أخبار عاجلةمقالاتومضات

حكاية قضية… فلسطينيو الكنيست جيدون لشعبهم أم “عرب جيدون” لدولتهم؟

الإعلامي أحمد حازم

التاريخ يقول إن اسمها (فلسطين) وشعبها اسمه فلسطينيون، لكنهم عملوا على تغيير التاريخ وبالأحرى على تزويره، فحوّلوا في العام 1948 اسم فلسطين إلى إسرائيل. لكن الأرض والجبال والمياه بقيت فلسطينية. شرّدوا شعبها وقتلوا الكثيرين منه، عصابات الوحشية الصهيونية الهاجاناه، شتيرن والأرجون قتلت الكثير من أبناء البلدات الفلسطينية ودبّت الرعب في قلوب المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض.

في العام 1948 تأسست الدولة العبرية، التي كان الاتحاد السوفييتي أول دولة يعترف بها وقدّم لها المساعدات. هكذا يقول التاريخ والتاريخ لا يكذب. هذه الدولة التي لا يزال الرئيس بوتين يتعامل معها بقفازات حريرية لم تتحمل اسم (فلسطينيون). فأوجدت لمن بقي في الوطن الفلسطيني اسم “عرب إسرائيل”. والهدف واضح جدًا وهو محو اسم فلسطين من الذاكرة.

صحيح أن هذه العصابات الصهيونية لم تعد موجودة اسمًا بعد تأسيس دولتهم على الأرض الفلسطينية، لكن جيشهم الذي أطلقوا عليه “جيش الدفاع” ومستوطنيهم الذين أتوا بهم من أصقاع العالم يواصلون الأعمال العدوانية بما فيها عمليات قتل ضد شعبنا. حتى أن المستوطنين قاموا بحرق عائلة فلسطينية بكل دم بارد.

أصبح الفلسطينيون أقلية في وطنهم، وما تبقى، يهود (لملموهم) من زوايا عديدة من العالم. هذه الدولة، أصبح لها (برلمان) لكنهم لم يطلقوا عليه “برلمان” كما هو معروف في كل أنحاء العالم، بل أسموه “كنيست” يجمع تحت سقفه 120 عضوًا بينهم “كم عربي” لإظهار الديمقراطية المزيفة عندهم أمام العالم.

يعني “فلسطينيون” في البيت الإسرائيلي المسمى كنيست، والذي هو بطبيعة الحال يعتبر شريكًا ومشرعًا في كل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، هؤلاء “عرب إسرائيل” في الكنيست كانوا منقسمين على أنفسهم ولم يكونوا يدًا واحدة. كانوا يمثلون عدة أحزاب وثلاثة قوائم. كل له سياسته وبرنامجه، ولكن (حسب المسطرة الإسرائيلية).

لكن العام 2015 شهد تحولًا لدى أعضاء الكنيست من “عرب إسرائيل”، فقد توحّدوا في قائمة واحدة أطلقوا عليها “القائمة المشتركة”، لكن جمع شملهم في قائمة واحدة لم يكن نتيجة اقتناعهم بالوحدة والعمل الجماعي، بل لأن قرار زيادة نسبة الحسم في الانتخابات أجبرهم على ذلك، للحفاظ على مقاعدهم في الكنيست. وحتى هذه الوحدة الإجبارية “ما زبطت معاهن” فتفرقوا إلى قائمتين بسبب المواقف المتباينة.

والآن توجد قائمتان في بيتهم “الكنيست”. والخطأ الشائع: القول إن هاتين القائمتين تمثلان المجتمع العربي، لكن الحقيقة هي أن القائمتين تمثلان فقط “ناخبي الكنيست العرب”. هاتان القائمتان هما: “القائمة المشتركة” التي تضم أحزابًا ثلاثة (الجبهة، العربية للتغيير والتجمع الديمقراطي). والثانية اسمها “القائمة العربية الموحدة” وهي ابنة الحركة الإسلامية الجنوبية التي يرأسها نظريًا الشيخ حماد أبو دعابس، وعمليا يشرف على سياستها الدكتور منصور عباس وهو إمام سابق لأحد المساجد، وظل “يحاشر” في الحركة حتى وصل بقدرة قادر إلى منصب نائب رئيس الحركة. لكن الكل يعرف أن منصور هو الإسلامي الجنوبي الأول في الحركة وبدون منازع. هذه القائمة قبلت في صفوفها في الانتخابات الأخيرة رئيس بلدية سخنين السابق الذي فشل في المنافسة الأخيرة على رئاسة بلدية سخنين، ولم يرشحه حزبه “التجمع” لانتخابات الكنيست. وقد رأى أن الفرصة أتت له للانضمام للقائمة العربية الموحدة، فتمّ الترحيب به مشكورًا، وبذلك خلع ثوب التجمع وارتدى ثوب الإسلامية الجنوبية وأصبح يضرب بسيفها.

منصور عباس أراد لفت الإعلام الإسرائيلي والعربي إليه وعلى طريقة معمر القذافي (خالف تعرف). فقد أعلن أنه من الأفضل أن يكون شريكًا في الحكومة. أي شريكًا مع اليمين. فبدأ بمغازلة نتنياهو وحزبه الليكود وجرت لقاءات بين الجانبين. لكن في النهاية لم تجر الرياح الانتخابية كما اشتهت سفن نتنياهو، فحوّل عباس وجهته إلى (لابيد وبينيت) وأعلن انضمامه لائتلاف من عدة أحزاب مختلفة في السياسة والأهداف، لكنها متفقة على إبعاد نتنياهو والسيطرة على الحكم.

عباس رضي أن يكون شريكًا في حكومة يميني قومي قاتل للفلسطينيين اسمه نفتالي بينيت الذي يرأس حزبًا يمينيًا متطرفًا وكان مسؤولًا عن الاستيطان والمستوطنين. عباس يقول السياسة فن الممكن. وبالنسبة له فإن “خدمة” مجتمعه تأتي فقط من خلال المشاركة في الحكومة ليكون من ضمن أصحاب القرار. وهو يقول: “خلينا نجرب وما بدنا نضل بس في المعارضة”.

وما دام الشيء بالشيء يذكر، فأنا أرفع صوتي إلى جانب صوت المحلل السياسي الفلسطيني والباحث أسعد العزوني، الذي يرى “أن الكنيست شريك أساسي في كافة الجرائم التي ارتكبتها الحكومات الإسرائيلية منذ عهد بن غوروين إلى بينيت، مرورا بالسفاحين شامير وشارون ونتنياهو وآخرين بطبيعة الحال. والوجود الفلسطيني في الكنيست هو بمثابة مساندة الضحية للمجرم، وله مردود عكسي على الشعب الفلسطيني. وأما حجة أعضاء الكنيست بأنهم يدافعون عن الحقوق الفلسطينية ويحصلون على شيء ما لصالح الفلسطينيين، فهذا محض كذب وافتراء لأن أعضاء الكنيست الفلسطينيين لا يستطيعون أبدًا إلغاء أي مشروع قرار يستهدف الفلسطينيين في اسرائيل”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى