أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

شعارات إيران عن القدس وهمية لتسويق مشاريعها التوسعية في المنطقة

الإعلامي أحمد حازم

منذ الصغر تعلمنا نحن الفلسطينيون أن إسرائيل “صناعة” غربية وأن “اليهود” أعداؤنا، وكثيرة هي المرات التي كان يحلو للمعلق المصري المعروف أحمد سعيد أن “يهنئ السمك” لأن يهود إسرائيل سيكونون طعامًا لهم بعد هروبهم أمام الجيوش العربية، ولا سيما الجيش المصري.

على هذه الشعارات تربينا، وعندما كبرنا عرفنا الحقيقة، والحقيقة هي أن السمك لم يتلذذ بأكل “شلومو” و”ديفيد” بل تلذّذ سمك القرش بتفتيت لحم “محمد وعلي وأحمد ” الذين غرقوا في البحار هربًا من قسوة الأنظمة العربية وأجهزتها الأمنية القمعية. عرفنا أن الجيوش العربية هي التي انهارت أمام إسرائيل خلال ستة أيام من حزيران عام 1967. وبدلًا من أن يعترفوا بالهزيمة قالوا عنها “نكسة 67” أي بعد “نكبة 48″. وتوالت النكبات العسكرية والسياسية، وكلما مرّت السنون كلما زاد تقهقر وتراجع العرب. وإذا كان العرب قد اتفقوا على اللاءات الثلاث (لا للمفاوضات، لا للصلح، ولا للاعتراف” فإنهم اليوم تخلوا عمّا اتفقوا عليه ووضعوا بدل اللاءات الثلاث: “نعم، للمفاوضات، نعم للسلام مع إسرائيل ونعم للاعتراف بها”.

عندما حدثت الثورة الإيرانية في العام 1979 بقيادة الخميني، وانتهى حكم شاه إيران الذي كانت تربطه علاقات وثيقة مع إسرائيل، استغل “الملالي” القضية الفلسطينية ولعبوا على وتر القدس وحق العودة قولًا لا فعلًا، فأعلنوا عن مقر السفارة الإسرائيلية في طهران كسفارة لمنظمة التحرير الفلسطينية وذهب الراحل ياسر عرفات على رأس وفد لتهنئة “المعممين” بالثورة. وقد أخبرني أحد أعضاء الوفد الذي كان برفقة عرفات أن الخميني رفض التحدث بالعربية رغم أنه يتقنها بشكل جيد جدًا خصوصًا وأنه أمضى حوالي 15 سنة في العراق هربًا من حكم شاه إيران، وقدّم له الراحل صدام حسين كل دعم سياسي ومعنوي ومادي قبل أن ينتقل إلى فرنسا.

الملالي منذ مجيئهم إلى الحكم في إيران، وهم يتبجحون بتحرير القدس حتى أنهم أعلنوا عن تشكيل قوة عسكرية أطلقوا عليها “فيلق القدس”. لكن إيران لم تعمل أبدًا للقدس سوى إطلاق اسمها على الفيلق. وقد صدق فضيلة الشيخ كمال خطيب عندما ذكر في مقال له نشره موقع “موطني 48” في السادس من شهر مارس /أذار عام 2020: “أن فيلق القدس هذا لم يكن إلا لافتة جذّابة وشعارًا برّاقًا لتسويق مشاريع إيران التوسعية في المنطقة، حيث قال قائد فيلق القدس الذي قتل في العراق قبل أسابيع قاسم سليماني “إن أربعة عواصم عربية هي اليوم تحت أيدينا بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء”، والغريب أن القدس التي على اسمها سميّ فيلق القدس لم ترد على لسان سليماني ولا غيره”.

إسرائيل تقوم منذ سنوات بضرب أوكار النظام الإيراني في سوريا ولبنان، وفي الخليج العربي، وفي داخل إيران نفسها، وإسرائيل تمكنت من قتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده القيادي البارز في الحرس الثوري، والعقل المصمم والمُشغل لبرنامج النظام الإيراني النووي، في وضح النهار، ولم تفعل طهران شيئًا سوى الثرثرة. وما حدث في الفترة الأخيرة أكد أن إيران تتلقى ضربة تلو الضربة دون أن يتحرك لها ذراع. فقد تمكن الموساد من اقتحام أخطر مواقع النظام وأكثرها حصانة، وزرع عبوة ناسفة في مجمع الطاقة الخاص بموقع نطنز النووي المحصن. كل هذا وإيران ساكتة، يعني عاجزة، هذه الدولة التي أوجعت رؤوسنا من كثرة حديثها عن تحرير القدس وفلسطين ولا تستطيع حتى الدفاع عن كرامتها.

يقول المحلل السياسي العراقي هيثم الزبيدي في تحليل له: “ألا ترون؟ فمنذ أول يوم هبط فيه الخميني على أرض مطار طهران 1979 وإلى اليوم ونظام ورثتِه المعممين يروج لفكرة تصدير الثورة، مؤكدا أن العبور من العراق إلى سوريا ولبنان ليس له سوى هدف واحد، هو تحرير الأرض العربية الفلسطينية، والثأر للشعب الفلسطيني”

ماذا يعني هذا من الجانب الإيراني؟ تحت هذه اللافتة التي يرفعها نظام الملالي “أصبح كل غزو يقوم به حرسُه الثوري لدولة عربية، مباشرة أو بواسطة ذراع من أذرعه العراقية واللبنانية والفلسطينية والسورية واليمنية التي أنشأها وموّلها وسلحها، إنما هو خطوةٌ على الصراط المستقيم المُوصِل، في النهاية، إلى القدس، وإلى فلسطين المحررة من النهر إلى البحر، كاملة دون نقصان، بعد محو إسرائيل من الوجود”!!

وزير خارجية الولي الفقيه جواد ظريف عنده ما يكفي من مبررات عدم الرد. فقد أعلن “أن إيران لن تقع في الفخ الإسرائيلي الهادف إلى إفشال مباحثات فيينا حول الاتفاق النووي، ولكننا سننتقم من الصهاينة”. ما شاء الله عليه الوزير الإيراني. كلام للاستهلاك فقط.

والأغرب من كل ذلك، وبفضل قدوم الخمينية إلى المنطقة، فإن الشعب العربي الذي كان يهبّ عندما تقوم إسرائيل بعمل ما في المنطقة، صار هذا الشعب لا يغضب ولا يتأثر عند كل غارة إسرائيلية على مكان عربي، النظام الإيراني مسؤول كليا عن هذا التحول المحزن في المزاج الشعبي العربي في العراق وسوريا وفلسطين ولبنان واليمن وباقي الدول العربية، لأن النظام بسبب سياساته أشغله في أمور أخرى حتى لا علاقة لها بفلسطين.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى