أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

هيبة الأمن الإسرائيلي في المجاري الصحية لسجن جلبوع

الإعلامي أحمد حازم

المعروف لدى المؤسسة الإسرائيلية أن سجن جلبوع هو واحد من أكثر السجون تحصينًا في إسرائيل والعالم. وبالرغم من ذلك لا يوجد شيء مستحيل أمام إصرار السجين الفلسطيني على فعل أي شيء لاسترجاع حريته المسلوبة من جنود الاحتلال الإسرائيلي. في العام 2014 شهد سجن جلبوع محاولة هروب، لكن المحاولة باءت بالفشل. فقد اكتشف حراس السجن نفقا تم حفره تحت الحمام، وكان المشتبه بهم ثمانية سجناء أعضاء في حركة الجهاد الإسلامي تعاونوا في حفر النفق، ولم تنجح خطتهم في الهرب.

والآن فإن تاريخ سجن جلبوع يعيد نفسه بتخطيط جديد للهرب، لكن بإخراج أفضل. ستة أسرى، خمسة منهم ينتمون لحركة الجهاد الإسلامي وسادسهم قيادي في كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة “فتح”. هؤلاء جميعًا دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه ومرغوا كبرياء إسرائيل بالوحل، والأهم من ذلك رموا هيبة “أسطورة الأمن الإسرائيلي” في المجاري الصحية لسجن جلبوع.

لم تبق أي وسيلة لديهم إلاّ واستخدموها للبحث عن الهاربين الستة الذين قاموا بعملية تحرير ذاتي من سجن جلبوع بدون اتفاقية تبادل رهائن. العملية هي ضربة للسجان الإسرائيلي وانتصار للسجين الفلسطيني المحكوم ظلمًا. لقد استخدموا قوات شرطية وأخرى من حرس الحدود ومروحيات ومسيرات ونصبوا مئات الحواجز، وحتى أنهم استخدموا الكلاب (بما في ذلك البشرية منها) ولم ينجحوا حتى كتابة هذا المقال في إيجاد أي أثر للمحررين الهاربين. وما دام الله معك لا تبالي.

السلطات الإسرائيلية لم تفهم بعد (ولن تفهم) أن الإجراءات التحصينية والأمنية التي اعتقدوا باستحالة اختراقها، لن تكون عائقًا أمام إصرار السجين الفلسطيني على انتزاع حريته، وما جرى في جلبوع خير مثال على ذلك.

القيادات السياسية والعسكرية والأمنية والمحللون سياسيون وعسكريون، مشغولون الآن في تحليل ما جرى في هذا السجن المحصن كليًا. هم يتحدثون عن أخطاء كانت السبب في الهروب. فمرة يقولون إن السجناء الهاربين قد يكونوا حصلوا على الخريطة الهندسية لسجن جلبوع والتي تم نشرها في الانترنت، وساعدتهم على الهرب، ومرة يحمّلون حراس الأبراج المسؤولية لأنهم كانوا نائمين خلال عملية الهروب. المعلومات الإسرائيلية تقول إن الهروب كان مشابها بشكل مخيف لأحداث مسلسل رمضاني عرضته قناة “الأقصى” التابعة لحركة حماس عام 2014، حيث يفر في المسلسل ستة سجناء فلسطينيون من سجن إسرائيلي من نفق حفروه من حمام زنزانتهم. ما هذه الصدفة؟ المسلسل يتحدث عن ستة سجناء هربوا من السجن، وعملية الهروب في السادس من الشهر الحالي أبطالها أيضًا ستة سجناء.

حتى كتابة هذه السطور لم نسمع من الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو من أجهزته الأمنية أي تعليق أو أي موقف يتعلق بالسجناء الفلسطينيين الهاربين (المحررين) وكأن هؤلاء لا ينتمون للجسم الفلسطيني. تصريح واحد خجول وعلى طريقة (رفع العتب) أدلى به رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية لتلفزيون فلسطين الرسمي في السابع من الشهر الحالي، قال فيه: “إن كل أسير فلسطيني يُريد الحرية، ومن حق الأسير البحث عن كل الطرق التي ينال بها حريته وطالب اشتية إسرائيل “بالإفراج عن كل الأسرى، بمختلف فئاتهم، سواء المؤبدات، أو المرضى، أو النساء، وجميع من هم في سجون الاحتلال الإسرائيلي”.

تصوروا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تجاهل كليًا عملية الهروب، ولم نسمع منه أية كلمة. وبدلًا عن ذلك قام عباس بعمل آخر لكسب ود من وقع معهم تنسيقًا أمنيًا. فقد جاء في بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن عباس أجرى مكالمتين هاتفيتين مع الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ ووزير الدفاع بيني غانتس هنأهما فيهما بعيد رأس السنة العبرية. طبعًا عباس صاحب واجب ما شاء الله عليه. وذكرت (وفا) أن عباس “أعرب خلال المكالمتين الهاتفيتين عن أمله في تحقيق السلام في العام المقبل”.

لا ندري عن أي سلام يتحدث أبو مازن في الوقت الذي صرّح فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت، بعدم وجود أية نية لديه بإجراء مفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وأنه لا يعتقد بوجود حل للقضية الفلسطينية، وحتى أنه رفض الجلوس مع محمود عباس. ثم يأتي أبو مازن ويتحدث عن سلام في العام المقبل. فليسمح لي الرئيس الفلسطيني أن أقول له باللهجة العامية “بلا هبل يا زلمي”. أبو مازن وجد وقتا لإجراء مكالمة هاتفية (نفاقيه) ولم يجد الوقت بعد للتعبير عن موقفه لما جرى في سجن جلبوع.

بقي علينا الدعاء للهاربين (المحررين) بإبعاد أجهزة الأمن الفلسطيني عنهم، لأن عناصر هذه الأجهزة لن ترحم السجناء الستة في حال عرفوا بمكانهم، لأنهم وحسب اتفاق التنسيق الأمني (المقدس عند عباس) مجبرون على تسليمهم للجهات الإسرائيلية. أبعد الله كل مكروه عن كافة السجناء الفلسطينيين.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى