أخبار عاجلةمقالات

قيس سعيّد نسّق مع السيسي لضرب حركة النهضة

الإعلامي أحمد حازم

لا أحد يستطيع أن ينكر قوة حركة “النهضة” في الشارع التونسي والالتفاف الكبير حول هذا الحزب الإسلامي، الذي يرأسه راشد الغنوشي، أحد كبار السياسيين المعروفين في تونس وفي العالم العربي. في الأسبوع الأخير من شهر يونيو/حزيران الماضي، جرى لقاء مهم بين الرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، حيث قيل إن هذا الاجتماع قد جاء للتهدئة ليس أكثر وإن الطرفين لجآ إليه لامتصاص الأزمة السياسية الحادة التي تعيشها البلاد، في ظل خلاف لم يعد خافيًا على أحد بين سعيد والغنوشي.

حتى أن جهات أوروبية مانحة وحسب مصادر تونسية، رفضت تقديم أي شكل من أشكال الدعم لتونس في ظل الصراع العلني بين قيس سعيّد والغنوشي. لكن المصادر نفسها قالت إن حركة النهضة قد تسرّع إجراءات بناء الثقة إذا وجدت تجاوبا واضحا من رئيس الجمهورية، لكن الخلاف الحاد مع الرئيس سعيّد قد زاد الضغوط على البرلمان ورئيسه الغنوشي ورفع من منسوب التحريض ضده، وبات يهدد إستراتيجية النهضة، ونجح قيس سعيّد في أن يحرج النهضة مستفيدا من التفاف مجموعات سياسية ومدنية مناوئة للنهضة حوله. وما حدث يدل على أن قيس سعيّد قد تجاوز كافة الخطوط الحمراء، وأوصل البلاد إلى ما وصلت إليه.

منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد عن قرارات مصيرية في بعض مفاصل الدولة مثل تجميد عمل البرلمان الذي يرأسه زعيم حركة “النهضة” الإسلامية، راشد الغنوشي، ذهب كثيرون في تحليلاتهم إلى أن ما جرى في تونس شبيه بالانقلاب الذي حدث في القاهرة قبل ثمانية أعوام ضد جماعة الإخوان عندما كان الانقلابي المصري عبد الفتاح السيسي، وزيرا للدفاع وقتها، واغتصب الحكم من الراحل الدكتور محمد مرسي.

قد يكون تشابه في الهدف، وهو تقويض الحزبين الإسلاميين في مصر وتونس، لكن الأسلوب مختلف تمامًا والظروف التي أدت لذلك مختلفة أيضًا. في الحالة المصرية قام الجيش علانية بانقلاب عسكري ضد حكم الراحل مرسي، بينما الجيش في تونس لم يقم بذلك، لكن سكوته على ما جرى دليل موافقته على خطوات قيس سعيّد، بمعنى أن الجيش المصري تدخل في الحياة السياسية مباشرة في حين ينأى الجيش عن الحياة السياسية في تونس، ما جعله غير متشابك كثيرا في جوانب لا تتعلق بطبيعة عمله المهني المباشر.

لكن مراقبين سياسيين يرون أن قيس سعيّد لم يكن بمقدوره وحده اتخاذ مثل هذه القرارات لو لم يكن هناك دعم قوي من قيادات نافذة في المؤسسات الأمنية، بما فيها الجيش لأن القرارات تحتاج إلى قوة لتنفيذها على الأرض في ظل وجود حركة قوية مثل النهضة. ويرى محللون تونسيون أن الزيارة التي قام بها الرئيس التونسي للقاهرة في أبريل الماضي وما حظي به من حفاوة من جانب السيسي توحي بأن ثمّة تنسيق سياسي تم بينهما، فيما يتعلق بكيفية تقويض حزب النهضة. السيناريو المصري السابق ونتائجه في ضرب الإخوان المسلمين، استفاد منه قيس بن سعيّد خلال لقائه مع السيسي ولذلك عاد مرتاحًا مطمئنًا من القاهرة وقرر توجيه ضربة لحركة النهضة حسب تعليمات السيسي.

ويعتقد بعض المحللين السياسيين في تونس أن ما قام به قيس سعيّد ليس مفاجأة، بل كان مخططا له في السابق. ويستند هؤلاء إلى وثيقة سرية تم تسريبها من مكتب سعيّد، نشرها قبل أشهر قليلة موقع “ميدل إيست آي”. الوثيقة تتحدث عن خطة لـ “ديكتاتورية دستورية”، تقوم على تفعيل الرئيس مادّة في الدستور تمنحه السيطرة الكاملة على مفاصل الدولة، وينتزع بموجبها سلطات الحكومة واختصاصات البرلمان المنتخب وصلاحيات القضاء، لتركيز كل السلطات في يده”.

إذًا ما حصل في تونس كان متوقعا ومبرمجا، والأحداث الأخيرة، كما يقول محللون: “ليست سوى نتيجة حتمية لعمل الثورة المضادّة التي أدخلت البلاد في أسوأ أزمة سياسية عرفتها منذ عشر سنوات، بعد أن أطاح الرئيس سعيّد بالحكومة وعلّق عمل البرلمان”، ومهما كانت الحجج والمبرّرات لمحاولة تغطية ما حدث في تونس فإن قرارات قيس سعيّد تعتبر ضربة للديمقراطية في تونس بشكل عام ولحركة النهضة بشكل خاص، لأن سعيّد أصبح قلقًا من الالتفاف الكبير للشارع التونسي حول حركة النهضة.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى