أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الرئيس عباس أمر بتصفية المعارض بنات فأسكتوه

الإعلامي أحمد حازم

شاهدت أمس الخميس، فيديو لحوار صحفي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يقول فيه للصحفي الذي حاوره: “لو أن أربعة أو خمسة أشخاص يخرجون في مظاهرة يطالبون فيها باستقالتي فلن أبقى ساعة واحدة على كرسي الرئاسة وأعلن استقالتي”. وبالرغم من أن عباس نفسه يعرف تمام المعرفة بأن كلامه كذب بكذب وأنه فقط مجرد كلام، فإن ما يجري في الشارع الفلسطيني دليل على كذب رئيس يتمسك عنوة بمفاتيح أهم المناصب (رئاسة السلطة، رئاسة منظمة التحرير، رئاسة حركة فتح والقائد العام لقوات الثور الفلسطينية).

متظاهرون خرجوا إلى الشارع يصرخون “إرحل …إرحل يا عباس). لم يكن عددهم أربعة أو خمسة بل بالمئات، لكن عباس لم يف بوعده بالاستقالة بل ظل ملتصقاً بكرسي الرئاسة. والرئيس الفلسطيني كما يبدو يستهتر بشعبه بكل وضوح ودون حياء أو خجل. ويشاركه في الاستهتار وقلة الحياء رئيس وزرائه محمد اشتية الذي يشغل منصب وزير الداخلية. تصوروا أن الإثنين طالبا (خجلاً) بتشكيل لجنة تحقيق في مقتل الراحل نزار بنات. أليس ذلك قمة الاستهتار؟!

تصوروا أن قوة من الأمن الوقائي الفلسطيني وجهاز المخابرات، قوامها حوالي ثلاثين شخصاً تقتحم منزل شاب أعزل “وتتفنن” في تعذيبه وضربه حتى الموت، ويدّعي أصحاب القرار بأنهم لا يعرفون حقيقة ما جرى أي لا يعرفون القاتل. قمة الوقاحة والاستهتار. يقتلون القتيل ويسيرون في جنازته. هذه عادتهم، عادة الأنظمة العربية الدكتاتورية والسلطة الفلسطينية جزء منها.

المعروف أن قوى الأمن الداخلي بما فيها الأجهزة الأمنية، تتبع مباشرة لوزير الداخلية وتتلقى الأوامر منه. والوزير نفسه لا ينطق عن الهوى. فهو بدوره يتلقى الأوامر من الرئيس. إذاً القضية واضحة وضوح الشمس، وزير الداخلية أمر بتنفيذ المهمة بضوء أخضر من الرئيس، والأجهزة الأمنية نفذت العملية. هم يعرفون كافة تفاصيل ما جرى من البداية حتى النهاية. فلماذا هذا اللف والدوران والالتفاف على القضية؟

صحيفة “الأخبار” اللبنانية، ذكرت في التاسع والعشرين من الشهر الحالي نقلاً عن مصادر فلسطينية وصفتها بـ”رفيعة المستوى” أن عملية اغتيال الناشط السياسي الفلسطيني، نزار بنات، ليست غريبة عمّن يعرفون كيف يتعامل الرئيس محمود عباس مع معارضيه الذين يهدّدون استمراره في قيادة حركة “فتح” والسلطة و “منظّمة التحرير”.

وذكرت الصحيفة: “قبل أيام من عملية الاغتيال، قدّم مسؤول جهاز المخابرات العامة الفلسطيني، ماجد فرج، لعباس، ورقة تقدير موقف حول تراجع مكانة السلطة إلى مستويات متدنية جداً، بسبب عدّة عوامل من ضمنها وجود أشخاص دأبوا على مهاجمة السلطة وقادتها وحكومة حركة “فتح” وإثارة القضايا ضدّها، وآخرها قضية صفقة اللقاحات منتهية الصلاحية، وذَكر من بين أبرز هؤلاء نزار بنات، الموجود في مدينة الخليل في الضفة الغربية المحتلة، والذي بات محرّكاً رئيساً للرأي العام ضدّ السلطة في الأراضي الفلسطينية، بحسب الورقة.

بعدها بيومين، وخلال اجتماع عقده عباس وضمّ عدداً من كبار قادة السلطة وحركة “فتح”، ذكر “أبو مازن”، بحسب المصادر الرفيعة نفسها، الناشط نزار بنات، متسائلاً عن سبب عدم إسكاته إلى الآن، ليجيب عليه ماجد فرج بأن بنات “مختفٍ عن الأنظار حالياً، وسنصل إليه قريباً”، ليردّ عباس: “خلصونا منه!”. وفُهم من كلام عباس أنه يوفّر غطاءً لقتل نزار.

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، أمر بتشكيل لجنة تحقيق فورية ومحايدة، بخصوص (وفاة؟!) المواطن نزار بنات، مؤكدا أن الحكومة جاهزة لاتخاذ أي اجراءات تترتب على النتائج التي ستتوصل لها اللجنة بهذا الخصوص. شيء مضحك أنهم يطالبون بلجنة تحقيق فورية ومحايدة. فكيف يمكن أن تكون اللجنة محايدة إذا كانت ستشكل بأمر من سلطة عباس؟ ثم يستخدمون كلمة (وفاة) رغم أنهم يعرفون أن الحالة هي حالة قتل وليست وفاة طبيعية. الأمر المضحك أكثر الادعاء بأنهم جاهزون لقبول النتائج. استهتار واضح بمشاعر وعقول الناس الذين يعرفون أن لا مصداقية لدى القيادة الفلسطينية لأن المسافة بينها وبين الشعب أطول من المسافة بين الأرض والسماء.

أنا أستغرب وأتساءل في نفس الوقت: كيف أن السلطة الفلسطينية حديثة التأسيس نسبياً، كانت قبل تأسيسها حركة ثورية تحررية في الخارج (على الأقل بالاسم) دعمها شعبها بكل ما يملك وقدّم لها ما تحتاجه، تقوم مباشرة بعد عودتها للوطن، ببناء سجون وتأسيس أجهزة أمنية لملاحقة المعارضة الفلسطينية بدلاً من استيعابها؟

أنا وغيري من الفلسطينيين الشرفاء، لا نفهم كيف أن الفلسطيني يسمح له ضميره بتعذيب الفلسطيني لأنه يعارض رأي الحاكم بأمره، لكني أفهم أن نهاية أبو مازن السياسية والحياتية ستحمل معها وصمات عار متعددة المواقف الخيانية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى