مقالات

شتّان بين التغريبتين الفلسطينية والإماراتية!!!

الحوض المقدس، العقيدة الزائفة

أميّة سليمان جبارين (أم البراء)

الحوض المقدس، العقيدة الزائفة

في خضم الأحداث الجارية الآن في القدس وباب العامود والشيخ جراح الذي ينزف بقوة بعد توالي ضربات أخطبوط الاحتلال الموجهة إليه بشكل خاص، ومحاولات تكرار مأساة التغريبة الفلسطينية عليه وعلى سكانه، وإخلاء هذا الحي المقدسي الصامد من أهله، وتمليكه ظلما وجورا لقطعان المستوطنين، تحت مسميات وادعاءات باطلة بوثائق مزورة تثبت أن ملكية الأرض تعود للمستوطنين اليهود منذ (عام 1885)، علما أنّ حيّ الشيخ جراح، هو حي إسلامي خالص بكل ما فيه، وتروي لنا حجارة منازله وجذور أشجاره قصصا وحكايات عن الفاتحين المسلمين، عن تضحياتهم بدمائهم التي خضبت تراب بيت المقدس، لا بل فإن اسم حي الشيخ جراح يعود إلى 900 عام نسبة لطبيب الناصر صلاح الدين الأيوبي، الشيخ حسام الدين بلشخاثي المعروف بالجراح. إذن، فإن الصراع القائم على الشيخ جراح هو صراع وجودي على هذه الأرض المباركة، صراع على الثوابت الوطنية والعقدية التي تنطق بكل لغات العالم، أن هذه الأرض، هي وقف إسلامي خالص لا يمكن التنازل أو التخلي عنه لأي جهة كانت، وهذا ما يصرُّ عليه أهلنا البواسل في حي الشيخ جراح الذين يرفضون بكل ما أوتوا من قوة الرضوخ والاستسلام لمخططات المستوطنين، وتكرار تغريبة فلسطينية ثانية، والسماح لهم أي- قطعان المستوطنين- بتمرير وتحقيق مخططاتهم في تهويد القدس من خلال مشروعهم الأخطر الذي يسمى (الحوض الوطني المقدس) الذي يريدون من خلال تنفيذه، طمس هويتنا الإسلامية والعربية في بيت المقدس والسيطرة على الموروث والطابع الحضاري والتهام المزيد من أراضي القدس، وتحويلها لمدينة يهودية، من خلال قلب المدينة القديمة وإنشاء البؤر الاستيطانية، وبناء الكنس، وشبكة القطارات، لربطها بكافة الكتل السرطانية (المستوطنات) اليهودية، وبذلك يتم تدمير كل ما يتعلق بالحقب الزمنية العابرة عبر التاريخ، وتصوير القدس كأنها مدينة يهودية خالصة منذ الأزل، كل ما فيها يعود لليهود فقط. ففي حين أن ادّعاء المستوطنين بوجود 49 من المعالم والمواقع الدينية عام 1948، ارتفع العدد ليصبح 408 معلما حتى نهاية 2008، يطالبون بترميمها والتعبد فيها، من خلال تسخير المخططات الديموغرافية والسياسية والإستراتيجية في سبيل تهويد القدس، وتحويلها لمدينة يهودية ومسح الوجود العربي الإسلامي فيها، من خلال تنفيذ مشروعهم الأخطر كما ذكرت، مشروع الحوض المقدس، لذلك فإن مشروع الحوض الوطني المقدس لن يتم إلا بالاستيلاء على أراضي وادي ربابة، ووادي الجوز، وسلوان، والشيخ جراح. ومع إتمام هذا المخطط، ستتم محاصرة البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك، مع العلم أن هذا المخطط سيؤدي لتهجير أهالي الشيخ جراح، حيث ينتظر نحو 600 فلسطيني البت بأمرهم من محكمة إسرائيلية. وتعود جذور القضية إلى عام النكبة الأولى 1948 حيث تجمعت أكثر من 20 عائلة فلسطينية من حيفا ويافا وسائر مدن فلسطين، لتسكن في مخيمات على أراضي الشيخ جراح، حتى أبرمت صفقة معها عن طريق الأردن ووكالة الغوث وتشغيل اللاجئين، على أن يتنازلوا عن كونهم لاجئين، مقابل السكن في بيوت مستأجرة لهم عن طريق الحكومة الأردنية، التي وفّرت الأرض وقامت وكالة الغوث ببنائها وتأجيرها لهم، إلا أن دولة الاحتلال وبعد احتلال مدينة القدس مباشرة بدأت بتنفيذ خيوط مؤامرة التطهير العرقي عليهم في الشيخ جراح، واستولت في 1967/11/9 على أول بيت في حي الشيخ جراح، ومنذ عام 1972 وقضية أهالي الشيخ جراح تبحث في أروقة المحاكم الإسرائيلية، والجدير ذكره أن مساحة أراضي الشيخ جراح تبلغ 807 دونمات، ويسكنه 2500 نسمة من الفلسطينيين الصامدين الثابتين الذين وعوا مخططات الاحتلال في سبب تهجيرهم وترحيلهم عن هذا الحي، لأن حي الشيخ جراح يعتبر حلقة وصل بين شقي القدس، الشرقي والغربي، لذلك يريدون توطين مستوطنين يهود مكانهم (تطهير عرقي) وتنفيذ نكبة جديدة بحق أهلنا هناك!! فماذا أنتم فاعلون يا مسلمون؟! أمام هذه المخططات وأمام فصل جديد من فصول تغريبتنا الفلسطينية!!! التي إن تمت والعياذ بالله، سنخسر فيها حصننا الأخير ومعقلنا الوحيد، ألا وهو المسجد الأقصى المبارك.

 

ستة شهور للخمور في دبي

تحت المجهر الأول، تحدثت عن أهم مآلات التغريبة الفلسطينية الجديدة التي يخطط لها المستوطن الصهيوني! وعن لصوص المنازل والأراضي الفلسطينية، لكنني الآن وفي هذا المقام، سأتحدث عن تغريبة جد خطيرة تحاك ضدنا كمسلمين، وعن لصوص وقراصنة منا وفينا، يدّعون أنهم مسلمون لا بل وحماة للإسلام!! نعم سأتحدث عن التغريبة الدينية التي خطط لها الغرب الصليبي، والصهيوأمريكي، لكن المنفذون من المتأسلمين والخونة لهذا الدين. نعم يا سادة، إنني ها هنا أود الحديث عن الإمارات التي أعلنت الحرب على الله ورسوله في مهد الإسلام، في جزيرة العرب، من خلال إعلانها احتضان أكبر مهرجان للخمور في العالم، ولمدة ستة أشهر في دبي، حيث ستشارك في هذا المهرجان 620 شركة للخمور على مستوى العالم، والسبب في إقامة هذا المهرجان، هو دعم لهذه الشركات التي خسرت اقتصاديا في العام الماضي، بسبب وباء الكورونا، هذا وسيتضمن هذا المهرجان بارا بطول 60 مترا وإقامة 32 خيمة للخمور ورفع تمثال البفاريا الشهير بشركات الجعة والبيرة الألماني وذلك في مرسى دبي، من 7 أكتوبر 2021، إلى 31 مارس 2022 (حسب صحيفة بيلد الألمانية) والهدف من هذا المهرجان، محاكاة مهرجان الخمور في ألمانيا، ومن ضمن المشاركين في المهرجان، ستكون مشاركة لشركات خمور من الجولان المحتل. إذن هي الحرب على الله (معصية لله في الدرجة الأولى ودعم اقتصادي للاحتلال في الدرجة الثانية)، لا بل زيادة في هذه الحرب المعلنة، فقد أقرّت الإمارات، إلغاء عقوبة شارب الكحول وعقوبة التعايش بين زوجين غير مسجلين (الزنا) كما سمحت الإمارات برفع ستائر المطاعم في شهر رمضان، أي مجاهرة بالمعصية والعياذ بالله، كل هذا يحدث في الإمارات بتخطيط ممنهج لتغريب الإسلام عن المجتمع، وبالتالي يصبح الإسلام مجرد اسم لا غير. نعم أيها السادة، هذا ما تفعله الإمارات، راعية التطبيع وسماسرة المنازل والأراضي المقدسية، لصالح المستوطنين، وصل بها الجبروت أن تعادي الله عز وجل، لكن اسمعوا قول الله تعالى (…حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فالحذر الحذر يا أهل الإمارات من عاقبة الأمور.

 

كل العز والفخار لأهلنا الأحرار

وأخيرا، لا بد من كلمة أوجهها لأهلنا في القدس والشيخ جراح خاصة، ولأهلنا في الداخل الفلسطيني، على صمودهم وثباتهم ورباطهم في المسجد الأقصى، لقد سطّرتم أروع القصص وأجمل الصور في التحام الجسد الواحد، خاصة في هذه الأيام التي يمرّ بها أقصانا بأقسى الظروف حيث تآمر عليه العدو والصديق، ولم يبق إلا أنتم يا أهلنا، فكل التحية لكم شبانا وشيبا وأطفالا، كل التحية والعز والفخار للمرابطين والمرابطات على ثرى فلسطين وفي ساحات المسجد الأقصى، لقد شرفنا الله أن نحيا ونعيش على أرض الرباط، فأحسنوا رباطكم، وأثبتوا للعالم أننا نستحق هذا الشرف وهذا الرباط، لأن الرباط في بيت المقدس ومحيطه من أعظم الرباط في سبيل الله، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وليوشكن أن لا يكون للرجل مثل شطن فرسه من الأرض حيث يرى منه بيت المقدس خير له من الدنيا وما فيها). صدق رسول الله. نعم، إننا في نعمة يغبننا عليها الكثير من أبناء أمتنا الإسلامية، فلنكن على قدر المسؤولية والأمانة، لأن القدس والمسجد الأقصى أمانة في أعناقنا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ونتمنى على الله أن نكون ممن قال فيهم رسولنا الهادي: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم قيل أين هم يا رسول الله قال في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس). وآخر دعوانا: اللهم حرر أقصانا ومسرى نبيك صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى