذن المساجد التي تزينها في الهضاب التي تقع عليها بيوتكم، لقد رأيتها من ثقوب سيارة ترحيلات الأسرى، وكنت حيثما نظرت رأيت مأذنة أو أكثر تزين هذه المدينة الصابرة، وهذا أحدهم قال لي بعد ما وقع علينا ما وقع في هذه الأيام من بلاء وجلت له القلوب ودمعت له العيون ومع ذلك قال لي هذا الأسير بلهجة صدق وانفعال: لا يطيب العيش إلا في مدينة أم- الفحم وسأنتقل من بلدي التي يعز علي فراقها الى مدينة أم- الفحم، هذه المدينة التي تحتضن مجتمعا فحماويا طيبا كريما متسامحا، لم أعرف مثله في كل بلداتنا العربية في الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية.

يا أهلي في مدينتي، كانت أيام السجن طويلة ومريرة وقد كادوا كيدهم ضدي، وقد مكروا مكرهم، وعند الله مكرهم، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال، ولكن بعون الله تعالى أولا وآخرا، الذي خفّف عني من هول هذا الكيد والمكر ومع أنهم أرادوا لي أن أعيش في جحر خانق إلا أنها كانت تمرّ عليّ لحظات فرح وافتخار عندما كنت ألاحظ أن كل الأسرى كانوا يميلون بهمومهم إلى أسير فحماوي يدعى (س)أو (ص) حيث كانوا يجدون فيهم بعد توكلهم على الله ملاذهم الذي يمدهم بالفرج، وحصنهم الذي يجدون فيه الأمان، وسندهم الذي يجدون فيه العون بعد العون بلا توقف دون انتظار أي ربح مقابل ذلك، ولذلك لا أتردد أن أقول: كثيرا ما سمعت الأسرى يثنون على الأسير الفحماوي أبو أياد جبارين، والأسير أبو حلمي جبارين.

يا أهلي في مدينتي، لكل ذلك أحبكم، ولكل ذلك أتشرف أن أكون منكم، ولكل ذلك أتشرف أن أكون خادمكم الأمين وكلكم بدون استثناء خير مني، ويعلم الله أنني أقول ذلك صادقا لا أتردد في حرف مما أقوله لكم الآن، ولذلك فأنا أطمع بكم الآن، وأطمع بالصلحة الفحماوية، وأطمع بصفحكم وعفوكم وتسامحكم وتغافركم أن يكلل الآن مدينتنا أم-الفحم الصابرة وأن يمدّ كل حارة من حاراتنا وكل حيّ من أحيائنا وكل شارع وكل بيت وكل أسرة وكل فرد بالأمن والأمان وبرد اليقين وسلام العيش وابتسامة الحياة والاطمئنان على الدماء والأموال والأعراض!! واعذروني إذا قلت لكم، إنني أطمع منكم بأكثر من ذلك!! نعم إنني أطمع أن يمتلأ حوض مدينتنا أم-الفحم بهذه الروح والريحان من الأمن والأمان والسلام والاطمئنان والصفح والصلح والتسامح والتغافر حتى تتصبب كل جوانب هذا الحوض وتفور وتروي كل أهلنا في كل مكان خارج مدينتنا أم-الفحم، وأن أعود أنا وأنتم نردد برأس مرفوع وقلب سليم وصدر رحب ولسان طلق ولهجة فرح: (تعيش الصلحة الفحماوية).

يا أهلي في مدينتي أم-الفحم، تاريخ مدينتنا يشهد لكم شهادة حق وخير ويؤكد للقاصي والداني أنكم ولا زلتم رجال خير ونساء خير، وهمة وصمود وعطاء. ونصرة لثوابتنا الاسلامية العروبية الفلسطينية، كنتم كذلك في اللجون، وكنتم كذلك في أيام الأرض، وكنتم كذلك عندما وقفنا جسدا واحدا ندافع عن كرامة مدينتنا أم-الفحم في وجه المأفون كهانا سيئ الذكر، وكنتم كذلك في هبّة القدس والأقصى وفي هبّة الروحة، وفي هبّة التصدي لمارزل وزبانيته وفي هبّة الكرامة، وفي لحظات استقبالي، عندما خرجت من السجن قبل أيام، لدرجة أنني خجلت من نفسي وذبت في ثيابي وقلت متسائلا في داخلي: وهل أستحق كل ذلك وكلكم خير مني.

يا أهلي في مدينتي، من ينكر عليكم أنكم كنتم ولا زلتم منبع الخير في كل ميدان خير، فهي لجنة الزكاة منبع الخير، وهي مؤسسة حفظ النعمة منبع الخير، وهي قوافل الحافلات المتواصلة. إلى القدس والمسجد الأقصى المباركين منبع الخير، وهو مشفى النور منبع الخير، وهي صفوة رجال الإصلاح الفحماويين منبع الخير، وهي صفوة العلماء الفحماويين منبع الخير، وهي صفوة من رجال السياسة والأدب والشعر والرسم والرياضة الفحماويين منبع الخير، وهو صندوق المنح عن روح المرحومين أحمد مصطفى ومريم سليمان منبع الخير، وهو صندوق منح جمعية الكتاب منبع الخير، وهو صندوق المرحوم أبو رشدي، منبع الخير، وهي اليد الفحماوية التي أحالت (الروحة) الى بساتين وزيتون ولوزيات كجزء من منبع الخير، وهي هذه المساجد التي باتت قلبا نابضا ومنبع خير، والقائمة طويلة واعذروني إن نسيت أمورا أخرى، ولعلي ما نسيت أكثر مما كتبت، فأرجوكم أن تغفروا لي زلة نسياني.

يا أهلي في مدينتي، لكل ذلك تعالوا معا لنضمد جراحنا وتعمّ روح الأخوة الفحماوية والصلحة الفحماوية، وإفشاء السلام الأهلي، ونشر السلم الأهلي، بين كل أهلنا في أم-الفحم، لنصل إلى مرحلة قريبة، وقد طوينا فيها كل صفحات النزاعات العائلية المرهقة.

يا أهلي في مدينتي، لكل ذلك، أقدّم شكري وأقبل يد ورأس كل رجل إصلاح منكم، وأعلن منذ الآن أنني عامل مطيع خلف رجال الإصلاح الأفاضل في كل مدينتي أم-الفحم.

يا أهلي في مدينتي، لكل ذلك، أطمع أن تتبلور من مدينتنا أم-الفحم لجنة إصلاح تكون مفتاح خير ومغلاق شر لكل مجتمعنا في أم-الفحم وخارج مدينتنا أم-الفحم، تمثّل كل أم-الفحم بكل حمائلها وبيوتها.

يا أهلي في مدينتي لكل ذلك، وفي الوقت الذي أشدّ فيه على يد لجنة الإصلاح التي عقدت هدنة صافية صادقة بين أهلنا من عائلتي جوابرة وبرغل، فإنني أطمع أن تتوج هذه الهدنة بصلح أخوي صاف وصادق بين هاتين العائلتين من أهلنا اللتين أشهد لهما، بكل خير، ثم أنني أطمع أن يكون هذا الصلح الأخوي مقدّمة مباركة لصلح أخوي يطوي صفحة كل النّزاعات العائلية في مدينتنا أم الفحم وخارج مدينتنا أم الفحم، وأطلب منكم أن تكرموني بدعائكم.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى