أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

فلسطينيو 48 ومركزية دورهم في محور الصراع على الأقصى

ساهر غزاوي

في الخمس سنوات الأخيرة، يقود أهل القدس معركة صراع الإرادات والعزيمة والتحديات والإصرار على الحق مع الاحتلال الإسرائيلي. ويتمحور هذا الصراع حول قضية المسجد الأقصى المبارك، غير أن البارز في هذا الصراع هو الدور المركزي الذي يؤكد عليه أهل الداخل في مناطق الـ 48 في كل حدث وفي كل جولة من هذا الصراع المستمر والذي لن يتوقف إلا أن يزول الاحتلال عن القدس والمسجد الأقصى المباركين.

مركزية دور أهل الداخل الفلسطيني هذه، تبرز في دفاعهم عن المسجد الأقصى في كل جولات الصراع من خلال إدراكهم أن مشاريع الاحتلال ترمي للسيطرة عليه، ومن هذه النقطة يرون أن واجبهم الأول هو النفير والتواجد فيه باستمرار، كونهم من يستطيعون الوصول إليه من الفلسطينيين، حيث تمنع سلطات الاحتلال أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة من دخول القدس المحتلة، هذا إلى جانب أن أهل الداخل الفلسطيني لا يعتبرون أنفسهم متضامنين مع قضية محور جولات صراع الإرادات مع الاحتلال (الأقصى)، وإنما هم جزء أصيل من المعركة، بل هم القضية والقضية هم، وقد قدموا في سبيلها التضحيات على مختلف أشكالها عبر مسيرة طويلة من نصرة القدس والأقصى.

لذلك، فإن نصرة قضية القدس والمسجد الأقصى باتت إيمانا عميقا وحبا وثيقا وفهما دقيقا وثقافة راسخة لدى فلسطيني الداخل نثرت الحركة الإسلامية بذورها في الثمانينيّات من القرن الماضي ثم رسّختها حينما صوّبت الأنظار نحو الأقصى في عام 1996 في مدينة أم الفحم، من خلال مهرجان “الأقصى في خطر” وأتبعت ذلك بمسيرة إعمار المسجد الأقصى وأبرز أعمالها، فتح المصلى المرواني وبواباته الضخمة الخاصة بالمصلى وبناء درج يقود إليها، هذا إلى جانب حافلات “مشروع البيارق” التي راحت تنقل الناس من معظم قُرى ومدن الداخل إلى المسجد الأقصى، بعد أن كانت زيارة الأقصى تكاد تنحصر في رمضان والأعياد والمناسبات، ومع “البيارق” راحت الناس تتدفق إلى القُدس بأعداد هائلة، وكذلك مشاريع الرباط المنظم في المسجد الأقصى مثل مشروع “مصاطب العلم” وغيرها من المشاريع التي واصلت نصرتها للقدس والأقصى على مدار أكثر من 20 سنة التي أكدت وما زالت على مركزية دور أهل الداخل في مناطق الـ 48 في نصرة قضية القدس والمسجد الأقصى.

مركزية دور أهل الداخل الفلسطيني في نصرة قضية القدس والمسجد الأقصى وفي جولات صراع الإرادات مع الاحتلال هذه، حاولت السلطات الإسرائيلية أن تحدّ منها وتنقل دورها من المركز إلى هامش لا أثر ولا تأثير له عندما أقدمت على قرار حظر الحركة الإسلامية يوم 17/11/2015، إلا أن هذه المحاولة لم تنجح ولم تحدّ من علاقة تواصل أهل الداخل الفلسطيني مع القدس والأقصى، ولم ينل الحظر من عزيمتهم، فقد أخذوا على عاتقهم استمرار مسيرة التواصل وشد الرحال إلى الأقصى من خلال مبادرات شعبية وفردية، مسجدية وحاراتية من كافة البلدات العربية وعلى مدار العام كله، وإن كانت هذه الحافلات لا يُجمل عددها بشكل منظم في إحصائيات شهرية أو سنوية، وإن كانت أيضًا هناك محاولات لتسجيل هذه الحافلات على اسم بعض الجهات لتضخيم إنجازات برامجها، إلا أنها فشلت أمام تصميم وإرادة وعزم هؤلاء، فلا مفر لهم فهذا قدرهم أن يكونوا مرابطين وأصحاب دور مركزي في الدفاع المسجد الأقصى عبر محطات صراعه العديدة، فلسان حالهم ومقالهم يؤكد ليلًا ونهارًا أن القدس والأقصى هي من الثوابت الإسلامية والعروبية الفلسطينية ومن صلب العقيدة الإسلامية، والقضية العادلة والتواصل مع القدس والأقصى حق لا يمكن لأحد أن يمنعهم من ممارسة عبادة الرباط فيهما.

هي مشاهد كثيرة تؤكد على هذا الدور المركزي لأهل الداخل في مناطق الـ 48 في نصرة القدس والأقصى وقد تجسدت صورة هذا الدور في أيام النفير إلى المسجد الأقصى والرباط فيه تصديًا للمقتحمين، وتجسدت كذلك في معارك صراع الإرادات مع الاحتلال في هبة باب الأسباط وهبة باب الرحمة وأخيرا وليس آخرا في هبة باب العامود والشيخ جراح. ولعل أكثر ما يجسد صورة هذا الدور المركزي هو المشهد المهيب لقدوم المئات من أهالي أم الفحم الذين أقلتهم أكثر من عشر حافلات في آن واحد، فجر الجمعة الماضي، والتي بمجرد دخولهم إلى البلدة القديمة من باب العامود اكتظت الأزقة بهم تمامًا، وتعالت أصواتهم بهتاف “من أم الفحم تحية للقدس الأبية” لتتجسد اللحمة بين أهل القدس والداخل وليلتقوا في نقطة مركزية الدور في صراع الإرادة مع الاحتلال حول محور المسجد الأقصى المبارك. فالأقصى كما كان وكما سيبقى لا يعمر فيه ظالم، ولا يخلد فيه مستعمر ولا يطمئن فيه محتل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى