أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الرسائل الخفية في الاعلام وكيف تجدها (34): رمضان برعاية الحماة والكنّة

عائشة حجار

منذ اليوم الأول من الشهر الفضيل، بدأت منشورات “الحماة والكنة” تهاجم رواد مواقع التواصل الاجتماعي. كان من الصعب جدًا الهرب من قصص كنائن يشتكين من الإفطار في بيت والديّ أزواجهن وأخريات يشتكين الكنّة التي “تقطع” إخوانهن ولا تحضره إلى الإفطار مع عائلته، أو لا تساهم بما فيه الكفاية بتحضير الطعام. صاحبة كل قصة تعتقد أن لا أحد آخر يعاني معاناتها، وتعتقد أن نشر قصتها ومتابعة مئات الشتائم والتنمر التي تنهال على الجانب الآخر يعدّ انتصارًا لها في معركة السلطة التي يقف في وسطها رجل لا أحد يعلم حقًا ما مكانه في هذه الحالات.

لنفكر بهذه المنشورات الهدّامة وما الذي تبثّه في المجتمع: معظم القصص التي تعرض هي مشاكل بسيطة لنساء يشعرن ببعض الظلم بسبب الاختلاف في عادات رمضان بين عائلتين واضطرارهن لاتباع عادات جديدة، بل قد تكون بعض القصص أسوأ من مجرد شعور بالظلم وتمتد إلى الاعتراض على مجرد طلب الحماة أن تساعدها الكنّة في تحضير مائدة رمضان في بعض أيام الشهر أو رغبة الكنّة في تناول الإفطار في منزلها، ومن الصعب أن يشار في مثل هذه الحالات إلى ظالم ومظلوم، بل لا تملك احيانًا إلا الشعور بالسخف وكم الفراغ الذي يعيشه المرء ليختلق مثل هذه المشاكل. أبسط الملاحظات بين الحماة والكنة تتحول إلى مشكلة تستدعي استشارة آلاف المشاركات في مجموعات مليئة بالتنمر والحلول السطحية، بل تجعل هذه الخلافات سببًا لتصرفات متطرفة وعدوانية مثل مفارقة الزوج نكاية بأسرته أو تحريضه على زوجته. لا حاجة للكثير من التفكير حتى نفهم أنّ عرض مشاكل بسيطة كهذه على أنها تكون سببا للشجار يجعل المشاكل الحقيقية تبدو معدومة الحلول، لنرى أزواجًا يختارون الطلاق بسبب شجار أو خلاف عادي.

لكن هناك رسالة خفية مرعبة في الحديث عن الخلافات بين “نساء العائلة”، واستشارة عشرات آلاف النساء في هذه القضايا، المرعب هو التطرق للرجل، الزوج، على أنه كائن لا مكان لمشاعره وميل قلبه، لا حديث عما يفضله هو أو ما يستطيع فعله لحل الإشكال بين أمه وزوجته دون أن يخسر إحداهما، بل هو ليس جزءًا من المشكلة، هذا التعامل مرعب لأنه يشرعن كذلك بعض التصرفات غير المقبولة للرجل، لنتذكر أننا لم ننظر إليه كشخص ذي رأي وصاحب مسؤولية أصلًا. ربما كان من الأفضل للسيدة التي عرضت قصتها على مجموعات من عشرات آلاف الغرباء لو استغلت ذات الوقت في الحديث مع زوجها ليقرروا كيف يجب أن تبدو حياتهما!

لا أستخف هنا بوجود الظلم وألمه، لكن تعريف الظلم الخاطئ يسيء إلى المظلوم حقًا. لذا اعتقد أن أفضل ما يمكن أن نفعله في العيد، هو أن لا ننشر كل خلاف صغير بيننا، وأن تفتح مسؤولات المجموعات النسائية عيونها وتوقف هذه المنشورات المسمومة التي يمكن أن تسيء إلى أزواج ما زالوا متعقلين ويقبلون الخلاف بينهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى