أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالاتومضات

معركة الوعي (76): نحو الانتخاب المباشر للجنة المتابعة (1)

حامد اغبارية

هذه السلسلة المتعلقة بلجنة المتابعة ومستقبلها، انطلاقا من الموقف المبدئي بضرورة تحويلها إلى إطار ذي فاعلية وتأثير من خلال الانتخاب المباشر، إنما هي اجتهاد شخصي يمثلني فقط، وهي وجهة نظر مبنية على الواقع، وتصوّر مستقبلي مبني على معطيات تراكمت عبر السنوات، ولا تلزم أحدا غيري، وهي في التالي قابلة للأخذ والرد والنقاش.

وحتى نصل إلى تفاصيل التصوّر أو ما يمكن تسميته خطة تحويل المتابعة إلى جسم وطني يمثل فلسطينيي الداخل تمثيلا حقيقيا ذا نتائج وآثار تُحدث التغيير المنشود وتسهم في بناء مستقبل مغاير لمجتمعنا، من الضروري أن نطرح الأسئلة ذات العلاقة، والتي هي نتاج التفاعلات السياسية التي يعيشها هذا المجتمع، خاصة في السنوات الأخيرة، وعلى الأخص بعد أن تحول المشهد السياسي إلى مشهد عبثي يحمل في طياته الكثير من المخاطر الفكرية والسلوكية السياسية من خلال محاولات جرّ مجتمع الداخل الفلسطيني إلى أماكن شديدة الحساسية من حيث التأثير على الهوية والانتماء، وذلك من خلال اتجاه جزء من الأطر السياسية إلى الإبقاء على هذا المجتمع داخل دائرة اللعبة السياسية الإسرائيلية، وصولا إلى أخطر مرحلة حتى الآن، وهي المشاركة في ائتلاف حكومي صهيوني، مع التأكيد أن هذا ليس نهاية المطاف، إذ ربما نجد أنفسنا ذات يوم في أماكن أخطر من ذلك بكثير وأسوأ من ذلك بكثير. ولا أستبعد أن نسمع ذات يوم تصريحا إسرائيليا يقول: لقد أجهزنا عليهم، ولن تقوم لهم بعد الآن قائمة، فقد أحكمنا القبضة وأصبحوا في يدنا ولا يمكنهم الرجوع أو التراجع بعد أن ابتلعوا الطعم.

فما هي الأسئلة التي من واجب كل واحد منا أن يسألها، ثم يجتهد أن يجيب عليها؟

أولا: لماذا لجنة المتابعة؟ وهل هي البديل الوحيد؟ ألا يمكن تشكيل إطار جديد بعيدا عن الاستقطاب والتجاذبات والصراعات التي تعيشها المتابعة اليوم، إذ أنها تضم تياراتٍ وأطُرًا ذات توجهات تتراوح بين الإسلامية والقومية والوطنية والشيوعية؛ وهي توجهات ثبت بالواقع أنها لا يمكن أن تتعايش أو تلتقي على أهداف أو تصوّرات أهداف تُسهم فعلا في عملية التغيير والنهوض بمجتمع الداخل الفلسطيني؟

ثانيا: ما المشكلة في بقاء المتابعة بشكلها الحالي ونشاطها المتعارف عليه، من خلال التوافق بين الأطر المنضوية تحتها؟ ما الخطأ في هذا؟

ثالثا: هل المتابعة هي فعلا جسم سياسي يمثل مجتمع الداخل؟ ومن الذي اختار هذا الجسم؟ ومن الذي منحه صلاحية تشكيله؟

رابعا: هل لجنة المتابعة تمثل جسما سياسيا – من حيث الأهداف والنشاط والإنجازات والتوجهات أيًّا كان الموقف منها – هي جسم موازٍ لأعضاء الكنيست العرب، أم أن أعضاء الكنيست العرب – أيّا كانت إنجازاتهم وأهدافهم ونشاطهم وتوجهاتهم والموقف منها- هم جزء من المتابعة وفي التالي تصب “إنجازاهم” داخل إنجازات المتابعة؟ وإذا انتخبت المتابعة مباشرة هل ستكون هي البديل عن المشاركة في الكنيست الصهيوني؟ هل ستنجح المتابعة المنتخَبة في إثبات فشل المشاركة في الكنيست كوسيلة من وسائل تحقيق الإنجازات لمجتمع الداخل الفلسطيني؟ وهل سيؤدي هذا إلى وقف خطة الأسرلة التي تعتبر المشاركة في الكنيست إحدى ركائزها الأساسية؟

خامسا: ما هو المطلوب من أي جسم جامع يمثل مجتمع الداخل (المتابعة في هذه الحالة)؟ هل هو تحصيل الحقوق المدنية وحقوق المواطنة اليومية، أم تحقيق الأجندة الوطنية بصفتنا جزء من الشعب الفلسطيني والمحيط العربي والأمة الإسلامية؟ وما هي هذه الأجندة الوطنية؟ ومن الذي يحددها ويؤطّرها ويضع تفصيلاتها الدقيقة؟

سادسا: ماذا نريد فعلا؟ وهذا أحد أهم الأسئلة التي من واجبنا كأفراد وكجماعات أن نستوعب أبعاده وأن نجيب عليه. هل نريد أن نكون إسرائيليين في المواطنة، وأن نمارس حياتنا كإسرائيليين بكل ما تحمله الكلمة من معنى؟ هل نريد أن نعيش شعور الأقلية المستضعفة التي لا تملك من أمرها شيئا، وتندب حظها، ولا تحسن سوى الشكوى والتذمر من الظلم والاضطهاد والتمييز العنصري، والمطالبة بالحقوق المدنية اليومية التي يستحقها – تلقائيا ودون شروط- كل مواطن في أية دولة حقيقية؟ هل نريد أن نلعب في ملعب السياسة الإسرائيلية، متوهمين أننا نحسنُ اللعب ونجيد مقارعة السلطة الإسرائيلية، ونرفع صوتنا الاحتجاجي في أجواء من الديمقراطية المزيفة؟ هل نريد أن نشكّل هويتنا من جديد، بحيث نصنع لنا هوية جديدة هجينة مشوّهة، فنصبح بلا هوية حقيقية؟

أم نريد أن نحافظ على هويتنا التي ضيعناها في غفلة اللعب في ملعب السياسة الإسرائيلية؟ وما هي هويتنا؟ وما هو انتماؤنا؟

سابعا: هل يمكن، من حيث الواقع، تحقيق انتخاب لجنة المتابعة انتخابا مباشرا لتتحول إلى ذلك الإطار (البرلماني) الذي يمثلنا تمثيلا حقيقيا؟ أم أن هذا مجرد فكرة أو حلم بعيد المنال؟ وإذا كان هذا ممكنا، فكيف؟ ما هي الطريقة؟ وما هي الوسائل؟ وما هي الإمكانيات؟ وما هي العقبات المحتملة؟

عن هذه الأسئلة (وغيرها بالضرورة) سأحاول الإجابة في حلقات قادمة، وصولا إلى التأسيس لخطة تسعى إلى تحقيق الانتخاب المباشر لإطار وطني جامع يمثل مجتمع الداخل الفلسطيني تمثيلا حقيقيا (يتبع).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى